ومازال الوجع مستمرا ومازال جرح العرب ينزف في فلسطين رواية صغيرة أنهيتها بجلسة واحدة ، لا تتعدي المائتي صفحة ولكنها محملة بألم وخوف وكأبة ونزف عميق من خلال مذكرات ورؤية طفلة فلسطينية تصف الوجع والألم الفلسطيني من خلال عيني والدها الغزاوي وأمها الإسكندرانية وبنهاية كل صفحة من مذكراتها تطرح أسئلة وجودية تطمح في الحصول على إجابة لها حين تكبر ولكن القدر لا يمهلها وتغادرنا شهيدة بنهاية الرواية في عامها السادس عشر أحببت الأسئلة المطروحة وأحببت القصص التي طرحتها في الهوامش أسلوب وسرد رائع ولغة بسيطة نقلت المعنى بسلاسة رواية آلمتني بصدق
رواية عيوش هي مذكرات طفلة في حرب غزة عام 2008 (الرصاص المصبوب\حرب الفرقان) لم أكن بحاجة لرواية تخبرني عن تلك الأيام السوداء، فقد عشتها كاملةً عايشت الخوف والرعب وظلت رائحة الموت تداعب أنفي مدة ثلاثة أسابيع هي عمر تلك الحرب الشرسة وها هي الرواية تعيدني لتلك الأيام من جديد، تعيدني للوجع الذي جعلني عاجزة عن كتابة مراجعة لها رغم انتهائي منها قرابة الشهر اللعنة على الحروب
غزة العزة.. حينها كمدونين عرب كنا نتواصل عبرمدوناتنا و تدويناتنا مع اخوتنا هناك.. نصرخ ونهلل ونكبر وننصح بالتباث والصبر ثم نخلد للنوم ملء جفوننا..ونحلم أحلامنا الخاصة. لكن حقاً كنت من الذين نزفوا في التدوين خلال مرحلة بداية الحصار وكنا نصوم لأجل غزة تحديداً.. لقد كانت قلوبنا صدقاً معلقة ..نحمل هماً ثقيلاً لكن في غزة كانوا يموتون ويعيشون تحت ثقل أكبر..فعلي ويومي..بل كانت ارواحهم تعيش تحت الأنقاض على أمل العودة للحياة.. غزاوية رغم كل الجنون كانوا صامدين يمارسون الحياة..أفضل منا.
من الاعمال التي لا فائدة من كتابة مراجعة عنها ليس لسوء الكتاب ولا لحسنه، فمجرد إنتقاد لهذا الكتاب أو مدحه هو في حد ذاثه إهانة لأنه يناقش أزمة إنسانية بل ينقلنا إلى الايام التي عاشها الشعب الفلسطيني من الحصار والقصف المتواصل بالطائرات الحربية او الطيور الحديدية كريهة الرائحة كما تصفها عيوش صاحبة هذه المذكرات. التي تتمحور كما قلت سابقا عن أزمة إنسانية عن الحرب ومخلفات الحرب.
لذلك لا أفترض وجوب إنتقاد الكتاب أو تحليله فأي محاولة ستكون هو خروج عن المغزى والهدف، ودخول في عالم من الكتابة والوصف والسرد.
دخلت مع عيوش إلى عالم ما وراء التلفاز، هناك على الطرف الآخر لأحداث غزة المؤلمة، للحرب، للخوف، للجوع، للموت! رواية فيها من الألم ما يعتصر له القلب، و لا سيما نهايتها المفجعة!
أوجعتني يا عائشة يا إلهي ما أصعبه من شعور .. أن تعيش لتعد دقات قلبك ودقائق عمرك .. لأنك تعلم أن تلك القذيفة اللعينة إذا أخطأتك هذه المرة فستصيبك حتما المرة القادمة مذكرات كتبتها عيووش أو بالأحرى " الشهيدة عيووش " , وجدت تحت الأنقاض في حرب غزة ... مذكرات كتبتها مع صوت الطائرات ودوي الانفجارات تصف فيها ألمها ووجعها بكلمات حارة متلونة بالدم .. ومكسوة بالخوف .. ويتخللها رائحة البارود,هي ذاتها تلك التي رأيتها على شفتي ذلك الطفل .. طفل من غزة التقيته بمشفى في القدس ... وهو يصف لي أيام الحرب بكل ألون الأسى والحزن... احرقتني تلك الدمعة الحزينة في عينيه والتي أبت ان تشق طريقها خوفا من ان ترسم انهارا على الوجه والخدود كان جسد مثقل بالهموم..بأحلام هدمتها طيور حديدة سماوية... وبقلب مشتعل بنار الحب والخوف والرعب والفراق