بوعي عميق تتصدّى الرّوائيّة ليلى المطوّع لخصوصية المكان المحلي في روايتها الجديدة "المنسيّون بين ماءين" لكتابة سيرة الماءين أو البحرين: المالح والعذب، ونفض ترسبات ملح النسيان عن تمثلات الذاكرة الجمعية لدى ساكني جزيرة "أرض الخلود" الذين يصنع البحر حركة وجودهم وإيقاع حياتهم بين مده وجزره.
"المنسيون بين ماءين" رواية جديدة، تتفرّد في تناول موضوع البحر وخصوصيته الثقافية وطقوسه وأنماطه الحياتية التي يُكرّسها. تظهر فيها ناديا المتتبعة آثار الماء محركا لمسار السرد والحكي فتتخذ وظيفة ثلاثية الأدوار: الراوي والمرويّ ،له والحكاية المرويّة . وفيها تبرع الكاتبة في استثمار نوبة الصرع استثمارًا تقنيا لافتًا، وتعمد إلى تكسير نسق علامات الوقف وخرق منطقها، لجعل ناديا تنطق عن ذاكرة جدّتها نجوى ولاستدرار مواقفها والربط بين الذاكرة الفرديّة المعاصرة وذاكرة الأسلاف المجاورين البحر.
تتكئ المطوع على مرجعيات التاريخ والأسطورة وذاكرتها الفردية وحكايات الناس في تأسيس خلفيّة عالمها الرّوائيّ، ولكنها تحلّق بجناحي التخييل الرمزي ولغة الدهشة والسؤال والموقف والتجريب لملء الفجوات فى حكاية الذات الجمعية لأهل الجُزر ما بين البحرين.
قراءة الرواية مغامرة ممتعة تكسر مسار القراءة الامتداديّة، بل مخاطرة تتطلب مهارات قرائيّة تأويليّة مضنية تتداخل فيها حركتا الامتداد والارتداد، لما تختزنه لغتها من خصوصيّةٍ جماليّةٍ ومفاجآت ومفارقات وغموض وأسرار وتكثيف ولما تُؤسس عليه أنماطها السّرديّةُ من تقنيات تتلاعب بها الكاتبة بحرفية سينمائي خبير في تقطيع المشهد الحَدَثي، وتوزيعه بين لقطاتٍ تُبدع في تحريكها وتشتيتها بين مسافاتٍ زمنيّةٍ مراوغة دالةٍ، وفي تظليلها بمؤثرات حسّيّة بصرية وسمعيّة تتفنّن في رسمها بلغة كنائيّةٍ وتضمينيّةٍ تحبس أنفاس القارئ، وتضعه في قبالة وعود ومفاجآت لا تنفد.
ليلى المطوع روائية ونسوية بحرينية، احتلت روايتها قلبي ليس للبيع الصادرة من دار الفارابي قائمة الأكثر مبيعاً لسنوات، كما اختيرت في كتاب كم رئة للساحل الذي صدر بمناسبة اختيار اليونسكو الشارقة عاصمة للكتاب ويستعرض مشاركة 50 كاتبًا عربيًا شابًا تحت سن الأربعين، وشاركت في ورشة الجائزة العالمية العربية للبوكر. تميّزت بدفاعها عن المرأة بجرأة وواقعية وحروبها مع الطائفيين، وعرفت كذلك بقدرتها على التأثير والتغير في المجتمع. هوجمت كثيرًا من قبل المتشددين الدينيين.
