كيف تتحول جريمة قتل إلى سرد تاريخ لمنطقة حيوية مثل حي عابدين في قلب القاهرة؟ هكذا تسير بنا الكاتبة "مريم عبد العزيز" في روايتها الأحدث "لونجا" التي تبدأ باكتشاف جثة عازف العود شكري بعد اختفائه لأيام، ليأخذنا السرد إلى حيوات بُشرى وشعبان وعادل وياسر وخالد وسميحة، داخل شوارع عابدين المتفرعة والمتداخلة لترسم لنا خريطة إنسانية متشابكة، الكل فيها يحمل خطيئته وصكوك اعترافه.
تتخطى رواية " لونجا" كونها مجرد رواية جريمة، وتتفرع لأسئلة تخص المكان والعلاقات الإنسانية، بروح واعية بدورة الموت والحياة، فلا تغرق في الأسى بل يقدم لنا السرد مفاجآت مبهجة وسط حالات الموت والشجن.
مريم عبد العزيز كاتبة مصرية درست الهندسة المدنية ونشر لها المجموعة القصصية "من مقام راحة الأرواح" عام 2016، ورواية "هناك حيث ينتهي النهر" عن دار الكتب خان 2022 التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة ساويرس فرع شباب الكتاب عام 2023، لونجا هي روايتها الثانية.
مريم عبد العزيز: كاتبة مصرية. درست الهندسة المدنية وتهتم بتوثيق الآثار الإسلامية وترميمها. نُشرت كتاباتها في مواقع ومجلات متعددة كأخبار الأدب، والتحرير وموقع الكتابة. وصدرت مجموعتها القصصية الأولى "من مقام راحة الأرواح"عام ٢٠١٦، وهناك حيث ينتهي النهر" هو كتابها الثاني.
هذه رواية تُقرأ على مهل. ليس فقط لإنها مكتوبة بـ "هندسة" .. وإحكام، ولكن لأنها ترصد بدقة وذكاء طبائع النفوس البشرية في مواجهة جريمة "كالقتل" .. والرواية رغم أنها تكشف عن المجرم ببساطة، إلا أنها تتجاوز ذلك لتورط القارئ والأبطال معًا في أكثر من مجرد جريمة قد تكون عابرة! لايمكن أن نتخيّل أننا في ما لايزيد عن 140 صفحة تعرفنا على تفاصيل حياة بل وتاريخ أكثر من أربع شخصيات رئيسية في الرواية، وجاء كل ذلك بسهولة وانسيابية، وعلى تقسيمات فصول الرواية التي جاءت موزونة إلى حد بعيد، للموت هنا مرة أخرى حضور وسطوة، بين خالد وشكري، وثمة تقارب بين الشخصيتين، رغم فارق حياة كل واحدٍ منهما، والنهاية المأساوية لعالمهم، ولكن المفاجأة أن ثمة احتفاء آخر بتفاصيل الحياة والموسيقى والشوارع .. . تقدم مريم عبد العزيز عالما مختلفا للجريمة التي اعتدنا عليها فتبدأ من حدث اختفاء أثر أحد سكان عمارة بوسط البلد، واكتشاف الجيران لجثته بعد وفاته بأيام، ليكتشفوا أن ثمة جريمة قتل أودت بحياته، ومن خلال تعرفنا اليه والى علاقاته بجيرانه وبمعارفه نبدأ االتعرف الى من يمكن أن يكون القاتل.
