عاش علاء الدين «ابن النفيس» ثمانين عامًا، عاصر خلالها من أهوال الأحوال والأحداث الجسام، قدرًا هائلًا: الحروب الصليبية والحملة السابعة المريعة على دمياط وشمال مصر، غزو المغول وسقوط بغداد على يد هولاكو، صراعات السلطة بين الجيل الأخير من الأيوبيين والجيل الأول من الحكام المماليك، ثورة حصن الدين ثعلب، المصادمات الشديدة بين أقطاي وأيبك وقطز وبيبرس وقلاوون.. وكان «العلاء ابن النفيس» قريبًا من ذلك كله، فقد كان الطبيب الخاص للظاهر بيبرس، ورئيس أطباء مصر والشام.. ومع اضطراب أحوال زمانه، لم يتوقف يومًا عن التأليف في الطب والفكر وعلوم عصره، وترك لنا من بعده آلاف الصفحات.. فكيف عاش «ابن النفيس» وما الذي أملاه من وقائع حياته على «الوراق» الذي يصغره بأربعين عامًا، وعاش أربعين عامًا بعده؟ هذا ما تحكيه هذه الرواية.
الدكتور يوسف زيدان باحث ومفكر مصري متخصص في التراث العربي المخطوط وعلومه. له عديد من المؤلفات والأبحاث العلمية في الفكر الإسلامي والتصوف وتاريخ الطب العربي. وله إسهام أدبي يتمثل في أعمال روائية منشورة (رواية ظل الأفعى ورواية عزازيل) ، كما أن له مقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف المصرية والعربية. عمل مستشاراً لعدد من المنظمات الدولية الكبرى مثل: منظمة اليونسكو، منظمة الإسكوا، جامعة الدول العربية، وغيرها من المنظمات. وقد ساهم وأشرف على مشاريع ميدانية كثيرة تهدف إلى رسم خارطة للتراث العربي المخطوط المشتت بين أرجاء العالم المختلفة. يشغل منصب مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية منذ عام 2001 إلى الآن.
كتاب جديد ويطلع حلو؟ بعد تجارب كتير سيئة مع إصدارات حديثة أقدر أقول إنها معجزة:)
ماذا يقصد يوسف زيدان بأمالي العلاء؟ الأمالي هي جمع لكلمة إملاء و العلاء هنا هو علاء الدين علي رئيس أطباء مصر والشام المعروف بابن النفيس أعلم أهل الأرض بالطب، ولم يأتِ من بعد ابن سينا مثله.....
في هذه الرواية الرائعة بياخدنا يوسف زيدان في رحلة تاريخية ممتعة لنقرأ ما الذي أملاه ابن النفيس من وقائع حياته على الوراق أو الناسخ نصري بن قاسم الذي كان يصغره بأربعين عاماً...
"ففي القصِّ اقتصاصٌ من ظلم الحياة لنا ولعبها بنا وفي الحكي ارتياح.."
توفي ابن النفيس وهو يبلغ من العمر ٨٠ عاماً و عاصر خلال حياته الكثير من الأحداث مثل الحروب الصليبية،غزو المغول ،صراع المماليك علي السلطة و المصادمات بين أقطاي و قطز و بيبيرس..و بيبرس تحديدا كان تربطه به علاقة خاصة لانه كان طبيبه الخاص و كان يستشيره في أمور عديدة...
الرواية مكتوبة بلغة رائعة و كإنك بتقرأ كتاب قيم من كتب التراث.. السرد كان يتناوب علي لسان ابن النفيس تارة وعلي لسان الوراق تارة أخري و كان في تفاصيل عن طفولتهم و حياتهم الشخصية و حتي عن صراعاتهم الداخلية و إحساسهم بالوحدة أحياناً و محاولتهم المستمرة للبحث عن معني لحياتهم...
"ابحث عن معنى وجودك كي يكون لوجودك معنى.."
الكتاب فيه بعض الاجزاء الشائكة اللي ممكن تثير الجدل عند قراءتها مثل الكلام عن صحة بعض نسخ القرآن وبعض التأملات الفلسفية و لكنها كانت مكتوبة بذكاء و تفهم منها إنك أمام كاتب -مش بس ذكي- ولكنه مفكر أيضاً و يدعوك كقارئ بطريقة غير مباشرة إنك تفكر في حاجات كتير...
رواية ممتازة ..مفيدة..مليانة معلومات ومكتوبة بإسلوب أدبي رفيع.. بالتأكيد ينصح بها😍
كان لابد لي من التقاط أنفاسي المتسارعة والسيطرة على دقات قلبي المتزايدة بعدما انتهيت من ذلك العمل الذي أسر لُبي منذ الصفحة الأولى وحتى كلمة الختام.
شعرت وأنا أقرأ بأنني الوراق النازح من الصعيد، الهارب من أصوله، المتخفي في القاهرة، الذي تبسم له القدر رغم آلامه ومصائبه وكوارثه، وانفرجت طاقة الأمل أمامه عندما لجأ إليه ابن النفيس ليروي على مسامعه قصة حياته أو ما تيسر منها، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة على فراش المرض، لتتكشف أمامنا أواصر علاقة غير متوقعة بين الوراق التعيس والحكيم ابن النفيس، أساسها البحث عن المعنى.
وما بين قصة الوراق الذي تبعثرت حياته منذ الصغر وانقطعت حبات شبابه على مرأى عينيه، وقصة ابن النفيس الذي ذاق مرارة الفقد صغيرًا واكتوى بنار الفراق كبيرًا، ما بين هذا وذاك كانت للأحداث السياسية حضورها الثقيل، كتأثير موسيقى تصويرية متلاحقة، لا يمكن فصلها عن العمل الأساسي، وتجعلك في الوقت نفسه منجذبًا إلى كل شاردة وواردة تحدث.
غفر الله لـ ابن النفيس، الباقي في نفوس مريديه ومن تتلمذ على كتبه، ولـ الوراق إن كان شخصًا من لحم ودم عاش بين الناس أو محض خيال سكن الصفحات، وأمد في عمر الذائقة الأدبية للكاتب.
كيف نحكم على هذا العمل؟ سؤال صعب. بالرغم من محبتي التامة للدكتور يوسف زيدان إلا أننا أمام معضلة صعبة، فإذا كنت تقرأ هذه الرواية بغرض التعرف المكثف على شخصية ابن النفيس وتفاصيل حياته وإنجازاته الطبية وكيفية التوصل إليها وما حاط بذلك من ملابسات وأحداث فهذا ليس الكتاب الصحيح وإن كان للأسف كان هذا ما انتظره من دكتور يوسف زيدان خصوصًا بسبب تاريخه الطويل في تحقيق كتابات بن النفيس وتقديمها. الرواية تنقسم إلى حكاية الوراق والذي طبقًا للرواية أملى بن النفيس عليه قصة حياته. ذلك السياق في الرواية جيد من كل النواحي، الأدبية والحبكة الدرامية وترابط الأحداث. لكن فيما يخص بن النفيس فنحن أمام حكاية مهلهلة، استعرض فيها الكاتب تاريخ العرب والمسلمين أكثر من استعراضه أو تناوله لحياة بن النفيس. حيث استفاض في الحديث عن الممالك المغول وماحدث منهم وفي التاريخ الدموي للحكام. دكتور يوسف زيدان لماذا لا تقدم لنا دراسة تاريخية عن تلك الفترة الزمنية؟! هذا عمل مُشوه عن بن النفيس يظن القارئ أنه تعرف على شخصية بديعة كهذه وفي الحقيقة لن يخرج عن حياة الرجل بأكثر مما قد يجده على ويكيبيديا أو أي موقع تعريفي.
