عبد الله بن محمد بن عُبيد بن سفيان بن قيس، الأموي،أبو بكر بن أبي الدنيا البغدادي (208/281)هجري، من موالي بني أمية،الحافظ، المحدث، صاحب التصانيف المشهورة المفيدة، كان مؤدب أولاد الخلفاء. وكان من الوعاظ العارفين بأساليب الكلام وما يلائم طبائع الناس، إن شاء أضحك جليسه، وإن شاء أبكاه. وثقه أبو حاتم وغيره. صنّف الكثير حتى بلغت مصنفاته 164 مصنفاً منها: العظمة؛ الصمت؛ اليقين؛ ذم الدنيا؛ الشكر؛ الفرج بعد الشدة وغيرها. مولده ووفاته ببغداد.
قال عنه الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في البداية والنهاية: " المشهور بالتصانيف الكثيرة، النافعة، الشائعة، الذائعة في الرقائق وغيرها، وكان صدوقاً، حافظاً، ذا مروءة ".
أحدّثك وأنا التي ألفت السّرّ -مؤخرًا- رحمة من ربك: أن جُلّ شأننا في افتقار لما يُكمّله ويزيّنه ويضفي عليه شرفية ورفعة ووزنًا عند الله في الدنيا والآخرة، ولم أره في مثل الذّل وتعبيد النفس لربها ومعبودها، في حلم مقرون بعلم وصبر؛ فإن "المتذلّل للحقّ أقرب إلى العزّ من المعتزّ بالباطل، ومن يبغ عزًا بغير حقّ يجزه الله الذلّ جزاء بغير ظلم"، أن أكون سهلًا هيّنًا لينًّا في إيمان، أن تبسط حلمك للقريب والبعيد، وتمسك جهلك عن الكريم واللئيم، تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتحلم عمن جهل عليك .. فالمؤمن حليم لا يجهل، وإن جُهل عليه حليم لا يظلم، وإن ظُلم غفر لا يقطع، وإن قُطع وصل لا يبخل، وإن بُخل عليه صبر؛ فهو في تعرّض مستمر للحق وأنوار هداياته، عرضًا يمتحن فيه نفسه يرى ما تشابه منها واختلف، مَنّ الله عليه بالفهم عنه ومعرفته معرفة لا شوب فيها، معرفة إيمان عبّدت من حياته ومفاهيمه وطوّعتها لله ما أسكن من لهيب حظوظ نفسه وأذاقه شيئًا من حلاوة الإسلام ومعنى الخضوع والاستسلام له سبحانه، دأبه التسوية من نفسه .. يزيد من خصالها وينقص، يشتمل منها ويتجرّد حسب ما تقتضيه محابّ إلهه ومولاه.
قال عمر بن الخطاب: " من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه قل خيره، ومن كثر أكله لم يجد لذكر الله لذة، ومن كثر نومه لم يجد في عمره بركة، ومن كثر كلامه في الناس سقط حقه عند الله، وخرج من الدنيا على غير الاستقامة"