تكاد تكون الأنثروبولوجيا (الأناسة أو علم الإنسان) حقلا مهملا في السياق الأكاديمي العربي، بالرغم من أهميتها في تفسير الظواهر الاجتماعية والإنسانية بعامة. يقدم مركز نماء للبحوث والدراسات هذا الكتاب كمشاركة في إعادة الاعتبار لهذا الحقل العلمي. وهو عبارة عن دراسة أنثروبولوجية ميدانية أنجزها المؤلف البروفيسور والتر أرمبرست خلال سنتين قضاهمها في مصر.
اختار أرمبرست توفيق عكاشة كموضوع لدراسته، حيث نظر إلى بزوغه واشتهاره اللافت للنظر في المشهد السياسي المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير كظاهرة تتطلب التفسير.
لقد كان السؤال الذي سعى أرمبرست للجواب عنه هو: لماذا يشتهر شخص مثل عكاشة، حتى يمتلك هذا القدر من التأثير في المجال السياسي، بينما هو لا يملك موضوعيا أية مؤهلات تمكنه من بلوغ هذا القدر؟
يعرض أرمبرست مقاربتين للجواب على هذا السؤال:المقاربة السوسيولوجية والمقاربة السياسية. ولكنه يرى أنهما قاصران ولا يقدمان تفسيرا واضحا لظاهرة عكاشة.
في المقابل يقدم المقاربة الأنثروبولوجية كبديل أكثر نجاعة في تفسير الظاهرة من تينك المقاربتين. تنهض هذه المقاربة على عدد من المفاهيم الأنثروبولوجية مثل: وضعية المجاز، أزمة المجاز، وضعية ضد البنية، والحاوي. وكلها مفاهيم تعتبر غير مطروقة في المجال الثقافي العربي.
لذا فإن هدف نشر هذه الدراسة مزدوج في واقع الأمر: أولا؛ تقديم جواب علمي على سؤال عكاشة، بعيدا عن ركام الأحاديث الساخرة وغير الجادة الذي تراكم حول الرجل. وثانيا؛ فتح أفق معرفي جديد للقارئ العربي، يتجاوز موضوع عكاشة، أفق المعرفة الأنثروبولوجية.
كتاب عن ظاهرة توفيق عكاشة , وكتير ممكن يقول وهل يستحق عكاشة ان يتكتب كتاب عنه ويتعمل دراسة كمان عليه, لكن الصراحة الكتاب مفيد فهو عبارة عن دراسة انثروبولوجية لاسباب ظهور عكاشة او الحاوي .
وتعرفت فى هذا الكتاب عن الانثروبولوجية وهي دراسة علم الاناسة او الانسان وهذه اول قراءه لي فى هذا العلم واستفدت منها.
نعود للكتاب , معلومات ذكرها المترجم عن الانثروبولوجية لكل نعلم سبب ظاهرة العكش او حاوي الثورة المصرية
أولا : صفات الحاوي
شخصية مثيرة للضحك والسخرية, لها القدرة على التنكر والتمويه و غير اخلاقية بالمرة, لا تلتزم باى قواعد او معايير اجتماعية , و شخصية مختالة ومغرورة كثيرة الزهو بنفسها , مؤذية تتسم بالعنف الاجتماعي والرغبة فى الانتقام .
ثانياً : لحظات التحول الاجتماعى وينقسم الى :
الانفصال : حيث يحدث انفصال المجتمع عن بنيته ومعاييره الحاكمة في الوضع الطبيعي
المجاز : مرحلة انتقالية بسيطة حيث ان الانفصال عن البنية المجتمعية قد تم ولكن لم يتم الاندماج بعد في بنية مجتمعية جديدة
الاندماج : حيث يتم رأب الصدع بين اطراف المجتمع في بنية مجتعية جديدة
وإذا طبقنا هذا الكلام على الثورات فهى ايضا تمر بثلا مراحل انفصال ووضعية مجاز ثم اندماج , فثمة نظام سوسيو / سياسي كان يحكم المجتمع اسقطته الثورة ومن ثم ينفصل المجتمع عن كل المعايير والقواعد التى كان يفرضها النظام ثم يفترض ان تقوم الثورة ببناء نظام سوسيو / سياسي جديد تماما ليعاد ادماج المجتمع فيه مرة اخري , وهذا طبعا ما لم يتم فى الثورة المصرية
يقول الكاتب ان سبب ظهور عكاشة وتأثر الناس به يعود الى عاملين مهمين أولهم هو تمتع عكاشة بصفات الحاوي وثانياً ان الحاوي يجد ان وضعية المجاز التى عاشتها مصر فترة طويلة بعد الثورة بيئة مناسبة له لكي ينتشر
فالثورات تكون على ذلك الشكل
ثورة واسقاط نظام سوسيو / سياسي ثم وضعية مجاز ثم بناء نظام سوسيو / سياسي جديد
ولكن فى الثورة المصرية ما تم هو ثورة واسقاط نظام ثم وضعية مجاز طويلة ثم أزمة مجاز ثم نفس النظام السوسيو / سياسي القديم
وضعية المجاز تربك الناس وتشوش عليهم ومن ثم يتوقون لإنهائها بأى سبيل , وتحت ضغط هذا التوق يتوجهون للحاوي الذي يجذب انتباههم بقدرته على المحاكاة وادائه الهزلي المثير, فهم مؤهلون نفسيا لاحتضان شخصية الحاوي , بسبب قدر التشويش والقلق الذين يعيشون به فى وضع المجاز.
وتكلم الكاتب عن تأثير عكاشة على جزء كبير من الناس وليس كلهم من البسطاء الغير متعلمين , مثل دعوته للمظاهرة فى ديسمبر 2011 فى العباسية , وقانون المضاجعه اللى اتقلبت مصر بسببه , وهجومه علي منظمات المجتمع المدنى, وانكاره واقعة سحل البنت فى احداث مجلس الوزاء , تقسيم مصر الى اقاليم حارب بعضها وتشكيل حكومة عالمية خلف الاهرامات .
