� «بدر الديب هو أكبر مثقف مصري» أحمد بهاء الدين � «قصص جارحة، كما يكون الصدق جارحًا. فإن كنت قد سئمت الكذب واشتقت إلى عذاب الحقيقة فهذا هو المطهِّر.. روحك سوف تنزف من أول سطر تقرأه.. وستظل (هذه القصص).. قلقًا دائمًا بعد أن تفرغ من قراءتها.. درسًا في الشجاعة» شكري محمد عياد � «لا أعرف كاتبًا عربيًّا يمكن أن نُسميه بكاتب الكُتاب غير بدر الديب.. كتابات بدر الديب تتسم بأنها كتابات طليعية سابقة لحساسية زمنها الفنية» صبري حافظ
شجع رشدي حمامو زوجته على الهجرة إلى الجزائر للعمل. تنتظر سميحة عبد العظيم تنفيذ حكم الإعدام بحقها بعد أن قتلت زوجها. يودع نصر الشربيني باستياء ابنته المسافرة مع زوجها، ويقضي ليلته منعزلًا في فندق قرب الميناء. تعيش زمردة أيوب الأيام الأخيرة من صراعها مع المرض في غياب ابنها وأحبائها. في الفسحة المتاحة بين الانفصال والموت، فرصة أخيرة لكل من الرواة الأربعة للبحث، من خلال الكتابة، عن نقطة البداية: بداية لإدراك المعنى، في حديث شخصي عن الحياة والحب والخيانة والفقد. تكشف هذه التنويعات الأربع براعة بدر الديب الروائية، وقدرته الفريدة على تمييز أدق التفاصيل في المشاعر الإنسانية، وأكثرها خفاء.
ولد بدر الديب (بدر الديب حب الله الديب) العام 1926 بجزيرة بدران بالقاهرة، وتخرج في قسم الفلسفة كلية الآداب جامعة القاهرة العام 1946، ودرس لمدة عام علم الجمال في جامعة السوربون علي يد ايتيين سوريو العام 1948، ودرس في جامعة كولومبيا مدرسة المكتبات، وحصل على درجة الماجستير في علوم المكتبات 1953، ودرجة مهنية للتأهيل للدكتوراه في علوم المكتبات يناير 1960، وقد تولى العديد من المواقع الثقافية المهمة مصرياً وعربياً ودولياً منها خبير اليونسكو في التوثيق التربوي وخبير للأمم المتحدة، وأستاذ غير متفرغ لتدريس تاريخ المسرح والنقد المسرحي بمعهد الفنون المسرحية، ورأس تحرير جريدة المساء القاهرية بين عامي 1967 و1986، أما دراساته وكتاباته الإبداعية وترجماته وتحقيقاته التراثية فهي كثيرة ومتعددة، فمن أعماله الروائية (أوراق زمردة أيوب) و(حديث شخصي) و(إجازة تفرغ) و(إعادة حكاية حاسب كريم الدين وملكة الحيات)، وفي الشعر له (حرف ال ح) و(إعادة حرف ال ح)، وفي المسرح له (الدم والانفصال) و(مرجريت امرأة غريبة)، وفي الترجمة له (الموت والوجود) لجيمس ب .كارس، و(تاريخ علم الجمال) لجلبرت وكون، وفي الدراسات له ثلاثة مجلدات من المقالات النقدية والدراسات المنشورة في الجرائد والمجلات المتخصصة، وله ترجمات لمسرحيات لشكسبير ووليم سارويان وتشكوف وكوفمان، هذا فضلاً عن تحقيقاته التراثية مثل (طبقات بن سعد) و(خطط المقريزي) و(رحلة أبي جبير).
بعد "عك" كثير من الإصدارات الجديدة يأتي بدر الديب ليصالحنا بروايته القصيرة أوراق زمردة أيوب. نُشرت في دار شرقيات منذ مدة، والآن تعيد الكرمة نشرها مع ثلاث قصص قصيرة، تحت عنوان حديث شخصي. بدر الديب يتحد مع سيدة مسيحية مصرية في طور الاحتضار، ينقل لنا مفهومها عن الزوج والأب والابن والعشيق، وأيضًا مفهومها عن الخطية والتضحية، والاتحاد بروح دميانة وطهرها وأيوب وصبره وإميلي ديكنسون وانحطاطها الأدبي. هناك جمل كثيرة رائعة الجمال في النص، وربما فكر بدر الديب كثيرا قبل أن يصوغ جملا بهذه الرقة، هذه ليست رواية مثيرة ولا تحوي إلا القليل جدا من الحركة، والكثير جدا من التأمل، عمل يذكرني كثيرا بكتابات إدوار الخراط، مع تكثيف أكثر وصور أوضح.
