أول ما قرأت عنوان هذا الكتاب بتوصية من الشيخ إبراهيم السكران على "تويتر" لم يوحي لي بشيء أو لم يلفت إنتباهي عن أي فكرة يتحدث، ولكن ما أن كنت في زيارة لي للمكتبة حتى تذكرت الإسم والتوصية، وقلت لماذا لا أجرب حظي .. ربما كان جيد، كما ذكر في توصيته ..
قرأته بدون حماس في البداية ولكن ما إن بدأت وتوغلت أكثر حتى شعرت بتقارب الأسلوب بين المؤلف والشيخ السكران ..
كان رائع جداً ، وملهم لطلبة العلم والمهتمين به على وجه التحديد ..
أحبّ نوعية هذه الكتب لسبيين: 1- أنّها تعمل عملها في القلب طبطبة، وتسكيناً، وشحذاً للهمم، خصوصاً لمن ضعفَ سيره في طلب العلم، وقلّ حظّه من الانتفاع بما علم _ كحال أغلبنا_. 2- كونها تسدّ ثغرة في باب الطلب، وهو الباب الذي كثر السؤال عنه ( كيف أطلب العلم؟ لماذا تتأخر ثمار الاستفادة مما قرأت؟ ما الحلّ في تمكين المحفوظ والمقروء؟ ). لغة الكتاب بديعة جداً، وقد امتزجت ببيان عالٍ تنبي أنّ المؤلف قد تضلّع بكتاب الله تبارك وتعالى حتى جاءت معاني الكتاب كالماء الزلال يسراً ونفعاً. ذكّرني أسلوبه بأسلوب الشيخ الجليل ( إبراهيم السكران ) فكّ الله قيده بالعزّ، وفيه نفحات إيمانية عالية أحسنَ صيدها من بطون الكتب، ومن مجرودات العلماء. الكتاب يندرج تحت عنوان [ باب الطلب ] الذي دّّون فيه كثيرأً، لكن واقعيته، ومقاربته لواقعنا المعيش، جعله أكثر تقبلاً وفائدة، خصوصاً أنّ الأمثلة التي ساقها أغلبنا يعايشها أو عايش بعضها يوماً ما. وقد قسّم الكتاب إلى 4 أقسام : 1- التكوين 2- السجال 3- البوارق 4- العوارض وقد أحسنَ أيمّا إحسان باختيار العناوين الأصلية والفرعية ( وكما قيل: "اختيار المرء قطعة من عقله" ).
في خاتمة الكتاب 82 فائدة هي ملخّص الكتاب؛ ولا تغني طبعاً عن قراءة الكتاب، لكنها مفيدة جداً لتقليب النظر والاستفادة منها.
ومن زكاة العلم نسب الفضل لأهله، فيجب أن أشكر السادة القائمين على مشروع زوّادة ( ) في ترشيح هذا الكتاب الماتع.
بعض الكتب ما هي إلاّ أرزاق جميلة يقذفها الله في طريقك بلا مقدمات منها هذا الكتاب لصاحب القلم المبارك سليمان العبودي إذ أنه يمثل اكتشافا مميزا عرض لي نتيجة بحثي عن الكتاب المزكّى ارتياض العلماوم لمشاري الشثري ذلك أني متلهفة لقراءة كتابات جديدة حول العلم و طلبه و تبين العوائق و العوالق الحافة به.. المهم،أحسست أن لي في هذا الكتاب مغانم كثيرة لآخذها.. و تملكتني قناعة تامة بضرورة قراءته بالرغم من أنه ليس من عادتي قراءة أي كتاب إلا بعد تفكير و تقدير لمدى الفائدة المقتنصة منه. فشرعت باسم الله في القراءة ومنذ الصفحات الأولى ابتلعت الطعم؛أسلوب متميز و تمكن من ناصية البيان تلقي بك في بحر مداد قلم الأستاذ إبراهيم السكران -فرج الله عنه-بل كأنه هو. نعم. الكتاب أخو مسلكيات فالطّرح يتصادى و شجن الحديث عن القرآن و التشغيب الليبرالي عليه لا تكاد تخطؤه أذن واعية؛ تأكيد على مركزية القرآن في حياة طالب العلم و ضرورة عمارة النفس به و تحذير مشفق من أثر الشبهات على القلب، فضلا عن تحاليل متميزة تنم عن تجربة و حنكة عن ((أقوم المسالك التي لا بدّ لطالب العلم ((الجاد أن يسلكها و تنبيه متواصل عن مخطار الطريق و عقباته كي تتّقى.
