What do you think?
Rate this book
586 pages, Unknown Binding
First published January 1, 1947
أنا أكتب لا لأعجب الناس، بل لأنفعهم، ولا لأسمع منهم "أنت أحسنت"؛ بل لأجد في نفوسهم أثرًا مما كتبت، فلو أن العشرة الملايين التي يحتضنها هذان الجبلان أجمعت أمرها على الإعجاب بي والرضاء عنّي، ثم رأيت من بينها رجلًا واحدًا ينتفع بما أقول لكان الواحد المستفيد آثرَ في نفسي من الملايين المعجبين
ولا أدري ما الذي كان يُعجبني في مطالعاتي من شعر الهموم والأحزان، ومواقف البؤس والشقاء، وقصص المحزونين والمنكوبين خاصةً. كأنما كنت أرى الدموع مظهر الرحمة في نفوس الباكين، أو كأنما أرى أنّ الحياة موطن البؤس والشقاء، ومستقر الآلام والأحزان، وأن الباكين هم أصدق الناس حديثًا عنها، وتصويرًا لها، فلما أحببت الصدق أحببت البكاء لأجله
والألم هو الينبوع الذي تتفجّر منه جميع عواطف الخير والإحسان في الأرض، وهو الصِلة الكُبرى بين أفراد المجتمع الإنساني، والجامعة الوحيدة التي تجمع بين طبقاته وأجناسه، بل معنى الإنسانية وروحها وجوهرها، فمن حُرِمَهُ حُرِمَ كُلّ فضيلة من فضائل النفس، وكل مكرمةٍ من مكرماتها، وأصبح بالصخرة الصلدة أشبه منه بالإنسان الناطق
إن الكاتب إن استطاع أن ينال ثناء الناس وإعجابهم ببلاغة لفظه، أو براعة معناه، أو سعة خياله، أو قوة حجته، فإنه لا يستطيع أن ينال الثقة في نفوسهم إلا إذا كان من الصادقين المخلصين
"ليس من صواب الرأي أن يجعل الإنسان حالة عيشه ميزانًا يزن به أخلاقه، فإن اتسع عيشه اطمأن إليها، وإن ضاق أساء الظن بها، فكم رأينا بين الفاضلين أشقياء، وبين الأرزلين كثيرًا من ذوي النعمة والثراء
هذبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نسائكم فإن عجزتم عن الرجال فأنتم عن النساء أعجز
وحسبك من السعادة في الدنيا ضمير نَقيّ، ونفس هادئة، وقلب شريف