لا أذكر من قال إن الكتاب الجيد يجب أن يٌقرأ مرة أخرى من البداية فور الإنتهاء من قراءته. وهذا ما أشعر به بالضبط الآن تجاه هذا الكتاب الجميل والعميق. كتاب يبدو في الظاهر عادي ومتواضع ولكني لا أتردد في وضعه إلى جانب روائع الأدب العالمي في كل العصور. بدر الديب يغوص داخل نفوس أربع شخصيات، رجلين وامرأتين، في أربع قصص مستقلة ولكنها مكملة لبعضها في الهدف والمعنى وليس في الموضوع، وهي أيضا أربع تنويعات على مواجهة الذات بصدق وقسوة وصراحة.
هناك الكثير من الأشياء المهمة في هذا الكتاب : - تعرية قاسية للنفس ورغبة ملحة في الفهم والمعرفة والوعي لا تركز القصص على الأحداث والمواقف الخارجية بقدر تركيزها على تأمل كل شخص من الشخصيات الأربعة لمعنى ومغزى ما حدث: مثلا لماذا ترك فلان نفسه لهذا الإختيار، أو لماذا وافقت فلانة على هذا الشخص ولماذا تركت نفسها تنساق في تيار معين - مزج بين العام والخاص : أزمات الشخصيات تتداخل بقوة مع أزمات البلد السياسية والفكرية، مع الكثير من الإشارات للتاريخ السياسي المصري الحديث - في كل قصة يقف البطل أو البطلة في موقف "حَدّي" في مواجهة الموت أو الفقد أو ضرورة كشف الذات، وهي كلها مواقف وجودية حدثت نتيجة لظروف فعلية في الحياة، يشعر كل منهم أنه هو الذي جلبها على نفسه باختياراته وقراراته يوم بعد يوم، مع فكرة أن "المفاجآت" الفظيعة التي تحدث لنا ربما نكون نحن الذين تسببنا فيها بسبب طمعنا وخداعنا لأنفسنا، كما في القصة الثالثة مقابلة صحفية - في كثير من مواضع الكتاب هناك تساؤلات فلسفية ومقابلة بين الحياة والفن، وتركيز على أن الإنسان هو من يصنع حياته، لدرجة أن القصة الأولى تبدأ بلحظة إندهاش البطل إن اسمه كذا وأن اسمه هو شيء - ياللعجب - ملتصق به. ثم يعود في نهاية القصة إلى موضوع الإسم مرة أخرى في حركة دائرية
- القصة الأخيرة الأطول "أوراق زمردة أيوب" تحفة فنية مركبة من مستوى رفيع، ويمكن اعتبارها رواية مستقلة بذاتها، لولا أن القصص الأربعة تمثل "أربع تنويعات" كما هو مكتوب في الغلاف الداخلي للكتاب. في هذه الرواية القصيرة يمزج بدر الديب بين تحليل الشخصية وفحصها لنفسها بلا هوادة، وبين ربطها بالكثير من الرموز الدينية والشعبية وأيضا بأعمال أدبية عالمية مثل أشعار إميلي ديكنسون. على سبيل المثال إشارته لقصة "أمنا الغولة" وكيف أن الفتاة التي نافقتها نجت من الموت أما التي أصرت على موقفها فكانت خاسرة. - ورسمه لشخصية زمردة أيوب هو نموذج فريد في الأدب المصري لأديب مسلم يكتب قصة طويلة وعميقة على لسان سيدة مسيحية مصرية ويتقمص تماما تفكيرها وخلفيتها الدينية والمصطلحات الدينية المعروفة للمسيحيين الأرثوذكس في مصر [مثلا: الخطية - الخلاص - الرجاء - التبرير - آنية الهوان] وأيضا معرفة وثيقة بأسفار الكتاب المقدس - العهد القديم والجديد - ومعرفة البطلة بالمعتقدات الشعبية وبالأديرة والقديسين والقديسات والطقوس التي تجرى في المناسبات الخاصة بهم، مع وصف تفصيلي لأيقونة الست دميانة شفيعة البطلة والتي يتكرر إسمها كثيرا في القصة. ثم اختياره لإسم أيوب والإشارة إلى سفر أيوب في العهد القديم عن الشخص الذي ابتلي بالمحن وكيف كان يخاطب الله ويحتج عليه وعلاقة ذلك بأزمة البطلة. - العلاقة الإنسانية الفريدة بين زمردة أيوب وبين مرافقتها السيدة المسلمة تفيدة، وشعورها في النهاية وهي تواجه الموت أن تفيدة هي الوحيدة التي بقيت لها وهي الوحيدة التي تعرفها جيدا. ويصبح