رواية تاريخية من عهد المماليك، وخصوصا أيام نهاية دولة الأيوبيي وبداية الحكم المملوكي الذي استمر قرابة الالف عام، تروي لنا القصة من خلال حياة 'ابن النفيس' الذي جاء الى مصر من بلاد الشام ليستقر بها ويصبح دارسا للطب، ثم يذيع صيته حتى يصل الى منصب الطبيب الخاص للظاهر بيبرس، ثم يأتي في أواخر أيامه ليملي قصة حياته على الوراق 'سفير'. من خلال سفير وابن النفيس، نعيش فترة هامة من تاريخ مصر والاسلام، مع غزو التتار، والحملات الصليبية المتتالية من الخارج وما يقابلها من صراعات ومؤامرات لتملك حكم البلاد من الداخل، في قالب غني عن الحياة الاجتماعية للشعب المصري في هذه الفترة التي أقعدت المصريين في صفوف المتفرجين على المماليك وتداول الحكم بينهم حتى دخول العثمانيين للبلاد في القرن السادس عشر، لينتهي فصل ويبدأ فصل جديد في تاريخ مصر
كنت أتمنى من كل قلبي أن تكون تلك الرواية عودة لـ يوسف زيدان إلى سابق مجده، ولكنه يأبى إلا أن يتوه بين الصفحات والأخبار والأفكار، يُفترض إذًا أن هذه الرواية هي "أمالي ابن النفيس"، للوراق الذي سمّاه "سفير"، ولكن القارئ سيكتشف على الفور أنها أطراف من مذكرات سفير وحياته، ومذكرات ابن النفيس، وما يجمع بينهما هو تلك الفترة العصيبة التي عاشها كلاهما خاصة في مصر فترة حكم المماليك .. وبتفاصيل المعارك والمؤامرات والوشايات، ليس في مصر فقط، ولكن هناك عند التتار أيضًا، وكأن ابن النفيس مؤرخ وليس عالم وطبيب، والرجل وإن كان له باع في الكتابة والأدب وكتب في السيرة النبوية، ولكنه أخلص للطب، وطبعًا لم يفت ذلك الدكتور يوسف، ولكنه كان أقل ما تحدث فيه ... رواية مخيبة للآمال في المجمل، وربما يكون السبب الأكبر أني توقعت أن أقرأ عن ابن النفيس ما لا أعرفه، ولكني وجدت حروبًا كثيرة .. حتى مات الرجل .. يرحمه الله، وكان يمكن لسفير الوراق أن يؤدي رسالة الكاتب بدون أن يحمِّلها عبء ابن النفيس وحكايته .
تحكي عن حياة الطبيب العربي بن النفيس وكيف عاصر من أهوال وحروب في تلك الفترة مثل الحروب الصليبية والحملة السابعة المريعة على دمياط وشمال مصر، غزو المغول وسقوط بغداد على يد هولاكو، صراعات السلطة بين الجيل الأخير من الأيوبيين والجيل الأول من الحكام المماليك، وغيرها من الحروب الدامية.
البحث عن معني الوجود من أصعب الأمور التي ترهق العقل. فيعيش كثيرًا من الناس ولا تعلم معني وجودها. يحكي الكتاب عن العالم القدير أبو الحسن علاء الدين منذ مولده وما رأه من أحداث من نهاية الدولة الايوبية والدولة المماليك حتي موته.
� ابحث عن معنى وجودك، كي يكون لوجودك معنى.. أين سأجد ذاك المعنى؟ �
� � ثم انطوت تلك السنون وأهلها، فكأنها وكأنهم أحلام. �
� � لأن الطمع يعمي. ولا يتوقف ذلك على النزاعات والحروب بين الحكام، بل يتعداه إلى ما يجري من مشاحناتٍ وإحن وسخائم في حياة عموم الناس، إلا مَنْ رحمه الله من شهوة نفسه برجاحة عقله.. �
� � اقتحم التتر بقيادة «هولاكو» بغداد، وقتلوا من أهلها والساكنين حولها، قرابة ثمانمائة ألف إنسان ولمدة أربعين يومًا مريعة، استباح عسكرهم بغداد نهبًا للبيوت، وقتلًا لمن يرونه من الرجال والصبيان، وافتضاضًا للعذراوات واغتصابًا لمن كُن متزوجات، وبقرًا لبطون الحبالى ثم زحف التتر إلى الشام، واستولوا عليها، وفعلوا بمُدنها وقُراها مثل الشنائع التي فعلوها ببغداد. �
� حِصنهم بالاستسلام للتتر. حيلة حقيرة. لكن تلك هي طبيعة الحروب. رخيصة. وتلك هي طبائع معظم المتحاربين، الساعين إلى النصر وربح الغنائم، ولو بالخديعة وخسيس الوسائل. والحربُ في عمومها، إما دفاعٌ مشروع أو ربحٌ حقير. � � � ولا تستسلم لظنك بأن الحياة عبث، فذلك قد يؤدي بك إلى عديد من العلل والاختلالات النفسانية. والله لم يخلق الكون عبثًا � � ❞ وعندما اصطدم الجيشان انهزم جيش «هولاكو» أمام جيش «بركة خان» الذي كان آنذاك قد أعلن إسلامه �
� ما جدوى العمر، وما معناه، مع انعدام القدرة وافتقاد الشغف وغياب الابتهاج. �
رواية ذات خطين متقاطعين حكاية الوراق "السفير " و حكاية ابن النفيس الطبيب العلامة فالأول هو كاتب لسيرة الثاني و هنا نقطة اللقاء و التلاقي . العمل سرد حكائي يستند على أرضية تاريخية للفترة الزمنية في القرن 13 ميلادي السابع الهجري كتب بلغة تتناسب مع العصر و مع الشخصيات التي تنوعت بين شخصيات حقيقية و أخرى متخيلة .
أمالي العلاء يوسف زيدان القراءه الأولي : يوليو 2024
يستكمل يوسف زيدان رحلته العظيمه في شق آبار التاريخ التي واراها الثري ليكشف لنا عبرات الأخبار في سيرة الأخيار من آبائنا الأوائل في الزمن الزائل من علماء كان لهم حظ العيش في وقت قد فات ولم يكن لنا منهم حظ العبره في ما هو آت. بعد ابن سينا في " اعتقال الشيخ الرئيس" وبعد الحسن ابن الهيثم في "حاكم" يأتينا علاء الدين ابن النفيس في " أمالي العلاء" لتأتينا سيرته العطره علي يد الوراق سفير الذي جاور العلاء في أيامه الأخيره ليقطر من لسانه سيرته الذاتيه عن حياته المديدة التي طالت لثمانين عامآ مرت عليه وقد آثر أن يغادر الدنيا إلا بعد أن يترك لنا ما يبقيه في الأذهان وتشفي منه الأبدان.
تبدأ الروايه بالحديث عن سفير الوراق وحياته منذ طفولته ونشأته وبعده عن أهله مرورا باحداث تاريخيه مرت علي القاهره وعموم الديار المصريه من ثورات وانشقاقات إبان آخر أيام الأيوبين وهجوم الفرنج علي المنصوره واستتاره عن العامه بعد صعود المماليك للحكم واندماجه في الحياه الاجتماعيه وزواحه وطلاقه والتحاقه بركاب العلاء الن النفيس ليصحبه في ركابه ويجالسه في صحوه حتي منامه ويقيم معه حوارات رائعه تحفل بالحكمه والبلاغه الداعيه والمستدعيه لروائح تاريخيه تطيب لها الأنفس والأذهان.
