أردت من تأليف هذا الكتاب أن يكون أشبه بموسوعة فلسفية تشتمل على مذاهب ونظريات وأفكار فلاسفة تعارف على تسميتهم في تاريخ الفكر الفلسفي الإنساني باسم فلاسفة "الفلسفة الحديثة" تمييزاً لها عما جاء به السابقون عليها من فلسفة أهل الشرق في مصر القديمة، والصين، والهند، وبلاد فارس القديمة (إيران الحالية)، وفلسفة اليونان، وفلسفة العصور الوسطى، وعما جاء به اللاحقون عليها وهم أقطاب الفلسفة المعاصرة الذين ظهروا منذ بداية القرن العشرين أي بعد وفاة نيتشه وحتى شروق شمس القرن الواحد والعشرون والألفية الثالثة. وطبقا لما تصورته فقد آثرت أن أبدأ الكتاب بباب يتضمن فلسفة العصور الوسطى وعصر النهضة في الغرب لما لهما من آثار مازالت باقية ربما حتى يومنا هذا، قبولاً ورفضاً، تأسيساً وتطويراً. ثم باب ثان يتضمن المذهب العقلي ممثلاً في أكبر ممثليه: ديكارت وبسكال.. ومالبرانش.. وسبينوزا.. وليبنتز.. ثم باب ثالث يتضمن المذهب التجريبي وخير ممثليه جون لوك.. وجورج بركلي.. وديفيد هيوم.. مع إشارات داخلية في متن الباب إلى توماس هوبز وفرنسيس بيكون.
ولعلي أكون صادقاً مع نفسي أولاً ثم معكم إذا قلت أن تاريخ الفلسفة الحديثة يتضمن عدداً أكبر وأكثر من هؤلاء الذين أتى الكتاب على ذكرهم ولكنني أشرت إلى أهمهم وهم المؤثرون والمؤسسون، وهم الرواد والأساطين.