النائم على الرصيف يفتح عينيه بين وقت وآخر يحدّق بي ويتمتم: ألا تعرفني؟ ألستَ أنا حين كنتُ أمشي؟ ألم نعبر الأرض معاً؟ مرَّات على الأقدام ومرَّات في سهونا عن الأرض؟ ألم نغرق في النهر معاً؟ والنمال التي كانت على الدروب، كم مرَّة رفعتْ أقدامَنا عن الأرض وغيَّرتْ وُجهاتنا؟ أنظرُ إلى النائم على الرصيف ولا أعود أمشي وينظر النائم على الرصيف إليَّ ويعود إلى النوم.
ولد العام 1948 في قرية شبطين شمال لبنان وعمل في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس قبل هجرته الى استراليا في أواخر عام 1988 وما زال يعمل في مجال الصحافة في استراليا كما أنه يكتب لعدد من الصحف في الدول العربية�
صدر لوديع سعادة تسعة دواوين: ليس للمساء أخوة - 1981 المياه المياه - 1983 رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات - 1985 مقعد راكب غادر الباص - 1987 بسبب غيمة على الأرجح - 1992 محاولة وصل ضفتين بصوت - 1997 نص الغياب - 1999 غبار - 2001 رتق الهواء - 2005
اخرجْ وقُلْ للعابر أن يعود. تَرَكَ ظِلاًّ هنا فيه لهاثه. ظلٌّ فيه شوارع. فيه مسافات. فيه جبال ووديان وذكريات وفيه ناسٌ علقوا به وهو يعبر في محاذاتهم. مَرَّ على الحدائق، وصار فيه زهور. مَرَّ في الشوارع، وصار فيه ناس. مَرَّ في الليالي، وصار فيه قمر. مَرَّ في النهارات، وصار فيه شمس. مَرَّ على المقابر، وصار فيه موتى. قلْ للعابر أن يعود ويجمع زهور ظلّه، وناسَ ظلّه، وقمر ظلّه، وشمس ظلّه، وموتى ظلّه... قلْ له إنَّ الحدائق والقمر والشمس والأحياء والموتى في ظلّه.
من العنوان رفّ قلبي، كنتُ أرى وديع الذي أُحبه في العنوان. من أفضل الكتب التي قرأتها في الـ ٢٠١٢ بكل تأكيد. "في دمه طوفان، ويبحث في عروقه عن خشب.. كي يبني سفينة *". مذل!
شاعر لبناني من مواليد شبطين في لبنان سنة 1948 وهاجر إلى أستراليا سنة 1988ولا يزال يقيم فيها، ينتمي إلى تيار الشعر العربي المعاصر وهو من ضمن جيل شعراء قصيدة النثر اللي بضم، أنسي الحاج، بسام حجار، بول شاول، أبرز أعماله:ليس للمساء أخوة اللي بدأه بمقدمة محيرة كتب فيها(في هذه القرية التي تستيقظ لتشرب المطر انكسرت في يدي زجاجة العالم)، غبار، رتق الهواء، نص الغياب...
دائماً كنت أعتبر الشعر زي الألياف اللي بتساعد على هضم الطعام، يعني لازم مع كل وجبة كتب دسمة تتناول وجبة من الشعر مشان تساعدك بتسهيل هضم العناصر الغذائية الأخرى، طبعاً للتوضيح الألياف أصعب العناصر الغذائية هضما لذلك لما المعدة تبذل أقصى جهدها بهضم الألياف رح يكون سهل عليها هضم ما دون الألياف.... لهيك لازم كل فترة نكسر روتين القراءة بقراءة مستوى أو فن مغاير، شعر، مسرح قصة قصيرة، أشياء خفيفة بتعمل للمخ إعادة تهيئة وتغيير جو...
أسلوب وديع مثله مثل جميع الطيور المهاجرة أسلوب بخفي بأعماقه كثير من الحنين والشوق وبنفس الوقت شعور جارف بالأسى بالمنفى اللي اختار البعض بينما اختاره البعض الآخر، مهما طغت البهجة على شعر المنفيين رح تضل ريحة الشوق تطلع وتفوح من بين السطور...