ولم ينكر الكاتب بقية اسباب شهره عكاشة ومنها اسلوب كلامه الريفي البسيط ودعمه من المجلس العسكري ولكن الاسباب الرئيسية هي تمتعه يصفات الحاوي ووجوده فى وضعية المجاز, والدليل على ذلك ان عكاشة اختفى الان لأن وضعية المجاز انتهت فهو مازال حاوي ولكن افتقد البيئة المناسبة للانتشار
كتاب جيد انصح به, والمترجم اكثر من رائع وهوامش المترجم فادتني كثيراً
كتاب صغير الحجم إلا أنه يلفت نظر قارئه لعدد من المفاهيم الهامة. تعرفت في هذا الكتاب على (الأنثروبولوجيا السياسية) كفرع من علم الأنثروبولوجيا (الأجناس)، و الحقيقة أن دراسة أصول الإنسان و سلوك القبائل البدائية هي مدخل رئيس لدراسة سلوكيات الدول و الساسة، و التي قد تعتبر إنعكاساً للسلوك البدائي في صورة حداثية! يسقط أرمبرست في دراسته هنا مفاهيم (عتبة - المجاز - طقس العبور) على الوضع بعد التغيرات الحادة في الدول كالثورات بما يصحبها من إنهاء لنظام سوسيوسياسي و محاولة بناء نظام جديد. في دراسة حالته للثورة المصرية و التي فشلنا فيها في بناء النظام الجديد وضع أرمبرست مقاربة أنثروبولوجية لتشكل ظاهرة توفيق عكاشة, و التي رأى أن المقاربة السياسية (دعم المجلس العسكري) و المقاربة السوسيولوجية (تأثر الطبقات الدنيا و الريفية به) غير كافيين لتفسير هذه الظاهرة. طقس العبور أو العتبة هو المرحلة الوسطى بين (الإنفصال) و هو ترك الحالة القديمة ، و (إعادة الإدماج) و هو إتمام التحول للحالة الجديدة...ما حدث في الثورة المصرية هو أن طقس العبور لم يكن له من يشرف عليه و يسيره، مما أدى إلى حدوث (أزمة مجاز) ..و هي البيئة الخصبة لنشأة شخصية (الحاوي). إن مقاربات أرمبرست و تشبيهاته و إسقاطاته على وضع ثورتنا كانت ذكية و منطقية إلى حد كبير، و تشبيه الوضع في مصر ما بين إنتخابات الرئاسة في 2012 إلى ما قبل إنقلاب يوليو 2013 بالوضع في جمهورية فايمار بكل ما صاحبه من تخبط سياسي و ظهور لحاوي يسير الجماهير كهتلر في الحالة الألمانية، أو - و ياللخيبة - كعكاشة و أمثاله في الحالة المصرية. لكني أزعم أن قاريء هذا الكتاب لم يكن ليفهمه و يستفيد منه على الوجه الأكمل لولا الترجمة الرائعة للأخ و الصديق طارق عثمان بما صحبته من هوامش مفسرة للعديد من النقاط الأكاديمية البحتة التي لن يفهمها إلا المتخصص، و كذلك التمهيد الذكي للكتاب في المقدمة و التعقيب في نهاية الكتاب الذي يلخص غرض الدراسة بل و يؤكد دقة فرضيتها في وضع عكاشة نفسه بعد نجاح الإنقلاب و إنتفاء أسباب نجاح معادلة وجوده بعد أن إختفت أزمة المجاز التي فشل مرسي في إنهائها عن طريق عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الثورة ! أضف إلى هذا بعض التشبيهات الخاصة لطارق المولع بنولان كتشبيهه لوضع أزمة المجاز بال limbo في فيلم inception الذي قد يغرق فيه المرء في حلمٍ لا يستطيع الخروج منه. و كذلك في نحت ترجمة جديدة مثل مفهوم (صدى المكنون)، و قبل كلل شيء اختياره الموفق لكلمة (الحاوي) للتعبير عن مقصد الكاتب الأصلي. فله جزيل الشكر على الجهد المبذول في الترجمة، و على الإنتقاء بدايةً.
دراسة صغيرة طريفة خطيرة محزنة. وترجمة هي من أفضل ما قابلت حتى الآن. التحيات للمؤلف ثاقب النظر الذي اصطاد "عكاشة" بالتحليل، وللمترجم النابه الذي اصطاد هذا البحث، وقدمه في أكمل صورة ممكنة.
إذا حاولنا تفسير ما عشناه في مصر خلال السنوات الماضية، فإننا نواجه بكم كبير من الأسئلة المحيرة، فإذا نظرنا إلى الأحداث من منظور سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، فإننا لا نجد تفسيرا يروي ظمئنا للفهم كفاية، ولعل هذه الدراسة أذهب للظمأ المعرفي حقًا.
التفسير الاجتماعي لظاهرة عكاشة غير كاف، فإذا افترضنا أن نجمه بزغ نتيجة خطابه الملائم لغير المتعلمين والطبقة الدنيا والمتوسطة، فإننا نجد بين جمهوره حاملي الشهادات العليا والبرجوازيين كذلك.
والتفسير السياسي ليس كافيا هو الآخر، فإذا افترضنا أن دعم المؤسسة العسكرية هو ما ساعد في زيادة شهرته وتأثيره، فإننا نواجه بعدة أسئلة: فالعسكر لم يختصوه بالدعم، وإنما قدموا الدعم لغيره من الإعلاميين والسياسيين، لكن أحدهم لم يبلغ مبلغه، كما أن ذلك لا يفسر خفوت نجمه بعد الانقلاب، وقد انفتح المجال له باستحواذ العسكر تماما على كل مقاليد السلطة.
فإذا اختبرنا التفسير الأنثروبولوجي وجدنا إجابة شافية، فإذا اعتبرنا الثورة مرحلة عبور، أسقطت نظاما سوسيو-سياسي، وجعلت المجتمع في مرحلة بينية (وضعية مجاز)، تهيئة لبناء نظام سوسيو-سياسي جديد، ووضعية المجاز هذه تفتح الباب أمام إمكانيات الأفراد الخيرة وقدراتهم الإبداعية حتى يمكن لهم تأسيس المجتمع الجديد بعد الخروج من المرحلة البينية، لكنها كذلك تفتح المجال أمام الإمكانيات الشريرة، ومن ثم يخشى منهم أن يطيحوا بالمجتمع في هوة سحيقة بدلًا من إنقاذه.
وفي المرحلة البينية تظهر إمكانيات (الحاوي)، ولعل وصف (الدجال) أقرب في ظني، كما لا يتوفر له في أي وقت آخر، وهو شخص مؤذ مضلل، يموه الحق بالباطل، وينجذب إليه الناس بسبب توقهم لإنهاء مرحلة المجاز البينية بأي ثمن، لما تسببه لهم من معاناة وأرق وتشوش.
فإن ما حدث في مصر هو أزمة في هذه المرحلة البينية (أزمة مجاز)، نتيجة العجز عن بناء نظام سوسيو-سياسي جديد، لتتم استعادة النظام القديم مرة أخرى بنجاح الثورة المضادة، منهية المرحلة البينية، لتحرم عكاشة من بيئة ظهوره، ليعود هملًا مغمورًا، وسمكة صغيرة وسط الحيتان من جديد.
كان من المفيد لاستكمال فهم الظاهرة الاستماع إلى رأي عكاشة نفسه في الدراسة، وكعادته في قلب الحقائق، ادعى أن الدراسة تشيد به باعتباره صاحب تأثير يعرفه الغرب، بالإضافة إلى كثير من الأكاذيب التافهة، المؤذية!
(الحديث عن الدراسة في برنامج عكاشة يبدأ بعد ساعة و42 دقيقة من هذا الرابط: )
- الواقع الذي نعيشه ينتج عن تضافر عوامل كثيرة، والتوسل بالتفسير الأنثربولوجي يفيد في فهمه، دون استبعاد العوامل الأخرى بالطبع.
تبقى الإشادة بالمترجم الذي يحترم قارئه، ويسمع له باستمرار (صدى ما هو - مكنون) من المعنى.