شيئا عاديا وسط العلاقة الحميمة بينهما أن توقر كل منهما الرموز الدينية للأخرى، بل وتتبرك بها أيضا. ثم نفهم بطريقة غير مباشرة أن البطلة وهي غير قادرة على "تملك" ممتلكاتها المادية لأسباب مختلفة، لم يبق لها في النهاية إلا علاقة إنسانية صادقة وحقيقية - هناك الكثير من الرموز في هذه القصة الأخيرة، ليس أقلها إختيار المؤلف لإسم بطلة القصة وبداية الأحرف التي تشير إلى الألف والياء في اللغة الإغريقية أو البداية والنهاية، وهي أيضا إشارة لسفر الرؤيا آخر أسفار العهد الجديد، وهي إشارة ركز عليها المؤلف في فصل الرواية الأخير الذي أطلق عليه "أبوكاليبس" وهي أيضا إشارة دينية وكونية. ومع ذلك فإن البطلة تشعر أنها لا يجب أن تنساق وراء فك رموز حياتها، بل تريد أن "تفهم" وأن "تعرف". وربما لو حللنا كلمات هذه النوفيللا لوجدنا أن كلمات مثل المعرفة والفهم والوعي هي الأكثر إستخداما
ومثل كل من قرأ شيئا لبدر الديب أبدي اندهاشي أن هذا الفنان المبدع للأسف الشديد غير معروف بالمرة لكثير من المثقفين المصريين، وكما يقول الناقد الأدبي د. شكري محمد عياد في كلمته بنهاية الكتاب أنه ذنب حياتنا الثقافية التي تسلمها المهرجون. أرشح هذا الكتاب لمحبي الأدب العميق والفن الحقيقي، ولا أرشحه لمن يريد قراءة خفيفة أو مسلية
ليس كل عمل كلاسيكي معتني باللغة والأسلوب سينال إعجابك ، وليس كل كاتب كلاسيكي يهتم بالتفاصيل سيتمكن من ابهارك ، و بالنسبة للحكايات المتشعبة من القالب الرئيسي للحكاية الأصلية ، فلم أجد حتى الآن كاتباً من كٌتاب الأدب الكلاسيكي العربي تمكن من كتابتها بإتقان مثلما فعل نجيب محفوظ و يوسف السباعي
تقييم مرتفع وإشادة كبيرة بأدب بدر الديب وتمكّنه ، ومراجعات تتحدث عن الظلم الذي تعرض له الرجل ، و أنه لم ينل حقه من البروباجاندا والاهتمام الصحفي والاعلامي أو حتى الاهتمام على الصعيد الأدبي ، أضف إلى ذلك ما كُتب على الغلاف الخلفي للكتاب على غرار " بدر الديب هو أكبر مثقف مصري - أحد بهاء الدين " ، " لا أعرف كاتباً عربياً يمكن أن نسميه بكاتب الكُتاب سوى بدر الديب - صبري حافظ " .... كل هذا يشكل بداخلي وبداخل كل من يسمع عن بدر الديب لأول مرة شغف كبير للاطلاع على ما كتبه هذا الرجل وتوقُع أن في أعمال بدر الديب مفاجأة من العيار الثقيل
بدأت الكتاب و كُلّي شغف وترقب ، صفحة تلو الأخرى وبدأ حماسي يفتر ، بضع صفحات أخرى وبدأتُ أشعر بالملل، حتى انتهت القصة الأولى مصيبة إياي بدهشة ، ليست دهشة إعجاب وإنما دهشة من الصدمة أو الاستغراب ! ، هززت رأسي محاولاً نفض الملل ومستعيدًا تركيزي مرةً أخرى ، وقلتُ لنفسي لا بأس ، لنكمل ، ربما الجمال في القادم من القصص . بدأتُ القصة الثانية ، تكرر السيناريو .. بدأتُ الثالثة ، تكرر السيناريو بل و بصورة أسوأ ! ، ماذا هناك ؟ ، أين الابهار ؟ ، أين المفاجأة ؟ ، أين الجديد في الذي قرأته ؟
ليست المشكلة في أن مضمون القصص نفسها غير جديد ، فمنذ أيام كنت أقرأ رواية خان الخليلي لنجيب محفوظ ،وكتبتُ في مراجعتي عنها أنها لاتقدم جديدًا فعلياً ، ولكن نجيب استطاع بمهارته في الكتابة أن يمتعك وأن يجذب انتباهك لكل تفصيلة في العمل بطريقة تجعلك تشعر أنك تقرأ تلك الحبكة لأول مرة في حياتك فلا تملك إلا أن تستمتع بكل كيانك .. هذا ليس عيباً إذاً أن تتكرر القصة أو الحبكة ، ولكن العيب في طريقة التناول وطريقة صبغ الحكاية بلون جديد مختلف يجذب انتباهي كقارئ ، هذه هي المشكلة هنا .