حياتها الشخصية
مشاركاتا
- في عام ٢٠١٦ شاركت ليلى المطوع في ورشة البوكر “الجائز� العالمية للرواية العربية� التي تهدف لاختيار كتاب واعدون ومناقشة أعمالهم القادمة وكانت الورشة باشراف الروائي السعودي محمد حسن علوان والروائي السوداني حمور زيادة
- في عام ٢٠١٩ تم اختيارها للمشاركة في كتاب كم رئة للساحل بمناسبة اختيار الشارقة عاصمة للكتاب عام ٢٠١٩ من قبل اليونسكو ويهدف الكتاب إلى توثيق الأعمال الروائية لكتاب تحت سن الأربعين وشكلت كتاباتهم منحنى مختلف في أوطانهم. والكتاب من تصدير الشاعر قاسم حداد وتقديم الروائية العمانية جوخة الحارثي وشارك فيه 50 كاتبا عربيا شابا من 19 دولة عربية
- في عام ٢٠٢٠ حلت المطوع كضيفة على معرض الشارقة الدولي للكتاب، وتحدثت في ندوة حول التاريخ والرواية مع ياسر عقل دكتور وباحث روسي في جامعة سانت بطرسبرغ وشددت المطوع على أهمية إعادة كتابة التاريخ، داعية إلى تبني نظرة متجددة للتاريخ وتطوراته، بعيداً عن الآراء الشخصية، وشددت على أهمية الأمانة العلمية في توثيق الأحداث والوقائع، ونقل المعلومات والحقائق دون الوصاية على المتلقي من خلال افتراضات ونظريات شخصية، وترك الباب مفتوحاً أمامه لطرح التساؤلات.
- في عام ٢٠٢١ اختيرت المطوع للمشاركة في مهرجان ليون للآداب بالتعاون مع فيلا جيليه وكانت هذه المرة الأولى التي تشارك في المهرجان كاتبات من الخليج العربي ودارت الندوة حول نظرة المرأة للكتابة.
وتعد ليلى المطوع من الكاتبات النسويات اللاتي يحاولن كسر الصور النمطية السائدة، فشاركت مع نسويات كاتبات ومذيعات من مختلف ارجاء الوطن العربي في وداعية وتأبين للكاتبة النسوية نوال السعداوي
وشارك في الوداعية “تحي� حب لنوال مع حياة رشاد� الكاتبة اللبنانية النسوية جمانة حداد، الكاتبة المصرية النسوية منى الطحاوي، الصحفية والمحللة السياسية رولا جبريل، الكاتبة الأردنية أمل الحارثي، ومقدمة البرامج والصحافية لبنانية ميسلون نصار، الصحفية المصرية رشا الشامي، الناشطة السورية النسوية رودي علي.
وصلت إلى ما يقرب من ثُلث الرواية ولم استطع الاستمرار بل وشعرت أنني أغرق. لا أنكر أن الفصل الأول أو الحكاية الأولى استحوذت علي تماماً، خمسون صفحة التهمتهم مرة واحدة بلا توقف، وكنت أحاول تذكر متى آخر مرة قرأت بداية رواية بهذه الروعة والجمال؟ ولكن بعد ذلك، لا أعلم، فقدتني الرواية وفقدتها، لم استطع الإبحار في عوالمها، والتي لا أنكر تماماً إنها مكتوبة بإتقان، ولكن، لا أعلم، فقط أعرف أنني لو أكملت الرواية بهذا الشكل لن أستطع الحكم عليها تماماً، فقررت تأجيلها إلى مرة تكون أكثر ملائمة.
🍀 🔻 🔻 اسم الكتاب: #المنسيون_بين_ماءين المؤلف: #ليلى_المطوع نوع الكتاب: رواية مكان الشراء: من مكتبة الوقت عدد الصفحات: 429 الدار: دار رشم للنشر والتوزيع 🔻 من سيئات البشر تدخلهم في صُنع الله تعالى وعبثهم بِمَا تُكوِّنه القوانين الطبيعيَّة التي خلقها سبحانه.
بملاحظةٍ واعية نقف على أنَّ الخَلْقَ يتحرَّك بانسيابيَّة مع تغيرات الطبيعة، فتحصل الهجرات والتنقلات من حيوانات البر والبحر والطيور بحسب ما يطرأ من تحولات بيئيَّة، وحتَّى في الأحوال التي تموت فيها طوائف من الحيوانات وسائر الأحياء فهذا أيضًا يكون في السياق الطبيعي لحركة الحياة ودورتها..
البحرين.. أرخبيل تكوَّن بعد أن كانت يابسته أرضًا تحت البحر، وبِفعل التغيرات الطبيعيَّة بدأ هذا الأرخبيل بالتشكُّل والظهور فوق سطح الماء..
