إنّ العنوان الأكثر لوجودنا المعاصر هو التحرّر، وبالتحديد التحرّر الهووي ؛ ولكن ماذا حقّقنا منه؟ أليست الهوية نفسها جهازا من أجهزة الحداثة بل من أجهزة الدولة؟ إنّ أعمق سوء فهم أقمناه دون أنفسنا هو اعتقادنا في أصالة الموقف الهووي كتعبير وحيد عن ذواتنا، والحال أنّ الحداثة، وليس الأديان، هي التي اخترعت فكرة الهوية، ومن ثمّ فإنّ كلّ من يقاوم الحداثة على أساس هووي هو يتصرّف في أفقها دون أيّ قدرة على الإفلات من منطقها. في كلّ ركن من أنفسنا الحالية، تبرز الهوية كواقعة ثقافية لا سند لها سوى إرادة الهوية. لكنّ إرادة الهوية وحدها لا تكفي لتحرير الإنسان من تصوّراته السقيمة عن نفسه. بل إنّ الإجابة الهووية عن السؤال "من نحن؟" قد انقلبت إلى عائق أخلاقي أمام التجربة الحرة لأنفسنا. إنّ تحرير الإنسان عندنا لم يبدأ بعدُ. هل الحل هو ثقافة الحوار؟ ولكن إلى أيّ مدى يمكن الدفاع عن حوار بين الهويات؟ - إنّ حوار الهويات غير ممكن، وذلك أنّ الأفق الوحيد للحوار هو الحوار بين الذوات الحرة...تلك بعض أفكار هذا الكتاب
هو فيلسوف ومترجم تونسي، له العديد من المؤلفات، يشغل كأستاذ تعليم عال في جامعة تونس.
حصل على دكتوراة الدولة في الفلسفة، لكن قبل دخول مجال الفلسفة كان فتحي المسكيني شاعرًا، والذي كتبه منذ وقت مبكّر جدّا، في الثالثة عشرة من عمره. ولا زال يكتب الشعر بشكل مستمر، وإن كان لا يهتمّ بالنشر كثيرا. وجد في هيدغر استجابة إلى تطلّعاته، وتجربة الشعر وضعته في ورشة جبران بشكل مبكّر، فدخل ورشة نيتشه دون أن يدري، حسب تعبيره. فقرأ كتاب هكذا تكلم زرادشت وكتاب النبي في نفس الوقت، في الخامسة عشرة من العمر. وهذه أحداث خاصة وضعته على الطريق نحو هيدغر بشكل لم يستطع مقاومته.
الفلسفة هي فن تحرير العقول من كل خطاب متعكر على الفهم او جعل من العسر عذراً له في الاستغلاق على نفسه وكل خطاب مغلق هو خطاب هووي
من هذ المنطلق يبحر المسكيني المتخصص في المسألة الهووية في غمار لجج فلسفية باحثا عن إجابات لأسئلة طفت على السطح في زمن الحرية وارتباطها العميق بأحد أبرز المشاكل التي أفرزتها حداثة الدولة القومية الإشكال الهووي
من نحن وكيف نعبر عن هذه النحن وما يتضمنه تفسيرنا لهذه النحن من علاقة بالأخر ومن هو الأخر من ابن خلدون مرورا بكانط وهيغل على محطتين يرسم المسكيني كيف تأثرنا بهذه الرؤى وكيف يمكننا فهم أنفسنا
الفلسفة هي فن البحث عن المشترك بين العقول الحرة. وليس ما تشترك فيه العقول الحرة غير استعدادها الأصيل لاختراع فضاءات حيوية جديدة للحقيقة
من خلال من المسلم الأخير عند ابن خلدون وذات كانط الشاعرية وميثولوجيا هيجل العقلية يؤسس لابعاد مشكلتنا الهووية وهي الجزء الأصعب والأعسر على الفهم في الكتاب الجزء الثاني من الكتاب خصوصا الكلي والكوني والذي يمثل العمود الفقري في فهم المعضلة هو الأهم وكل الفصول اللاحقة تمثل خلاصة المبحث
ان الانتماء هو إجابة مسبقة على من نكون
انطباعي عن الكتاب
لم اتفق مع الكاتب في إقراره بان الحداثة واقع يجب التعامل معه او كما يقول صنع حداثة مغايرة بالرغم من الكتاب هو ان صح القول نقد العقل الهووي الناتج عن افرازات الحداثة
الكتاب صعب وبالرغم من صغر حجمه نسبيا الا انه أخذ مني عشرين يوما واحتاج مني للبحث والتنقيب عن الكثير من المسائل والتوقف طويلا امام العديد من الأشكاليات الا انه في النهاية أضاف الى معجمي قائمة مصطلحات مهيبة في النهاية يجب ان نقر أيضاً ان المسكيني ضليع في الترجمة والاصطلاح
لغة فلسفية بديعة، قدرة فائقة على التفلسف. أجبرني المسكيني على تعطيل أحكام ومواقف مسبقة كنت قد تبنيتها قبل قراءة هذا الكتاب. قراءته مثلت لي مجازفة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تمنيت لو أن الكتاب لم ينته...