الكتاب في الأساس مكون من أربع" تنويعات" كما كُتب على الغلاف ، كلمة "تنويعات " هذه المقصود بها أن بداخل الكتاب ثلاث قصص قصيرة ورواية قصيرة ، المفترض - حسب التعليقات المكتوبة عن الكتاب وعن الكاتب - أن " حتة الجاتوه " تتركز في الرواية القصيرة الواقعة بآخر الكتاب والتي تشكل ثلثي حجمه ، توقفت بالأمس عند الرواية القصيرة وقلت سأحاول معها غدًا لعل الملل يكون فارقني حينها
.. وبعد حاولت اليوم إكمال الرواية القصيرة ، ختام الكتاب ، ولكن يبدو أن ما وجدته في القصص الأولى من ملل لم يذهب عني بل ووجدت المزيد منه في بداية الرواية أيضاً مما أفقدني حماسي لإكمال الكتاب للنهاية
وكعادتي ،عندما أقرأ عملاُ أبهَر الجميع تقريباً وفشل في إبهاري ، أقول :ربما الخطأ من عندي أنا ! ، أو ربما أنا في حالة لاتسمح لي بإكمال هذا الملل حالياً ..لذا سأكتفي بنجمتين كتقييم للثلاث قصص الأولى ، والتقييم لأجل الأسلوب واللغة فقط لا غير أما الرواية القصيرة فهي على كل حال لها صفحة مستقلة على الموقع وعندما أجد في نفسي القدرة على قراءتها يوماً ما ، سأعود للكتابة عنها
صعب أن تقرأ لكاتب لديه شغف شديد بالتفاصيل الكاتب لديه قدرة كبيرة على المط والتطويل قللت من متعة قراءة العمل بالنسبة لي، وعلى الرغم من أن الكتاب يفترض أن يحوي قصصاً قصيرة، أو تنويعات كما يقول الغلاف، لكن يبدو أن الكاتب لا يدرك معنى القصة القصيرة التي تعتمد على التكثيف والاختزال، فالقصص بأكلمها يمكن اختصارها لأقل من النصف دون أي تأثير على الحبكة أو رسالة العمل
كيف قارب بدر الديب السياسة في عمله الأدبي ياسر عبد اللطيف
كُتاب قلائل هم من يحوزون مكانة بدر الديب في تاريخ الآداب العالمية. العصيان على التصنيف، والإفلات من الانضواء تحت معايير المدارس المختلفة، والحفر العميق بحثاً عن المعنى والقيمة. ويخيل إليّ أنه نوع من "الميتا كاتب" أي أنه كاتب للكُتّاب، قد لا يثير قارئًا عادياً يستهلك الروايات والشعر، سواء لتزجية الوقت أو بحثاً عن اقتباس ��زين به جدران الفيسبوك. عالج الديب كافة الأشكال الأدبية، وكان - كما أزعم - أول من كتب قصيدة النثر كما نعرفها الآن، فقد أنجز كتابة الرائد "كتاب حرف الحاء" عام 1946، وبرجاء مراجعة نصوصه كنصّ "بائعة الكبريت، أو "كيانات النوم" قبل أن نتكلم عن ريادة مجلة شعر وبيان أنسي الحاج الشهير، أو حتى عن ثورة الشعر الحرّ وعبد الصبور والسياب ونازك. كتب بدر أيضاً فضلاً عن دواوينه الشعرية قصصاً وعددا قليلاً من الروايات، وأعاد سرد الحكاية الشعبية في "إعادة حاسب كريم الدين"، فضلا عن عدد من المسرحيات والترجمات. في قصص ورويات بدر الديب يتحول الحدث إلى أمثولة كونية لا تنعزل عن إطارها التاريخي مع سؤال دائم عن القيمة. الحب � الجمال يدفع زمردة أيوب لخطيئة بيع الروح للسلطة، وتلقى عقاباً ميتافيزيقيا في انتظار الموت بجوار نافذة عريضة من الزجاج المعشق، ليتحول وجودها إلى أيقونة قبطية بالحجم الطبيعي. في تلك الرواية القصيرة "أوراق زمردة أيوب"، وقد ظهرت للمرة الأولى ضمن قصص كتاب "حديث شخصي" نحو عام 1990، ثم نشرتها دار شرقيات في كتاب منفصل بعد ذلك ببضعة أعوام. يطرح بدر الديب مأزق جيله، وهو الجيل الذي تخرج من الجامعة في الأربعينيات وقبيل يوليو 1952 بسنوات قلائل وبطموحات ثقافية رفيعة، ليجد نفسه