-------------------------------------- "هذا الكتاب لم يجعلني "مُلحيّة ومن قرأ الكتاب سيفهم قصدي :) إذ أنني لم أكتف بنسخ أقوال الكاتب التي أجبتني نظما و معنى بل دونت أفكار الكتاب و تتبعتها و حدثت نفسي بنشرها لولا أنّني تفاجأت في القسم الأخير من الكتاب باثنتان و ثمانين فائدة هي زيدة الكتاب و صفوته. كما أنني تفاجأت بوجود تلخيص ممتاز للكتاب على اليوتيوب و هذا الرابط
أعجبني الكتاب.بورك في الكاتب و جعلني ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.
كتاب جميل ، جميل في إسلوبه ، رائع في سرده ، مُنَغمٌ في حَكيه ..
تشعر وأنت تقرأ ، وكأنك تقرأ للسكران _ فك الله بالعز أسره_ فترجع لتتأكد من الاسم ، ثم تجده مُغاير .. ثم تتعمق أكثر ،فتجد نفسك عرفت ، نعم هذا كتاب "مسلكيات" للسكران ، فتجد غير ذلك ..
وهذا لا يُغير من حلاوة الكتاب وجمال أسلوبه ، ورقة كلماته ، بل تبحر مع الكاتب في أسلوب أدبي مُتمكِن ومُتميز جداً ..ربما لأن أكثر شئ يؤثر فيّ هي لغة الكاتب ..
الكاتب هنا طرح الإشكاليات التي تواجه طالب العلم في سيره مع إيراد الحل لها ، مع ضرب الأمثلة الماتعة ، والإبحار في سير السابقين الأولين من العلماء ..
أجاب الكاتب خاصة عن مسألة "لماذا تَشرد المعلومة بعد قراءتها ولم تعد موجودة "
وهذه من أجَلّ المشاكل التي تواجه طالب العلم خاصة ، وأي قارئ عامة .. "المعارف بطبيعتها سريعة التناسل كثيرة التوالد ، ولكنها لا تَتَخلّق خارج جدار الرحم "
فالعلم كُلما كَثُر ..سهل حفظه .
أيضاً ذكر الكاتب العوارض التي تعوق دون سير الطالب ، وكان مما أعجبني هو تطرقه لنقطة 👈 (بالون الزهو) والمُفاخرة التي تهجُم على قلب طالب العلم ، فتحول دون سيره أو قد تودِي بقلبه ..
" نحن في زمن أمست فيه شبكات التواصل تُكيف طرائق التلقي والتأصيل ، وتفرض ذوقها الخاص بها "
الكتاب خفيف ومهم لطلبه العلم وغيرهم ، فلن تخرُج منه كما دخلت ، حتى وإن خرجت مُعطراً بعبير كلماته الرقراقة ، فكفى بها � 15.1.2019
" العاقل مَن يبني الدّار قبل رصفِ البساتين!" أحيانا يخطُر في ذهن الإنسان "القارئ" أين كنتُ عن هذا الكتاب الكنز؟ إذ كنتُ موجودًا وكان موجودًا وكانَ الجهلُ بهِ حاجزٍا! فالحمد لله الذي يضعُ أمامنا أصدقاء يرشدون إلى خير الكتب وأعظمها نفعًا.
المِرقاة للمؤلف سليمان بن ناصر العبودي، ولن يفوتني ذكر أنّه تلميذ شيخنا إبراهيم السّكران- فكّ الله بالعزِّ أسره- جاء في ثمانين ومئة صفحة واختتم بِخُلاصات منتخبة وضعها المؤلف لتعيد تنشيط مواضِع الماس بين دفتي هذا الكتاب الثّمين، وقبل الشّروع في الحديث عن الكتاب لي وقفةٌ مع عنوانه المُلفت ومِرقاة هي السلّم وما يُسّهل الصّعود وقد كان هذا الكتاب كذلك، إذ لم أقرأ كتاب ناسبَ عنوانه مضمونه بنسبة تامة كهذا الكتاب .
