استمتعت بقراءة الكتاب. ساءلت نفسي كثيرا وأنا أقرأه إن كان يحقق مفهوم القصة القصيرة الذي أعتقد به، وكان أحيانا يقنعني وأحيانا لا. لم أجد كل ما كتب في الكتاب قصصا مكتملة. بعضها سرد جميل. وبعضها شعر منثور. وبعضها فكر مؤطر بمشاهد قصصية. لكن بالتأكيد ثمة قصص قصيرة جميلة. الكتاب له خط فكري واضح، وأسلوب سردي مميز، وهذا يحسب له. وما يحسب عليه بظني أنه يخالف عنوانه، فالوجود لا يبدو عند المؤلف فوضويا، بل في كثير من الأحيان تظهر رؤية الكاتب واضحة حادة فاصلة بين الصواب والخطأ. لا مجال في أغلب القصص لصراعات إنسانية حقيقية ولا تخلو القصص من نفس تبشيري-دعوي- تنويري. تحمل القصص صورة تستحق التأمل لمدينة عمّان، وفيها فقرات نثرية بديعة ، وبعض التصاوير الفنية المؤثرة. كما أنها لا تخلو من إسفاف في بعض الاحيان، وأنا أعرف ما قاله صنع إبراهيم ردا على يحيى حقي عندما رفض المفردات الصريحة في رواية تلك الرائحة، من أنه لن يتأثر بالذائقة البرجوازية المزيفة، ولكني أعيد ما قاله يحيى حقي مستندا أيضا إلى ابن الأثير الذي أكد على أن على الكاتب أن يتجنب ما ابتذلته العامة. ففي قصة مثل عقدة قضيبية عمل تقني على تصور سطحي مبتذل ، لن ترفعه موهبة أي فنان مهما تعبت أكتافه عن مستوى الذوق العامّي المبتذل. تجنب ما ابتذلته العامة مبدأ جمالي، وليس تحفظا رجعيا. بالعموم المجموعة تستحق القراءة.
جميلة جدًا. اشتريتها بعد حوار لطيف مع بائع الكتب في باص الكتب اللطيف في اللويبدة هذا الشهر. النص جميل، يشبهنا ويشبه ما نعرفه من رام الله حتى عمّان، يشبه وجوهًا نعرفها وأخرى مررنا حولها كثيرًا. النص ليس بألم أو عمق "مقدمات لا بد منها لفناء مؤجل"، والتي قرأتها للكاتب سابقًا. النص يفتح لدي باب التساؤل حول كل القصص الحقيقية جدًا التي ولّدت النص وخرج منها، وكل تساؤلاتنا حول ما نمر به من "مرايا" يومية في الوجود.