ضمن الصف الأول، بعد الثورة، من كتيبة السلطة في مؤسسات الثقافة والصحافة، سلطة هي أبعد ما تكون عن طموحاتهم المعرفية. هذه الصراعية التي أثقلت هذا الجيل، نلمحها أيضاً في أعمال مجايله وصديقه القديم الروائي "فتحي غانم" في شخصية يوسف مثلاً برواية "زينب والعرش". ولكن فيما تتقدم المعضلة السياسية في عمل غانم، (الأكثر تسيّساً بطبعه) تغيم كشبح يخيم من الخارج على الأحداث في عمل بدر الديب المعني بطرح الأسئلة من جذورها الوجودية. تتدرج زمردة في نموها المعرفي، من الجمالي إلى الأخلاقي فالميتافيزيقي، وفقاً لتصور سورن كيركجور، والذي يبدو من كتابات الديب افتتانه المبكر به. واللحظة الأخلاقية هي تلك التي تكتشف فيها ورطتها السياسية، بتدخل من ابنها، لتنتقل بعد ذلك لمقارعة العذاب الميتافيزيقي في انتظار الموت. ربما يبدو من الغريب قراءة أعمال بدر الديب في إطار الواقع السياسي لمصر ما بعد يوليو 1952، لكن كان من الغريب أيضاً أن أكتشف في وقت لاحق أن ذلك الكاتب الذي أبهرني قد تولى رئاسة تحرير جريدة "المساء" التي تصدر عن دار التحرير والناطقة بلسان نظام يوليو، لسنوات طويلة، قبل أن يختفي ليظهر في آخر مدينة يمكن أن نتخيله فيها. نعم، في الرياض حيث عمل طوال الشطر الأخير من حياته أستاذا لعلم المكتبات في إحدى جامعاتها. هل كان المنفى الاختياري معادلاً موضوعياً لمرض زمردة أيوب القاتل؟ الأكيد أن أعمال بدر الديب ستُقرأ بكامل دهشة الاكتشاف من قِبل الأجيال الجديدة، وسيواصل إلهامه لأجيال و أجيال من الكُتاب.
للتنويعات، خصوصأ التنويعة الأخيرة "أوراق زمردة أيوب" عمق كبير يصل لفلسفة الدين وعلم نفس الدين، مضافًا إليهما تشبُّع بروح الإنجيل، وتوظيف إبداعي لبعض عباراته المترجَمَة.
أول عمل أقرأه لبدر الديب، استمتعت به حقًا وأعانني في ترجمة كتاب عن فلسفة وعلم نفس الدين، وقوّاني على الفهم الأعمق.
يجبرك بدر الديب ان تقرأ ببطء شديد. لا تخلو قصصه من حكمو عميقة و رؤية للحياه شديدة الاتساع و معرفة بالنفس البشرية مع كنز من الثقافة و المعرفة. يجبرك بدر الديب ان تقرأ ببطء شديد.
المجموعة عبارة عن اربع قصص. كلها حملت نفس التيمة تقريبا و هي الشخص المقترب من الموت جالسا امام ورقة و قلم يسجل حديثه الشخصي. لم تكن تلك التيمة الوحيدة المتكررة فتيمة فقدان الابن او الابنة تكررت في ثلاث قصص بصورة مختلفة. العمل الابرز و الاروع كان اوراق زمردة ايوب. و هي قصة كبيرة تكاد تقترب من كونها رواية منفصلة. و هي عمل يجبرك ان تسال نفسك لماذا لم يشتهر بدر الديب او على الاقل تشتهر زمردته ¿ مجموعة رائعة و فريدة.
ثلاث قصص ورواية قصيرة نسبيا جمعتها دار الكرمة مشكورة بين دفتي كتاب واحد للكاتب الراحل والمثقف الكبير بدر الديب. في سرد ذاتي/ تأملي/ استبطاني يتناول بدر الديب الحكايا الأربع التي تكشف عن أناة واضحة لدى الكاتب في تأمل معالم الناس النفسية والفكرية وتقلبات الحياة، كما تبين خصوصية تناوله لموضوعاته واتكائه على وعي مرهف بدواخل النماذج التي عرض لها، وعلى وعي مماثل يتمناه أو يرجوه لدي قارئه. فالكاتب في تقديري راهن على توحد القارى معه في حاله التأملية والاستبطانية لأفكار ومشاعر أبطاله/نماذجه وهو رجاء يُلبى أحيانا ويخيب كثيرا فالعصر وإيقاع كل شيء في حياتنا صار معاديا للأناة والتمهل جميعهما.