لن أقوم بعرض الكتاب، لأن مراجعات من سبقني بقراءته قدمت عروضا مهمة للكتاب ولمضمونه بالنسبة لي، تكمن أهمية الكتاب في عرض تحليل لظاهرة توفيق عكاشة من خلال مقاربة أنثروبولوجيا بدلا عن المقاربة السوسيولوجيّة أو السياسية التي يرى المؤلف أنهما قاصرتان عن تفسير ظاهرة توفيق عكاشة هذه المقاربة في تحليل خطاب عكاشة تنفع في تحليل خطابات أخرى، إعلامية أو سياسية أو حتى دي��ية/وعظية وفهم أثر هذه الخطابات على المتلقين ولا أنسى هنا الاشادة بالجهد الذي بذله المترجم بتقديمه للدراسة وختمه لها وللهوامش التي وضعها والتي كانت مفيدة جداً لفهم الدراسة التي لم تكن في الأصل كتابا وإنما بحثا تم نشره في مجلة علمية متخصصة، وبالتالي كان من الصعب فهم المصطلحات التي وردت فيها لولا جهد المحقق
عمري ما تخيلت اني أقرأ كتاب مخصوص عن هذا المدعو... غير اني سعيدة جدا اني قرأته... البحث حقا مخيف... هل ممكن لشخص بمواصفات معينة ان يتواجد في وقت بعينه فيكون له كل هذا التأثير؟؟؟ الكتاب بيجاوب السؤال ده بطريقة نظرية ثم باسقاط علي الحالة المصرية....جميل جدا التوصيف و الشرح اللي بيجاوب أسئلة شغلتني... ازاي شخص بهذا القدر من السخف يكون له دور في تحديد مسار أمة؟؟ ما سر شهرته المفاجئة؟؟؟ علم الانثروبولوجي علم رائع و تفسيره للظواهر متميز جدا... المترجم أيضا بذل جهد عشان يوصل المعلومة لغير المتخصصين...
"بأي شئ يُدِّل صاحبنا على الحياة، فيعرض له الوهم، فيستمسك به، ويذهب يضع له الأركان في مخيلته، ثم يمضي في محاولات تحقيقه، حتى وإن تداعت الأحداث على حماقة الوهم يظل متمسكا به؟_نعم، كيف يبدأ صاحبنا بالبحث عن شئ وهو بعد ليس متأكدا من وجوده؟= ربما لاتكون القضية في الوجود أو العدم بقدر ماهي كامنة في صاحب القضية وصدقه في السعي إليها. لعل انتظار المعجزة لتحمل صاحبنا على أكفف الراحة إلى مبتغاه جعلته يقف على بدايات الطريق بلا حراك. و"اللاحراك" مرض من دواعيه "انتظار المعجزة". والطريق غريب يقتضي الحراك، وإلا حملتك تصاريف الزمان قسرا فإذا عرض ما من شأنه أن يبدد الوهم ويعيد الخلق من جديد لم تملك إلا أن تصيح "هاهو الحب والحرية والكرامة والسلام فأين أنت؟؟". وصلتني رسالتك، وسعدت بها أيما سعادة، خاصة بما ضمنتها من حديث عن الطريق للنجيب محفوظ، وإن أتصورك وأنت تكتبها فلا أتصورك إلا مغضن الجبين تطارد فكرة عصية شموس، ثم أتخيلك مجادلا عما كتبت يفيض حماسك على يديك فتشتد على الهواء...ولاذنب له_ فيتملكني ضحك شديد أن هون عليك. وإن يكن كلامك قد أعجبني إلا أن ذلك لا يعني أنه يمشي في ركاب الصواب ومن حاشيته الأقربين، وقد كان يجدر بك ألا تغفل الحديث عن الملازم الأول للطريق وهو السعي فيه وهو كان مبغى محفوظ من الكلام في الأساس. على كل،فقد كانت لي وقفة مع دراسة تلمست جوانبا منها عند نجيب محفوظ فأردت أن يكون مدخلي، وهي مفارقة تمام المفارقة لما أسلفت، وهي نقلة لعالم اخر.شفيعي أن انتقال البطل من حال الغنى والثراء لحال الفقر ورغبته في الإندماج من جديد في عالم الثراء= شبيه لما تناوله مؤلف الدراسة فأخذ هذا التتابع ثم جرده من كونه حدثا خاصا إلى كونه نموذجا عاما على اعتبار أن هناك حالة أصلية يعقبه انسلاخ منها ثم تعلق لفترة معينة في الفراغ يتبعه اندماج في حالة جديدة. هذه الفترة المتوسطة هي فترة حيرة وتشتت والتباس وتماهي للقيم الحاكمة في الفترة الأولى تأسيسا لقيم جديدة في الفترة المستقبلية هذه الفترة المجاز أو العتبة نلمحها في شخص "بطل محفوظ" بكل جلاء، ولكنها امتدت وطالت خالقة ما يشبه "الأزمة" والحق أن النظر للمحيط العام للبطل نجده ينطوي على امكانيات الصلاح والإبداع للخروج من المأزق وأيضا ينطوي على امكانيات الفساد والسقوط. كان تساؤل المؤلف عمن بإمكانه الحياة في وسط "المجاز"= هو بلا شك شخص "مزدوج" قادر على الخداع والمكر والاحتيال والمراوغة ، أحيانا يكون شريرا وأحيانا يكون صالحا وهو ساخر وهزلي....شخص قد ندعوه "بالحاوي". ما فعله المؤلف(مؤلف الدراسة) انه نقل الكلام من حالات فردية مستقلة بخصوصية ما للتعامل بالنموذج المجرد منها في مواضيع كالسياسة وعلم الاجتماع،وعلى العموم هذا ليس غريبا إذ أذكر كلام كونديرا "...وفهمت دفعة واحدة أن الاليات النفسية التي تتحكم في الأحداث التاريخية الكبرى (التي تبدوا غير خارقة وإنسانية) هي ذاتها التي تتحكم في الأوضاع الحميمية (العادية والمفرطة في انسانيتها)."إن استعانتي ب"طريق" محفوظ ليس إلا لتبيان فكر مؤلف الدراسة وانا اعتقد في التشابه الكبير بين منطلقى التوضيحي ومنطلقه من الأعمال النثروبولوجية التي تتعامل مع الواقع بطبيعته الدرامية "تقع فيه أحداث متنوعة، وتظهر فيه صفات مختلفة، وتتسم بالطابع الجدلي" وهو ما تؤكد عليه الروايات عموما! هذا النموذج المستقى استخدم لتفسير حالات مثل الثورة من حيث هي كذلك والظواهر المرتبطة بها= عندها يبدوا واضحا قيمة تلك النماذج خاصة حال عجز التصورات السياسية والإجتماعية عن تفسير بعض الظواهرمحل اهتمامها في الأصل.