ما بعرف لو ما وجد الشعراء هاي الموهبة بإختزال مشاعرهم بعدة أبيات كيف كانوا رح يعبروا عنها بأسلوب آخر! القصيدة النثرية من الفنون المستحدثة وممكن تكون مسخ مشوه برأي بعض المتشددين إلا إنها أنجبت شعراء أفذاذ حافظوا على هيبة الشعر حتى بعد ما نزعوا عنه القوافي...
الحلو بهالديوان اللطيف مدى قدرة الشاعر على تطويع اللغة بأكملها لصالح شعوره! بعض الكلمات ظهرت بمظهر الصاغرة والذليلة قدام مقدرة الشاعر على حبكها في أبيات أشبه بالألغام الجاهزة للتفجير، بين كل لغمين فيه وردة فإنتبه إذا كانت الوردة بتستحق المخاطرة فغامر وإقرأ القصيدة...
ديوان جميل، لكن النجمة الرابعة للعنوان الرائع. وإن أردتَ رفيقًا، فأي رفيق أعزُّ من وحدتك؟ .. في عيونه غيوم ويحدّق في الأرض علَّها تمطر .. كيف للسابح أن يصل والبحر يغرق؟
لديك ما يكفي من ذكريات كي يكون معك رفاق على هذا الحجر اقعدْ وسَلِّهمْ بالقصص فهم مثلك شاخوا وضجرون قُصَّ عليهم حكاية المسافات التي مهما مشت تبقى في مكانها أخبرْهم عن الجنّ الذي يلتهم أطفال القلب عن القلب الذي مهما حَبِلَ يبقى عاقراً حدّثْهم عن العشب الذي له عيون وعن التراب الأعمى عن الرياح التي كانت تريد أن تقول شيئاً ولم تقلْ وعن الفراشة البيضاء الصغيرة التي دقَّت على بابك في ذاك الشتاء كي تدخل وتتدفأ.
اخرجْ وقُلْ للعابر أن يعود. تَرَكَ ظِلاًّ هنا فيه لهاثه.
ظلٌّ فيه شوارع. فيه مسافات. فيه جبال ووديان وذكريات
وفيه ناسٌ علقوا به وهو يعبر في محاذاتهم.
مَرَّ على الحدائق، وصار فيه زهور. مَرَّ في الشوارع، وصار فيه ناس. مَرَّ في الليالي، وصار فيه قمر. مَرَّ في النهارات، وصار فيه شمس. مَرَّ على المقابر، وصار فيه موتى.
قلْ للعابر أن يعود ويجمع زهور ظلّه، وناسَ ظلّه، وقمر ظلّه، وشمس ظلّه، وموتى ظلّه...
ليس عدلاً أن لا يكون للنظرات مكان. ليس عدلاً أن لا تعرف العيون إلى أين تذهب نظراتها. وإن احترتَ إلى أين ترسل نظرة فضعْها على الطريق. قد يمرُّ أعمى ويكون في حاجة إليها
ابحثْ في التراب حبَّةً حبَّة، قد تجد نفسك، أو على الأقلّ قطعةً منك. قد تجد قطعة من أجدادك، ومن أحفادك الذين لم يولدوا بعد. ابحثْ في التراب قد ترى أصدقاء، وقد تتعرًّف إلى ناسٍ لا تعرفهم. انبشْ التراب الذي في قلبك، ستجد كثيرين مدفونين هناك، ينتظرون أن يصل مِعْولك إليهم كي يحييوا ___________ اخرجْ وقُلْ للعابر أن يعود. تَرَكَ ظِلاًّ هنا فيه لهاثه. ظلٌّ فيه شوارع. فيه مسافات. فيه جبال ووديان وذكريات وفيه ناسٌ علقوا به وهو يعبر في محاذاتهم. مَرَّ على الحدائق، وصار فيه زهور. مَرَّ في الشوارع، وصار فيه ناس. مَرَّ في الليالي، وصار فيه قمر. مَرَّ في النهارات، وصار فيه شمس. مَرَّ على المقابر، وصار فيه موتى. قلْ للعابر أن يعود ويجمع زهور ظلّه، وناسَ ظلّه، وقمر ظلّه، وشمس ظلّه، وموتى ظلّه... قلْ له إنَّ الحدائق والقمر والشمس والأحياء والموتى في ظلّه. ____________ لم تكن هناك طريق. استنسخَ من حذائه طريقاً. لم يكن هناك شجر. استنسخَ من ضلوعه جذوعاً وأغصاناً. ومن أنفاسه استنسخ ريحاً عائدة، كي تعيد الورقة إلى الشجرة لا تلفظِ الكلمة الأخيرة، لا تقلْ الكلمة التي في آخر الطريق. قد يسمعها أحد في أوَّل الطريق ولا يعود يمشي.
