يقول فريتز شتيبات في سياق حديثه عن الفتوحات الإسلامية : '' ...كما أن السكان نظروا في أكثر الأحيان إلى المسلمين نظرتهم إلى المحررين لهم من قهر السلطة الكريهة التي كانت تحكمهم...'' خطر لي مباشرة وأنا أقرأ هذه الجملة -و ما سبقها و تلاه كلام رائع- قول بعض "المسلمين" انتشر الإسلام بحد السيف، إن كنتم و لا بد مقلدين، فذي آراءٌ من غير المسلمين ألا فقلدوها، لست أصدق أن فتوحات الملوك كلها كانت في سبيل الله، و لا تهمني نوايا الغزاة أكانت تقصد وجه الله أم أن يقال الفاتح العظيم فلان، لكن حتما منطق التاريخ كان يقبل ذاك الصنيع بل يبارك له لحظاته الناصعة، و محاكمة أحداث التاريخ بمنطق اليوم لا يفعله عاقل. هذا الكتاب ترجمة للمرحوم الأستاذ عبد الغفار مكاوي جمع فيه عشرا من مقالات أستاذه و صديقه المستشرق الألماني فريتس شتيبات التي نشرت بين 1964 و 1994 عن الإسلام و المسلمين. الخط العام أو السلك الذي ينظم شتات مقالاته هو أن الإسلام هو دين رحمة و دوره في العالم هو نفس دور باقي الأديان و الفلسفات و الأفكار التي من طبعها مد جسور التواصل، فالإسلام شريك في هذا التوجه العام. و ليس الأمر أبدا كما يريد أن يسوق له البعض كصمويل هنتغتون من أن الإسلام هو الخطر الأخضر الذي يتهدد الحضارة الغربية كما كانت الشيوعية من قبل، بل شتيبات كان في طليعة الذين دحضوا فرية صراع الحضارات. و يركز على أنه إن كان من كراهية من المسلمين للعالم الغربي فوزر ذلك على إجرام الغرب الذي كان و ما زال لعنة على المسلمين، و يجد أن رد فعل كهذا أمر طبيعي و مبرر و الأشنع هو التوسع الإمبريالي الغربي المتوحش. و هو من دعاة الوحدة بين المسلمين، خصوصا بين الألمان و غيرهم. من طرائفه أنه لما قرأ (أولاد حارتنا) أعجب بها جدا وعبر في مقال له عن رأيه في مدى أحقية الرواية أن تنضاف إلى قائمة الأدب العالمي، يعلق مكاوي رحمه الله و قد تحققت نبوءته فيه. و الكتاب لا يخلو من الفوائد .. و تمهيد الدكتور الأستاذ مادة علمية دسمة، تعرضت بتحليل موجز للتاريخ الحديث للمنطقة العربية و مسألة القومية و العلمانية و الدين و الإستعمار و المقاومة و الحركات العلمية و الإجتماعية و مناهج التعليم الخ و ذلك وفقا لرؤية شتيبات. أسأل الله تعالى أن يرحمه بما التزمه من الحق، و رحم الله الأستاذ عبد الغفار مكاوي.
أسلوب الكاتب علمي رصين وهو ما أعجبني كثيرا ، متسع الاطلاع على أدبيات عديدة عربية وأجنبية ورؤيته لعديد المواضيع ثاقبة وتستحق الاشادة لعل أفضل المقالات التي أعجبتني هي مقالته عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه والدور السياسي للاسلام ومقال المسلم والسلطة ، بعض المقالات تحسها مبتورة تحتاج لاستفاضة في الحديث أكثر
الإسلام شريكا (دراسات عن الإسلام والمسلمين) فريتس شتيبات عالم المعرفة .................... الكتاب صدر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتية، وهو يقع في أحد عشر فصلا عبارة عن أحد عشر مقالا كتبها المؤلف في أزمنة مختلفة، ويتضح ذلك طبعا من تواريخ نشرها وموضوعاتها التي تتحدث عنها، وهذه المقالات تتفاوت في درجة جودتها ودرجة أهميتها بالنسبة لي كقارئ. من بين هذه المقالات ما اهتم بتصنيف الإسلاميين إلي تيارات كالأصوليين والنصوصيين والإحيائيين والعلمانيين وغرهم، محاولا الوصول إلي الأصول التي يعتمد عليها المصنفون. كما أشار إلي عدد من المؤلفين والكتب التي ساهمت في التعريف بالتصنيفات المختلفة للإسلاميين. كذلك اهتم في بعض المقالات بالتنظيم السياسي للإسلام والمسلمين قديما وحديثا، وأشار إلي عمر باعتباره نموذج العدل الأشهر بين المسلمين، وأشار لما قدمه الفاروق في الحياة السياسية وتجديدها في البلاد الإسلامية. بخلاف المقالات التي أراها تقليدية قدم الكاتب مقالين جديدين هما أهم مقالات الكتاب، أحدهما عن فكرة الإنسان خليفة الله في الأرض، ولماذا اختلف المفسرون حول معني الخليفة، وما هي المعاني المختلفة التي أشاروا إليها، أيضا مقال آخر عن المسلمين الذين آمنوا ولم يهاجروا، فلم يصبحوا أنصارا ولا مهاجرين، كيف عاشوا؟ وما هو وضعهم القانوني في المجتمع؟ كتاب رغم أنه صغير الحجم إلا أنه، كعادة سلسلة عالم المعرفة يعتبر ممتاز.