الحدث، والصراع، والتوتر، وكل ما قد تتلمسه في بناء سردي يقع في الداخل لا في الخارج لذا إن لم تكن تحب مثل هذا النوع من الكتابات فقد تقسو على تناول الكاتب لموضوعاته ومقدرته الفنية، لا يعني هذا أن السرد لم يخل من ترهل أو استطراد زائد في بعض الأحيان لكنه في المجمل قدم عملا مختلفا ومتميزا وربما كان التميز نابع من الاختلاف وربما جاء كنتيجة له.
بطبيعة الحال أوراق زمردة أيوب وهي الرواية القصيرة بعد ثلاث قصص تستحق الاحتفاء الأكبر كونها العمل الأنضج والأكثر تميزا، كما أن الأعمال ككل تكشف عن مدى اتساع ثقافة بدر الديب وتنوع معارفه وهو أمر قد يكون تقصده عبر اختيار ثلاث نماذج من بين شخصياته لها خلفيات ثقافية وأكاديمية تتيح له التعبير عن ذلك بأريحية تامة.
أوراق زمردة أيوب رواية على قصرها حافلة بالإحالات إلى الرموز الدينية المسيحية والشعبية التي يعرضها بدر الديب بشكل مثير للإعجاب لإلمامه بما يتحدث عنه وتوظيفه له فنيا، فضلا عن عرضه لمفاهيم مسيحية لا يعيها الكثير من المصريين المسلمين - وبدر الديب مسلم - مثل الخطية، والرجاء، وآنية الهوان، والخلاص بأسلوب ينم عن دراية بما تمثله هذه المفاهيم لبطلة العمل المسيحية ومعاناتها معها على مدار العمل. إلى ذلك فإن دمج أشعار إيميلي دكنسون وتضفيرها مع مراحل تطور وعي وشخصية البطلة كان أمرا مميزا، ونادرا ما تقرأ له نظيرا في أعمالنا الأدبية المحدثة أو القديمة. أجاد بدر الديب تصوير طبقات ولحظات الصراع النفسي الذي مرت به زمردة أيوب - مرة أخرى للاسم دلالته وحضور اسم أيوب النبي هنا لا يحتاج لإيضاح- وكذلك علاقتها المركبة والملتبسة مع خادمتها المسلمة تفيدة والتي تمثل لها ملاذا في كثير من الأحيان وعدوا بغيضا في أحيان أقل
ختاما لست أدرى ما بين آل الديب، بدر الشقيق الأكبر والراحل النبيل علاء الديب الشقيق الأصغر وما بين تيار الوعي أو الرواية التي عالمها ومدارها نفس الإنسان ووجدانه، لكن ما أدريه حقا أنهما كانا مثقفان كبيران، وأنهما من القلائل الذين تعاملوا مع كتابة نوع مثل هذا ببراعة وتمكن يتجلى هذا الأمر في العمل الذي بين أيدينا وعمل آخر عنوانه إجازة تفرغ لبدر الديب يحتاج أيضا إلى مراجعة منفردة لتميزه اللافت، بالاضافة إلى ثلاثية علاء الديب الشهيرة وعدد من قصصه القصيرة
رحم الله الشقيقين والمثقفين الكبيرين وأسكنهما فسيح جناته.
(بدر الديب هو أكبر مثقف مصرى)أحمد بهاء الدين اربع تنوعيات تشترك فى كونها حديث صريح لاشخاص قبل لحظة الموت .يلقى بدر الديب نظرة على عالم الستينات والهزيمة ثم ماجرى للمجتمع بعد اكتوبر عن طريق قصة نصر الشربينى وقصة زمردة .تحوى التنويعات الاربعه على مكاشفة للنفس تبين ماصاب للمجتمع من تغيرات جذرية وتصدعات داخلية ..لغة بدر الديب لغة قوية رزينة ومتماسكة
بس عامة احلى حاجة فى الحياة انك تسمع الناس تقدر تعرف بيفكروا ازاى تحط نفسك مكانهم مش عايشين ازاي وبياكلوا ويشربوا ايه لا بيحسوا بايه ليه زعلانين او فرحانين ..ايه اكبر الغلطات اللي بيندموا عليها ويعيطوا او يضحكوا يعيشوا دايما بيفتكروها او هيموتوا وينسوا ...تسمع "حديث شخصى" لاربع شخصيات عمرك ما قابلتهم ولا هتقابلهم لكن بتحس بيهم كأنك كنت معاهم ,,انا عشت اربع مرات قبل كدة انا رشدي حمامو و الفتاة العاملة فى مكتب الخياطة ثم الخياطة الماهرة ثم المصممة المتميزة ثم الزوجة الصالحة ثم ..