في النصف الثاني من الروايه يبدأ الوراق في التخلي عن حكاياته ليفسح المجال لحكايات الطبيب العلامه وتبدأ سيرة ابن النفيس في الطفو علي سطح الأحداث فنجد فيها بداياته في دمشق وتلقيه العلم في البيمارستان النوري وظهور نبوغه ثم نزوحه للقاهره واستقراره وبداية معاصرته للأحداث وظهور المماليك البحريه والظاهر بيبرس الذي قربه إليه وجعل منه رئيس أطباء مصر والشام وطبيبه الخاص له ولعائلته ثم للمنصور قلاوون من بعده الذي عهد اليه بالاشراف علي البيمارستان الخاص به وما تعهد به ابن النفيس من شراء الدور المجاوره ليضمها الي البيمارستان القلاووني بعد وفاته حبآ في العلم ونفع الناس وابتغاء وجه الله تعالي.
تتقاطع الأحداث بين السيرتين لسفير وابن النفيس، فقد عاش كل منهم ثمانين عامآ اشتركا معا في اربعين منها هي الاولي في حياة سفير والأخيره في حياة ابن النفيس. لهذا نجد بعد التكرار في المواقف والأحداث والشخصيات عاشها كل منه ورواها من وجهة نظره ولكن ذلك التداخل تم التعامل معه من كاتب الروايه بحرفيه ومهاره فجعل كل منهم يكمل الآخر ويتمم ماقبله.
عالم يوسف زيدان غني دومآ بالدرر اللغويه البديعه واللآليء التاريخية الثمينه وروائع من قطوف العبر وسير البشر وما مر بهم من مآسي ونوادر وحوادث ماحقات لما قبلها منذرات بما بعدها، هو حق عالم لا ينضب من متعه صافيه وحلاوه طاغيه وحكم ومآثر ماضيه �
الرواية تدور في خطّين متوازيين، يرويهما على التوالي "سفير" الكاتب الورّاق، وعلاء الدين ابن النفيس. تبدأ الرواية بلسانِ "سفير" الذي يخبرنا عن حياته ومهنته وتعرّفه على ابن النفيس الذي تبنّاهُ وأسكنه بالقربِ منه وبدأ بإملائه بضعاً من مذكّراته. عايش ابن النفيس الكثير من الحوادثِ والملمّاتِ التي عصفت ببلاد الإسلام من العراقِ مروراً بالشامِ ومصر، وعاصر الحروب المتكرّرة بين التتر والمغولِ والفرنج والمماليكِ والأيوبيين، والفظائع التي ارتكبت والتي كان له منها نصيب. بدأ حياته بدراسةِ الدين بناءً على طلب والده ولكنّه ما لبث أنّ أحس بميله إلى الطبّ ومعالجةِ النّاس فبرعَ في هدا المجال وبدأ بشرحِ وتأليفِ العديد من المؤلفاتِ التي أسقطَ فيها خلاصةَ تجاربه وخبرته. كتابٌ جميلٌ جدّاً على الرّغم من قصره. اللغة رائعة والأحداثُ متسلسلةٌ وشيّقة..
ثالث الثلاثية فردقان (الشيخ الرئيس ابن سينا) حاكم(الحسن ابن الهيثم) وأخيرا الوراق(آمالي العلاء ابن النفيس). هاهو ثالث العلماء الآجلاء الذي يقدمهم لنا يوسف زيدان في ثوب جديد يفتح الشهية علي البحث والمعرفة بهم وبعلومهم المتعددة الفروع من الطب والفلسفة إلي الهندسةوالفلك رجوعاََإلي الطب مرة أخري. الفاضل رئيس الآطباء علاءالدين علي بن أبي الحرم القرشي الملقب بابن النفيس كم هائل من المعلومات الطبية ساقها لنا الكاتب علي لسان ابن النفيس وزملائه الآطباء في البيمارستان الناصري ومن قبله البيمارستان النوري، وكم من الحكم والمعارف تشحذ الآذهان لمزيد من البحث سواء لمعني أسماء الأمراض وأنواع الطعام المعالجة التي كان يبدأ بها ابن النفيس العلاج حيث لا يلجأ إلي العلاج بالدواء المجرب إلا بعد أن تثبت الأطعمة أنها غير كافية للعلاج وحدها. هذا وكثيراََ من أحداث حياة ابن النفيس المديدة التي استمرت ٨٠ عام مليئة بالمآسي والحوادث الجسام التي نعرفها والتي لانعرفها فنتعرف عليها من خلال هذا العمل الأدبي البديع في مفرداته اللغوية الرصينة الدارج منها المآلوف وغير المآلوف والذي يقتضي منا الرجوع إلي المعجم للبحث عن معانيها وهذا آيضاََ إبحاراََ آخر في معاني لغتنا العربية. كما ان ابن النفيس عاني من حوادث الزمن الجسام من حروب وأوبئة ولم يهنأ باله مع حبيبة أو زوجة او ولد الا في فترات قصيرة من الزمن لا تحتسب لكنه انجز لنا من الكتب والرسائل العلمية الباقية حتي الان تدرس في كافة المحافل العلمية الطبية المرموقة وهو القائل ان تصانيفه ستبقي بعده لعشرة آلاف سنة وها نحن بعد الألف الأولى لازلنا نذكره ونذكر فضله علي صناعة الطب والمتطببين لكي نخلص أخيراََ إلي ان رغم المحن والفواجع والحروب والثورات والآ وبئة هناك من يفني حياته في خدمة العلم والناس مبتغياََ وجه الله تعالي لاينتظر آجراََ ولا شكورا، ليكونوهم القدوة الحقيقية لا الحكام الصالح منهم والطالح مهما قدموا من خدمات للرعية كانوا يهدفون منهامزيد من السلطة والنفوذ ليس إلا.
يوسف زيدان يقدم وجبة روائية دسمة عن أحد علماء العصر العربية الاسلامي الذين ساهموا في تطور الحضارة البشرية "ابن النفيس". الرواية وثيقة تاريخية تسرد أحداث مصر والشام عبر روايتين، رواية الورّاق سفير الذي أملى عليه أبو العلاء "ابن النفيس" سيرته الشخصية وبالتالي يكون الرواية الثانية في التأريخ للفترة التي سبقت ولادة الوراق سفير. كتبت الرواية بأسلوب رشيق ومتناغم، لم تحدث انعطافات غير متوقعة، سرد تاريخي واضح ويحمل آراء جدلية في بعض الأماكن تثير العقول للتفكير. رواية مهمة وتضيء على فترة كانت تغص وتطوف بالأحداث الخطيرة من تاريخنا.
الكتاب غير مترابط.. قصص متفرقه.. قصه عن الوراق وقصه عن العلاء وفي النص قصص عن احوال العالم الإسلامي خصوصاً مصر والصراعات الدائرة في اورقه الحكم وفي خضم تلك القصص يشكك في القرآن وكتابته ونقله.
