ألا توجد نجمات عشر !!! كالعادة ورغم أني قرأت جميع قصائد هذا الفذ ، بل وحفظتها عن ظهر قلب ، إلا أني وفي كل ليلةأقوم بإعادة قراءة البعض منها ، فانتشي بها وكأنما تمر على مسامعي للوهلة الأولى !! ...
"كم كانَ كبيراً حظي حينَ عثرتُ عليكِ .. يا امرأةً تدخلُ في تركيبِ الشِعر .. دافِئةٌ أنتِ كرملِ البحر .. رائِعةٌ أنتِ كليلةِ قدر .. من يوم طرقتِ البابَ عليَّ .. ابتدأ العُمر ..
كم صارَ جميلاً شعري .. حينَ تثقفَ بينَ يديك .. كم صرتُ غنّياً .. وقويّاً .. لما أهداكِ اللهُ اليّْ .. هل عندكِ شكٌ أنكِ قبسٌ من عينيّْ ويداكِ هما استمرارٌ ضوئيٌّ ليديّْ .. هل عندكِ شكٌ .. أنَّ كلامكِ يخرجُ من شفتي ّْ ؟ هل عندكِ شكٌ .. أنّي فيكِ .. وأنكِ فيّْ ؟؟
قولي لي : كيفَ سأنقذُ نفسي من امواجِ الطوفانِ.. ماذا أفعلُ فيكِ؟. أنا في حالةِ إدمانِ .. قولي لي ما الحلُّ ؟ فأشواقي وصلت لحدود الهذيانِ ..."
الشاعر صاحب اقوى واجمل قصائد الحب نزار قباني جعلته رحلته الطويلة مع الشعر يعتلي عرش مملكة الحب بلا منازع.. غيابه الذي اقترب من اثنى عشر عاماً لم يسقطه عن عرشه ولم يسلبه صولجان ملكه، بل زاده تألقاً وتوهجاً وحضوراً. ولأنه موجود رغم الغياب.. متألقاً رغم الاختفاء.. مسيطراً رغم الرحيل.. . فإذا كنتم احد عشاقه فاقرأ هذا الكتاب.
مهما قيل في نزار، فإنه يبقى الشاعر الأكثر جرأة في تصوير المرأة وواقعها، والاضطهاد الذي تتعرض له في الشرق، وفي البلدان العربية خصوصاً.
ولعل أكثر أشعاره جرأة قصيدته التي كتبها عن المثلية عند النساء، لأن ما قاله كان ريادة في هذا الموضوع. خصوصاً أن موضوع الجنس من المحرمات التي لا يجوز الحديث عنها في العلن، لا يدرس في المدارس، ولا يناقش في الصحافة، ولا في السينما أو التلفزيون، ولا في أي مكان سوى الأماكن المغلقة، فكيف بالكتابة عن المثلية والمثليين والمثليات؟
لهذا السبب، لا نعثر على نصوص كثيرة تتطرق لمسألة المثلية، سواء بين الرجال أو النساء، والروايات التي تقاربها تعد على رؤوس الأصابع، فكيف صور نزار قباني المثلية بين النساء؟ هو الذي طاف في الدنيا كديبلوماسي في وزارة الخارجية السورية (1945/ 1966).
"القصيدة الشريرة"
يعنون نزار قصيدته بـ"القصيدة الشريرة". لماذا وضع هذا العنوان لقصيدته عن قصة حب بين امرأتين؟ هل هو مجرد إثارة ولفت انتباه؟ أو أنه تحصّن مسبقاً ضد رد الفعل الذي كان يتوقعه ضدها؟ وما هو معيار الشر الذي يتحدث عنه العنوان؟
أيضاً، كيف يكون في الإبداع، الشعر هنا، فن شرير، وآخر خيّر؟ هل موضوع الفن/القصيدة هو المعيار؟ لا أظن أن نزار كان غافلاً عن ذلك كله، وربما تعمد هذا العنوان، ليؤكد أنه يستطيع الدخول إلى مناطق يعتبرها الناس شراً، ولا يجوز الدخول إليها. وفي الأحوال جميعاً، فإن هذا العنوان دعوة للقارئ لمساءلة القيم السائدة، ومعايير "الشر" والحرام.
كيف لي أن أُقيم إله الشعر ! كيف لي أن أُقيم من قال إن ورائه ثلاثين عاماً من التجارب الشعرية , و أمامه عشرون كتاباً هي تذكرة ميلاده , كيف لي أن اختار من بحر هذا المبدع ثلاثون أو أربعون أو خمسون صدفة و أقول عنها البحر إن لم يستطع هو فعل ذلك ! كيف علينا نحن اختيار ديوان او عدة قصائد ونقول عنها أحلى ما كتب نزار .. اذا كانت عملية اختيار الشعر ممن كتبه هي ذروة الرعب , فكيف هي لنا نحن !!