يتابع هذا الكتاب دور الخيال في صنع التصورات الدينية والحياة اليومية . ويستكشف الطريقة التي صار بها الخيال يشكًل حقبه التأسيسية . فيرصد الحكايات السردية ذات الأبطال المتعددين ، ثم كيف يتوحد هؤلاء الأبطال في بطل واحد ، فتأتلف الحكايات الكثيرة في صنف جديد هو الملحمة ، التي تكمن وظيفتها في صنع البطل الأسطوري . ويهتم بمتابعة تشكُّل التّفكير العقلي ، بدءاً من حكماء إيونيا في تنظيم معرفتهم الحسية ، ومروراً بسقراط ، الذي نقل مفهوم ((النفس)) من الأسطورة إلى الأخلاق ، واكتشف صنف ((الحوار)) الذي تخطَّى به الأصناف الأسطورية وصولاً إلى أفلاطون ، الذي نقل استعمال الاستعارات من المجال الحسي إلى المجال العقلي ، فتحدّث عن معمار عقلي ،يزداد ارتفاعاً كلما زاد تجرّداً . وانتهاء بدعوى أرسطو في التَّوصُّل إلى ((البنية المنطقية للغة)) ، التي لاتتحقق إلا بنبذ عناصر الخيال التي تنتمي إلى الطور السحري . وكان ينبغي ((للغة العلم الوصفية)) أن تتشبَّث بفكرة الموضوعية ، إذ رأى العلم أن هذا المشروع لايمكن أن يكتمل إلا حين يتوصل إلى بناء ((أنساق)) يختبر فاعليتها على نحو يقاوم الدحض والتزييف ، يجترح الكتاب منهجاً جديداً يندسُّ فيما بين الحقول والتخصصات ، ليبحث في تخوم المعارف عن مكانة يمارس فيها الحقل البلاغي فاعليته في الأعماث الدلالية ، بهدف التوصل إلى ((النموذج البلاغي)) الذي يغذّي تحولات المعرفة ، وهذا الحقل الجديد هو ((بلاغية المعرفة )) .
سعيد الغانمي كاتب وباحث ومترجم عراقي يقيم في أستراليا، ، ولد في العراق عام 1958م وله أكثر من 46 كتاباً بين مؤلَّف ومترجَم.
انشغل الغانمي في بداية ثمانينات القرن الماضي، وهو طالب في قسم الترجمة بكلية الآداب، جامعة الموصل، بعلم اللغة، أو الألسنية، فكانت ثمرة ذلك أول كتاب له عنوانه “اللغ� علما� (صدر في بغداد سنة 1986).