لا اعلم ما كان هدف الكاتب من كل تلك القصص الغير مترابطة غير ان الشخصيات بتقابل بعض
اسم الكتاب : الوراق أمالي العلاء اسم الكاتب : يوسف زيدان نوع الكتاب: رواية الموضوع : تاريخ، سيرة ذاتية صادر عن : دار الشروق واقع في: 286صفحة مدخل: لأن الأجل دنا وبدت النهايات قريبة والموت كما هو معلوم محتوم على جميع الناس، ولامفر منه. فمن المستحسن استدعاء البدايات التي بها تكتمل دائرة الحيوات. نبذة عن الرواية: رواية تدور أحداثها حول ذكريات الورّاق (سفير) وما مر به في حياته هو وعائلته، وكيف انتقاه العالم الفاضل ابن النفيس (العلاء) ليكتب سيرته الذاتية. الورّاق والذي يصغر ابن النفيس بأربعين عاما سيكون بمعية العلاء (ابن النفيس) بل سيسكن معه ليلازمه، فيقرأ للعلاء كتاب الموسيقى، ويسترسل أيضا في كتابة سيرة العلاء الذي يمليها على مسماعه مباشرة وبشكل مكثف. خلال سرد العلاء سيرته المترعة بزخم من الأحداث والتوترات التاريخية والسياسية التي سادت الساحة في بلاد المسلمين عامة، ومصر والشام خاصة، والتي أثرت على مسيرته وحياته على الصعيد الشخصي بشكل كبير. استفرغ خلالها مخزون ذكرياته التي وقعت خلال ثمانين عاما على صفحات الوراق مستعيدا رحلة حياته مذ كان صغيرا مع أخوه التوأم (عبدالله) وتدرج بمراحل الصبا والشباب وتكوين العائلة في الشام، حتى نزوحه واستقراره النهائي في مصر. عاصر العلاء أحداثا تاريخية جسيمة كالحروب الصليبية وحملة الفرنج المريعة على دمياط، وسقوط بغداد على يد هولاكو، وغزو المغول التتار وحروب المماليك وصراع الملوك الايوبيين والمماليك على السلطة وحكم ال��يوبيين وثورة حصن الدين ثعلب، وصدام المماليك فيما بينهم على السلطة وماتضمنته من مكائد واغتيالات. وسط تلك النزاعات والتوترات والحروب لم يتوق.ف العلاء عن نهل العلم والتأليف واثراء كافة مجالاته خصوصا الطب، وسطع نجمه في العلوم المختلفة وخصوصا الطب ليصبح الطبيب الخاص للظاهر بيبرس، بل ورئيسا لأطباء مصر والشام. *ترى كيف وصل العلاء لتلك المكانة العلمية وتلك الحظوة وسط زلزلة الحروب؟ *ماقصة شهد زوجة الوراق سفير؟ *ماهي حقيقة الوراق سفير ومن يكون؟ ولماذا يخفي أصوله وشخصيته؟ *لماذا لم يتزوج العلاء مرة أخرى؟ *ما هو وجه عدم الاتفاق بين ابن النفيس واب�� سيناء؟ *لماذا اختار العلاء الوراق (سفير) تحديدا لكتابة سيرته الذاتية (آمالي العلاء)؟ رأي شخصي: رواية رائعة جدا وخصوصا لمحبي التاريخ والسيرة الذاتية ولمن يود الإطلاع على أحداث تاريخية متعلقة بتلك الحقبة التي عاشها العلاء ابن النفيس، فيستزيد بتلك المعلومات بطريقة شيقة وممتعة. سيستمد القارئ عناوين لكتب قيّمة وأسماء لشخصيات دينية وسياسية وتاريخية وعلمية وأدبية معروفة تدفع القارئ للبحث والاطلاع عليها. إلى جانب ذلك سيقودك الكتاب للبحث عن تلك المسميات القديمة لبعض المدن والبلدان في تلك الحقبة إلى جانب المفردات المستخدمة لذلك الزمان ووصف ملبسهم وأكلهم ودواءهم وأسلحتهم وركابهم ودورهم وأدواتهم. كون أن سير الأحداث يعتمد على تذكر بطلي الرواية (الوراق) و (ابن النفيس) لمسيرة حياتهم، فكان الرواي هنا غالبا بصيغة المتكلم على لسانيهما (الرواي الذاتي) إلى جانب الراوي العليم. بالنسبة للزمان والمكان فكان في إطار زمني يبدأ منذ ولادة ابن سينا وينتهي بنهاية الوراق (سفير)في عمر الثمانين. وكان المكان الذي أثث الرواية متنقلا بين الشام ومصر في حياة كلا البطلين.
مخرج: تمنيت بعد وفاته لو كنت قد عرفته في وقت أسبق، أو تأخر رحيله لوقت لاحق، لكن الأماني لاتفعل بذاتها. اقتباسات عن الرواية: *احفظ وعندما تكبر ستفهم... كبرت ولم أفهم. *البيوت تأسى إذا ذهب عنها سكانها. *في كل مرة يغلب الظالمون الثوار، لأن الأعتى أقوى من الأنقى، ولأنه لاشيء له معنى حتى يستحق الثورة من أجله. *ماجدوى العزاء؟ لاشيء، هو واجب اجتمع عليه الناس للمواساة المؤقتة، وزيادة هيبة الموت لدى الأحياء. *ولكن من يدري؟ربما كانت الكائنات كلها تتذكر لكنها لاتحكي ما كان لأنها عجماء بكماء. *وأنا لست سوى وديعة لله في هذه الدنيا، وسوف يستردها بعد حين. *الوحدة رحاية تطحن الأرواح. *نعم، سأكتب... فالكتاب يبقى نافعا من بعد ذهاب صاحبه لمئات السنين. *فلا حظ لي أو ابتهاج إلا في الدواة والقلم. نعم. أنا قلم وأوراق مكتوبة لتبقى من بعدي. *الحرب في عمومها، إما دفاع مشروع أو ربح حقير. *التسامح، والمحبة والإحسان، أفعال تحتاج قوة ومقدرة على نسيان الأذى. ولست قويا ولاقادرا على تجاوز ماجرى، ومقدار ألمي يفوق قدرتي على نسيانه. *النسيان هو آخرة المطاف، والخلود وهم جميل. *أقصِرْ، فمُذ مات العَلا مات العُلا.
تقريبا دي تاني افضل رواية ليوسف زيدان بعد عزازيل و يمكن تكون في نفس المستوى.. الروايه تاريخية طبعا بالأساس ممكن نقسمها لنصفين النصف الاول حكاية سفير الوراق الذي يقوم ابن النفيس بتكليفه بكتابه ملخص عن سيرته و نسخ الكتب الطبيه في،البيمارستان الناصري مع خلفيه تاريخية رائعة خصوصا ان هذه الفترة هي،فترة بزوغ نجم المماليك و اضمحلال الدولة الايوبيه و حروب المنصورة و فارسكور و ثورة الأعراب بقيادة حصن الدين ثعلب و نهايتها... النصف الثاني حكاية ابوالعلاء ابن النفيس الطبيب الاشهر و كبير أطباء مصر و علاقته بالظاهر بيبرس بعد علاجه من المياه البيضاء و الحرب مع المغول و الانشقاق بين المماليك المعزية و البحرية... الفترة دي في،تاريخ مصر في رأيي مليئة بالسحر و اما يكون بقلم باحث من العيار الثقيل مثل يوسف زيدان فالنتيجه بتكون عبقرية.. الكتاب طبعا لا يخلو من موقف مثير للجدل ليوسف زيدان لكني فضلت تخطيه...
أنا متابعٌ قديم لدكتور يوسف زيدان، وعرفت ابن النفيس من أحاديث الدكتور عنه. كونت عندي هذه الأحاديث صورة ذهنية عظمية عن ابن النفيس، لذا تحمست كثيرًا حين عرفتُ بأن هذه الراوية قادمة. لكنني لأكون صريحًا أشعر بالإحباط. فإما أن صورتي الذهنية عن ابن النفيس مبالغٌ في عظمتها، أو أن الدكتور لم يقم بعمل جيد في التعمق في رسم شخصية ابن النفيس في الرواية. على جانب اخر، لم استسيغ قصة "الوراق" ونظرته العدمية للحياة. تضفي قدرًا من التباين، نعم، لكنها مغرقة في اللامعنى. لا معنى عبثي لا أقبله. لكن هذا رأي غير موضوعي وميل شخصي بالطبع.
بعيدًا عن توقعاتي المحبطة، هذه روايةٌ عادية تقدم قدرًا من الإمتاع لكنها لا ترتقي لقدرات من كتب "عزازيل" و"النبطي" وغيرهم.
ممتعة .. لغتها جيدة .. حبكتها جيدة وتداخل الشخصيات عبقرى.
