كتب هذه المذكرات حفيد مؤسس محلات شيكوريل الكبرى لحفيده «بِنْ»،بناء على طلب ابنته «ڤاليري». وهي تُصور حقبة تاريخية مهمة ليس فقط في حياة عائلة شيكوريل الزاخرة، بل في تاريخ مصر الحديث بشكل عام؛ حيث كانت مصر خلال هذه الحقبة قادرة على إذابة الفوارق بين الطوائف الدينية والجاليات المختلفة التي تقطن فيها.
يقول كاتب المذكرات عن أبيه سلفاتور شيكوريل رئيس الطائفة اليهودية بين 1946 و1957، إنه كان مصريًّا حتى النخاع. وكان يسعى بكل وسيلة لوضع خبراته وعلاقاته في خدمة بلده مصر، وإنه اختار البقاء وتحمُّل الصعاب بصلابة حتى باتت حياة أسرته عرضةً للخطر. ويتذكر رؤية الرئيس جمال عبد الناصر في بيتهم بالزمالك، وهو يرتدي زيًّا عسكريًّا أنيقًا، مبتسمًا ويقِظًا دائمًا.
كتاب أقرب إلى الخواطر منه إلى المذكرات مع ترجمة متميزة. الكتاب يروى السنوات الأولى من عمر الكاتب فى مصر قبل إجبار أتباع الديانة اليهودية على ترك مصر وهنا الكثير من نقاط الاختلاف مع الكاتب الذى أكد بكل وضوح ان انتماء عائلتة بالدرجة الأولى للشعب اليهودي وليس للوطن سواءا مصر أو غيرها وفى فقرة اخري أشار ان إعلان مصر الحرب عام ١٩٤٨ كان خطأ من وجهة نظره دون شرح اما المصاعب التى واجهت عائلة شيكوريل بعد وضع ثروتهم تحت الحراسه فهى نفس الصعوبات التى واجهتها كل العائلات الثرية فى مصر بعد حركة ١٩٥٢ من مسلمين واقباط وليس اليهود فقط. نقطة أخرى وهى موجوده فى العقل الجمعى الغربى عن ذكر الحضارة الفرعونية فقط فى تاريخ مصر وتناسى الإمبراطوريات الكبرى التى تواجدت فى مصر من البطالمة حتى المماليك بخلاف النهضة فى القرن ١٩ والتى كانت السبب المشجع لتواجد الجد الأكبر للكاتب للعمل فى مصر. مع تقديرى للأستاذ المهيلمى مترجم المذكرات فى كلمته عن ان هذا الكاتب شعاع من النور لفترة حزفت من العقل الجمعى المصري و انا هنا لست مدافعا عن حركة ١٩٥٢ لكن ما كان ينتظر من اى حكومة فى حالة حرب مع دولة أخرى سوى اجلاء رعايها والحجز على أموالهم وبالتاكيد الاستاذ المهيلمى يعلم أن بريطانيا مازالت تحتفظ ارصدة مجمده لروسيا منذ الثورة البلشفية رغم مرور اكثر من ١٠٠ عام ونفس الحالة حدثت ٢٠٢٢ مع بدء الحرب الاوكرانية رغم عدم المساس بالمصالح البريطانية فى الحالتين.
🌟 كتاب / مذكرات شيكوريل 🌟 الكاتب / رونالد شيكوريل 🌟 ترجمة / عبد المجيد المهيلمى 🌟 عدد الصفحات / 158
⚘️ يوم ٢٣ يوليو ١٩٥٢ ، يوم فاصل و مهم فى تاريخ مصر الحديث .. ما سبقه من أحداث و مزيج مجتمعي و طوائف مختلفة و ما أعقبه من تغير و اختفاء لجزء من شعب كان يحيا معا فى بقعة واحدة ..
مذكرات شيكوريل كُتبت كرسالة من الجد للحفيد ( بِن ) ليتعرف جذوره فى مصر .. كيف خرجت تلك العائلة و انتقلت من مصر لإيطاليا ثم الاستقرار فى سويسرا .. و كيف أنهم كانوا مجموعة كبيرة اجتمعوا فى مصر و تفرقوا بين إيطاليا و كندا و انجلترا و مدن عديدة ... الكتاب يحوي الكثير من معالم حقبة تاريخية فى تاريخ مصر و شوارعها و عاداتها ..