منذ السطور الأولى يبدو على الرواية الاهتمام بتفاصيل أخرى في السرد بعيدا عن الكشف عن القاتل والجريمة، إذ ندخل معها بيت ذلك العازف ونتعرف الى تفاصيل حياته ومشاكله، وعلاقته الخاصة بالموسيقى، وفي كل فقرة تبدو الكاتبة قادرة على إثراء النص بالمزيد من التفاصيل المتعلقة بعوالم أبطالها على اختلافهم، فالموسيقى تحضر بمستويات متعددة سواء في التقسيم الذي اعتمدته الكاتبة والذي تفسره في مدخل الرواية بعنوانها "لونجا: قالب موسيقي عربي يتميز بالانتقال المفاجئ والسرعة في الأداء، ويتكون من أربعة أقسام كل قسم منها يسمى خانة، وجزء مكرر يسمى تسليما"، وهي تعتمد هذا التقسيم في روايتها فتجعلها مكونة من أربعة أقسام/ خانات، نتعرف من خلالها الى العمارة وأفرادها واحدا واحدا وكيف كانت علاقتهم بالقتيل، وإلى أي واحد منهم يمكن أن تشير أصابع الاتهام في مقتله. .......... من مقالي عن روايات تناولت الجريمة
«لونجا» قالب موسيقى عربى يتميز بالانتقال المفاجئ والقفزات اللحنية السريعة التى تبرز مهارة العازف وبراعته. وفى روايتها الثانية لا تستعير مريم عبد العزيز الاسم فقط، بل تحاول أن تحاكى ذلك القالب الموسيقى فى الكتابة نفسها، فالقالب عادة ما يتكون من أربعة أقسام كل منها يُسمَّى خانة وجزء خامس يكرر بعدها يُسمَّى تسليماً، وهو ما تفعله على مستوى الفصول، من خانة لتقسيم فتسليم تشكل لحنها النهائى الذى يتتبع ببراعة قضية مقتل «شكرى» عازف العود بعد أسبوع واحد من وفاة «خالد» صديقه وجاره فى العمارة نفسها. تبطئ المؤلفة الإيقاع تارة وتسرع أخرى لتحافظ على خيوط لحنها مشدودة للنهاية بلا طنطنة أو زوائد أو حشو فارغ، ومع كل فصل يظهر متورط جديد فى القضية لتتعمق الأزمة وتتكشف الملامح الحقيقية للأبطال. صحيح أن الرواية الصغيرة تدور بالكامل حول جريمة القتل، لكنها –الجريم� - تظهر فى النهاية كقشرة خارجية لعمل يبحث أصلا فى أزمة الإنسان نفسه؛ خيره وشره وحيرته. تورط مريم أبطالها فى مأزق يظهر المعدن الأصلى ويعريه، لتكشف كيف تتغير المواقف وتتبدل الشخصيات بتغير المواقع داخل القضية/الحياة نفسها.
حقيقة أنا "غيران" من هذه الرواية، وكنت أتمنى لو أكون كاتبها. غيران من البناء، والسهولة في السرد، والطبقات التي تتكشف خلف بعضها، والقدرة على تتبع حيوات المكان في صفحات قليلة.
التجربة الثانية فى القراءة للكاتبة ، عمل روائي ذو حبكة وسرد فى غاية العظمة. عن الحب والموسيقى والجريمة وأشياء كثيرة بينهما ، عن حيوات أناس مروا فى حياتنا تأثروا وتأثرنا بهم واخيرا عن الموت الذي قد يأتى فى أى لحظة. رواية عن مدرس موسيقي مغمور تمنى لو اصبح شيئا عظيما ومشهورا يوما ما لكن للقدر كلمة اخرى ليمر العمر به ويلقي حتفه وحيدا مقتولا فى شقته لتبدأ قصة البحث عن قاتله ودوافعه . قلم الكاتبة عظيم للغاية .
شكري مدرس موسيقى على المعاش ، فنان محب للعود و الغناء ، يحيا الحياة كما يحبها رغم ما تطوله من شائعات .. اختفي أسبوعًا ليتسأل أهل شارعه عنه و يكتشفون بالصدفة موته في شقته منذ اسبوع ، و بالكشف عليه اتضح أن موته يحمل صبغة جنائية .. فمن يا ترى وراء موته ؟
تنقلنا الكاتبة لشارع عابدين بأجوائه و ناسه ، ترسم المكان ، تحدد الزمان ، تجيد وصف الشخصيات و توزيع أدوارها ، لتتضافر الحكايات و تتكامل المشاهد ما بين ماضي و حاضر ، أمنيات و مخاوف ، اندفاع و تهور .. حتى ترتسم الصورة كاملة بشكل متناغم لا تشوبه شائبة ، كل ذلك بلغة سهلة معبرة و وصف رائع للمكان و الشخصيات بكل أبعادها المختلفة .. مع نهاية مناسبة جدا لحبكة العمل .