ولكن أنا دائما لا استريح إلى المعانى المبطنة والتحليلات الفلسفية للكاتب، وقد وقع امامى فى تلك الرواية الكثير من تحريف للقران الكريم إلى القول كلمة (أرض اليهود) دلالة على فلسطين مرورا بوصف الشعب المصرى بكثير من الافتراء والصفات الغير حميدة.
*قد اكون متحامل على الكاتب ، ولكن هذه ليست المرة الأولى فى نقدى له وفي أعماله *
رواية رائعة ، بعد العيش في صحبة الوراق وكتابته لسيرة ابن النفيس ، في سرد شديد التشويق والذكاء من الكاتب يوسف زيدان ، لابد أن تترك فراغاً كبيراً بعد انتهائها ، فقلما ستجد مثل تلك الروايات التاريخية المحايدة الى أقصى درجة ممكنة ، ولا شيء يعيبها سوى التسارع المحسوس في أحداث النصف الأخير.
رواية الوراق رواية تاريخية عن سيرة العالم العربي ابن النفيس، وهي إملاءات ابن النفيس على الوراق (سفير) عن لمحات من حياته.
تنقسم الرواية لجزئين، الأول كان عن الوراق نفسه (سفير بن عبدالله القيلوبي) والجزء الثاني عن (العالم علاء الدبن علي ابن الحرم القرشي- ابن النفيس). وجدت هذه الرواية وكأنها مقارنة بين حياة بلا معنى (حياة الوراق سفير) وحياة أخرى كلها معاني (حياة ابن النفيس)، فالوراق عاش حياة بلا هدف عاش متخفياً خائفاً، وجعل شهواته تقوده وتتحكم فيه، على عكس حياة ابن النفيس التي كانت مليئة بالعطاء وطلب العلم وتهذيب النفس والرقي بها، عاش ابن النفيس ثمانون عاماً وكذلك عاش الوراق ثمانون عاماً لكن شتان بين حياتيهما.
#اقتباسات "ما جدوى العمر، وما معناه، مع انعدام القدرة وافتقاد الشغف وغياب الابتهاج".
"آخر شهوة تخرج من قلب الإنسان، هي حب الرياسة.. فمن أكرمه ربه وحرره بالحكمة من الرغبة في التسلط على غيره، صار فاضلاً وكاملاً".
" اجعل لحياتك معنى ولا تستسلم لظنك بأن الحياة عبث".
لم يعد الأمر جديدًا، بل صار محفوظًا تمامًا من عدد من كبار وصغار الروائيين معروف أن أعمالهم الروائية ليست روايات في الحقيقة، وإنما هي كتب فكرية ذات غطاء روائي !، وهذا في الواقع نهج غير أدبي، لذلك أكرر دومًا أن الأدب ليس ساحة لتصفية حسابات فكرية أو أيديولوجية، ولا هو وسيلة للتلقين الفكري المباشر تحت ستار العمل الروائي، ومفهوم أن لكل روائي انحيازاته، ومن حقه أن يُبَطِّنَ عمله الروائي بما يدعم تلك الانحيازات، لكن عليه أن يبقى وفيًّا للأصل الأدبي لما يكتب- سواء أكان رواية أو مجموعة قصصية أو مسرحًأ- أما أن تغلب المباشرة و(الصب) الفكري الأيديولوجي على الجانب الروائي فأرى في هذا نوعًا من التدليس الخفي على القارىء وبيعه كتابًا فكريًّا في صورة رواية !، (مثلما يفعل الأستاذ إبراهيم عيسى في كتبه التي يسميها روايات، وما هي بروايات، وإنما وجد القراء مقبلين على الروايات أكثر من إقبالهم على الكتب الفكرية فقال: لِنسميها رواية !!!). هذه الرواية تنتمي إلى هذا النوع من الكتب التي ترتدي مسوح الروايات، وعندما نمضي في الإبحار معها نجد الحروب التي يعشق يوسف زيدان خوضها ضد المجاهدين عمومًا وخصوصًا الأيوبيين والمماليك (كلنا يذكر تطاوله الشهير على السلطان صلاح الدين الأيوبي محرر بيت المقدس)، ونجد التمسح في اليهود، وزاد هذه المرة عجائب ستمر بنا تباعًا مع استعراض الرواية.
مع الرواية:
عنوان الرواية (الورَّاق)؛ وهو من صنْعته نسخ الكتب، فما المقصود (بأمالي العلاء) وهي السطر الثاني من اسم الرواية، الأمالي هي جمع لكلمة إملاء، و العلاء هنا هو علاء الدين علي رئيس أطباء مصر والشام، المعروف بابن النفيس، أعلم أهل الأرض بالطب في زمانه حسب وصف الرواية، فالحيلة الروائية للسرد هنا التي اختارها الكاتب هي أن نقرأ ما أملاه ابن النفيس من وقائع حياته على الوراق أو الناسخ (نصري بن قاسم) الذي كان يصغره بأربعين عامًا، وقد تُوفي ابن النفيس في نهاية إملائه هذا الذي استمر شهرًا، وكان يبلغ من العمر ثمانين عامًا، عاصر خلالها الكثير من الأحداث مثل الحروب الصليبية، وغزو المغول، وصراع المماليك على السلطة، والمصادمات بين أقطاي وقطز و بيبيرس..و كانت تربطه ببيبرس تحديدًا علاقة خاصة؛ لأنه كان طبيبه الخاص، و كان بيبرس يطمئن إليه، ويستشيره في بعض أموره.
الرواية تكاد تنقسم حجمًا إلى نصفين؛ النصف الأول يحتوى قصة حياة الورَّاق، والذي يتخفى تحت اسم (سفير)؛ لأن هذا الاسم له نفس أرقام اسمه الحقيقي (نصري) بحساب الجُمَّل، وهو يتخفى لأنه ابن أحد كبار المتمردين على سلطان المماليك، وقد قتل عند فشل التمرد، والنصف الثاني يشمل قصة ابن النفيس، ونشأته وتعلمه الطب في دمشق، ثم ارتحاله إلى القاهرة سابقًا زوجته وابنه، ثم حال بينهم الوباء الذي اجتاح الشام، وقضى عليهما، ثم سرد رحلة صعوده في مصر، واشتهار مهارته حتى صار طبيب الأمراء والوجهاء، لكنه ظل أيضًا طبيب العامة، وقد عالج عين بيبرس فصار من مقربيه، ويوضح هذا الجزء كيف أفنى حياته في البحث وتطوير الطب، مرورًا بالأحداث الجسام التي حدثت في تلك الفترة كالغزوات الصليبية والتتارية على الشام ومصر، وتقلبات المماليك وصراعاتهم الدموية مع خصومهم، ومع بعضهم البعض كما ذُكر سابقًا.
وهكذا تناوب السرد بين الوراق وابن النفيس، واشتمل على تفاصيل عن طفولتهما وحياتهما الشخصية، وعن صراعاتهما الداخلية و إحساسهما بالوحدة كثيرًا، ويلاحظ أنه في النصف الأول من الرواية الخاص بحياة الوراق غلب الجانب الروائي، بينما في النصف الثاني الذي يسرد فيه تاريخ ابن النفيس غلب الصب التاريخي المباشر، البارد في أحايين كثيرة، وكأن الرواية تحولت إلى كتاب تاريخ مدرسي.