▪︎بينَ يدي الكتاب: تشاغب في قلبي كيف أكتب عنه، وماذا أكتب حقيقةً، فلا التّلخيص يجدي إذ أنّه لم يحتوي إلا على النّافع وزبدة الفائدة وأينعها، ولن يعطيهِ حقّه رأي بسيط أُذَيّله باقتباسٍ مِنه! وقد قررتُ نهايةً أنْ أذكرَ العناوين الرئيسية والفرعية مُعتمدةً على جاذبيها التي أجبرتني على التّشبث فيه حتى النّهاية عند قراءة فهرسه.
جاءَ الكِتاب في أربعة فصول هي: ١. التّكوين، وفيه عرضٌ للتساؤلات التي تخطر على بال طالب العلم وكيف يعالجها، متضمنًا لثلاثة مواضيع هي: المعرفة الشّاردة، والمعرفة الكامنة والارتخاء المعرفي.
٢. السّجال، مُبينًا الآثار السلبية للجدال والسّجال، واضعًا الحد بين المدافعين عن علمٍ ما والسّماسرة! وأنّ الطالب الذي يبني تصوراته على أنقاض أطروحات متصادمة لا يبني إلا بناء مشوّها. وودت التركيز على هذه النقطة التي وقعت فيها في معرض الحديث عن "نظرية التطور" إذ بدأت بمطالعة الردود عليها دون الرجوع إلى منابتها!
٣. البوارق، وهي الوقت الذي يبدأ فيه طالب العلم في تلّمس نور العلم وهذه المُدّة تطول حتى تظهر، قال تعالى:" وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)" - العنكبوت فالمطالبُ الرّفعية في العلمِ والعمل تُنال بالاصطبارِ على عوائق الطّريق .
٤. العوارض، أخيرا يعرضُ لنا المؤلف ما يعارض طالب العلم في رحلة طلبه مِن بالون الزّهو، وتبعية المشي على الأقدام .
هذا الكتاب جعلني أقف وقفات جدية مع تسنيم" القارئة" وتسنيم"طالبة العلم" التي وجدت أنّها ترتكب الكثير من الأخطاء في رحلتها، من ناحية البناء الثقافي والتكوين المعرفي، وقد وجدت أنّه مهم في جميع مراحل التكوين للطالب في أي علمٍ كان؛ لأنّه يعيد ترتيب مراحل التكوين كلما تشتت ذهن الإنسان، ويعطي الإنسان أدوات تعينه في جميع مراحل طلب العلم وتجعله يتراجع عن كل زهوٍّ محتملٍ في النّفس، ويعلّمه كيف يميز بين العلم الفاضل والمفضول وأين يضع وقته وكيف، وتذكره في ضرورة إعادة قولبة ما اكتسبه من العلم .
ونهاية يجب أن يعرف طالب العلم أنّ دروبه ليست ميسوره، وأنّ العلم نورٌ ونور الله لا يهدى لعاصي!
كتاب مهم وممتع خاصة لطلبة العلم وقد جعله المؤلف في أربعة محاور فبدأ بمفاتيح التكوين العلمي ثم تعرض للآثار السلبية للجدال ثم تحدث عن غيوث الإيمان الربانية التي سماها البوارق وأخيرا تحدث عن آفات القلوب وسماها العوارض
في محور التكوين كان للمؤلف مقالات ممتعة عن المعرفة الشاردة وكيف يمكن للطالب الاحتفاظ بالمعلومات لمدة أطول بالتلخيص والإختصار وغير ذلك، ثم المعرفة الكامنة وكيف نتدرب على استحضار معلوماتنا، ثم تأملات في الارتخاء المعرفي واهتمام المتعلمين بالملح والنكت والغرائب قبل إحكام أصول العلم وقواعده
أما في محور السجال فقد تحدث عما سماه سمسرة المدافعين وكيف تتسبب أحيانا المغالاة في الدفاع عن الإسلام وإرادة إفحام الخصوم في ضمور المعاني القرآنية الشريفة في القلب ثم مقالتين عن معارف المتجمهرين وطاقات مهدرة وكيف تنفق طاقات المرء في معارك صغيرة لا أهمية لها
في محور البوارق يحاول الكاتب دلالة طالب العلم على ما ينفع قلبه في رحلته ويدفع عنه الآفات فكانت مقالة عن تسييج الحصن والانشغال ببناء الإيمان وتعمير القلب قبل الدخول في معترك الطلب وأثناءه، ومقالة عن أهمية التعرف على سير الصالحين وغيرهم وتتبع آثارهم للاستفادة من خبرتهم، ومقالة عن ضرورة الصبر على الطريق ومشاقه وتكليفاته وعدم استعجال الغيوث