رواية ممتعة جمعت وصف المكان ، بعبقرية السرد مع رسم الشخصيات ببراعة ، و إتقان الحبكة بكل خطوطها حتى النهاية .. في إطار إجتماعي إنساني بنكهة بوليسية .
مرة أخرى نتيقن أننا أمام أديبة من نوع فريد شديد التميز ... وأمام أدب عذب صافٍ وحقيقي ... عن الأديبة المبدعة "مريم عبد العزيز" أتحدث ... وعن روايتها الأخيرة "لونجا" أكتب.
الرواية تمتزج فيها العذوبة اللغوية الراقية مع الحس الإنساني العالي مع الاستبصار النفسي المتعمق مع الواقعية المكانية الشغوفة مع التشويق المتحفز ... ولست أدري كيف استطاعت مريم عبد العزيز مزج كل تلك الملامح في رواية واحدة ... ولكن ما أعرفه هو أنها منحتنا رواية شديدة التميز والإبداع ... "لونجا" التي استمتعت كثيراً بقرائتها مثلما استمتعت كثيراً بقراءة سابقتها "هناك حيث ينتهي النهر".
الرواية تستلهم قالب اللونجا الموسيقي لتنسج لنا "معزوفة أدبية بديعة".
أخبرتنا الكاتبة في مدخل الرواية أن "اللونجا" هي قالب موسيقي يتكون من "أربع خانات" وفاصل يتكرر بينها يسمى "تسليم" ... وتتميز اللونجا بالانتقال المفاجئ والقفزات اللحنية والسرعة في الأداء ... وهو ما كانت تفعله الكاتبة مع القراء على صفحات الرواية ... لم تكتف الرواية باستعارة شكل اللونجا وبنيتها ... لكنها أيضاً استعارت محتواها وحاكت وظيفة كل خانة وتسليم مع ضبط الإيقاع المصاحب لهم ... شهدنا ذلك في تتابع الخانات والتسليمات وكذلك التقسيمة خارج الوزن.
في معزوفتها البديعة بدأت الكاتبة صفحات الرواية بالحدث المركزي فيها ... وهذا النوع من البدايات يسحب القارئ بشدة إلى داخل الأحداث ... ثم قدمت لنا الشخصيات والمواقف والأماكن وكذلك طبيعة العلاقات بينهم جميعاً.
ثم شهدنا انكشاف العديد من الأسرار والأحداث في الماضي والحاضر مما دفع الدراما دفعاً سلساً ... بعدها تدفقت الدراما بكثافة حين كنا نلهث وراء الأحداث في يوم الثلاثاء المشؤوم فوجدنا آلاء ابنة بشرى وياسر وشعبان وعادل واحداً تلو الآخر داخل شقة رشدي المستباحة ... ثم تكشفت باقي الأسرار إلى أن قابل رشدي سميحة ثم قابل خالد ... تتشابك المواقف والمصالح والرغبات ... ولم يتبقى هناك من شيء سوى رسم صورة زائفة للحقيقة حين يجتمع كل المذنبون.
كانت الكاتبة تداعبنا بألغاز زمنية ... وكان علينا في كل مشهد أن نتبين أي يوم هذا من أيام أحداث الرواية ... فالسرد كان يروح ويجيء بنا عبر تلك الأيام في تداعٍ زمني مثير.
على أنغام لونجا سميحة ... وحين تجلت الفكرة "الصَّبا يا سميحة� مافاضِلش غيره" ... وبعد أن أدرك شكري أن "الحب لحن لا يكتمل أبداً" ... ومع "سهرة العمر" الأخيرة ... تنتهي الرواية وتتركنا في حيرتنا نفكر ونتأمل ونتسائل ... لماذا تضيع الأحلام ... ولماذا تضيع الحقيقة.
كانت الكاتبة شديدة البراعة في عزف ألحان ونغمات اللونجا طوال فصول الرواية ... من الخانة الأولى حتى التسليم الأخير.
