سراج الملوك للطرطوشي في كتابه سراج الملوك، يناقش الطرطوشي سياسات الأمم السابقة وملوكها، موضحاً أن الحكام قسّموا سياساتهم إلى نوعين: الأحكام والسياسات. ينتقد الطرطوشي الأحكام التي وضعتها الأمم على أسس غير شرعية، مستندة إلى تقاليدهم الخاصة، مثل البيوع والأنكحة والحدود، ويرى أنها لم تستند إلى الوحي أو العقل السليم. في المقابل، يثني على السياسات التي التزموا بها للحفاظ على تلك الأحكام من خلال العدالة وحسن التدبير. الكتاب يجمع بين الحكم التي ألفاها الطرطوشي في سياسات العرب، الفرس، الروم، الهند، والسند، إلى جانب حكم الأنبياء والقرآن. رتّبه الطرطوشي بأسلوب بليغ، مشيراً إلى أنه مصدر لا يستغني عنه الحكيم أو الملك، وسماه سراج الملوك ليكون مرجعاً للحكماء والملوك و&#
ألف الطرطوشي هذا الكتاب قبل 900 سنة في الأسكندرية قبل وفاته بأربع سنوات وأهداه للوزير المأمون البطائحي. وقال عن كتابه هذا : " يستغني الحكيم بدراسته عن مباحثة الحكماء، والملك عن مشاورة الوزراء".
الكتاب مليء بالقصص والعبر والحكم، ويتكلم فيه الطرطوشي عن الحكم والملك والرعية والناس والجند والحروب ويعطي أمثلة وأقوال وقصص من كل عصر وزمان ومن كل امة وملة. اتحفظ على بعض نظرياته كما في كيفية معاملة أهل الذمة وبعض الفصول القليلة. لكن في المجمل، الكتاب كنز لا يمل منه القارئ.
أذكر اقتباس واحد من عشرات الأقتباسات الرائعة التي تجدها في الكتاب : ( قالت الصحة: أنا لاحقة بأرض العرب، قال الجوع: أنا معك، قال الإيمان: أنا لا حق بأرض الحجاز، قال الصبر أنا معك، قال المُلك: أنا لاحق بأرض العراق، قال القتل: أنا معك)
"سراج الملوك" ليس مجرد كتاب نصائح، بل هو موسوعة أخلاقية وسياسية تنبض بالحكمة والعمق. يُوصى به لكل من يسعى إلى فهم أصول القيادة الراشدة والسلوك القويم، سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي.