الكتاب مهم جدًا في التعرّض لمشروع عبد الله العروي الإصلاحي من خلال تقديم رؤية نقدية مركزة بشكل أساسي على كتابه " الأيديولوجيا العربية المعاصرة"، ثم يطعّم الدكتور امحمد جبرون نقده بهدم أيديولوجيا العروي عبر مؤلفاته الأخرى .
تبدو هنا مشكلة العروي هي مشكلة كل مفكري النهضة من الإمام محمد عبده إلى الحداثيين المعاصرين= وهي مشكلة البحث عن الإصلاح واللحاق بالتقدم الغربي التقني والمعرفي، لكن تختلف أدواتهم في رسم معالم هذا الإصلاح، وإن اتفقوا على شيء واحد= وهو وجوب إعادة قراءة النص الشرعي والحضارة الإسلامية شريعة و سياسية.
في البداية ...
يرى جبرون أن العروي محمّل بالحمولة الأيديولوجية الماركسية، وهذا مفتاح فهم العروي، فهو لا يُعادي الغرب إنما رأسماليته وليبراليته، ومن ثم يرى أنه لا ينبغي أن ننظر للغرب بوصفه ذلك الآخر، وهنا يلغي العروي هويتنا وذاتيتنا عندما يرى أننا مدمجين
في الغرب= ليفتح بذلك الطريق إلى الماركسية الموضوعية ..
ومع ذلك ... فالتوجّه الماركسي عند العروي لم يمنعه في الاشتراك مع الأطروحات الليبرالية الحداثية مثل القطيعة مع التراث والتاريخانية، وهذه هي الأدوات التي يستطيع العروي- من وجهة نظره- استخدامها كوسائل إصلاحية لحالة الفكر العربي المعاصر، وهذا كما يوضح الكتاب قاد العروي إلى أخطاء جسيمة في حق الذات والتراث والهوية .
إذا.. ملامح مشروع العروي الفكري هي ملامح حداثية ماركسية، تتخذ من الإسلام عقبة يجب تجاوزها عن طريق هدم ذاتيته، فهو يقدّم تصوّره للإسلام كتوحيد وكسنة وكشريعة وكدولة ..الخ، ويمكن ملاحظة من خلال عرض جبرون ونقده أن موقف العروي الإصلاحي ينبني على إدانة صريحة للتصور الإسلامي الكلاسيكي كما في كتاب العروي " السنة والإصلاح"، ومن ثم عند معالجته لعلاقة الإسلام بالدولة= لا يختلف عن جمهور العلمانيين من يساريين وليبراليين في رفض شعار الإسلام دين ودولة، بله هو يشكك في وجود مفهوم للدولة في الإسلام، لكن جبرون يثبت له أن السلف استطاعوا إنتاج مفهوم للدولة منسجم مع معطياتهم الحضارية والاجتماعية .
بلاشك عرض د. امحمد جبرون للنظرية الإصلاحية العروية كان جيدًا، ورده عليها كان موفقًا، لكن كانت بحاجة أن يكون أكثر عمقًا فيما أتصور، لكن من أهم العيوب التي أبرزها جبرون في مشروع العروي، أنّه يعرض الفكرة الماركسية كحقيقة لا تقبل الجدل ثم يبني عليها ما يبني، وفي نهاية الكتاب يبني جبرون مقاربة نقدية بين الحداثة وفق تصور العروي وبين تصور طه عبد الرحمن، فالأول هدف إلى حداثة تقوم بتقليد الغرب " الماركسي" والتطابق مع تاريخه، بينما الثاني يبغي حداثة تقوّي مشاعر الاعتزاز بالإسلام، فالعروي ينكر أصالة الأمة، بينما جبرون يؤكد على دورها الفعال في التقدم وبناء الهوية.
الكتاب بكامله قائم على نقض تجربة الدكتور عبد الله العروي في كتابه الايدلوجيا العربية المعاصرة وكتابه ال آخر السنة والاصلاح والكتاب في حد ذاته لا يقدم جديد وغير جديد بالرقي لدرجة بحث وهو اشبه بمراجعة او مقال نثدي طويل لفكر الدكتور العروي الذي هو في وجهة نظري محض مهاتر لا يضع شىء في تمامه ولا يكمل الاشساء نصابها .. ومع ذلك يبقى فيه نفحة قليلة من ديباجة الحصول على حل غير تنظيري