مع كلِّ حركة على طريق التغيرات الكبرى كانت الحياة الطبيعيَّة تأخذ شكلًا جديدًا من أشكال وجودها.. شيئًا.. فشيئًا، وبانسجام طبيعي..
تدخلت يدُ الإنسان وأحدثتْ تغييرات أجنبية وخارج سياق التغيرات الطبيعيَّة، وذلك عندما بدأت مشاريع دفن البحر من الجهات المحيطة بجزيرة البحرين..
كانت الجزيرة بزرعها وناسها وأحيائها تتنفس هواء نقيًّا يملأ رئتَها مع كلِّ نسمة تحملها لها صفحات المياه..
كانت الآلاف من العيون العذبة عفيَّة تنبض روحًا طيبة في كلِّ يابسة البحرين..
كان سمكُ (الميد) كالغمامة السوداء يغطي عشرات الأمتار من مياه شواطئ البحرين، وكنَّا نصطاد المئات منه بمجرَّد (مشخال وغترة وشوية عجين)!
أمَّا اليوم فـ(ميد) البحرين علينا بالحسرة..
أتدرون لماذا؟ . لأنه وبكل بساطة طُمر ودُفن، فلا نعلم أين هي حدود البحر ولا من أين تبتدأ، كلما أرى النوارس في الساحة القريبة لبيتنا أتسائل: هل من المعقول بأن البحر كان لهذا الحد من (فريقنا)، #ليلى_المطوع جعلتني أحب النوارس أكثر مما كنتُ أحبها في السابق، صرتُ أستمع لأصواتها وأنصتُ لها، رغم أنها تعاتبنا وتقول: هذا مكاني وهذا بحري وأنتم أخذتموه، دفنتموه.
تبحث #ليلى_المطوع في #المنسيون_بين_ماءين عن الهوية الضائعة والمدفونة في بحريننا الحبيب، تمتلك ما شاء الله خلفية واسعة عن معالم البحرين وجغرافيتها، وأنا على تواصل معها حول الحديث عن الرواية والمخاوف فيها، تتحدث لي عن أماكن أنا نفسي أجهلها ولا أعرفها، فكل جمال في بحريننا، ذهب مع الموج، البحر الذي تمّ دفنه والنخيل التي اقتُلعت، كل منهما غرقا وغرقتُ معهما يا ليلى، فكنتُ بين ماءين، ماء البحر وهيجان أمواجه تارة، وبين هدوئه، لا لا أقصد رمله وهدوئه المخيف. نمشي ونمشي ونواصل السير علّنا نصل للبحر وما أن نصل حتى لا يُرى، حيث لا ماء، يابسة فقط وهذا ما يؤلم. وننسى بأن البحرين جزيرة تحفّها المياه من كل الجهات.
أبدعت الكاتبة #ليلى_المطوع في روايتها هذه، ومن قرأ روايتها الأولى حتمًا سيُلاحظ الفرق بينهما، رواية استغرقت كتابتها ثمان سنوات، وظهرت بهذا العمق، استمتعتُ بقراءتها من البداية تقريبًا، ومع تقدّم الفصول كنتُ ألتهم الصفحات، كانت الرواية إحدى نقاشاتنا في *نادي الفراشة للقراءة* وما زاد النقاش ثراءً هو اختلاف الآراء بين الفراشات. جزيل الشكر للكاتبة #ليلى_المطوع على جهدها الواضح جدًّا والمبذول في الرواية، وشكرًا لسعة ورحابة صدرها للحديث عن الرواية وتقبلها للآراء، كل التوفيق أتمناه لكِ عزيزتي. 🔻 🕯️قا� تعالى: {وَهُوَ ٱلَّذِى مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا} 🔻 🔻 🍀 #مثقفات #قارئات #محبي_القراءة #أصدقاء_القراءة #أصدقاء_الكتاب #كلنا_نقرأ #القراءة_للجميع #الحياة_بين_الكتب #تحدي_القراءة #تحدي_100_كتاب #كتبي #مكتبي #أمة_إقرأ_تقرأ #ماذا_تقرأ #القراءة_عالم_جميل #الغرق_في_الكتب_نجاة #أحلم_بشغف #تحدي_الألم_بالقراءة #أنا_وكتبي #نجاتي_تقرأ #القراءة_نجاة #البحرين #مملكة_البحرين