فالثورة وقت فراغ. المجتمع يكون معلقا فيه منسلخا من حال معين وبصدد الاندماج في حالة جديدة وحال الثورة هو حال "المجاز" فترة الاضطراب والحيرة والالتباس والشتات وتنطوي على امكانيات النهوض والتقدم او امكانيات التراجع لنفس الحال المراد في الاصل الانسلاخ منها. ظاهرة كظاهرة بزوغ نجم "توفيق عكاشة" في وقت كوقت الثورة وأن يكون له جمهور يُعد بالملايين من مختلف الطبقات مع انعدام كل المهارات المتوسم توافرها في الإعلامي مع التفاهة الواضحة في كلامه وتداخل المعاني واللعب المستمر على وتر واحد بلا تغيير والهجوم المستمر على فصيل بعينه والتشنيع على الثورة وشبابها_ هذا البزوغ مع كل دواعي تهدُّمه في ظل تواجد إعلاميين أقل وصف لهم أنهم "كالحيتان" شئ غريب ومدعاة للتأمل. . انكسار التفسيرات السياسية والاجتماعية جعلت المؤلف يكتبها صراحة أن المجلس العسكري_على اعتبار القول انه الداعم لظهور عكاشة_ هو الذي كان في حاجة له لا العكس وان عكاشة صنع نفسه بنفسه إلى حد ما،فلما لم يبزع نجم أحد الإعلاميين بزوغ عكاشة مع كونهم محل دعم المجلس العسكري، والتفسير الاجتماعي المتحدث عن سهولة خطاب عكاشة وقربه من الطبقات الدنيا وخاصة الفلاحين مع كثرة عددهم هو الذي ضمن له النجاح لم يحر جوابا أمام الموجة الواسعة من حاملي الشهادات العليا ومتابعين ل"عكاشة. أحال المؤلف أن الثغرة في البناء الوضعي لطبيعة العلوم الأنفة هو المسئول عن عجزها عن تفسير ظاهرة عكاشة "فالاعتماد على الحس والتجريب بحثا عن القوانين المطردة التي تنظم عمل الظواهر" لربما أصبح عائقا في ظل غياب الأحداث المراد تأطيرها والخروج بقانون يحكمها على اعتبار ان السيد عكاشة كان سريع الظهور وبلامقدمات يسهل تتبعها وعلى العكس من ذلك فالعلوم الانسانية(الانثروبولوجيا)"لاتطلب القوانين التي تنتظم فيها كل الظاهر وعليه فلا تتعامل مع احتمالية الحدوث بالتذمر والضيق نفسه في غيرها من العلوم" وانما التفسير للظاهرة أيا كانت الطريقة، وعليه كان نجاح الانثروبولوجيا في فهم ظاهرة "عكاشة" باعتباره "حاو" قادر على التعايش في وسط" المجاز" على عكس غيره من الاعلاميين.ف"عكاشة" شخصية مزدوجة فهو حينا تافه ويستدعي السخرية وحينا أخر هو خطير ومسبب مشكلات وعلى تعبير المؤلف هو"مخيف" حتى انه لم يود تنظيم لقاء معه، واتخذ كتبرير لوسمه بهذه السمات مواقفه= فتارة يطلب من أحد الكوادر السياسية ألا يترشح للرئاسة الا اذا عرف كيفية "تزعيط" البط و"ركنة" الماشية كم تكلف، وتارة يندد بمؤامرة صهيونية على الشعب الالماني المسكين وتارة يتحدث عن الحكم الماسوني خلف الأهرامات!!! وهو كله مدعاة للضحك، ولكن على صعيد اخر فهو صاحب شائعة حقيرة عن ترك مجلس الشعب لمهامه والانخراط في جدل حول علاقة الرجل بزوجته بعد الموت!!!! وأخرى عن التشكيك في صحة واقعة سحل إحدى السيدات حتى ان المؤلف في حوار له مع احد الباعة انتفض البائع منددا بكم الأكاذيب التي يساعدهم على كشفها السيد عكاشة وبرنامجه وأخرى عن توريط أحد الصحفيين الأجانب وعلى تعبير المؤلف في سلسلة من المؤامرات لايدري راسه من قدميه فيها، ناهيك عن المؤسسات الدراسية الداعمة للديمقراطية التي تم التضييق عليها جراء حملاته عليهم.......هذا وغيره كاشف عن مدى سخفه ولكن خطورته، هزله ولكن خداعه....فهو بلاشك حاو. كانت النتيجة التي انتهى اليها المؤلف أن مع انتهاء وضعية المجاز سيختفي توفيق عكاشة، وبالفعل فانتهاء فترة "المجاز" حقيقة على يد الجنرال السيسي انهت حالة الإلتباس والشتات واعقبها اختفاء عكاشة. كانت هذه التلميحة للمترجم الحاذق وله على عمله وترجمته إشادة ما بعدها. تظل مشكلتي مع الدراسة أنها لم تحدد اسبابا بعينها وأحداث معينة متى توافرت خلقت لنا شخص الحاوي أو عكاشة وإنما كان قصاراها التفسير والتنبؤ في حد ضيق لا التملك من الظاهرة ككل، ولكنه بحث مُنْتج على أي حال ويكفيه ما وصل إليه. في النهاية شخص الحاوي عند نجيب محفوظ في الطريق كانت الفتاة الغانية زوج صاحب الفندق، حيث استغلت التشتت والحيرة عند "الرحيمي" وقامت بتضليله ليقتل في النهاية، فهي في هذا السياق ك"عكاشة" ولكن من بطريقة أخرى، وعلى سياق فردي.....هذا كان تعليقي إليك عن "حاوي الثورة المصرية" فلا تتأخر في الرد علي. وإلى اللقاء حتى حين.
جرعة فكرية تفسيرية منشطة رائقة وعذبة وجميلة، جملتها الترجمة التي بالتأكيد تتجاوز كونها مجرد ترجمة.
سأحاول قدر الإمكان أن أرتب مراجعتي وأفكاري:
بداية: عن مضمون الكتاب:
الفكرة الأساسية بالكتاب هي استخدام نموذج "تفسيري" ذا تفسيرية أقوى أو أعلى من النماذج الخاصة بالتشريحات الاجتماعية والسياسية التقليدية (السوسيو-سياسية) كما يقول المؤلف، لظاهرة "وضعية المجاز أو العتبة"، الذي لم يطورها المؤلف قدر ما أجاد توظيفها واستخدامها، وبطل الأنموذج المقدم هو توفيق عكاشة، الظاهرة الإعلامية الفريدة. يجادل الكتاب بأن المجتمعات مثل الأشخاص يمرون بمراحل ثلاث في "طقوس العبور" أو التحول الاجتماعي أو السوسيو- سياسي، أو بأربعة مراحل في نموذج آخر لفيكتور تيرنر، أهم هذه المراحل -بالنسبة لهذه الدراسة- هي مرحلة "المجاز أو العبتة" [شرح جميع هذه المصطلحات الأكاديمية المترجم ببراعة في مقدمته التأسيسية للكتاب]، وأن المجتمع في هذه المرحلة الخطرة يكون فيما يمكن بوصفه بحالة من الفوضى أو التشويش، يتساوى فيها الجميع. وهذه الحالة هي البيئة الطبيعية الحاضنة لشخصيات "الحاوي" لذا يبدو وحده منسجم ومتسق مع ذاته في هذه المرحلة عكس المجتمع كله، وهنا تكمن خطورته حين يتصدر المشهد، فهو شخصية لا يمكن التنبؤ بماذا تخفي في جعبتها. هذا الأنموذج يقدمه الكاتب ويجادل به على أنه الأنموذج الأكثر تفسيرية لظاهرة -مثل- توفيق عكاشة في المجتمع المصري.
