سعيد الغانمي كاتب وباحث ومترجم عراقي يقيم في أستراليا، ، ولد في العراق عام 1958م وله أكثر من 46 كتاباً بين مؤلَّف ومترجَم.
انشغل الغانمي في بداية ثمانينات القرن الماضي، وهو طالب في قسم الترجمة بكلية الآداب، جامعة الموصل، بعلم اللغة، أو الألسنية، فكانت ثمرة ذلك أول كتاب له عنوانه “اللغ� علما� (صدر في بغداد سنة 1986).
دراسة مفيدة لتفكيك المذاهب التي جُمعت في بوتقة واحدة. وقد احتل الملحق (كتاب الرسي الزيدي) من ص١٤١ إلى نهاية المجلد. إلا أن المؤلف يسترسل أحيانا، وكأنه ضنّ بالمادة المجموعة وتحليله لها، ولم يهن عليه حذفها، والحقيقة أنها أثقلت الدراسة، ولو أفردها في دراسة أخرى لكان أوفق.
تأثرني العناوين وتقع بي دائما في شِراكها لأقرأ ما خلف جلدتها حتى جلدة الكتاب الأخرى.. ومنشورات الجمل تحمل للقراء كل غريب ونادر ثم أن موضوعه من التراث التقطه المؤلف من جنبات التاريخ بعد أن كان مطروحا، مازجا دراسته بتحقيقه لكتاب تراثي.
قسم المؤلف كتابه فصولا الأول: عن تاريخ المانوية في الإسلام حتى انقراضها. وسبق بالحديث عن وجودهم في العصر الساساني في بلاد فارس، وتحدث عن تحريف كلمة صدّيق في المانوية لتصبح زنديق عن طريق السلطات الساسانية في إطار سعيها للقضاء على المانوية و "صدّيق" كلمة آرامية، تحولت بالفارسية "زنديق" وساعدها سماح الارامية بتحويل الصاد زايا.
يتوقع المؤلف أن المسلمين الأوائل تعاملوا مع المانويين كأهل كتاب باعتبار أنهم كان لديهم كتاب، وحتى الشهرستاني صنفهم من جماعات التى لها "شبهة كتاب".
الفصل الثاني : الزندقة الأدبية وبدأه بذكر مثالب الأمويين وخاصة الوليد بن يزيد حتى أُتهم -بحسب روايات كتاب الأغاني - الزندقة. أما كلمة زنديق في العربية لم تكن تعنى المانوي حتى بدايات الخليفة المهدي العباسي بل تشير إلى الداعي لمذهب اللذة الحسية مستشهدا ببيت أبى نواس: وصيف كأسٍ محدِّث ملكا *تيه مغنِّ وظرف زنديق. وهكذا يرتبط الزنديق بالظرف والغناء وشرب الخمر. والدليل الثاني أن في العهد الأموي كان الكتب تذكر بالرد على المانوية ولم تظهر كتابات الرد على الزنادقة إلا في العصر العباسي! لكن تحت ضغط الثورات ذات الخلفية المزدكية والثنوية أراد المهدي أحياء المصطلح مرة أخرى لكن بتوسع لتجمع كل من : - المجوس والمزدكية وما شابه. -دعاة اللذة الحسية من المسلمين. -المهتمين بعلم الكلام وما يتعلق به من قضايا. -خصوم الدولة. وبقية الفصل حديث عمن أتهم بالزندقة من الشعراء وعلاقة الزندقة بمبدأ اللذة الحسية.
الفصل الثالث انتفاضة المقنَّع الخراساني وتأسيس ديوان الزنادقة. والمقنّع شخصية غامضة تحيط به الحكايات الشعبية أكثر منها النقل الموثوق. وأوثق المصادر كتاب البيروني الآثار الباقية ذكر أن اسمه هاشم بن حكيم-اختلف المؤرخين في اسمه - من مرو بفارس كان أعورا يتبرقع بحريرة خضراء، أدعي الألوهية اجتمع معه الترك والمبيضة، فاباح لهم الأموال والفروج وقتل المخالفين على طريقة مزدك، و فض جموعه الخليفة المهدي وقتل ١٦٠ هجرى، بعد حركة استمرت ١٤ عاما. ثم سرد المؤلف ما ذكر حول المقنع في الكتب المتقدمة ككتب الجاحظ والقاضي عبد الجبار. وذكر حروبه مع الخلافة العباسية حتى مقتله. وختم الفصل بحديث عن ديوان الزنادقة الذى أنشأه المهدي على اختلاف في عام تأسيسه لكن رجح المؤلف ١٦١ هجري في ذروة قتال المقنع الخراساني. الديوان يحصي فيه الزنادقة ومن ثم محاكمتهم وما شابهه من اتهام أبرياء كطريقة للتخلص من الخصوم.
الفصل الرابع تحقيق لكتاب الرد على الزنديق اللعين للقاسم الرسي. وفيه حديث عن القاسم الرسي العلوي وهو شقيق محمد بن إبراهيم بن طباطبا الثائر على المأمون عقب هزيمة أخيه الأمين والذي هُزم كذلك واضطر الأخ صاحب الكتاب للهروب لمصر والاختباء وفي مخبأه ألف كتبه ورسائله. المؤلف فقيه زيدي متأثر بالمعتزلة وله اهتمام بالرد على أصحاب الديانات والملحدين. المثير للاهتمام أن الرسالة ردا على ابن المقفع واصفا إياه بالزنذيق اللعين، أما المحقق فدافع بقوة عن براءة ابن المقفع من تهمة الزندقة وكذلك أنه المقصود بالرد، حتى كاد يجزم أن المقصود في النص "ابن المقنّع" لكن أحد نقلته لم يعرفه فحوله "ابن المقفع" واستمر التحريف حتى عصرنا.! ولهذا حذف اسم" ابن المقفع" من عنوان الرسالة وترك اسمه كما هو في نص الرسالة.!