What do you think?
Rate this book
Unknown Binding
First published January 1, 1995
وبعد حمد الله (٢) بمحامده التي هو لها أهل (٣)، والصلاة والسلام (٤) على خاتم أنبيائه ورسله (٥) محمد - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله سبحانه يقول في كتابه: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب (٢)} (٦).
وقد اشتملت هذه الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، فيما بينهم في (٧) بعضهم بعضا، وفيما بينهم وبين ربهم، فإن كل عبد لا ينفك من (٨) هاتين الحالتين وهذين الواجبين: واجب بينه وبين الله، وواجب بينه وبين الخلق.
فأما ما بينه وبين الخلق من المعاشرة والمعاونة والصحبة، فالواجب عليه فيها أن يكون اجتماعه بهم وصحبته لهم تعاونا على مرضاة الله وطاعته، التي هي غاية سعادة العبد وفلاحه، ولا سعادة له (٩) إلا بها..
ومن نظر في هذه الكلمات التي تضمنتها هذه الوريقة (٥)، علم أنها من أهم ما يحصل به التعاون على البر والتقوى، وسفر الهجرة إلى الله ورسوله، وهذا (٦) الذي قصد مسطرها (٧) بكتابتها، وجعلهاهديته المعجلة السابقة إلى أصحابه ورفقائه في طلب العلم. وأشهد الله -وكفى بالله شهيدا- لو توافيه من أحد (١) منهم لقابلها بالقبول، ولبادر إلى تفهمها وتدبرها (٢)، وعدها من أفضل ما أهدى صاحب إلى صاحبه، فإن غير هذا من ماجريانات الركب الخبرية، -وإن تطلعت [النفوس] (٣) إليها- ففائدتها قليلة، وهي في غاية الرخص لكثرة جالبيها، وإنما الهدية النافعة كلمة من الحكمة (٤) يهديها الرجل إلى أخيه المسلم.