يتناول هذا الكتاب قضية الاختلاف: كيف كانت مواقف مفكرينا القدامى من الآخر المختلف أو المناقض؟ وهل تحصل من هذا كله رصيد يمكن أن يسند دعوانا الآن إلى شرعية الاختلاف في الرأي، وغلى ترسيخ قواعد الحوار والديمقراطية؟
إن حديثنا عن الاختلاف يتجه إلى عمق الديمقراطية. ذلك أن النظام الديمقراطي يسلم بالاختلاف، ويشرع له، ويبني عليه.
فالاختلاف ليس تفتيتاً وتجزئة، بل هو بديل عن كل استبداد مغلف بغلاف "الوحدة" حين تكون هذه الأخيرة مجرد تغطية لا دعاء امتلاك الحقيقة، والانفراد بالسلطة.
الحق في الاختلاف تضمنه مؤسسات وممارسات وتقاليد، وهو قبل هذا كله يتوقف على الكيفية التي تكونت بها عقلية معينة. لذا رجعنا إلى تراثنا ننقب فيه ونحلله، لنرى ما إذا كان مساعداً -أو عائقاً- على تكوين عقلية قابلة بشرعية الاختلاف. تلك هي الغاية الأساسية من هذا الكتاب.
ولد بتاريخ 25/12/1940، يشتغل أستاذا محاضرا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.
اختار أومليل دراسة ابن خلدون لتصفية الحساب مع التراثيين. بحسب رأيه، هناك نوعان منهم: تراثيون يعتبرون أن التراث كمغارة علي بابا. كلما ضاقت بهم الحال ذهبوا ينقبون فيها عما يجيب على أسئلتهم. الصنف الثاني هم التراثيون الذي يريدون أن يكونوا حداثيين وتقدميين، فيلوون عنق التراث ويحملونه ما لا يحتمل. ولهذا، تركّز عمله على حصر الحدود المعرفية والتاريخية للفكر الذي أنتجه ابن خلدون، لتفادي فوضى اختلاط الماضي بالحاضر. أي أن لا تكون ثقافتنا مثل دكان الخردة. نجد فيه أشياء أُنتجت منذ أسبوع إلى جانب بضائع عمرها مئات السنين. (hespress.com)
توقعت أن تكون جميع فصول الكتاب عن موضوع شرعية الاختلاف في الإسلام، لكن جزءا من مادة الكتاب ذهب بعيداً عن عنوانه، إذ اتجه إلى استعراض تاريخ الموريسكيين وما لاقوه من اضطهاد. وهو الأمر الذي لم أجد مبررا لضمه في هذا العمل، ولو أن المؤلف خصص كتابا مستقلا لهذا الحزء وتوسع فيه لخرج بكتابين قيّمين، خصوصاً أن الجزء الخاص بتاريخ الموريسكيين احتوى مادة مهمة وتحليلا مهما من المؤلف. لم يعجبني الفصل الأخير من الكتاب، والمعنون بـ استخلاص، إذ جاء هو الآخر بعيد نسبيا عن مادة الكتاب. الكتاب جيد بشكل عام ويستحق القراءة.
كتاب جيد جدا، يسلط الضوء على مسألة الاختلاف وكيف نظر لها الأقدمون من المسلمين وتعاطوا مع المختلفين، عندما كانوا في موقع الصدارة والتفوق الحضاري، ومن ثم عندما أصبحوا أقلية مستضعفين، ليستلخص الدروس والعبر من ذلك.