تعرفون دائما هناك فتاة لعوب وخيانة ثم ...، ...انا زمردة ايوب ..من اسرة مسيحية محافظة تزوجت من رجل يكبرنى بعشرات السنين و سافرت الى امريكا و عشت حياة مريرة لاكافا بحب حياتي و اسلم له روحى لكن الحياة غدارة و اموت الان وحدى بسبب السرطان و ابنى "طفش" لان امه زانية ... انا صحفى الهث وراء الاخبار و بعت ابنتى دون ان ادرى وبعت عائلتى من اجل حديث صحفى ... لا يعد ذلك حرقا لقصص فا مثل هذه الجمل ستراها فى بداية التنويعات سيصدمك الاسلوب الساحر ..لن تبحث عن الاحداث ستأسرك المعانى الخفية ..ستلمع عيناك كلما وقعت على حقيقة تلمسك -وهم كُثر- هذا هو الحديث الشخصى الذى يوجه بدر الديب فى الاربع تنويعات ستعيش رغما عنك اربع حيوات اخري..ستكون رجلين و امراتين في عدد من الصفحت ..ستسمع نفسك تتحدث سترى وجوههم دون وصف ..هذا الحديث الشخصي الذى يخصك انت
عن كتاب ..حديث شخصى (اربع تنويعات ) ل ..بدر الديب ..دار الكرمة
أنا مش هقول غير إن بدر الديب فيلسوف حقي��ي، وإنه بيكتب كتابة صادقة وصخرية، مش لاقية وصف أفضل من صخرية ده. وإنه صنع من الأدبيات المسيحية الخاصة بالاعترافات شئ فاتن ومبهر. وأخيرًا إني فرحت كطفلة بالكام قصيدة بتوع إميلي ديكنسون في الجزء الأخير من الكتاب.
٤ تنويعات "قصص قصيرة" الأولي انا مفهمتهاش اكيد الغلط عندي التانية قصة فتاة جريمتها الحب والحرية والاستقل��ل "من الحب ما قتل" الثالثة برج الحمام حول الابن والاب لشخص مسلوب النفس الرابعة... اجمل مافيها الكلمات اللي انت دائما متعود تشوفها عادية لكن مع بدر الديب وشخصية زمردة بتشوف معانيها بشكل جديد زي مايكون موضوع تعبير متملش منه بتكمله بلهفة عشان تشوف معاني كلمات " الالم الذكريات الموت الخلاص معني الحياه الموت الندم المتعة ..... *الذكريات والصور الباقية هي أشد من الالم واشد من المرض ومعها كل الحياه *كلما ازداد الوعي ازداد الشعور *الحب الضائع يصنعه الوحده المتراكمة....... ٤ شخصيات لتحاول توصل للخلاص مع لحظة الموت
هي أعمال تتأرجح بين القصة القصيرة والنوفيلا، أظنها أقرب للنوفيلا لعدة أسباب. ثم مشكلة واجهتها مع أول تجربة لي مع بدر الديب "إجازة تفرغ"، وهي أنه يبدو أن الكاتب لا يجيد البدايات، تحس به يجهد في الصفحات الأولى ليعثر على طرف الخيط، ثم ما إن يلتقطه حتى تنساب القصة سلسة وتظهر موهبته الحقيقية. هذا التصور تأكد لي هنا أيضًا، في القصص الثلاثة الأولى تأكد لي ذلك، ولكن الأخيرة تختلف.
هي أعمال يجوز نسبتها لتيار الوعي الداخلي، ثمة حاجة للاعتراف، للحكي، تتتابع المشاعر والأفكار المضطربة من داخل نفس الشخصية القلقة إلى الورق. ولكن في الأعمال كلها حتى الأخيرة لم أشعر أن الكاتب استطاع أن يغوص بما فيه الكفاية داخل الشخصيات، لم يلتقط الخيط المناسب حتى بلغ النهاية، اعترافات مبتورة، تتابع متقطع ومنقطع، غير سلس، بل حتى لم تنضج الحيرة داخل نفوس الشخصيات بما يكفي لتعبر عن مكامينها. إحدى القصص مثلًا انتهت بموت الشخصية، لم مات؟ لا أدري، نهاية تبدو مفتعلة، الكاتب يتخلص من الشخصية، أو الشخصية تتخلص من نفسها.
القصة الأخيرة ناضجة بما فيه الكفاية، كانت تكفي وحدها لتحتل الكتاب بأكمله، الباقيات مسودات لم تكتمل بعد. قمة النضج في التعرف إلى الشخصية والغوص بداخلها واستنطاقها، هنا تكمن الموهبة الحقيقية، التي لم يستغلها الكاتب كشقيقه المرحوم علاء الديب.
