"وفقًا لزمن ذاكرتي، مرَّ على مغادرتي البيت القديم وقت طويل جدًّا، فكل مشاهده تُستعاد وقد خضَّبتها درجات من الأصفر الترابي الباهت. لا أتذكر ألوان الأشياء كما كانت قبل أن يختلط بها ذلك الأصفر. أعرف أن فستاني المفضل في السابعة من عمري كان الجزء الأعلى منه أبيض وتنورته بالكحلي ومنقوشة بورود حمراء صغيرة، لكني أستعيده بألوانه وقد مالت إلى الصفرة. ليست الأشياء فقط، وجهي ووجوه الآخرين والجدران في الداخل والأجواء في الخارج، المشهد كله يظهر من خلف ورقة مُصفرَّة شفافة".
أتجنب الطرق المختصرة إلى المنزل كي أطيل المسافة بيني وبين آخر الليل المشي تسلية كما تُمرِّر الوقت تستضيفه وكل النظرات التي طالت عينيَّ في النهار ولم يصلني منها غير الخواء تُثقِل خطواتي تتكتل أمامي فأُضطَر إلى دهسها بين الكعبين وطين الأمطار مجهود بُذِل لخلق علاقةٍ ما يُدهَس الآن تحت الحذاء عيون يمسُّها احتمال بالألفة وتعتبره قليلًا
يطرح "خريطة الزمن" لآية نبيه موضوع الزمان والمكان من منظور شعري، يبدأ بسؤال يشغل الكاتبة: "لماذا لا تعترف أحلامي إلا ببيت الطفولة رغم تنقُّلي بين عدة بيوت منذ سنوات؟"، وتحاول من خلال النصوص الإجابة عن هذا السؤال.
مواليد القاهرة، تخرجت في جامعة القاهرة، كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية وآدابها، حصلت على ماجستير الترجمة السمعية البصرية من جامعة حمد بن خليفة، ودرست ترجمة الشاشة في كلية التعليم المستمر بالجامعة الأمريكية. شاركت في عدد من ورش الكتابة الإبداعية والترجمة في فرنسا والمغرب وقطر، كما حصلت على منح للإقامة الفنية في المغرب ونيويورك.
تجربة مميزة كعادة تجارب وزيز، وهي محاولة لتتبع العلاقة بين الذات والمكان عبر الزمن/ العمر، والمكان ليس فضاءً بل شخصية موجودة نحيا معها، قبلما نحيا فيها، تترك في ذواتنا أثرًا عميقًا، وتدخل في أحلامنا ولا وعينا.
لذا فالكتابة هنا ممزقة ومتشظية كحلم غير مفهوم، ويوجد بالفعل بعض الأحلام، أو الكوابيس، التي تكاملت مع النص، فلم تبدُ لي منفصلة عن ثيمة الكتاب ككل.
كتابة جميلة جدًا. لمستني بشكل شخصي. أفكار كبيرة زي الذاكرة، البيت، الانتماء، العزلة، وحتى الهوية، كلها مكتوبة بلغة سلسة وعذبة جدًا، مافيش أي بهرجة أو تعقيد مالوش داعي، كتابة مش محتاج وسيط بينك وبينها عشان تحسها وتفهمها.
كمان عجبني التجريب في بنية الكتاب، تداخل الـgenres مع بعض حصل بشكل جميل. الجزء بتاع أغاني عبد الحليم كان حلو جدًا، ونهايته كمان كانت مؤثرة. كنت حاسس إني بتفرج على فيلم قصير في الجزء دا تحديدًا.
تاني تجربة ليا مع كتابة آية نبيه، وتاني مرة أنبهر.
رائع رغم صغر حجمه ،إلا إنه ورطني في حزن صغير و استمعت إلي عبدالحليم طول اليوم و هو يقول "حاول تفتكرني" الأغنية اللي كنت اسمعها طوال الاسبوع قبل شرائي للكتاب ،ازدادت حزنا بعد القراءة. إضافة التعليقات الصوتية اللي بتبقي اول حفلات عبدالحليم دي حركة حلوة اوي ، شعرت بشجن و مشاعر و كأن الكاتبة بتاخدني من ايدي توريني أشجانها ، و ذكريتها . " البحث عن الذات لعبة قديمة و مستهلكة تصلح للعرض في سوق المستعمل الجديد هو البحث عن الموطن الأصلي"
"أرادت كفي أن تقول شيئًا مطمئنًا مثل "أنا هنا" غير أن شرط هذه اللعبة كان الصمت"
تجربة جميلة. وأنا من هواة التجريب في الكتابة.. تعليقي الوحيد تقريبُا هو شعوري بإنفصال الفصل الأخير- رغم إنه أجملهم من وجهة نظري- عن باقية فصول الكتاب.. لكن كتابة شاعرية جميلة. بتعبر عن نفسها من الصفحة الأولى.. استعادة التاريخ الشخصي لازم هيستعيد تاريخ المكان وأحيانا يستعيد معه أحداث عالمية، لأن الإنسان بزمنه جزء من المكان، والعالم.. ولو فهمت صح عجبتني الحتة الروشة في فصل "هناك" بإن الذكريات القريبة لأنها اكثر حضورا في الذاكرة كتبت بفونت كبير، والعكس مع الأحداث البعيدة، اللي بالمناسبة ماحضرتهاش الكاتبة ولكن سمعتها من الراديو، اتكتبت بفونت صغير.. ويمكن في سبب كمان بما إنها ماحضرتهاش وسمعتها بس من الراديو يعني ماشفتهاش، فالذكريات البصرية بتكون أقوى، واكثر حضورا في الذاكرة، عن الذكريات السمعية، الذكريات الأخرى ودا سبب تاني برضه صايع يخلي الحركة أصيع وأبدع..