ثانيًا: عن عمل المترجم: لأول مرة للحقيقة أقابل المترجم/الكاتب كاسم، وليست لدي أي معلومة عنه، لكنه بالتأكيد أبهرني بعمله، فهو ناقل للمعنى، استوعب فارق التوقيت اللغوي (إن جاز التعبير) وكان أمينًا قدر المستطاع في عمله. لكنه لم يتوقف عند حدود الترجمة المعهودة، فكما ترجم الورقة/الكتاب، ترجم لها، ولمؤلفها. وعلى غير العادة أهدى للقارئ أدواته اللازمة، ليجعل من أميّ بالبحث الأكاديمي المتخصص قارئًا، وليعطيه القد��ة على النقد والرؤية. ولم يتركنا عند هذا الحد، فهو عند كل لحظة قد يضيع القارئ فيها، يأخذ فيها بيده، ويرسل له ب"هامش سلامة". وفي النهاية اشتبك مع الكتاب، فأنكر ذاته، وقدم خلاصة للبحث بصورة راقية أنيقة سلسلة. فكل التحايا لك أيها الرجل المحترم، وخالص الامتنان والاعتراف بالجميل.
ثالثًا: أقدم شكري أيضًا لدار النشر على حسن الاختيار.
رابعًا: قراءات فيما وراء النص: 1- التداخل بل والتشابك في النطاقات البحثية للعلوم الإنسانية: يتضح جليًا -في رأيي- أن المساحة التي يناقشها الأنثروبولجي الآن، ليست نفسها المساحة القديمة التقليدية للعلم ذاته في القرنين السابقين، أو الثلاثة. كما أن الكاتب وإن كان يجادل بقدرة الأنثروبولجي التفسيرية، لم يكن يستطيع إتمامها، بل ومن المستحيل إتمامها (أي الدراسة) بدون الاستعانة بدراسة سوسيو-سياسية. فمن هذه الناحية، هل يمكن لمجتمع لديه درجة -مطلوبة- من الوعي أن يتم التغرير به عن طريق "هلفوت" مثل عكاشة؟ هل يمكن معالجة الظاهرة بدون الرجوع لشخصية المجتمع؟ ولماذا -مثلًا- لم يذيع صيت حواة آخرون في نفس الوقت الذي لمع فيه عكاشة؟ كلها أسألة لا يمكن لأنموذج الكتاب الأنثروبولجي تفسيرها وحده. ومثلها أيضًا الأسئلة السياسية الأخرى: هل كان من الممكن لعاكشة أن يكون دون الدعم اللوجيستي الذي تحدث عنه الكاتب؟ وغيرها الكثير من الأسئلة. ومن الناحية السيكولوجية أيضًا، وبل في حالة عكاشة أيضًا أستطيع أن أجادل بالناحية الفسيولوجية. المقصد أن الدراسة بلا شك تؤكد على تقاطع هذه العدسات المختلفة لدراسة الظاهرة الإنسانية، ولعلها تؤكد على فرادة الإنسان في الكون بالفعل. إلا أنها بالرغم من هذا تضع "المشروعية" العلمية لكل منها قيد الاتهام والنظر والصد والرد. وهو ما يدفعني على الأقل: هل يمكن بيوم من الأيام أن تلتحم هذه المجالات العلمية المختلفة أو تتحد؟
2- الخطاب الاستشراقي: من البداية طرحت الدراسة نفسها -عليّ- على أنها جزء من الخطاب الاستشراقي الأكاديمي، الذي بات فيما يبدو يعرفنا أكثر من أنفسنا، ولا زال يعتبرنا حقل تجاربه العلمية. إلا أن لي ملاحظة هنا، وهي: اختفاء الذات، أو الموضوعية العلمية، للباحث، الذي حتى لا يقول من "نحن" ومن "هم"، وهو ما قد يؤول باختفاء الخطاب -طريقة التفكير والتعبير- الاستشراقي كما طوره إدوارد سعيد، ولكن وجودنا على شريحة الاختبار الأنثروبولوجية يعيدنا للتفكير من جديد.. (كانت مجرد ملاحظة)
3- ضعف المقدرة التفسيرية لسيكولوجية الحاوي: باختصار: من هو الحاوي؟ إن الطبيعية الإنسانية (أقصد الخصائص والصفات) بينة التناقض، وفي حال صيرورة وصراع مع النفس طوال الوقت، ليست طوال الوقت شريرة، وليست طيبة، ولا يمكن التنبؤ -القطعي- بماذا سيفعل أي إنسان! فمن هو الحاوي أساسًا؟
وختامًا: سعدت كثيرًا بصحبة هذا الكتاب على مادر اليوم. وجزيل الشكر والامتنان للمترجم: شكرًا طارق عثمان
مقاربة انثروبولوجية لفهم ظاهرة توفيق عكاشة قبل ان نتكلم عن البحث يجب ان نشيد هنا بالمجهود الرائع للباحث المتميز جدا طارق عثمان مترجم الكتاب والذي ازعم انه لو كان مترجما غيره لما ظهر الكتاب بهذه الصورة أثر المترجم ويكاد يكون اقوى من والتر ارمبرست صاحب البحث الاصلي اذ ضمن المترجم مقدمة وعرض لاهم المفاهيم المستخدمة في البحث ثم تعقيب مهم يلخص افكار البحث ولولا هذه الاجزاء الثلاثة لاستعصى البحث البحث على غير المتخصصين ولفقد الكتاب كثيرا من قيمته نعود للكتاب لجأ الباحث للمدخل الانثروبولجي لتحليل وتفسير ظاهرة عكاشة حينما وجد ان المدخل السياسي القائل بدعم المجلس العسكري له غير كافي لوجود كثير من الوجوده المدعومة لم تحظى بنفس النجاح والتأثير كما وجد ايضا ان التفسير السوسيولوجي القائل بان لهجته البسيطة واسلوبه العامي الاقرب لفهم البسطاء والجلهة هو السبب كان ايضا غير كافي لان من ضمن المتابعين والمتأثرين بعكاشة كان هناك اساتذة جامعة وافراد من مختلف طبقات وفئات المجمتع لذا قرر الباحث تفسير الظاهرة انثروبولوجيا من خلال مفهوم ( العتبة او المجاز) الذي يشير الى فترة بينية للمجتمع يكون فيها قد انسلخ من حالة قديمة ولا يدخل في حالة جديدة بعد مثل الفترة الانتقالية بعد الثورة وهذه الفترات تكون ضبابية ومقلقة ولايوجد فيها معايير واضحة على الاشياء وهنا تنشط شخصية ( الحاوي) التي تعيش على حافة المجتمع وتتميز بالغموض والتناقض وفلا تستطيع الجزم بانه سخيف او خفيف الظل ولا هل هو ذكي ام غبي وكذا ولكنه يبدو للناس وكانه يفهم ما يحدث وعلى دارية بكل الامور ويوهمهم انه سيقودهم للخروج من ( ازمة المجاز) المقلقة والمخيفة ولهذا يزداد تأثيره وشهرته ولعل أفضل دليل على صدق هذا التحليل هو خفوت نجم عكاشة فعليا بعد ان انتهت فترة المجاز في مصر الكتاب جيد
