نبذة النيل والفرات: الحقيقة... يقتلنا الشوق إليها، نطوف كل الأزمنة بحثاً عنها، أحياناً تستيقظ فوق أهدابنا، وأحياناً تنام فوق قلوبنا، تنير لنا الطريق وتطرد الخوف وقولنا على الزمان والمكان... أكثر الناس يحبون الحقيقة في وجدانهم، ولا يحبونها أمامهم، يريدونها أن تبقى كعصارة النفس حتى لا تذهب في غير مجراها نشكوا من جفافها. وحين ترحل الحقيقة، تصبح أيام نسيانها طويلة ومتشابهة، ويبدأ الخوف يطرق أبوابنا فنهرب من أنفسنا وبشوق جارف لمداواة قهرنا بالأحلام... ربما تصبح تلك الأحلام حقيقة في يوم ما. ونبقى في انتظار أن تقف الحقيقة على عتبة الزمان لتطرق عالمنا وتدخل كل القلوب الموصدة لتصير كالخلية المزروعة في ثناياه، عندها نعي كل أبعادها ويصبح من العبث المراهنة على مضمونها. فالحقيقة ومضمونها شيء واحد، حتى ولو وقف المتفرجون أمامها بلا قنديل، يدفعونها لتسقط كالمشنقة المتدلية على أرصفة الحياة بلا حبل ولا جلاد... ينظرون إليها برعب ولا يستطيعون الرحيل... وينتظرون إلى أن يموت الانتظار... فهل نبقى نبحث عن الحقيقة في عوالمنا الخارجية، أم نغوص في أعماقنا لنجدها مستقرة في أعوارنا السحيقة؟. هي تلك نصوص منيرة مصباح بحث عن الحقيقة من خلال أبحار في لغة الوجود وفكره. هي رحلة في أعماق الذات صوب فكرة، موقف، أو حالة اجتماعية سياسية اقتصادية... لا فرق، فكل فكرة وكل موقف وكل حالة تغدو لدى المتوغل في أعماق النفس الإنسانية كنز لا بد من العثور عليه، لاكتناه جوهره، ومعرفة خباياه.
مؤلفة الكتاب منيرة مصباح شاعرة وأستاذة للغة العربية فى جامعة شيكاغو وتلقت تعليمها فى لبنان حيث نشأت، وحصلت على ليسانس فلسفة من جامعة بيروت العربية، ثم تابعت دراستها العليا فى الولايات المتحدة.