هذا كاتب ربما لا تغضب منه لعمل سيء، إنما تحزن عليه، وعلى القارئ، تحزن عليه لأنه امتلك موهبة لم يوظفها بما فيه الكفاية، وعندما فعل ذلك أنتج عملًا رائعًا متكاملًا، وتحزن على القارئ لأنه فقد موهبة، وفقد بالضرورة أعمالًا، هي أصلًا قليلة، وقل من يجيدون فيها. في المجمل كتاب جيد، يبدو رائعًا في جزئه الأخير، ويستحق القراءة بكل تأكيد!
حديث شخصي لبدر الديب ٣ قصص و نوفيلا .. أربع تنويعات لفكرة واحدة .. أربع حكايات أشبه باعترافات ما قبل الموت محاولة للتوبه للندم .. محاولة للشفاء بالكلمات و قتل وحشة الوحدة بالكتابة لغة بدر الديب قوية و جمله ثقيلة وشديدة الفلسفة أحيانا تتجاوز ما تقتضيه بساطة الفكرة . الأب الذي تزوجت ابنته دون موافقته من رجل أكبر منها .. الفتاة المصرية الفقيرة التي خدعتها قصة حب فقتلت زوجها الخائن المستغل .. السيدة زمردة أيوب التي تواجه اللوكيميا و أخطاء الماضي علي فراش الموت بعد أن هجرها ابنها و عشيقها . **** المجموعة تستحق القراءة بسبب اللغة الجميلة المتمكنة **** كان الكتاب يعطيني من الوحدة ما أريد ليس هناك مثل تذكر الأخطاء لاستعادة التوازن *** 3.5/5
في "حديث شخصي" يصوغ بدر الديب أربع حكايات علي لسان أربع شخصيات تخرج ما في جوفهم من هموم وأفكار، الحكايات هي مونولوجات فرديه علي هيئة فضفضه مع صديق أو عابر سبيل أو مع النفس لمجرد فتح جروح لا تندمل وسبر أغوار عصيه علي الفهم داخل كل منهم. اسلوب بدر الديب في ثاني قرائاتي له بعد إجازة تفرغ يتميز بالرصانه اللغويه والنزعه الفلسفيه وتداعي الأفكار بشكل مميز، اسلوب لا يشبه أحد ولا يشبهه أحد
بدر الديب يكتب التنويعات الأربعة كما يكتب الشخصيات الأربعة. الحقيقة أنا أول مرة اقرأ لكاتب يخالج النفس البشرية في حديث شخصي للغاية، ورغم قتلي للراوية بتركها ورطالة زمن قراءتها إلا أنني حقاً استمتعت بعمل أدبي رفيع المستوى، رواية لا تعجب الكثيرين بس استمتعت فيها جداً.
"إن الدنيا كلها تنقسم إلى من يكتبون ومن لا يكتبون. أما الذين يكتبون فيمثلون اليأس، ومن يقرأون لا يرضون عنه ويعتقدون أن لهم حكمة أعلى..ومع ذلك فلو أنهم يقدرون على الكتابة لكتبوا نفس الشيء. إنهم جميعاًعلى حدٍ سواء يائسون، ولكن الواحد منهم إن لم يجد هناك فرصة لأن يصبح مهماً بيأسه فإنه يرى أن الأمر لا يكاد يستحق اليأس أو يستحق إظهاره. أهذا ما يعنيه إذن أن يتغلب المرء على اليأس؟"
بدر الديب أديب بلا شك فريد في طريقة سردة للقصص القصيرة، فأسلوب التعمق في الشخصيات بهذا القد أعتقد لم أجد له مثيل في أدبنا العربي سوى على يد بدر الديب، باختصار هو أديب يستحق على الأقل أن نعيد اكتشافه مرة أخرى
قال:" على كل من يريد شيئاً عظيماً أن يحدد نفسه" وأنا لا أريد شيئاً عظيماً ولكني أريد أن أحدد نفسي فلا أستطيع.
أربع تنويعات على أشخاص لا يريدون شيئاً سوى أن يعرفوا أنفسهم ويحددوها، يحاربون الذاكرة بدل النسيان. بدر الديب إكتشاف حقيقي، بيكتب كتابة غريبة لم أقرأ مثلها.
من أجمل الأعمال اللي أفتكر إني قريتها من فترة وعلق معايا كتابة رجل عن مشاعر أمرأة ف أوراق زمردة أيوب وعموما لغة بدر الديب جميلة والمجموعة تستحق القراية
٤ قصص متفاوتة في الطول جميعهم تتشارك في وصف الالم و الفقد و الحيرة و وصف الانسان في حالة عصبية مؤلمة للغاية . القصص جيدة ، افضلهم الاخيرة لولا بعض الاطناب لصارت ايقونة ادبية. تستحق القراءة لهواة الروايات النفسية