ما قبل الكتاب كانت نظرتي لتوفيق عكاشة بأنه شخص ساذج و مادة خام للسخرية و الضحك و لا يمكن ان ياخذ كلامه و افكاره علي محمل الجد لاكن الكاتب في هذا الكتاب اخذ ظاهرة توفيق عكاشة علي محمل الجد بدأ الكتاب بتعريف لظاهرة الحاوي و اختلاف مظاهرها من ثقافة لاخري و ما يفعله الحاوي من محافظة علي تشويش المعني و التباسه و غموضه فدوره يخرق الحدود بين المعقول و اللامعقول و بين الصح و الخطأ و بذلك يطيح بين المعني و التماسه. ثم تعرض الكاتب لظاهرة الحاوي توفيق عكاشة و كيف تدرج من مقدم برامج مغمور في التلفزيون المصري لشخص يقدم نفسه كحاصل علي دكتورة من جامعة امريكية "غير موجود من الأساس" و من المفارقات المضحكة أدعائه حصوله علي الدكتورة من جامعة امريكية و في نفس الوقت لا يستطيع قراءة كلمات انجليزية في محاولة منه لتقمس دور الشخص البسيط الريفي المتمسك بلغته الام و الرافض للانجليزية. عكاشة كان يمثل مفجر الثورة المضادة بداية من مظاهرات العباسية حتي انقلاب 2013 فهو كان بمثابة زراع اعلامي للمجلس العسكري في النهاية الدراسة توسع افاق لمفاهيم في الاحداث السياسية عموما و الثورات خصوصا و بيئة المجاز التي تعد بيئة خصبة لظهور شخصية الحاوي "قدرة الدجال أو المشعوذ علي تضليل الجماهير اشد من قدرة العبقري علي انقاذهم "
عن كتاب (حاوي الثورة المصرية: دراسة أنثربولوجية لظاهرة توفيق عكاشة)، والتر أرمبرست. لماذا تحوّل "توفيق عكاشة" من مجرّد سياسي وإعلامي مغمور قبل ثورة يناير، إلى نجم بالغ التاثير في المجال السياسي المصري للدرجة التي جعلته متحدّثًا غير رسمي للثورة المضادّة؟! محاولة الإجابة عن هذا السؤال بشكل صحيح وافٍ، من خلال "مقاربة سياسية" تفسّر السبب في ذلك بدعم المؤسسة العسكرية له، ليست كافية؛ فهناك كثيرون من السياسيين والإعلاميين الذي حظوا بنفس الدعم دون أن يكون لهم نفس شهرة وتأثير "عكاشة". أيضًا، محاولة البحث عن إجابة صحيحة وافية لهذا السؤال، من خلال "مقاربة سوسيولوجية/اجتماعية" تفسّر سبب نجومية "عكاشة" وتأثيره راجعان إلى طبيعة خطابه الملائم للفلاحين وغير المتعلمين والطبقة المتوسطة السُفلى، هي محاولة غير واقعية بشكلٍ كافٍ؛ فجمهور "عكاشة" تضمّن حاملي شهادات عملية مرموقة وأصحاب مناصب عالية وكثيرًا من البرجوازيين. ما السبيل الأمثل للإجابة عن سؤال بزوغ نجم "عكاشة" واشتهاره واتساع تأثيره إذًا؟! في كتابه (حاوي الثورة المصرية � دراسة أنثربولوجية لظاهرة توفيق عكاشة)، الذي ترجمه الباحث الأريب طارق عثمان، ونشره مركز نماء للبحوث والدراسات، يحاول البروفيسير الإنثربولوجي "والتر أرمبرست" استخدام "مقاربة أنثربولوجية" لدراسة الثورات، تعامل فيها � بصورة علمية رصينة للغاية- مع "عكاشة" كـ(حالة مرتبطة بمرحلة) وليس كـ(شخص مرتبط بجهة). المزيد عن الكتاب، في مقالتي (هل حقًا تعرف حاوي الثورة المصرية؟)، على الرابط: وقت ممتع.
كيف يمكن لشخص مغمور تماما ان يبزغ فجأة ويشتهر في بيئة سياسية ما بحيث يتحول إلى شخص مؤثر فيها بالرغم من كونه لا يتمتع بالامكانيات التي تؤهله لمثل هذا الدور ؟ يوجد 3 مقاربات لفهم توفيق عكاشة ( ليس توفيق كشخص بذاته بل كظاهرة عابرة للثقافات )
1- المقاربة السياسية وهي ببساطة ان هناك عدة قوى سياسية تتصارع على السلطة وبالتالي يمكن اعتبار توفيق عكاشة فقط ذيل وابن"مخلص" لاحداها ، ونقد هذه المقاربة هو ان المجلس العسكري او الحرس القديم (نظام مبارك) والاخوان ايضا كلهم دعموا اعلاميين بعينهم ولكن كل هؤلاء الاعلاميين بما فيهم المشاهير واصحاب التاريخ الطويل في الاعلام كعمرو اديب مثلا لم يحققوا نجاح كنجاح عكاشة في الفترة 2011-2013
2- المقاربة السوسيولوجية وهي تفسر الظاهرة ان بزوغ عكاشة يرجع الى نمط الخطاب الذي يقدمه فهو خطاب ملائم تماما للفلاحين وغير المتعلمين والطبقة الوسطى الدنيا ، ونقد هذه المقاربة ان جمهور عكاشة لم يقتصر على الاميين وافراد الطبقة الوسطى وانما كان متغلغلا في مختلف طبقات المجتمع ، بالاضافة الى ان هذه المقاربة لا تفسر خفوت نجم توفيق عكاشة بعد 2013 .. فأعداد الاميين والفلاحين لم تنقص فجأة بعد الانقلاب!!
3- المقاربة الانثروبولوجية وهي ما يقدمه والتر ارمبرست في هذا الكتاب معتمدا على عدة مفاهيم هامة ، وارى انها قد تساعدنا في فهم كثير من احداث العالم وليس فقط الوطن العربي كمفهوم (ضد البنية ) ومفهوم (وضع المجاز) و (الحاوي) و (أزمة المجاز) الكتاب في الاصل ورقة متخصصة لكن بفضل الاستاذ طارق عثمان خرج بشكل جميل للقارئ غير المتخصص باستثناء فصل واحد وان كنت ارى انه لا يؤثر على الافكار الاساسية في الكتاب. ملاحظة هامة: لا غنى عن مقدمة وخاتمة طارق عثمان لفهم الكتاب.
