هكذا لكل منّا في المنافي كرته الصوفية، ترشده في متاهات المنفى! هناك من أضاعها وبقي تائهاً مشتتاً في تناقضات حياته الجديدة، وهناك من لا يزال يبحث كمهووس عنها، وهناك المحظوظون القلائل، أولئك الذين يتأبّطون كراتهم الصوفية بسلام غير آبهين بتشعبات المتاهة. ودائمًا ثمّة من يخصّنا في البعيد، لا يدري شيئاً عن أسرار المتاهة وتعقيدات عيشها، إلا لون الأشرعة الخادع الذي يبدو له متضبباً من وراء الأفق. وحدها سماء هامبورغ تراقب الصراع بين اليمين واليسار وما بينهما، تراقب مشردي الشوارع وحانات السهر، تراقب الصراع بين حارات الرأسمال وحارات الفقر، حارات الألمان الصرفة وحارات الأجانب واللاجئين! سماء تتنزه صاعدة وهابطة في الفراغ، تكاد تلمس تفاصيل المتاهة كلما انخفضت، وتراقبها حين تتكثف تشعباتها في الأسفل كلما ارتفعت، متاهة تزداد تعقيداتها كلّ يوم!
كاتبة وروائية سورية خريجة كلية الهندسة المعمارية سنة 1998 عملت كصحفية وكاتبة في عدد من الصحف والمجلات السورية واللبنانية والعربية. عملت كمديرة لمكتب مجلة عشتروت في دمشق. أصدرت: - مجموعة قصصية بعنوان: سماء ملوثة بالضوء- دار الكنوز الأدبية- بيروت 2000 - رواية بعنوان: أبنوس. فازت بالجائزة الثانية في مسابقة حنا مينة. أصدرتها وزارة الثقافة السورية عام 2004 - قيد النشر كتاب بعنوان: نيغاتيف- رواية المعتقلات السياسيات في سجون سورية - فازت في سنة 1992 و1993 بجائزتي القصة القصيرة
ناشطة في مجال العمل الأهلي والجمعيات النسائية عضوة مؤسسة في جمعية: نساء من أجل الديمقراطية تعمل حالياً في هيئة تحرير موقع الثرى الإلكتروني، وتنشر في عدد من المواقع الإلكترونية والصحف والمجلات السورية واللبنانية
عرفتُ الكاتبة روزا ياسين حسين من خلال قراءة جزءٍ من سيرتها الروائية المنشورة في كتاب "صفحات من دفتر قديم" وأثناء بحثي عن باقي فصول السيرة -والتي يبدو أنها لم تنشر بعد- صادفتني هذه الرواية، وقرأتها كتعويضٍ مؤقت.
سرد روزا حسين جميل جداً، أحببت الطريقة التي تنقلت فيها بين الشخصيات، وأعجبني الدمج بين الراوي العليم (هو) والراوي الشخصي (أنا). اختيار الشخصيات كان مناسباً للنص أيضاً، فقد استطاعت أن تعكس تيه المنفى بأحلك صوره عن طريق اختيارها لأكثر المغتربين تيهاً وشتاتاً وتحطماً أبطالاً لروايتها (ذكرني هذا الأسلوب بأسلوب خالد خليفة في روايته "لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة")
تمنيت لو كانت لغة الرواية أفصح، ولو لم تُستخدم إشارات التعجب "عالطالعة والنازلة" فقد أفسدت إيقاع الرواية.
تشبه لقطة مقتطعة من حياة السوريين أكثر من شبهها برواية، السرد فيها جميل وسلسل لكن الحكبة شبه معدومة والانتقال البصري بين الشخصيات (على طريقة الفيديو كليب في الأغاني) كان مؤرقا، تبدأ الرواية بشخصية مشهد عنف جنسي ضد شخصية مثلية ثم تنسى تلك الشخصية تماما لتعود في مشهد عابر بعد منتصف الرواية ونراها مرة في آخر الرواية وقد حققت نوعا من توازنها الذاتي الشخصيات الأخرى التي تزيد عن عشرين شخصية لكن منها قصتها تشعرك بأنك في حلقة فضفضة من تلك التي نراها في الأفلام تهدف إلى مجرد العلاج بالمشاركة أو التوثيق الشفهي للحياة الخاصة طرحت الكاتبة عدة مواضيع مهمة برؤية فلسفية تستحق الوقوف والتأمل منها موضوع اللجوء واللاجئين منها موضوع المثلية كحالة إنسانية ومعاناة بحياد دون استهجان مبطن أو تفخيم تملقي وموضوع الشقاق السوري وشرخ الهوية الذي نقله السوريون إلى منفاهم وتناولته من جوانب كثيرة وكذلك موضوع الخلاف الكردي العربي فقد تحدثت عنه باستفاضة لا تخلو الرواية من رؤى فلسفية تخص الحياة عموما وتخرج عن الإطار الوطني الضيق لفضائها التوثيقي
انتهيت من قراءة رواية "بحثاً عن كرة الصوف" لروزا ياسين حسن.. رواية اللاجئين السوري في جميع المنافي. اختارت الكاتبة مدينة هامبورغ مسرحا لروايتها... أبطالها مجموعة من اللاجئين الذين لايعرفون بعضهم وتتقاطع حيواتهم في لحظات هي الجسر الذي ينتقل ببراعة من معاناة أحدهم إلى الأخر.... رواية جميلة ومؤلمة معا.... أنصح بقراءتها