في محور العوارض تكلم الكاتب عن عوائق التعلم والآفات القلبية التي تعرض لطالب العلم وكان أولها الزهو ورؤية الذات وحب الظهور ثم خطورة حب الاختلاف والسعي وراء الاستقلال دون تمييز
ثم يختم المؤلف كتابه بخلاصات منتخبة رائعة من الكتاب وهي اقتباسات مهمة جدا تلخص موضوعات الكتاب تقريبا، وبالمناسبة يبتديء المؤلف كل محور وكل مقال باقتباسات رائعة لكبار العلماء والمفكرين، هذا غير ما بث في الكتاب من ذلك الجمال
الكتاب رائع حقا وقد وقع في قلبي موقع الغيث في الأرض فكأني التقيته في الوقت المناسب تماما حيث كنت في أشد الحاجة إليه.. قرأته في صمت وأتذكر أني بينما أقرؤه أشعر كأنه يخصني وحدي وذلك من شدة ما وجدتني محتاجة إلى أفكاره
بسم الله لم أعرف كيف أقرأ مثل هذه الكتب أنها شبيهة بكنز لا يمكن أكله وابتلاعه في شهر .. إن جم الفوائد المجتمعة هاهنا تجعلني ذائبة في لجج الحسرة ,, نحن لا نقرأ ,, لا نقرأ والحمد لله رب العالمين
" أنا لا أحب الدخول في المعارك الصغيرة، وأفضّل الاستسلام فيها حتى لا تستنفد طاقتي فيما لا يفيد"
"..فالنفس معتادة متحملة لما تتكلف"
" أول الإبداع محاكاة ثم ينفرد الإنسان بعد حين بزيّه الخاص ..فالإبداع هو تقليد منظم لعدد من المبدعين وجمع جاد لمتفرقٍ في الآخرين ..ثم بعدها تكون خلقًا آخر"
اقرأُ في المرقاة وما تجاوزت من المحور الأول سوى فصلين «المعرفة الشاردة والكامنة» لأدرك أنني أقفُ على كِتاب تنفرج له أسارير القلب ويأنس به العقل، ويطرب القارئ للغة جزلة يصدق فيها قول الشاعر: لها في عظام الشاربين دبيب ؛) خاص� أنه يعالج إشكالات قلّ أن تجد قارئاً لم يتخبط في ظلماتها أعطيكم نبذة سريعة: في الفصلِ الأول: المعرفة الشاردة: يذكر إشكالية نسيان المعلومات منذ أغلاق الكتاب! وفوائد كثيرة ترزح في زوايا النسيان عند تطلُّبها؟ فأشار إلى أهمية الأرضية العلمية وهي الأصول فكلما استقرت أصول العلم حول بابٍ ما لانت فروعهُ، وخيرُ العلوم ما ضبط أصلهُ واستذكر فرعه. ومن ثُم عرَّج على كيفية ضبط الأصل؟ مرشحًا وسيلة من أهم الوسائل ألا وهي: " التلخيص والاختصار" وأن يعمد القارئ لتلخيص الكِتاب أو اختصارهِ فالكتاب الذي تلخصهُ يعادل قراءتك لهُ ثلاث مرات، وأشار إلى شمولية التلخيص وأنها لا تتعلق بالكتب فقط بل يمكن أن تُلخص مسألةً أو محاضرة ..
في الفصلِ الثاني: المعرفة الكامنة: يقدم إشكالية كثرة المحفوظ وضعف الاستحضار ويميّز بينهما. وقدم لكلا الوصفين نماذج كاشفة ومن ثم قدم حلولًا تعينُ القارئ؛ منها مساءلةُ المادة: وتقنية المساءلة تشحذ الذهن ومناقشة المادة من أنفع الوسائل في تثبيت المسائل في الذهن، وعند هذهِ النُقطة المركزية ذكرَ علمًا من أعلام هذهِ الأمة وذكر مناقبهُ وفضائلهُ وأقوال العلماء بقوةِ استحضارهِ وقت إقامة الدليل، - إنَّ معارف أبي العباس رحمهُ الله لم تكن يومًا حبيسة فؤادٍ ساكن وأسيرة مكتبةٍ معزولة ولم تكن مرتبطة بقاعةٍ أكادمية مُغلقة، أو ببحثٍ ترقية جانبي. أو بدرس أسبوعي محكوم الفقرات والسؤالات وإنما مذ طرَّ شارب الفتى الحرَّاني إلى أن وخطه الشَّيب شيخاً للإسلام ومعارفه تتعرض لمعاول الاستخراج الدائمة والمباحثة المستمرة،
والمراد بالمساءلة: تحويل المادة المصمتة إلى إجابات مجزأة قابلة للاستخراج عند الحاجة. ومن الحلول أيضًا تفعيل النظرة الكُلية: وأهمية رد الجزئيات إلى أصولٍ كُلية.
