سهام أرتميس، حكاية المهاجرين والمهجرين. ثمة هذه العلاقة الخفيّة بين فكرة أن تهجّر من أرضك قسرًا لأي سبب كان، أو أن تهاجر بقرارك لأي سبب آخر. أنت تبحث عنك، عن هويتك وصوتك وصورتك أمام ذاتك قبل صورتك أمام الآخر. أيُّ آخر. بين زمنين مختلفين؛ وادي حلفا - زمن التهجير، والآن. هنا وهناك، وفي أماكن مختلفة، بَنَت تسنيم طه روايتها في تردد الزمن، واستطاعت أن تترك كل شخصية أن ترسم ملامحها وتحكي حكايتها في اشتباك الحدث.
رواية: سهام أرتميس ،، للكاتبة السودانية تسنيم طه، عن مسعى للنشر والتوزيع . - الرواية من الأدب السوداني، رأيي فيها: ٢.٥/٥ . - استطيع القول بأن الرواية محيرة جدًا، فسلبياتها كثيرة مثل ايجابياتها. أبرز سلبية هي اختيار الكاتبة اللجوء لعشرات الشخصيات، والتنقل المستمر في التواريخ، فتارةً أنت في ٢٠٢١ وتارة أخرى في ٢٠١٦ ثم تعود لـ ٢٠١٩، وفجأة في ٢٠١٧�, وطبعًا لا ننسى حديث الجد عباس عن تاريخ السودان، والتنقلات تحدث بدون تنظيم مستمر. وكل فصل بلسان بطله في تاريخ آخر عن ما قبله وما بعده. كثرة الشخصيات والتنقلات في الأوقات تجعل القارئ تحت إرهاق وضغط، حيث يحاول الامساك بخيوط الرواية وربط الأحداث، واستذكار ما حدث. مما دفعني لرسم خريطة تشرح الشخصيات والعودة لها للاستذكار. سلبية كبيرة لم تعجبني. . - على الجهة الأخرى، ما إن تقرأ صفحتين إلى ثلاث صفحات حتى تشعر بأن السرد رائع، والأحداث والصفحات تمر بسرعة -حتى ولو على حساب الجهل بالشخصيات في بعض الأحيان-، مما يدل على روعة قلم المؤلفه. . - القضايا المتناولة كثيرة جدًا، وأبرزها الشعور المستمر الذي راودني كثيرًا لنهاية الرواية: لكل شخص قصة تستحق أن تُروى، ولكل مدينة تاريخ وحضارة وجب الالتفات لها. . - من القضايا الملفتة كذلك؛ الحروب المستمرة في السودان والاستعمار الذي بالكاد لا ينتهي، الهوية، والهجرة والاندماج، التعايش مع الجديد، التعايش مع الديانات، البحث عن الحياة الطبيعية. . - من القضايا الرئيسية التي سايرت أحداث الرواية، كانت من الحياة الاجتماعية، الطلاق وأسبابه، أفضلية التأخير في الزواج، الحمل والانجاب، زواج القاصرات. علاقة الأم والأب بالابناء. . - حقيقة هناك عدة قضايا على لسان الشخصيات اختلف مع المؤلفة فيها اختلاف كلي: منها تمرير فكرة الشذوذ الجنسي وكأنه حق يجب أن يُحترم، وفكرة تقبل الرجل بأن زوجته مايله للجنس الأنثوي كما أرادت المؤلفة، كذلك من القضايا؛ معايشة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لليهود فتحتاج لتفصيل وشرح أكبر - ليس كما جرى في النص-، كذلك تكرار قضية مدح ثقافة الغرب بين الحين والآخر ونحن العرب السيئين وأفكارنا الغبية، وجدت كذلك فكرة بأن يحق للزوجة تسمية ابنها بأسم حبيبها السابق حق طبيعي ومبرر؛ ولكن لا أدري ماذا سترى لو فعلها الرجل وسمى بأسم حبيته.. وغيرها من الأفكار. . - ظهر بين السطور ثقافة المؤلفة الكبيرة عن تاريخ السودان، والثقافة كذلك في مجال الكتب، وظهر ذلك وانطبع على سطور الرواية. . - أعتقد لو قرأ الرواية القارئ السوداني سيشعر بالحنين بصورة كبيرة للسودان، وما يتمنى أن تكون عليه، سيعيش مع النص بصورة كبيرة لمعرفته بالبيئة هناك.