كنت قد توقفت منذ فترة عن استيفاء خطوة تحديد عدد " النجوم" المستحقة لكل كتاب اقرأه اكتفاءً مني بكتابة مراجعتي الشخصية المتواضعة، وأحيانًا لا أكتب حتى أي مُراجعة. لكن هذه الرواية" لونجا" دفعتني ، بل فرضت علي أن أمنحها الحد الأقصى ( خمسة نجوم) دون أدنى تردد، وذلك لشدة جمالها وإحكامها وعمقها. هذا أول تعارف لي كقارئ مع الأعمال الروائية للكاتبة مريم عبد العزيز، وكان " تعارفًا" موفقًا؛ بل شديد التوفيق. ظاهر الرواية يبدو بوليسيًا إذ تدور حول جريمة قتل، هكذا يبدو، وهكذا قد تبدو للقارئ المتعجل رواية " الطريق" مثلًا للعملاق نجيب محفوظ، لكن هذا الحدث- جريمة القتل- جاء كمجرد تكئة للنفاذ إلى رواية عميقة التناول النفسي والاجتماعي والإنساني . تنسج الكاتبة شخوصها بجمال وعمق بالغين ، تعاطف وفهم كامل لمكنونات ودوافع كل الشخصيات، الطيب منها والشرير، ونسج متأن للعلاقات والجو الاجتماعي المحيط في واحد من أحياء القاهرة العريقة. تجاوزت الكاتبة حدود "عالم الرواية" أو "أسقطت الحائط الرابع"بلغة المسرح" حين رصعت أحداث الرواية بأسماء شوارع ومدارس وحتى " وصفات" الطرق في حي عابدين العريق. فأكدت علي البُعد الواقعي للرواية وأحداثها وشخوصها. قد تبدو سطوري مغرقة في " المديح" أو " الانبهار " بالرواية، لكن هذا أمر يصعب شرحه لمن لم يقرأ هذه الرواية؛ بينما يسهل جدًا فهمه لمن قرأها بالفعل. من واقع هذه الرواية أقول أن " مريم عبد العزيز" اسم سيكون له شأن عظيم في عالم الأدب، وإذا واظبت على هذا المستوى من الإبداع فسوف تتخطى - في غضون سنوات- أسماء كبيرة لها شأنها في عالم الرواية. هذا ما أتمناه كقارئ يبحث، ككل قارئ، أن الإبداع الحقيقي والمبدعين الموهوبين حقًا، وظني أننا هنا بصدد موهبة سوف تثير الكثير من " الفزع" لدى أنصاف الموهوبين على الفور اقتنيت روايتها السابقة " هناك حيث ينتهي النهر" وسوف أشرع فورًا في قراءتها علّي أدرك بعض ما فاتني.
رواية عن جريمة قتل، لكنها تأخذك من يدك بسرعة، لتسير بين أزقّة حارة وشوارعها في القاهرة، وتتعرّف على تفاصيل المكان بدءاً من الشقق والعمارة، وحتى المحلات المجاورة، فتمنح القارئ شعوراً بأنه في قلب هذه الأماكن، ويعرف تلك الشخصيات، يلمس الجدران، الألوان ويشم الروائح ويستشعر الجو العام المتوتر، مما يجعل الرواية قريبة من فيلم سينمائي يحمل التشويق. تمنّيت لو أن الرواية تعمّقت أكثر قليلاً في حياة بعض الشخصيات، حيث ظهر بعضها بصورة سريعة. شعرت أن المكان هو البطل.
رواية ذات حبكة ممتازة هو مين اللى قتل القتيل 🤔🤔 هل محدش قتله ولا كلهم بالاجماع قتلوه الانسان بطبعه وعلى جميع المستويات استاذ فى تسكين الضمير وايجاد المبررات وترحيل المسؤليه والخروج من المواقف على حساب الاخرين
وصف تقاطعات الشوارع و النواصى حشوات زائدة تخلى الواحد يمل و يفصل فى وسط القراءة. أشرف و هناء شخصيات غير محورية و غير مؤثرة فى سياق القصة.. اجدهم نوع اخر من المط و الحشو الزائد.
بيوت الشعر و مقاطع الأغانى المختارة حلوين و يخدموا السياق.