النبوءة " رواية جديدة للأديب الروائي اللبناني محمد الطرزي، إرتكز فيها على التاريخ لينسج من تلافيفه إشكالية معرفية تمثل إيديولوجيا علم ما قبل النهضة، نتعرف من خلالها إلى نظرة الآخر المختلف دينياً وعقائدياً إلى الشرق المسلم. يتعرض الروائي في روايته إلى المؤسسة الدينية في الغرب، الكنيسة الكاثوليكية، وعلى راسها البابوية في مرحلة العصور الوسطى وعن دورها في حركة الإصلاح الديني والحركة المضادة له. تدور أحداث الرواية ما بين عام 1098-1185 م. وهي قصن تارسخسة مستقاة بمعظمها من كتاب " الكامل في التاريخ " لإبن الأثير مع تحريف طفيف في بعض الأماكن مراعاة للخيال الروائي القصصي. فمن خلال شخصيات وأحداث ومحطات متعددة يستحضر الروائي تاريخ الحملات الصليبية على الشرق في مشهد يتداخل فيه السياسي مع الديني في إطار مركب يحيكه بنسيج درامي مشوق متشابك مع زمن الرواية حيث ينتقل الروائي مع أبطاله من أنطاكيا إلى باريس وصولاً إلى " نبوءة بتان " الذي يخبر القوم في قاعة الكنيسة بأمر هام " نعم... تراءى لي الباب يعلن حملات ضخمة لتحرير الأماكن المقدسة في الشرق، وتحرير الصليب المقدس من أيدي المسلمين. ذلك الصليب الذي رفع عليه يوماً سيدنا يسوع... وبأن فارس من باريس... ينتزع صليب يسوع من أيدي المسلمين. مجد في زمن الهزائم أكبر من أن تصدقه فرنسا ". وهذ الفارس هو فرنسوا ذلك البطل الذي ينتقل من مرحلة الى أخرى ومن بلد إلى بلد ليحرر صليب يسوع. فهل تصدق نبوءة بتان؟ أم هي من إبتكار الكنيسة؟ وهل ا لنبوءة تصنع قدراً أم أن الرجال هم الذين يصنعنون الأقدار التي آمنوا بها... أحداث مشوقة تنتظرنا عند قراءتنا لهذه الرواية التي أراد المؤلف بحس الناقد والأديب المتميز أن ينقل للقارئ دهاليز السياسة المعادية للإسلام التي صنعت في ظل الحملات الصليبية زمن العصور الوسطى، التي خلقت إشكالية شرق غرب المتعارضين والتي أثمرت ردات فعل نحو التمسك بالهوية والخصوصية الثقافية وعدم قبول الآخر المختلف رغم كل حملات حوار الحضارات والترويج لها.
محمد طَرزي روائي لبناني. اهتمت أعماله بالتاريخ العربي في شرق إفريقيا. له تسع روايات في ألوان أدبية مختلفة؛ التخيّل التاريخي، الأدب الاجتماعي، أدب الفتيان، والموروث الثقافي. فازت روايته "ميكروفون كاتم صوت" بجائزة كتارا للرواية العربية، في دروتها العاشرة، لعام 2024، وبميدالية نجيب محفوظ للأدب عام 2024. كذلك حصدت "جُزر القرنفل" جائزة غسان كنفاني للرواية، في الأردن، عام 2017، ونالت "نوستالجيا" جائزة الناقد توفيق بكّار للرواية العربّية، في تونس عام 2019. أدرجتْ أعماله على قوائم جائزة الشيخ زايد للكتاب ست مرات عن دورات مختلفة. اختارته مؤسسة Omi Art الأميركية، بالتعاون مع جامعة حمد بن خليفة القطرية، للمشاركة في برنامج "استضافة كُتّاب من دول مختلفة"، للإقامة في مقّرها في نيويورك، ممثّلًا للرواية العربية المعاصرة، موسم خريف 2022. حصل على منحة زمالة للكاتب المقيم، من مؤسسة Bogliasco الأميركية، للإقامة في جنوة، إيطاليا، خلال خريف 2024.
قبل أن اقرأ أي رواية تاريخية؟ استحّضر نفسي قبلها بجميع حواسي ؛ ليكون بمقدوري أن أعيش تفاصيل وأحداث الرواية بالمختصر.. الفلّسفة واللّمسة الخاصّة بالروائي والتي لابُد أن يتصف بها أي كاتب لا أجد لها أثر في هذا الكتاب ، والذي وجدته هو مجرَّد سرد لحكاية تاريخية ليس إلا ! في الحقيقة رغم هذا؛ إلا أنّ الرواية أعجبتني جداً لأنها تاريخية وسوف تُجبرك على المُتعة .
لا أستطيع أن أصفها بالرواية بل هي حكاية جميلة حيث لم يدخل الكاتب فيها فلسفته و رؤيته ، ربما أن الحديث لانتصار مسيحي على المسلمين كما تروي النبؤة قد جعلني لا أتعاطف مع أحداثها كثيراً .