أعظم فصولِ الكِتاب فصلهُ الأخير خصَّه بحاورٍ يتناول فيه أهمية القراءة في الجانب الأدبي مع ذكر ضوابط منهجية ونفسية تزيح عن الناظر بعض الآملات التي قد بقعُ فيها. تشعرُ وكأنك تقرأ لأحدِ فطاحل اللغة من ذوي الأسنان حفظهُ الله ورضي عنه.
بسم الله و الصلاة والسلام على رسول الله ، أحسست و كأني اقرأ ل د إبراهيم السكران لتشابه الأسلوب و وقع الكلمات اللغة العربية الجزلة الفصيحة ..التشبيهات العميقة المتناغمة مع الفكرة المراد إيصالها ..كل ذلك يؤثر في النفس و يقربها من الفهم . هناك ثقل في بعض الفصول ..و إن كانت الفصاحة تعجبني و لكن البساطة أقرب لنفوس الجميع و أشد إفهاما و توعية بما يقال.
كان الكتاب مرقاة لسبيل طلب العلم على الوجه الأقرب للصحة و الاستقامة فحينما تصيب الإنسان شذارات العلم تراه مغتبطا بنفسه و كأنه أتى بما لم يأت به أحد من قبل لا شك أن للعلم بهجة ..و لكن الكبر إن دخلت ذارته القلب ..فلا سبيل لدخول الجنة إذا ..و لا فائدة من ذلك العلم .
تحدث الكاتب عن أهمية الاستنباط و المناقشة و دور ذلك في تثبيت العلم و تمكينه و الانتفاع به حقا كي لا يكون مادة خام تطوى في مخازن النسيان ، و إن كان النسيان طبيعة بشرية ..و لكن حرص المرء على العلم و تعدد طرق إدخاله في النفس يجعله أكثر استقرارا و استذكارا إن اُحتيج إليه .
السجالات و سمسرة المدافعين تذهب بالإنسان إلى حيث لا يريد و لو لاذ بحصن الصمت حتى يتمكن لكان خيرا له .
شغل النفس بما ينفعها أكثر إصلاحا من منعها عن أهوائها و ��قط ..فلابد من ملء القلب بالخير بالتزامن مع تخليته من الشر .
حظ النفس و الحرص الخفى على الانتصار لها يذهب بإخلاص الإنسان و صدقه و يحيله مدافعا عن ذاته و ليس دينه ..و إن زعم في عباراته غير ذلك .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك و اختم لنا بخير .
مذهل إلى درجة أنه جعلني أود قراءته كل ثلاثة أو أربعة أشهر المضمون واللغة جعلا من هذا الكتاب كنزاً صغيراً يسير التناول عظيم الأثر أنصح به لطلاب العلم والمعرفة والتأصيل الأدبي والثقافي..
كتاب يتحدث عن مسارات التكوين العلمي وآليّاته وأدواته، ويتكوّن من أربعة فصول: الأوّل: التكوين وفيه من العناوين الآتي
المعرفة الشاردة يتحدث الكاتب هنا أن من أهم طرق عدم اضمحلال المعرفة وشرودها بعد وجودها هي طريقة التلخيص والاختصار، حيث تكمنُ جدوى هذه الطريقة بحذف الحشو الزائد والمكرر والاقتصار على ما يراه المختصر أصول العلم الذي يبحث عنه، وأكّد على أنّ الكتاب الذي يلخّصه الشخص يعادل قراءته له ثلاث مرات بل أزيد.
المعرفة الكامنة ذكر الكاتب هنا أعظم وسيلتين لتنمية ملكة استحضار المعارف الكامنة، أما الأولى فهي مساءلة المادة المدخلة وتقليبها على جوه مختلفة، وتتخذ هذه المساءلة أشكالاً عدة إما كثرة التأمل الذاتي للمعارف المختزنة في تلافيف العقل ومحاولة كشف النظائر وبيان الفروق، وإمّا المباحثة مع الأقران ومدارستهم وهذا بدوره يخلق جواً رفيعاً من مستوى الانتفاع بالمعارف المدّخرة، وأما بالنسبة للوسيلة الثانية فهي تفعيل النظرة الشاملة والاعتناء بالقواعد الكلية توطئةً لاستحضار التفاصيل الكثيرة.