كتاب ممتع ومهم عن واحد من المستشرقين القلائل الذين أنصفوا الإسلام والمسلمين. إنه الألماني فريتس شتيبات الذي لم أكن لأعرفه لولا دكتور عبد الغفار مكاوي الذي ترجم له هذه الأبحاث والدراسات الرائعة وكتب مقدمة مستفيضة عن شتيبات وأفكاره هي في رأيي أجمل ما في الكتاب. يليها في الأهمية والروعة البحث الأخير في هذا الكتاب والذي جاء تحت عنوان "المسلم والسلطة" والذي حاول فيه شتيبات الإجابة على السؤال الذي حير الكثير من المفكرين والباحثين المهتمين بالتاريخ الإسلامي، لماذا اتسعت الهوة بين النظرية والتطبيق فيما يتعلق بالدولة في الإسلام؟ ولماذا لجأ الكثير من العلماء والفقهاء قديما وحديثا إلى تبرير الحكم الجبري / الوراثي الذي جعل الحكم غاية لا وسيلة واستباح في سبيلها كل ما حرم الله من ظلم وعسف وقتل للناس بغير حق.. بداية من حكم الأمويين وحتى يوم الناس هذا ؟!
يعتبر فريتس شتيبات من المستشرقين القلائل الذين تبنوا وجهة نظر متفاهمة مع التاريخ الاسلامي وشرح مقاصده دون شطط واتهام. مقدمة الكتاب طويلة جداً واسهب فيها الدكتور عبدالغفار مكاوي طويلاً بطريقة يمل منها القارئ
عرض مجمع لعدة مواد بين المقال والأطروحة، تبحث في قضايا متعلقة بالإسلام والمسلمين وعلاقتهم بشركاء واقعهم الحاضر اشتمل الكتاب على العديد من الأفكار والتي أكد المؤلف على بعضها في عدة مواضع، وأبرزها في نظري: فكرة تناول الأمور والأفكار في سياقها التاريخي كضرورة لفهمها ابتداء من معرفة بواعثها الحقيقية وبالتالي إمكانية التفكير في حلول عملية ممكنة ومتسقة مع طبيعة الأزمة بعيداً عن النظرة السطحية وما يترتب عليها من تعامل طفولي مع قضايا الشعوب.. وبناءً على الفكرة السابقة ؛ فقد قدم عدداً من الأفكار أو النظريات منذ نشأتها مع الإسلام إلى يومه ذاك مروراً بآراء مختلف العلماء على مدار ذلك الفارق الزمني، وكان بعض هذه الأفكار صادماً خاصة في الفصلين الأخيرين .. بالنظر لطبيعة العمل ؛فمن الطبيعي أن تكون اللغة مجردة من الأسلوب الأدبي، وإن كنت أعزو بعض النقاط إلى الترجمة ، بالإضافة لاستغراق المترجم الكثير من الصفحات باسم التمهيد للعمل وصاحبه وهو ما أراه عيباً لا يحمد .. أما عن المآخذ: فقد كانت بعض المصطلحات مموهة بحاجة لتعريف دقيق، ما أثر على النقاط المترتبة عليها ، وكان ذلك في مواضع من مثل : الأصولية والوطنية وغيرها .. كذلك مر الكاتب على بعض المواقف مرور الكرام، دون سياقة الدلائل أو حتى تناولها بالتحليل، من مثل ما أورد عن تهجير سيدنا عمر ليهود الجزيرة العربية ، وهو ما بدا فيه نوع من الدخالة .. لكنه بشكل عام كتاب مهم ومفيد، ويفتح آفاقاً جديدة للتساؤل ..