وإذ تطوي الطريق وتضعها في جيبك، تيقَّنْ أنْ لا أحد ماشٍ عليها. هكذا يخفُّ حمْلك. وهكذا لا تزعج الماشين. وإنْ أردتَ رفيقاً، فأيُّ رفيق أعزُّ من وحدتك؟ امش على الكلام. امش على اللهاث الذي يخرج من فمك. وسترى في لهاثك طريقاً، وشجراً أيضاً. امش في ثنايا ردائك. امش على الطريق المطويَّة في جيبك. بين لهاثك وثوبك طريق، ويمكنك أن تمشي عليها العمر كلَّه.
*** الغزالة ستأتي إلى النبع، قال مراراً الغزالة ستخرج من رأسي وتشرب لم يعد في رأسي ماء فاخرجي يا غزالة. انتظرَ الغزالة ستين عاماً على النبع أراد فقط أن يراها هذه التي جالت طويلاً في خياله ورَعَتْ عشبَ رأسه. ***
دخلتْ دروب كثيرة في عروقه وسالت مع دمه دخلتْ جبال، وسالت في دمه طوفان ويبحث في عروقه عن خشب كي يبني سفينة. . .
وديع سعادة يبحث في سيكولوجية المكان ، وتداعياته الميتافيزيقية ، والفانتازية على خارطة الفكر الإنساني . يبحث في ظلال المكان عن ذاك العابر المنسي والمهمل في التفاصيل، ومتون الهوامش!
وديع سعادة يبحث هنا عن ملامح الانسان الذي أغرقته خطوط الزمن والأيام في طياتها العارية والجافة ! ويحاول من خلال صوته الغاص بالحشود ان يستنهض ذاك الميت والحي في وجود مزدوج من النقائض العابثة في الداخل ، ذاك الداخل الغريب والقريب والبعيد من النفس المتأرجحة بالنواقص!
مقاطع متنوعة عن الحياة بأسلوبٍ بديع !! مثّل الحياة ومشاكلها ومرورها وشخصياتها بأشكال الطبيعة المختلفة حولنا ..
" امش. وانتظر أن تنظر إليك عينُ عابرٍ آخر , فلعلك تقعد وتستريح فيها "
"اخرجْ وقُلْ للعابر أن يعود ,ترك ظلاً هنا فيه لهاثه. ظلٌّ فيه شوارع . فيه مسافات .فيه جبال ووديان وذكريات وفيه ناسٌ علقوا به وهو يعبر في محاذاتهم. مَرَّ على الحدائق ,وصار فيه زهور . مرَّ في الشوارع , وصار فيه ناس . مرَّ في الليالي , وصار فيه قمر . مرَّ في النهارات , وصار فيه شمس . مرَّ على المقابر , وصار فيه موتى .
الغزالة ستأتي إلى النبع، قال مراراً الغزالة ستخرج من رأسي وتشرب لم يعد في رأسي ماء فاخرجي يا غزالة.
انتظرَ الغزالة ستين عاماً على النبع أراد فقط أن يراها هذه التي جالت طويلاً في خياله ورَعَتْ عشبَ رأسه.
---------
ليس عدلاً أن لا يكون للنظرات مكان. ليس عدلاً أن لا تعرف العيون إلى أين تذهب نظراتها. وإن احترتَ إلى أين ترسل نظرة فضعْها على الطريق. قد يمرُّ أعمى ويكون في حاجة إليها --------------
لم يكن هناك شجر. استنسخَ من ضلوعه جذوعاً وأغصاناً. ومن أنفاسه استنسخ ريحاً عائدة، كي تعيد الورقة إلى الشجرة. حين رأى الريح تُسقط الورقة أمامه انتظر وبكى، لأنَّ الريح لم تَعُد ولم تُعِد الورقة إلى غصنها... ويحزن الآن لأنَّ دموعه لم تكن حينذاك مطراً، فلعلَّ الورقة كانت شربت قبل أن تموت.