🌟 اقتباسات من داخل الكتاب 🌟
- فإننا ندرك قليلًا أن كل واحد منا ليس لديه حياته فحسب، بل هو جزء من تاريخ أو مجموعة من القصص التي تتجاوزه، والتي –دو� أن يشعر� تنير له الطريق الذي كان يعتقد أنه اختاره طوعًا وبكل حرية.
- أتحدث عن زمن كان يُكتب فيه على زجاجات عطور ديور : باريس � نيويورك � القاهرة. عن وقت كانت تُشيَّد فيه دور أوبرا في مصر قبل بنائها في أوروبا. � - كنا نتحدث عدة لغات، باللغة العربية في الشارع ومع العمال والموظفين، بالفرنسية في البيت، بالإنجليزية أو الإيطالية مع الأصدقاء، وأحيانًا باليونانية أيضًا.
- لطفية النادي (وُلدت بالقاهرة يوم ٢٩ أكتوبر ١٩٠٧ وتُوفيت بها عام ٢٠٠٢)، أول امرأة مصرية عربية أفريقية تحصل على إجازة الطيران عام ١٩٣٣، كان رقمها ٣٤، أي: لم يتخرج قبلها على مستوى المملكة المصرية سوى ٣٣ طيارًا فقط، جميعهم من الرجال، كما أنها أول امرأة تقود طائرة بين القاهرة والإسكندرية، وثاني امرأة في العالم تقود طائرة بمفردها.
- من العجيب حقًّا كيف يتقبل الأطفال الأشياء، وكيف يجعل هذا التقبُّل الطبيعي حياتَهم سهلة. يكفي أن تُقال لهم الأشياء ببساطة، بينما يرتبك الكبار كثيرًا نتيجة شتى أنواع التعقيدات العقلية. وفي الشرق بالذات، يوجد فائض من التعقيدات والعُقَد!� إن ما تعتقد أنك تعرفه، يمنعك من تعلُّم المزيد لأنه يُبقيك في مسار واحد.
- خلال إحدى زياراتي إلى القاهرة مع صديق هندي عام ١٩٩٧، ذهبنا لزيارة محل شيكوريل بوسط القاهرة. وتكريمًا لي، فتح لنا المدير الذي كان يعمل بالمحل أيام أبي مكتبه القديم الذي لم تطأه قدم منذ ٤٠ عامًا. كانت أغراض أبي تحت عينيَّ المغرورقتين بالدموع. أي شعب آخر يمكنه إظهار هذا الاحترام؟
- فقدان الأب أمر صعب وغير محتمَل، إنه يضع علينا حملًا يساوي ملايين الأطنان، يشلُّنا، ويحولنا إلى روبوت معطوب. لقد تُوفي أبي في وقت كان لديَّ كثيرٌ لأخبره به وأسأله عنه. بلغت المعاناة حدًّا كبيرًا لا يترك للمرء مخرجًا منه سوى بأن ينمو بنفسه؛ ليشعر بمعاناة الآخرين والدخول في تجارب مختلفة لسنا بالضرورة مستعدين لمواجهتها بعد.
- كانت القهوة التركي بعد الغداء في غرفة المعيشة مهمة لأبي، وكانت تُقدَّم في كنكة نحاسية جميلة مع قطع من الحلوى تعدها أمي. كان يجب أن تكون ساخنة جدًّا وسكر زيادة. فكان من الضروري على توفيق أن يرفعها ثلاث مرات على النار قبل أن يقدِّمها. وأي خرق لهذه العادة كان يُكتَشَف على الفور. وكان هناك طقوس معينة في شربها تُتَّبَع، باحتساء رشفات صغيرة مع نفخ قليل من الهواء لتبريدها قليلًا على اللسان. وبعد كل رشفة «آااه!» من الرضا، ونفَس عميق يدل على السرور والراحة اللذين ولَّدتهما القهوة.
- لقد وصلنا أوروبا ونحن لا نعلم شيئًا عمَّا يجري في مصر. نجهل تمامًا تاريخ مصر الحديث. نجهل لماذا كنا في جنيف، وأين يوجد والدنا. كنا نعلم أن عائلتنا يهودية، لكن لم يكُن لدينا أي فكرة عمَّا يعنيه ذلك. جئنا من مدينة يعرفنا فيها كل الناس، ووصلنا إلى بلد لا أحد يعرفنا فيه. جاءت جانين بفستان خفيف وأنا بشورت، وإذا كانت ملابسنا غير ملائمة لطقس جنيف، فكذلك كانت أفكارنا بالنسبة لهذا المكان.. وربما أسوأ.
