من بين 29 كتاب للمؤرخ والصحفي إيهاب عمر يمكنك تحميل 13 كتب بشكل قانوني ومجاني عبر الروابط التالية:
1 � التتار المسلمين: 2 � الحرب السرية.. أوهام المقاومة في الشرق الأوسط رابط التحميل: 3 � ربيع القومية المصرية.. مصر بعد ثورة 30 يونيو رابط التحميل: 4 - سنوات الضباب: 5 - خريف العولمة الأمريكية: 6 - مختبر الأفكار: 7 - حروب الوعي: 8 - الحراك الثقافي 9 - المملكة الامريكية.. التوريث السياسي في امريكا رابط التحميل: 10 - منتدى شباب العالم: 11 � سنوات أوباما: 12 � الجمهورية المظلومة: 13 � صحيح التاريخ:
بداية لابد من القول باعتقادي انه من السابق لأوانه جدا نشر كتب عن الثورة المصرية، وكنت أرى أن جهود من يقوم على توثيق الثورة من الأفضل أن تتكامل مع الجهات التي تسعى إلى عمل توثيق واسع النطق مثل دار الوثائق القومية، فمن لديه شهادات حول الثورة من الأفضل أن يقدمها لدار الوثائق. لكن للكاتب وجهة نظر منطقية احترمها حول أهمية نشر كتاب يدور حول الأشهر الثلاثة الأولى للثورة المصرية، فوسط هذا البحر المتلاطم من الكتابات والبرامج التليفزيونية يسهل أن تضيع الحقيقة ويختلط الامر على الشعب، ويسهل على اي جهة تحاول ركوب الموجة والاستفادة من الثورة لصالحها الخاص، ومن هنا كان لابد من كتاب يؤرخ بدقة للأشهر الأولى ويكون متاحاً للجميع، كي يعرف الكل ما الذي حدث، ويتذكر الجميع من الذي شارك في الثورة، ومن الذي يحاول أن يستفيد منها.
الفكرة العامة إذا في محلها، لكن التنفيذ شابته بعض المشكلات في رأيي.
لكن أولا، لابد من التأكيد على أن الكتاب سرد هام جدا وضروري جدا لما حدث في تلك الأشهر الثلاثة، توثيق لنقاط تحول أساسية سوف نعود إليها مرة أخرى عندما تتكشف بالوثائق حقيقة ما حدث خلف الأبواب المغلقة في قصر العروبة وقيادة الجيش. وحينها سنحتاج إلى العودة إلى مثل هذا الكتاب كي نعيد قراءة ما حدث على ضوء تلك التفسيرات والوثائق.
الكتاب لفت نظري إلى العديد من الوقائع التي لم اكن أعرفها، لاعتماده على شهادات بعض الثوار التي لم تكن منتشرة في وسائل الإعلام. وهو في هذا يستحق التحية على المجهود الكبير الذي بذله لتجميع تلك الشهادات.
كذلك احتوى الكتاب على تحليلات لمواقف وخلفيات أغلب الأطياف السياسية في المجتمع، ودورها قبل وبعد وأثناء الثورة، وهو تحليل ممتاز، يفسر الكثير مما يخفى على القارئ العادي عند قراءة أخبار وتصريحات تلك التيارات.
***
أما نقاط الضعف التي رأيتها في الكتاب فهي: اولاً: كان الكتاب بحاجة إلى المزيد من التوثيق، فبعض الأرقام لم يذكر لها مصدر، مثل تقديرات أعداد المتظاهرين في الميادين.. أعرف أنها كلها أرقام تقديرية، لكن الأرقام تفاوتت بشكل رهيب بين مصدر وآخر، مثل الفروق الضخمة بين أرقام قناة الجزيرة والبي بي سي مثلا، وطالما قرر الكاتب الاخذ بأحدها، فكان لازماً أن يذكر مصدره.
ثانياً: الخبري والذاتي تداخلا أحيانا في كتاب يفترض أنه مخصص للتوثيق. لا مانع من ذلك، فالخبرة الذاتية في رأيي جزء هام من التوثيق للثورة، والكتاب لم يدعي أبدا أنه عملية توثيق شاملة، لكن هناك بعض الفقرات التي لم تبدو في مكانها المناسب ففي فقرة ما يعطي الكاتب نصائح للصحفيين المبتدئن حول أهمية الاستماع بدلا من الكلام... لكن هذا الشطط لم يحدث إلا مرة او اثنتين في الكتاب كله، فلم تفسد علي القراءة.
ثالثاً: بعض الوقائع التي يذكرها الكتاب على أنها أمور مسلم بها، مصدرها صحف، مثل محاولات فهم ما جرى في قصر العروبة قبيل تنحي الرئيس، الذي اعتمد فيها الكاتب على جريدة المصري اليوم.. لابأس من الاعتماد على هذه المصادر بالطبع، فنحن لا نملك غيرها حتى اليوم، لكن صيغة الكتابة تؤكد الفرضيات التي احتوتها الصحف وتبني عليها بالتالي نتائج، بينما هي تخمينات في محاولة لفتهم ما جرى في تلك الأيام الخطيرة. وفي بعض الاحيان يستخدم الكاتب صيغة "من الواضح أن.." في محاولة تفسير تصرف غير مبرر صدر عن بعض قيادات الجيش، وهو خطأ كيبر في رأيي أن نؤكد فرضية دون دليل.
وأخيرا، جميعنا انبهر بالدور الوطني العظيم الذي قام به الجيش، أنا شخصيا كنت اتوقع مذبحة كبرى لو تدخل الجيش، حماية لقائده الأعلى، لكنه أثبت لي أنني كنت على خطأ، وأن مصر هي القائد الأعلى الحقيقي للجيش. لكن تظل الحقيقة أن المجلس العسكري طوال تلك الفترة أتى بتصرفات غير مفهومة، والبعض يجزم أنها في غير صالح الثورة. لا ازعم أن هذا حقيقي لأن ما يحدث في قاعات اجتماعات المجلس والتبرير الحقيقي لتلك التصرفات لن نعرف به قبل وقت طويل، لكن الكتاب تغافل عن تلك التصرفات غير المفهومة، ولم يذكر حتى الشكوك التي صاحبتها، مثلا البطئ في انتشار الجيش يوم 28 عقب اتخاذ القرار بنزول الجيش إلى المدن (وهذا أمر له مبرر استراتيجي بالمناسبة لم يعرقه الكثيرون، فكان من الأفضل أن يذكره الكتاب)، وكذلك الحياد المستفز للجيش يوم موقعة الجمل، وغيرها من التصرفات التي لا مبرر واضح لها.
***
الخلاصة: أنصح بشدة بهذا الكتاب، فهو توثيق ضروري لمواقف ووقائع لم نكن نعرف جانب منها، وتذكير هام، وتحليل مفيد جدا ولابد منه لآراء واتجاهات القوى السياسية، وهو في هذا الإطار، وإن كان قراءة في الماضي القريب، إلا ان الحاضر والمستقبل سيفسران استناداً على هذه القراءة الهامة التي اجزم أنها لم تعرض بهذا الشكل لا في مقالات ولا في تحليلات الصحف، ولذا أنصح به لكل من يريد فهم واستنباط ما يجري اليوم على الساحة السياسية المصرية. أما نقاط الضعف، فأغلبها يمكن تلافيه بسهولة في الطبعات القادمة من الكتاب، ليكون الكتاب من أشمل وأوثق ما كتب عن ثورة 25 يناير 2011.