أنا محتار أبدأ منين؟... من الدراسة المهمة والجديدة كليًّا وجزئيًّا عليا. ولا من الترجمة المميزة لـ’’طار� عثمان ‘� والمُساعِدة جدًّا لغير المتخصصين في الأنثروبولوجيا زيي كده، واللي أكاد أجزم إنها ساعدت متخصصين والله؛ من فرط لطافة الترجمة ومساعدتها وتفسيرها للدراسة. ولا من الشكر لنماء على إنهم ترجموا دراسة مهمة زي كده، وبسعر ’’مصر� ‘� حلو جدًّا.. مش عارف!
اللي أعرفه كويس إنه غالبية الإنتاج المصري عامة شيء مالوش قيمة نهائيًّا، وإنه أي أكاديمي أو دارس مصري عنده ضيق أفق وقيود في الخيال وعمليات التفكير؛ اللي بتشكِّل الإطار اللي بيحاولوا منه فهم الحالة المصرية عامة، في أي وقت وحالة. وقليل منهم جدًّا اللي الواحد ممكن يعتبره باحث فاهم حقيقي وقادر على استخراج الفكرة والتحليل من بطن الفيل.
حتى إنهم لو اتعرض عليهم فكرة دراسة زي كده مش هياخدوها على محمل الجد رغم أهمية الأفق والتعامل المختلف للثورة اللي فتحته الدراسة، والربط بين الأنثروبولوجيا والثورة، واعتبار الثورة مرحلة ’’مجا� أو بين-بين ‘� في تفكير وتصرفات الشعب، بين مرحلة الانفصال –قب� الثورة � ومرحلة الاندماج –نتيج� ما بعد الثورة � وطبعًا التفكير خارج الإطار الكلاسيكي للسياسة والاقتصاد في التعامل مع الثورة.
وطبعًا الترجمة المصرية مش أفضل حالًا أوي؛ لكنّها بتتحسِّن وبتتميّز، ويارب كل المترجمين الشباب المحترمين يترجموا لدور نشر مصرية عشان الأسعار بس، عشان منستحرمش نطبع الكتب الـpdf ونستفيد من وراها حرام.
أنا اتبسطت وأنا بقرأ الدراسة، ربما يكون ليها ألف نقد، وربما تكون في الجون؛ لكنّها مهمة من وجهة نظري. ودار نماء زي ما كنت بتكلم مع دكتور هدهود، وعبد الرحمن سعيد وعبد الله عشري إنها مهمة وأعمالها وإصداراتها لطيفة جدًا، وأسعارهم وخصوماتهم حلوة جدًّا برضو.
كتاب صغير الحجم كبير القيمة ينتهج تحليلا مختلفا وطريفا لتفسير ليس فقط ظاهرة توفيق عكاشة بل ووضعية الثورة المصرية كلها ،لست متخصصة لأحكم على فعالية هذا المنهج الأنثروبولوجي ولكني متفقة تماما معه وأراه نجح في تفسير ظاهرة عكاشة كحاو في وضعية مجاز ببراعة ،الكتاب سهل في مجمله وقد ساعد مجهود المترجم المتميز في التغلب على بعض المفاهيم والمصطلحات الصعبة والمتخصصة ه
عنوان الدراسة أكثر إثارة من الدراسة نفسها. لا بأس فيها، لكنّها قصيرة بكشل مخلّ. المترجم كان وعظي بعض الشيء، فتدخلاته الكثيرة في الهامش، وإضافة كلمة له بعد نهاية الدراسة تشير إلى رغبة عميقة في "دحش" الفكرة - البسيطة ويسيرة الفهم بالمناسبة - في رأس القارئ. وفي هذا سوء ظن بذكاء القارئ. عمومًا الكتاب جيّد في بعض المناحي، ويمكن البناء عليه (على الأقل في المقاربات التحليلية التي انطلق منها).
من الكتب ذات النمط المختلف .. مقدمة طويلة أشبه بكتاب ربما قراءتها بمفردها تعطي للقارئ زخماً معرفياً يمكن أن يجده في مجلد ، أربعون صفحة هي مقدمة كتبها مترجم الكتاب طارق عثمان استطاع فيها أن يضع القارئ أمام مجموعة كبيرة من المصطلحات كأرضية تيسر عليه فهم منهج تفسير الظاهرة الذي قام به المؤلف.
أما الدراسة في حد ذاتها نموذج رائع غفل عنه أغلب الكتاب العرب أو الباحثين في قراءة الواقع من خلال دراسة ظاهرة وربط الظاهرة بالمتغيرات وبنظريات علوم الاجتماع .
الكتاب رغم دسامته التي يظنها القارئ في البداية إلا أنه ممتع للقارئ العادي ومفيد للباحثين كنموذج بحثي عميق رغم بساطة الفكرة التي تبدو من العنوان.
كتاب جميل .. مقاربة مفيدة لفكرة الثورة من وجهة نظر أنثروبولوجية .. تناول مدهش لتوفيق عكاشة كظاهرة كان تناولها عادة من قبل المثقفين المصريين يتسم بكثير من الاستهانة والتسطيح.
استفدت من الكتاب كمدخل لمواضيع بعينها من خلال هوامش المترجم، طارق عثمان، وترجمته على قدر كبير من الإمتاع والسلاسة.
أعيب بعض الإطناب لنقاط جرى تفصيلها أكثر من مرة في مقدمة الكتاب، وخاتمته، وفي متن الكتاب نفسه، وإن كان التكرار مفيدًا في كثير من الأحيان كتأكيد على أفكار بعينها أو توضيح لها من زاوية مختلفة أو بتعبيرات مختلفة، كان هذا مفيدًا بصفة خاصة لي كقارئ غير متخصص، وإن مللت في أحيان قليلة للغاية.
أهمية الكتاب/البحث دا أنه بيأكدلنا ان العلم لا يكيل بالبتنجان. في محاولتنا جميعا لتفسير الانتشار الغريب للعكش انقسمنا بأنه مدعوم من الجيش و المخابرات أو ﻹ� طريقته بتوصل لفئة معينة، الكتاب/البحث دا بقى عرفنا ان العلم والبحث ممكن يوصلك لنتيجة اكثر شمولية ومنطقية واخيرا شكرا للمترجم اللي هو كمان حسسني انا شخصيا ان الترجمة لا تكيل بالبتنجان
المترجم عظيم والمداخلات الي عملها في الكتاب كانت فارقة في إنها تحول مسار الكتاب من كتاب يقراه قاريء على دراية بمصطلحات الأنثروبولوجيا إلى كتاب يقراه قاريء عادي زيي ببمنتهى السلاسة... أما بالنسبة لمحتوى الكتاب فهو كان هايل وبيبين الفرق بين الناس اللي شغالة بالعلم وبتاخد أكثر الحاجات سخافة على محمل الجد وبين الناس اللي شغالة بالفهلوة واللي يحب النبي يزق
الفكرة مهمة، لكن التناول ليس متعمقًا بالقدر الكافي، فالباحث لظروف أمانه الشخصي، المتفهمة للغاية، لم يقابل عكاشة، ولم يجرؤ أصلاً على طرح السؤوال بشكل مباشر في الدوائر التي كان يقابلها من أجل كتابة لورقة البحثية.