- � لكنها مصر هي التي كنا نفتقدها، والتي سنفتقدها لفترات طويلة، وربما دائمًا، حتى بعد أن نكون قد نسيناها. محتمل أن تكون ما زالت موجودة في آمالنا وسخطنا، في أحلامنا وأوهامنا. أهي حقًّا مياه النيل التي تنقصنا، أم مجرد روائح الرمال الساخنة والكافور، أم العادات الاجتماعية المتميزة ودفء العلاقات الإنسانية، أم اللغات المتعددة، أم هي العائلة الكبيرة التي اختفت؟
- لقد علَّمني سلفاتور شيكوريل إننا لا نملك شيئًا، ولا يوجد شيء يمكن أن يكون أبديًّا، فكل شيء في الحياة مؤقت. ونحن لا نعرف شيئًا عن الندوب الظاهرة بجسد الشخص الذي أمامنا.
- هذه المذكرات هي دمعة، ولكنها أيضًا صرخة حب للبلد الذي وُلدتُ فيه، والذي شهد ولادة أبي وأمي. لقد أردتُ أن أبيِّن في مذكراتي مدى عمق جذور مصر في كينونتي وهُويتي، فمصر هي جزء عضوي مني. وسأتمكَّن باللغة العربية من إخبار قرائي أنه لم يمر يوم في حياتي دون أن أفكر في مصر بحب وندم وأمل. لقد أُجبرنا على أن نغادرها، لكنها أبت أن تغادرني.
كتب رونالد تلك المذكرات بناء علي رغبة ابنته بعد أن طلبت منه أن يكتب رساله لحفيده يحكي عن تاريخ العائلة وعن ذكرياته وقصته.
يبدأ رونالد مذكراته بذكريات الطفولة ومصر في النصف الأول من القرن الماضي التي عاش فيها جاليات وطوائف مختلفة من كل مكان، ذكريات فيلا المعادي والمربية البريطانية والسائق السوداني، الممرضة اليوغسلافية. اللعب مع أطفال الجيران هو وأخته جانين الخروج في نزهات حول الصحراء ، اجتماعات العائلة في المصيف في الإسكندرية.
كل شئ كان يسير على مايرام والحياة هادئة الي أن تقرر العائلة الإنتقال إلي الزمالك عام ١٩٥٢ بسبب تغير الأوضاع السياسية في البلد وصعوبة الظروف المعيشية لهم
تحدث رونالدو عن والده الذي انخرط في صفوف الجيش المصري وحارب معه وفاز لمصر في أولمبياد أمستردام عام ١٩٢٨ و عمه جوزيف الذي شارك بجانب طلعت حرب باشا في تأسيس بنك مصر، وإن والده مصري صميم وسعي بكل علاقاته لخدمه بلده ولم يهرب اي من أمواله للخارج ولم يقرر الهجرة حتي بعد مصادره أمواله .
انتقلت بعد ذلك العائلة الي ميلانو في ايطاليا وأكمل رونالد واخته تعليمهم ومن بعدها الي سويسرا وكل ذلك وهو يحلم بالعودة إلى مصر والي بيته...
يقول رونالد أنه الوحيد من جيله من عائلة شيكوريل الذي عاد لزيارة مصر أكثر من مرة وفي أحد زيارته لمصر عام ٩٧ زار أحد فروع شيكوريل وفتح له مدير المكان مكتب والده القديم الذي لم يدخله أحد لمده ٤٠ عاما.
للعلم هذة المذكرات ليست كما يتوقعها البعض هي أقرب ماتكون حفظ للذاكرة وتمريرها للأحفاد لترسيخ فكرة الانتماء.
من أمتع وأخف المذكرات (المختصرة) التي قرأت ، عن قصة شيكوريل الأب من القمة الى محاولة الإبن التعايش في بلدان مختلفة تماما عن بيئة القاهرة في الخمسينات الميلادية وحنينه لأيام القاهرة بكل دفئها ورونقها.
من خلال قرأتي لكثير من مذكرات يهود مصر ، يجمعهم الحب الصافي لهذة البلد الكريمة ومساعدتهم لبعض بطريقة ينبغي علينا التعلم منها.