لن أدعي بأنني أعجبت بالرواية من الصفحة الأولى كما يحدث لنا كقارئات مع بعض الأعمال الروائية، لكنني انبهرت بأسلوب سرد قصة (سليمة) والرمزيات المدسوسة بين سطورها، ووجدت ما منحني وعداً بأن هناك المزيد مما يستحق الاكتشاف والاستمرار في القراءة. تمتلك ليلى المطوع خلفية واسعة وعميقة عن مواضع روايتها، جغرافية المكان وطبيعته، وتاريخ البلاد بما فيه من وقائع وأساطير وقصص مروية خلفاً عن سلف. وفي تناولها الثيمة الرئيسية لروايتها أغرقتنا بالمائين وأخرجتنا عطشى إلى المزيد. وفي حين لقيت الرواية إشادة واسعة من كتاب بحرينيين وعرب، واجه بعض القراء صعوبة في هضم الرواية وخاصة النصف الأول منه كما استمعنا في جلسة مناقشة الكتاب في نادي الفراشة للقراءة، فهذه الرواية لا تقدم أسرارها بسهولة وتتطلب صبراً كبيراً وخيالاً واسعاً لسبر بحارها وتذوق عذوبتها. لقد ابتدعت ليلى المطوع أسلوبها الخاص وخرجت عن الاعتيادي والتقليدي كما قال الشاعر قاسم حداد وهي بهذا خطت لنفسها علامة خاصة تميزها عن غيرها من الكتاب والكاتبات. أدركت ليلى المطوع سر بقاء هذه الجزيرة ونبوءة غرقها "جزيرتي منذورة للغرق" تقول ليلى في إحدى مقابلاتها الصحفية حول الرواية. النخلة والبحر بمائيه، يختفيان شيئاً فشيئاً تحت وحشية التجريف والدفن، فترفع الصوت بعملها هنا لمن يسمع وتحذر أهلها "لا تنم على أرض لا نخلة فيها فهي حارسة الجزيرة". فهل من سامع يسمع ويتحرك، أم أنه قد فات الفوت ولم يعد ينفع الصوت. التائهون بين مائين، رحلة ليلى لإكتشاف هُويتها وهُويتنا نحن اللذين عاصرنا اختفاء النخيل وتقلص السواحل وتجريف البحر. وصار علينا أن نقطع مسافات طويلة لنصل إلى شاطئ لا بحر فيه وتحلق فوقه أسراب النوارس تنادي على بحرها الذي كان. استغرق العمل على الرواية حوالي ثمان سنوات من العمل البحثي والزيارات الميدانية والمقابلات مع كبار السن ممن عاصروا مراحل مختلفة من تاريخ البلاد، فأبدعت الكاتبة عملاً أدبياً مبهراً خلقت به الكاتبة "أسطورتها الخاصة معلنة بثقة عن واحدة من أهم كتاب الرواية العربية" بشهادة الكاتب البحرين أمين صالح.
أن تغوص في أعماق البحار، وتُجذب للجزيرة المدفونة، المسماة بأرض الخلود تبتغي الخلود، وفجأةً تتعرف على عوالم جديدة من حولك، وجزر، وبشر يقطنون فيما يسمى بجزر الخلود، هنا تكمن تلك الدهشة الغامرة فيك!
بكل صراحة هذه الرواية رغم روعتها وجمالها إلا أني بدأتها في ثاني أيام هذا الشهر، وتوقفت عند صفحة 265 تقريباً ونحن الآن في اليوم الثامن عشر، ولا أعلم السبب، لكن رغم هذا فإن العمل كان مدهشاً بالنسبة لي، ورائعاً، وأدى إلى دخولي عالم الأدب البحريني أخيراً، -أدب موطني الثاني- الذي طالما حلمت بقراءة أعماله الروائية المميزة، وكانت المنسيون بين ماءين البوابة الأولى التي تشوقت بشدة لقراءاتها منذ سمعت بها في فبراير.