ورغم قلة الأحداث في السرد إلا أن المنعطفات الكبيرة يؤخذ عليها ضعف الإقناع، فأن تستسلم ابنة عمه له سريعًا وتخون زوجها لم يكن منطقيًا، وهو الذي كان أمامها طوال الوقت قبل ذلك، ثم أن يكون صاحبه على علم بسوء سلوك وانحراف الفتاة التي يتقدم سفير لخطبتها ثم لا ينبهه، وكذلك الخادمة التي حاولت بالتلميح فلم يفهم وطردها، فما دامت قد طردت فلم لا تصرح، وأن تنقلب زوجته سيئة السلوك عليه بعد اسبوع واحد فقط بدعوى الطمع في المنزل يبدو أيضًا متعجلًا جدًا، وعلى الجانب الآخر فإن تردد ابن النفيس في خطبة محبوبته حتى تمت خطبتها يبدو مقبولًا من فتى مراهق ولا يبدو منطقيًا من رجل عاشر الأمراء فلم يعد يهاب مثل ذلك.
طعن ساذج في كتاب الله:
جاء في الرواية� وبطريقة مقحمة تمامًا، ودون أي سياق روائي تقتضيه الأحداث� على لسان الناسخ المتدين يحيى بن خلف أنه لا ينسخ المصاحف، لماذا؟، لأنه حسب رأيه (� أن المصاحف الموجودة بين أيدينا لا يصح تداولها لأنها مضبوطة بأمر السفاح «الحجاج بن يوسف الثقفي» الذي قصف الكعبة بحجارة المنجنيق، وبالنار، وقتل الناس في الحرم الذي جعله الله مثابةً للناس وأمْنًا، والذي يفعل تلك الشرور، لا يُؤمن عمله في ضبط مفردات المصحف بالنَّقْط وحركات الحروف..وأن الحجاج بن يوسف، السفاح، نسخ آيات كثيرة، وبدَّل كلماتها، فجعلها مثلما أراد(!!)، وأما ما يُروى من أن أبا الأسود «الدؤلي» ضبط المصاحف تلبيةً لطلب الإمام «عليّ» فهو خبر غير موثوقٍ به، ويدل على أن المصاحف لم تكن مضبوطة قبل الدؤلي، فما الضامن أنها صارت مضبوطة من بعده، خصوصًا وقد علمنا بأن «عليّ بن أبي طالب» هُزم، وطُمست آثاره، وقُتلت ذريته على مر السنين، حسبما حكى أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الشهير «مَقَاتل الطالبيين». والذي يقتل أسباط النبي وصحابته المقرَّبين، ويستبيح حرمة مكة والمدينة، لن يتورَّع عن تعديل مسار الآيات إلى حيث يريد ❝� ويُورد شبهات عن المصحف الذي بأيدينا ص ص 130 � 132.
كأن الحجاج هو من وضع ضبط المصحف، وليس علماء ثقاة، ويرد الكاتب بأنهم كانوا مُجبرين، طيب، فمن أجبر علماء الإسلام عبر القرون الثلاثة عشر التالية� وهم الذين ملأوا آلاف الصفحات طعنًا في الحجاج ومظالمه أن يقبلوا بكلمة واحدة من التصحيف، لقد نسي الغبيّ (أقصد الشخصية صاحبة هذا الكلام في الرواية) أن الأصل في القرآن� حتى اليوم بالمناسبة� هو النقل الشفاهي من جيل إلى جيل، وصولًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالأسانيد الصحيحة المتصلة الموثقة، فأيام الحجاج كان هناك عشرات الآلاف من المسلمين يحفظون القرآن في صدورهم، ويقارنون ذلك الضبط وغيره بما يحفظونه، واستمر ذلك إلى اليوم، وبالتالي يستحيل أن يمر تصحيف مكتوب في أي مصحف؛ لأنه يعرض على الحفظ المكنون في الصدور، والعلماء الذين طعنوا على الحجاج في مظالمه هم الذين حمدوا له ما أمر به من حفظٍ وضبطٍ لكتاب الله.
ويُورد المؤلف على لسان هذا النسَّاخ في الرواية الذي أثار هذه الفرية عشرة مواضع يدعي أن الحجاج بدل فيها وغيَّر، وكلها أخيب من بعضها، ويستطيع أي طالب في الإعدادية الأزهرية أن يرد عليها، إما بتلقاء نفسه، أو ببحث بسيط، وسأورد واحدة منها فقط لأستدل على خيابتها، يقول:" وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا"، بينما السلم مذكر، فكان يجب أن يقول: فاجنح له!!. - أولًا: ما أدراك أنها مذكر؟!!، نحن في مواضع كثيرة لا نعرف أن الكلمة مؤنث أو مذكر إلا من سياق الكلام العربي من شعرٍ ونثرٍ عمومًا، ومن السياق القرآني خصوصًا، فالسياق هو الحَكَم على التذكير والتأنيث للكلم غير المعروف، وليس العكس، فبئر لم نعرف أنها مؤنث إلا من قوله تعالى: وبئرٍ معطلةٍ، ولو قال سبحانه: وبئرٍ معطلٍ لعلمنا أنه مذكر، كذلك هنا، لما قال سبحانه: فاجنح لها، علمنا أن السلم مؤنثة مثل ضدها (الحرب)، فكيف علمت أنت أنها مذكر ؟!!!. - ثانيًا: لو كلفت نفسك الرجوع للقرطبي لوجدت ذلك، ولو كلفت نفسك الرجوع للزمخشري لوجدت ذلك، قال" والسلم تؤنث تأنيث نقيضها وهي الحرب، قال الشاعر: السلم تأخذ منها ما رضيت به ......والحرب يكفيك من أنفاسها جرع". - ثالثًا: ما مصلحة الحجاج أو غيره في تصحيفٍ عمديٍّ لتأنيث مذكر أو تذكير مؤنث!!.
وقس على ذلك خيابة باقي الشبهات، ومنها نعلم أن هذا النسَّاخ ومن روى حكايته (لا هو عارف، ولا هو فاهم)، لكن هي شبهات نلقيها للقارىء، وابلع يا قارىء، فمن سيبحث وراءنا، ومن سيدري!.
أقوال الإلحاد على لسان البطل:
- ص 7 (مفتتح الرواية):" بعيدًا عن لكاعة الابتداء بمعتاد البسملة، ثم قدّ الحمدلة، ثم تطريز الصلعمة على عباد الله (المحظوظين) الذين اصطفى" (أول القصيدة كفر من البطل الروائي، وسخرية من الله ورسله). - ص 8:" لا أصدق أن الجن من الأصل موجود". - ص 28:" أدركت عبث المسعى، ومخادعة المأمول الدنيوي والأخروي". - ص 67:" ما الداعي لتعذيب الخلق بالمكابدة في الدنيا ثم بالنار في الآخرة. - ص 67:" الحظوظ خبط عشواء لا ضابط لها، ولا حكمة تكمن خلفها ولا حتى تدبير". - ص 81:" لماذا يخلق الله المساكين، والمعوقين، والمولودين بعيوب خِلقية؟!". - ص 82:" جاء الوباء، ثم رفعه الله بعدما ذاق العباد الويل، فلم يسأل أحد أو يعرف لماذا أرسل الله الوباء، وما الحكمة في أن يخلق الأطفال، ثم تحصدهم الجائحة؟!".