الارتخاء المعرفي هنا تحدث الكاتب عن أهمية وأولويات بناء العلم، وذكر ظاهرة متنامية تلفت الانتباه وهي انصراف كثير من طلاب العلم الأصيل عن صلب معارفهم وأساس بنائهم على حساب مسائل مفضولة، فنحن في زمن أمست فيه شبكات التواصل تُكيّف طرائق التلقّي والتأصيل وتفرض ذوقها الخاص، فصار كثير من روّادها يجد عقله تشرّب طرائق معينة في التحصيل وتثمين الفائدة والحكم عليها، فيصبح طالب العلم الخاضع لمزاج هذا الذوق المرحلي جاهلاً بأصول من المسائل العلمية، ويغدو في بنائه المعرفي فجوات بيّنة"
الفصل الثاني: السّجال -سمسرة المدافعين يتحدث الكاتب هنا عن مشكلة يقع بها الكثير من المدافعين عن حمى الشريعة ألا وهي السقوط في بئر الضلال والزيغ لدى الفرق المقابلة والنتيجة التي ينتهون إليها وهي الصدود القلبي عن بعض المعاني القرآنية اللاحبة.
معارف المتجمهرين ذكر الكاتب هنا فئة من الناس أسماهم بالمتجمهرين ومعارفهم وآرائهم الانفعالية الخاضعة للظروف النفسية التي تثير زخمًا مؤقتاً من الجدل لا فائدة فيه، وما يستعرضونه من موضات الأفكار والتي غالباً ما تنحسر هذه الآراء عن أصولها المعرفية.
تقويم معارف المتجمهرين ذكر المؤلف طريقتان لحسن تقويم المقالات الجديدة، الأولى هي (الفقه الشمولي) وهو كما قال الشاطبي : " تصور الشريعة صورة واحدة " فينظر إلى المقال من عدة جوانب بتمعن والطريقة الثاني هي (فقه العمق) ويكون بالتأمل ودقة النظر في المقال.
طاقات مهدرة هنا تحدث الكاتب عن قضية ينساق الأغلب لها دون وعي، وهي معارك ونزاعات الحظوظ النفسية والانتصار لها أثناء الجدال والردود، والتي تهدر الطاقات وتستنزف النشاط وتطفئ وهج النفس وتعرقل خُطى المسير، وبالنهاية توهن قوى الشخص عن الالتفات إلى الميادين الكبرى.
الفصل الثالث: البوارق
تسييج الحصن يحثّ الكاتب هنا بالاشتغال على عمارة القلب وتسييج الحصن بالمعاني الشريفة والتي من شأنها أن تزاحم ما يضادها من الشهوات وتطردها عن استيطان حمى القلب.
بين طريقين أسهب المؤلف في هذا الباب في الكلام عن شخصيتين تاريخيتين بارزتين وهما: شخصية أبي حامد الغزالي، و شخصية عماد الدين الواسطي من عدة جوانب.
إبطاء وقت البوارق البوارق هي التأييد الإلهي كما جاءت في التعبير التَّيمي، وأراد الكاتب هنا التنبيه على أن المطالب الرفيعة في العلم والعمل تُنال بالاصطبار على عوائق الطريق وأنّ ثمة مرحلة حتمية تلي عزيمة السير إلى الله، وتسبق بوارق التأييد الرحمانية، وهذه المرحلة تُقطع براحلتي الصبر والالتجاء.
العوارض بالون الزهو ذكر الكاتب هنا قضية انتفاخ بالون الزهو والافتخار العلمي الذي يهجم على قلب طالب العلم في بداية مراحله، وكيف يتم تجفيف منابعه وتقليص آثاره وذلك يكون باستحضار جانب القصور عند صاحبه أولاً، ومعرفة مقامات أولي الفضل ثانياً.
تبعية المشي على الأقدام أكد الكاتب على أنّ أول الإبداع محاكاة، وأنّ مواطن القوة في كل شيء يجب أخذها واقتباسها بكل ما يستطيع طالب العلم، ثم يتفرّد بعد حين بطريقته الخاصة، بالتالي فهو تقليد منظم لعديد من المبدعين.