أما عن المترجم، فكعادة الترجمات من التيار الإسلاموي الحضاري، فإن حجم تعليقاتهم يتجاوز أصلاً حجم النص المُترجم!
الدراسة جيدة وبحث جيد عن في ظاهرة المجتمع ككل من منظور مختلف. لم يعجبني طريقة عرض تفسيرات المترجم في الهامش. وايضا شعرت أن الكتاب احتاج أن يحتوي على عدة دراسات
توفيق عكاشة والإنثروبولوجيا.. الكتاب عبارة عن دراسة عن ظاهرة توفيق عكاشة ..ولكن هل يستحق هذا الأبله ان يكون محل لدراسة أحد ؟ فى تلك الدراسة لن يتم التعامل مع توفيق عكاشة كفرد ولكن كظاهرة فى المجتمع المصرى فبعد قرائتك لتلك الدراسة سوف تستطيع فك رموز هذا الكائن العكاشى ومعرفة اسباب شهرته ونجاحه وكذلك أسباب أفول نجمه وخروجه من الساحة ، وسوف تعرف أيضا بعدها هل من الممكن أن تعود تلك الظاهرة العكاشية أم لا..سوف تستطيع الإجابة عن سؤال ظل يراودنى شخصياً طيلة تلك السنوات وهو ..من المفهوم أن يقتنع عوام الناس بعكاشة ولكن كيف يقتنع "أصحاب الفكر والرأى" به؟ سوف تجد ضالتك فى هذا الكتاب.. فكرة الدراسة الرئيسية تعتمد على انه لا يمكن تفسير ظاهرة عكاشة من الناحية السياسية ولا من الناحية الإجتماعية برغم أهميتهم فمن الناحية السياسية فقد يقول قائل ان عكاشة نجح لعلاقته بالمجلس العسكرى سياسياً ولكن هذا مردود عليه بأن كل مقدمى البرامج والسياسيين كانت لهم علاقة أو اكثر بالمجلس العسكرى ولم يلقى احدهم نجاح عكاشة وذلك رغم أنه محدود الإمكانيات والثقافة بالنسبة لباقى الإعلاميين، أما من الناحية الإجتماعية فقد يفسر بأن خطاب عكاشة بسيط ويناسب الطبقة الدنيا والرد هنا أن جمهور عكاشة لم يكن من تلك الفئة فقط . اذن الحل هو المقاربة الأنثروبولوجية( علم الأنثروبولوجيا هو علم الإنسان واعماله وسلوكة وما الذى يؤثر فيه ) فالتفسير الأنثروبولوجى لظاهرة عكاشة ينصب على نقطتين أساسيتين وهما : - الأولى : المجتمع المصرى بعد ثورة يناير كان فى وضعية " مجاز" وضعية غير مستقرة ، وضعية بين بين ، وضعية إنهيار المؤسسات ، وضعية التشويش وعدم التأكد من صحة المعلومات . - الثانية: عكاشة هو عبارة عن "حاوى" شخصية غير أخلاقية بالمرة لا تلتزم بأى قيم أو معايير ، مثير للضحك والرعب فى آن واحد ، شخصية مزدوجة يبدو عليه الذكاء احيانا والغباء احيانا أخرى أى أنه شخصية غامضة ، واكبر مثال لشخصية عكاشة تاريخياً هو "جحا" حيث تشير حكايات كثيرة إلى غباء جحا وحكايات أخرى إلى حكمة جحا وذكائه. - البيئة المناسبة لشخصية الحاوى هى وضعية المجاز ، هى وضعية عدم الإستقرار سوف يلجأ إليه الناس ويصدقوه ظناً منهم أنه سوف يساعدهم فى عبور تلك الأزمة إلا أنه " الحاوى" سوف يستميت لإطالة أمد تلك المرحلة وهى مرحلة التشويش والإلتباس لإنه بإنتهائها تنتهى ظاهرته من الوجود، وهذا ما يفسر لنا الآن لماذا اختفى عكاشة ومتى يعود. - الكتاب به تفاصيل كثيرة ولكنى حاولت الإختصار قدر الإمكان دون الإخلال بفكرة الكتاب الرئيسية ..الشكر موصول للأستاذ / طارق عثمان مترجم الكتاب..الرجل لم يكتفى بالترجمة المحترمة للكتاب بل بذل مجهوداً فى تعريف القارئ بالكثير من المفاهيم الموجود بالكتاب كما أنه أورد مقدمة وخاتمة للكتاب غاية فى الأهمية والقوة .
يبدأ المؤلف كتابه بشرح بعض المفاهيم السيسولوجيه و التي سوف يستخدمها لتفسير سطوع نجم توفيق عكاشة و اهمها هي وضعية المجاز و باختصار شديد هي وضعيه بين بين ....أي هي وضعيه قبلها كان نظام ما و بعدها اما نظام آخر او رجوع النظام القديم...وهذه الوضعيه ضروره و مرحله انتقاليه في المجتمعات و لكن اذا طالت مدتها الزمنية فقد تؤدي الي بلبلة و حدوث فوضى في المجتمع نتيجة للتشويش الذي يصيب مفاهيم و افكار و بنية المجتمع وقتها ....ثم عرج المؤلف الي تعريف كلمة حاوي في الثقفات المختلفة(سواء العربية او غير عربية) و ما خرج به المؤلف لنا هو أن الحاوي شخصية يغلب عليها الغموض و التناقض الشديد و يصعب تصنيفها أو وضعها في نمط معين و تعتبر سمتي الازدواج و الغموض أهم سمتين في شخصية الحاوي, لذلك فوضعية المجاز هي أنسب وضعية لظهور الحاوي حيث تلائم مع شخصيته فما يفعله الحاوي أثناء وضعية المجاز هو المحافظة على تشويش المعنى و التباسه و غموضه عن طريق اداؤه الغامض و الملتبس فهو يعمل علي زيادة التشويش لأفراد المجتمع. ما قام به المؤلف في هذا الكتاب هو اسقاط هذين المفهومين علي الثورة المصرية و توفيق عكاشة , لذلك فليس من المستغرب أن يلقي عكاشه قطاعا ليس بقليل من الجماهير بخلفيات اجتماعية مختلفة. في النهاية يرى المؤلف أن بانتهاء حالة المجاز أو بظهور شخصية شعبية كاريزمية سيخمد نجم عكاشه و ينتفي اثره و هذا ما حدث مع فشل الاخونا و ممثلهم الرئيس السابق محمد مرسي من الخروج من وضعية المجاز و نجاح المؤسسة العسكرية و الممثله في عبد الفتاح السيسي الرئيس الحالي لمصر