لمحات في صفحات:
- ص 56: يحاول الروائي � شأن بعض الروايات المعاصرة � صناعة انتصارات وطنية لم توجد في التاريخ� كأن الوطن طلب منهم أن يكذبوا بشأنه !، فيتحدث الباحث عن الشريف حصن الدين بن ثعلب الذي قاد تمردًا ضد المماليك، يتحدث عنه أنه مقاتل وطني قاد جيشًا مصريًّا من المصريين والأعراب، وتعاون مع جيش المماليك بقيادة أقطاي وبيبرس لينتصروا معًا على حملة الملك لويس التاسع في المنصورة !!، أرجو أن يذكر لنا الكاتب أين يجد هذا في كتب التاريخ، وهنا لا يجب أن تتعدى الرواية على التاريخ، فتعكس وقائعه، أو تتلاعب فيها، إلا أن يعلن الكاتب منذ البداية أنها (فانتازيا تاريخية)!. - ص 57: يقول الكاتب بالنص:" قامت دولة المماليك على أنها وراثة غير شرعية لدولة حكم الأيوبيين التي كانت بدورها وراثة غير شرعية لدولة الخلفاء الفاطميين" (!!)، هذا على أساس أن الفاطميين كان على أيديهم مثلًا الفتح الإسلامي لمصر؟!، كأن الفاطميين كانت لهم شرعية وجود في مصر؟!!، لقد دخل الفاطميون مصر غزاة مثلهم مثل غيرهم، وليست شرعية الفاطميين بأزيد شبرًا من شرعية غيرهم، بل على العكس، كانت أقل؛ لأنهم مخالفون لأهل البلاد في المذهب، فمن أثبت لهم شرعية؟!!، ومن أثبت لهم (خلافة) وهم أقلية الأقلية دينيًّا، ومذهبهم مذهب غلاة الروافض، بينما فكرة الخلافة أن الخليفة يخلف رسول الله صلى الله عليه سلم في سياسة الدنيا بالدين، وفي إقامة الشرع في المسلمين، فأي شرع أقاموه، وأي دين ساسوا به الدنيا؟!!. - ص 61: " أفعال المماليك أشنع من أفعال المغول وأفعال الفرنج" (!!). - ص 52 � 66: صب تاريخي مباشر. - ص 87: في كل مرة يغلب الظالمون الثوار (مثيرة للتأمل). - ص 93: يرتكب الخطيئة في يوم، ثم تعاوده الأحلام في ليلتها فيحتلم (هوا الاحتلام بزراير !!). - ص 124: القاضي يطلق زوجته منه طلاقًا بائنًا بينونة كبرى!! (الصواب أن القاضي يطلق طلاقًا بائنًا بينونة صغرى، طالما ليس في التلاعن من دعوى الزنا، القاضي يطلق بينونة صغرى بحيث إذا أرادت المرأة أن تعود باختيارها في يوم ما وبعقد جديد ومهر جديد كان لها ذلك). - ص 130 � 132: مطاعن في كتاب الله، وشبهات ساذجة، وادعاء أن الحجاج حرف كتاب الله. - ص 146 � 150: صب تاريخي مباشر. - ص 154 � 157: مبالغات في مدح ابن عربي الصوفي المنحرف. - ص 158، 159: صفحة ونصف يسرد فيهما مقدمة ابن عربي لكتابه (الفتوحات المكية)، فهل هذا الدش له علاقة بالأدب الروائي!، خصوصًا أن 99% من القراء لن يفهموا شيئًا منها، فهل هو تعالم على القارىء أم ماذا. - ص 176: إثبات أقوال كفرية لابن سينا، فما هو الغرض الروائي أو حتى الفكري منها هنا؟!. - ص 185: محاولة إثبات وجود جماعات لليهود في تلك الفترة، وفي سبيل ذلك يدوس على الجغرافيا، فالبطل ينطلق من منطقة السويداء (جنوب سوريا حاليًا) في طريقه إلى حصن الكرك في الأردن، وبالتالي فأريحا بعيدة تمامًا عن طريقه، لكنه في الرواية يتوجه لأريحا حيث يقابل شيخ اليهود الطيب الذي يكرمه ويضيفه لعدة ليالٍ. - ص 186: (الكوشر) طعام اليهود هو ذاته (الكوثر) في الإسلام، [إهبد يا هبيد...تمسح لزج جدًّا]، جل المسلمين يعلمون أن الكوثر هو حوض النبي يوم القيامة، وهو نهر في الجنة. - ص 188: تمسح في اليهود، ومحاولة إثبات وجود مستمر لهم في هذه الأرض. - ص 196: تعلم المصريون المرح من الفاطميين(!!). [عيب والله ]. - ص 201� 206: استرسال في مسائل طبية. - ص 230: أخطاء تاريخية متنوعة؛ فالمماليك أصلًا لم يحاولوا الانقلاب على السلطان الصالح أيوب، ولا علموا بموته إلا لاحقًا، ولا كان مع حصن الدين ثعلب جيش يحارب به، ولا كان ملك الفرنج اسمه عند المسلمين ملك الغال، بل ملك الفرنج، ولا وصل توران شاه قبل معركة المنصورة. - ص 237: كان من أهم أسباب الانتصار في معركة المنصورة شجاعة المتطوعين من أهل مصر(!!) [هي عافية؟!!]. - ص 260: انتصر المسلمون على التتر في حرب ضروس جرت عند بلدة بأرض اليهود اسمها (عين جالوت)(!!!)، [أرض اليهود !!، ربما من أجل إيصال مثل هذه الجمل للقارىء تُكتب مثل هذه الروايات الطويلة، من أجل إدخال خمس أو عشر جمل مثل هذه للقارىء، (بس....وتبقى جَبَرِت). � نسخ القرآن الحالية فيها أغلاط وضعها الحجاج السفاح......وابلع يا قارىء. � أسئلة تشكيكية في ذات الله وفي حكمته وفي علمه..دون إجابات......وابلع يا قارىء. � الفاطميون كانوا كويسين وأصحاب شرعية، وعلموا المصريين المرح، والأيوبيون والمماليك بلا شرعية ....وابلع يا قارىء. � أفعال المماليك كانت أشنع من أفعال المغول والصليبيين.....وابلع يا قارىء. � أرض فلسطين كانت أرض اليهود حتى في العهد الإسلامي، وكانوا أهل كرم وضيافة....وابلع يا قارىء..(بونابيتي). - ص 283: عودة الحديث عن المصحف المضروب مرة ثانية (خشية أن يكون القارىء قد نسي فنذكره بها في الصفحة قبل الأخيرة من الرواية).
التقييم الختامي: 1/5
قال المتنبي: ومن يجعلِ الضرغامَ بازًا لصيدِهِ ........تَصَيَّدَهُ الضرغامُ فيما تَصَيّدا أي من يجعل الأسد أداة صيد فقد أهلك نفسه؛ لأن الأسد سيصطاده ضمن فرائسه، كذلك نقول للدكتور زيدان: ومن يجعل الفن الروائي بازًا لصيده.....تصيده هذا الفن فيما تصيدا لم يكتب د. زيدان رواية، وإنما كتب كتابًا فكريًّا يريد أن يمرر فيه آراءه السياسية والدينية، فنال الرواية من السقوط الفني ما يكافىء السقوط الفكري والديني الذي تحتويه. أما (بسط حجج الإلحاد دون الرد عليها)، و(أريحا أرض اليهود في العصر الأيوبي)، و(القرآن حرفه الحجاج)، و(التزييف التاريخي الذي لم يطلبه الوطن منه)، إلى آخر تلك البلايا الفكرية، فلا يعطي شبه الرواية هذه عندي إلا نجمة واحدة باعتبارها أقل المتاح.
فانظر إذاً فيما سوف تختاره لنفسك ، هل ستقضي عُمرك في الأسي و الحُزن ، أم ستعبر من فوق المحنة ؟ . حياة ابن النفيس قبل انشغاله بالطب و بعد انشغاله ، يستعرض الكاتب حياته و حياة المجمتع المصري وقتها ؛ عصر المماليك و الصراعات الموجودة ، نري فقد ابن النفيس لوالده و أخاه و من بعدها ٤ أبناء و زوجته ، ذاق ابن النفيس المُر في حياته و لم ييأس أبداً ، نري تجربته مع الصوفية ، نري انه قابل مُحي الدين ابن عربي و حضر له درساً و تحدث مع جلال الدين الرومي وجهاً لوجه ، نري انشغاله بالطب و كيف كان يري ابن سينا وانه لا يوجد مثيل له في الطب ولكنه يختلف معاه فلسفياً . رواية مُمتعة جداً جداً جداً .