رواية خارجة من أعماق البحار، ومن أعماق البحرين الخالدة، لتشكل عملاً راقياً وعظيماً يكفي بأن يكون واجهةً لأدب هذه البلاد الصغيرة في حجمها الكبيرة في عطائها وأدبها وثقافتها!
اقتباسات: "ماذا يعني أن تكون جزيرة بلا بحر؟! هويتنا هي الماء" "أتعلم لمَ النخلة خالدة؟ لأنها شربت الماءين؛ ماء عذباً وماء مالحاً" "إن عليك الإنصات للماء؛ فهو الذي سيخبرك حين تحون لحظة الزوال"
جاءت هذه الرواية تتهادى إليَّ .. لتغرقني في عالمها .. وبلا هوادة،! مفاجأة أخرى جديدة ومختلفة .. من مفاجآت 2024 هذه الرواية بعالمها وثرائها وجمالها كنت أعرف ليلى المطوّع من سنوات، ولكنها فاجأتني في هذه الرواية بكتابة وعالم وتشكيل جمالي مختلف وثري جدًا، . أحب هذا النوع من الروايات الذي يكشف لنا وفجأة عالمًا لا نعرف عنه شيئًا البحرين وجزر البحرين، والمكان الذي يجمع بين ماءين عذ ومالح، وحكايات وأٍاطير وعلاقات الناس بالماء والبحر واليابسة، وما يجري الآن من هدم للبحر في سبيل مساحات يابسة أكبر ، ... . يبدو البحر على امتداد الرواية المطوّع وكأنه إله ذا سلطات استثنائية، يقهر أعداءه ويخطف أبناءهم، يقدمون له النذور والعطايا ويسعون إلى رضاه، كان ذلك حاضرًا في الماضي بقوة، وظن الناس أنه لن يكون كذلك بعد كل ما حدث، ولكن يبدو أنه لا يزال يحتفظ ببعض سلطانه وجبروته أحيانًا حتى اليوم ((البحر أخذهم ولن يعيدهم، اختفى الأسطول بمن فيه، وبكت هند دموعًا مالحة تحرق جلدها، تسرّب البحر في داخلها وغير ماءها، هذا ما قاله لها درويش وهو يقبّل فمها ذات ليلة: ريقك مالح كالبحر" البحر هو الوحيد الذي يجمع ويفرّق، حين رقّ قلبه، أخذ أمينة، ليجمعها إلى زوجها، ليلمّ شمل المحبّين، ولكنّ وعي البشر لا يمكنه فهم أفعال البحر ومشيئته)) لعل أجمل ما تقدمه الكاتبة في هذه الرواية هو ذلك التقاطع بين الماضي والحاضر، وتمكنها من سرد كل واقعة/ح��اية من تلك الحكايات على حدة بشكلٍ مفصّل يجعل القارئ يتماهى معها تمامًا، بل وربما بشعر أن في كل حكاية منهم بذرة أو مسودة كامنة لرواية أخرى أكبر وحكايات أكثر، وهي في الوقت نفسه تسير بهدوء في تيار الرواية الأصلي، وتفتح من خلال شخصية ناديا وذاكرتها الخصبة أبوابًا ومسارب لتلك الحكايات شديدة الصلة بعالم الرواية وبنائها، سواء جاء ذلك من خلال ما تركه جدها أيوب لها من كتابات أو من خلال ذكرة جدتها "نجوى" التي تحضر بين الحين والآخر، وهو الأمر الذي يكسب الرواية في النهاية قدرًا كبيرًا من الجاذبية والتشويق. وعلى امتداد الرواية يشعر القارئ بذلك الحنين الخاص للماضي، وللأصول والجذور، للطبيعة التي تنسحب من أمامنا بشتى الوسائل، ولا نملك في النهاية إلا أن نكون شهودًا على تلك المأساة، لعل كتابة كهذه تبقى، وتغيّر، وتتحول بشكلٍ سحري إلى تميمة إنقاذ لما تبقى من عالم البحر والبساطة والبراءة التي نفتقدها هذه الأيام. ... ....................................... من مقالي عن الرواية