"فقد تذكرتُ لحظتها ليلتي الرائقة بالجامع العتيق، بعدما مر بعدها من الزمان خمسون سنة. وخلال تلك السنوات الخمسين اختفت دولة الأيوبيين ونسي ملوكها الذين كانوا يتصارعون فيما بينهم على كراسي الحكم واختفى الفرنج من عموم بلاد الإسلام وبادت معظم ممالكهم، ويكاد قلاوون يقطع شأفتهم تماما. واختفى خطر التتر بعدما أسلم كثير منهم وعديد من ملوكهم، وتحالفوا مع حكام مصر والشام واختفت الطواعين والجوائح مع انعدام المجاعات وكثرة المشافي والأطباء.. اختفى ذلك كله وزال، وما يزال الحبُّ باقيًا بأشعار”اب� الفارض� رحمه الله.
عدت من الاحتفاء الصوفي بذكرى الأربعين إلى غرفتي، فجرا، وقلبي يحدثني بأن أعيش بقية عمري مع الفقراء وزهاد الصوفية. نعم، سأكتب.. فالكتاب يبقى نافعًا من بعد ذهاب صاحبه، لمئات السنين، وبذلك أطرح عني الأحزان والحسرات التي لا طائل من ورائها، إلا ضياع أيامي سدي.. لا فائدة من الأسى على فوات حظ من مبهجات الحياة، فلا حظ لي أو ابتهاج، إلا في الدواة والقلم. نعم. أنا قلم، وأوراق مكتوبة لتبقى من بعدي.
هل كان مدركا العلاء حينها أن الكون خال من المعنى، لكننا نضفي عليه المعاني من أوهامنا لتكون حياتنا محتملة. لا، ليس كذلك العلاء كان يؤمن بالغائية، لأنه كان إنسانا فاضلا فجعل من نفع الناس بالمعالجات ومن التأليف في الطب ومن الاستغناء بالعلم عن العالم معنى لوجوده "
"اجعل لحياتك معنى. ولا تستسلم لظنك بأن الحياة عبث، فذلك قد يؤدي بك إلى عديد من العلل والاختلالات النفسانية. والله لم يخلق الكون عبثًا. وقد قال جل علاه "وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين".. يا سفير، أو مهما كان اسمك. ابحث عن معنى وجودك كي يكون لوجودك معنى" ... بهذا الكلمات يقدم العلامة ابن النفيس نصائحة لسفير الوراق، التي تعد حياته رحلة من التيه، البحث عن المعنى والذات، عن الوجود وجدوى الحياة، خاصة وأنه عاش متخفيًا، خائفًا أن يصطاده عسكر المماليك، لأن الأب ثار وقتل غدرًا، فتشرد الابن، وصار طوال الوقت يظن أنه في مأمن، لكن ستره انكشف فجأة عند مقابلة أبي العلاء بن النفيس.. الوراق، تبدت أزمته في بعض النقاط: - الشعور بالاغتراب، مع خروجه من الصعيد، وعدم وجود الأهل والأسرة، حالة عدم الاستقرار، نتج عنها شعور دائم بالضعف، غياب السند، القبيلة، الدعم، بالتالي يحاول أن يسير أموره بأبسط الطرق وأكثرها أمانًا، وهذا الاغتراب جعله فريسة سهلة للكثير.. - الحاجة للجنس، وهي الإشكالية الأكبر التي أزمت الوضع أكثر، خاصة عندما تزوج شهد ابنة فلتة الوراق، هوسته وهام بها حبًا، وقد ظهر في البداية أن هذا الحب يتسم بالحسية، حب تتشكل تمظهراته وملامحه في جنونه وانجذابه بالجمال والقوام، لذلك فهو يشبه الإدمان، خاصة وإن سبقه الحرمان.. "لا شيء يشبه متع النوال بعد طول الولع".. رضى بالزواج من فتاة استغفلته حين كتب الكتاب وبعد الجواز، حتى تعرض لأكبر نكبة وانتكاسة في حياته، حيث كان يعلم الجميع أنه خروف، وهو آخر من رأى القرون.. - الوحدة، خاصة بعد وفاة صديقه الذي نصحه في كثير من الأوقات بالابتعاد عن شهد، دون أن يكشف بشكل صريح عن السبب لاعتقاده أن صاحبه يعرف كل شيء، وبسبب تنازل الوراق لها عن كل شيء لأنه لا يملك القوة الكافية ولا العائلة التي تستطيع أن تقف للفتاة وأمها وزبائنها، صار يقتات الوحدة، ويعيش على الوحش التي توحشت بداخله بعد أن مات الصديق.. هنا تحدث هزة عميقة في إيمانه بكل شيء، وهو أمر طبيعي يتمثل في قصه الذي هو اقتصاص من ظلم الحياة لنا ولعبها بنا، وفي الحكي ارتياح.. حيث يقول: "بدا لي بعد طول النظر أن معظم أيامنا هي تكرار نمطي أجوف، لا طعم له، ولولا اللحظات الفارقة والتحولات، لما كانت الحياة تستحق أصلا أن تعاش".. بالإضافة لتأثره ببعض الأفكار الظنية في وجود الإله ونظرته للعالم، حيث عاش يتيماً، ضعيفًا، وحيدًا، وفي النهاية مطعونًا بسهام الغدر.. ... يقابل الرجل الذي خرجت من قلبه آخر شهوة، وهي حب الرياسة، الرجل الذي تعرض لمآسي ونكبات وكوارث تفوق الوراق، مقتل العائلة، الرحيل من الوطن والغربة والاستقرار في وطن آخر، الوحدة التي اكتسبت معناه بالقرب والأنس بالله، مواجهة العالم بالمحبة والحرص على الشفاء، الطب الذي اتخذه مهنة ورسالة خاصة بعد موت كثير من الأحبة بسبب إهمال الأطبة، وعلى الرغم من مرور ابن النفيس بكل ما يشيب له الرأس، وأنه شهد غزو التتر لبلاد المسلمين والفرنجة للديار غير الفتن والأزمات والصراع على الحكم سواء في الدولة الأيوبية أو المملوكية، إلا أنه يحدد الرسالة والغاية، لأنه يؤمن بالغائية وضرورة خلق المعنى للحياة، والمعنى بدا في طلب العلم، وخيركم من تعلم العلم وعلمه، وأراد أن تكون يده كمسيح يلمس القلب أو العلة فيداويها، بالمأكل الطبيعي أولا ثم بعد ذلك بالمركبات والكيمياء.. هي سيرة متداخلة لابن النفيس مع الوراق، تمثل في صميمها رسالة محبة واحتواء، تكامل ما بين اليقين والظن، العلم والدين، الفكرة ونقيضها، ومع ذلك فالمعنى مهما كان الاعتقاد يمنح للحياة رونقها، نزعة وجودية سابقة لكامو وسارتر، في مواجهة عبثية الوراق وتشاؤمية شوبنهاور، حتى مع قولبة الأوضاع، والحر مستعبد والعبد معبود بتعبير المتنبي، ووصول المماليك للحكم.. عسكر المماليك، وربما يسقط زيدان روايته على الوضع الحالي وأن السبيل للخروج مما نحن فيه هم أشخاص مثل ابن النفيس، همهم الرسالة قبل الرياسة، العلم قبل المال، الحب قبل الامتلاك، كل هذه المعاني السامية، لكن "مذ مات العَلا مات العُلا" ... رواية جيدة جداً في لغتها وسردها ومفرداتها، يغلب عليها طابع السيرة الذاتية والحكي، ومع ذلك يظل يوسف زيدان من علامات الكتابة التاريخية خاصة حين تختلط بالفلسفة والتصوف.. ...