📝المحور الأول: التكوين. ١/ المعرفة الشاردة يقول الزهري: (إن الرجل ليطلب وقلبه شعب من الشعاب ،ثم لا يلبث أن يصير واديًا، ولا يوضع فيه شيء إلا التهمه)
نتساءل كثيرًا باندهاش وتعجب حين نرى عالمًا تتدفق العلوم والفوائد من شفتيه بغزارة، و لديه قوة استحضار لمختلف المعارف واللطائف مهما اختلفت أصولها وفروعها، كيف يستطيع هذا العالم أن يستذكر من بين مقروءاته الهائلة فائدة لطيفة من بين السطور؟
معظم القراء يعاني من هذه المشكلة ، كمن يقول : أقرأ كثيرًا ولا أستفيد، ومن ينسى المعلومات بمجرد إغلاقه للكتاب. وهذا التساؤل عادة يطرح على شِقَّين: الأول يتناول مشكلة النسيان(تطلب المفقود) الثاني يتناول مشكلة الاستحضار (استثمار الموجود)
أما الأول فذكر المؤلف تشبيه لطيف لهذه المسألة فقال: بذور العلم عزيزة لا تنبت في غير أرضها.... وحين تمتلك الأرضية العلمية لعلم ما تستطيع أن تبني فوقها الأبراج العاجية من المعارف وشواهق المعلومات دونما عناء. والمراد بالأرضية العلمية هنا هي أصول المسائل ، فالعلم كلما استقرت أصوله حول باب ما، لانت فروعه.
٢/ المعرفة الكامنة يقول ابن القيم: (كلما قوي الشعور بالمحبوب؛ اشتد سفر القلب إليه، وكلما اشتغل الفكر به؛ ازداد الشعور به والبصيرة فيه والتذكر له)
يجيب المؤلف في هذا الفصل عن الشق الثاني من التساؤل السابق، وهو كيفية استحضار المعارف والمعلومات الكامنة في العقل. والحل -في رأيه- في أمرين: الأمر الأول مساءلة المادة المدخلة وتقليبها على وجوه مختلفة. المعلومات التي نختزنها هي في الغالب مواد مصمته (خام) تدخل إلى الذهن قطعة واحدة، وهذا يعرقل استثمارها عند الحاجة إليها ما لم تخضع للمساءلة الدائمة، إما بكثرة التأمل الذاتي ، أو المناقشة والمناظرة والمباحثة مع الأقران، أو بالمدارسة. وفائدة تقنية المساءلة هي شحذ الذهن ونفض الغبار المتراكم فوق رفرف المعارف، فطالب العلم ساعة النقاش يسخر جميع طاقته ويوظف كل حواسه لاستذكار كل ما لديه من معلومات. وقد أشار الرافعي إلى ذلك بقوله: (المناقشة من أنفع الوسائل في تثبيت المسائل في الذهن وقلما ينسى الإنسان مسألة ناقش فيها) أما ما يتعلق بتقليب المادة العلمية على وجوه مختلفة، فالطالب يدخل المادة في قلبه وعقله قطعة واحدة، فإذا أراد أن يستخرجها جاء بها قطعة واحدة أيضاً. (مثلاً لو أراد أن يستشهد بآية من سورة فيضطر لتلاوة السورة من أولها حتى يصل إلى محل الشاهد) وأفضل ما يعين على تجاوز هذه المشكلة هي التنويع في إدخال المعلومة ، كحفظ الشواهد ضمن سياقاتها المتداولة، (مبدأ الاقتران والاشتراط) وفي هذا يقول المسيري: ( كل معلومة أو حدث داخل نمط؛ فاسترجاعه يكون سهلا)
الأمر الثاني: تفعيل النظرة الكلية: ويكفي هنا قول ابن تيمية: ( لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم وعدل)
٣/ الإرتخاء المعرفي "تركوا العلم وأقبلوا على الغرائب، ما أقلَّ العلم فيهم!" أحمد بن حنبل.
يتحدث المؤلف هنا عن ظاهرة في عصرنا الحالي عصر التواصل الإجتماعي وانشغال الناس بغرائب المعلومات ونوادر اللطائف حتى أن بعض طلاب العلم بدأ ينكب على هذه اللطائف والنوادر ويحرص على البحث عنها ونشرها في حسابه، بدلا من التركيز على التأصيل الذي يلم شتات هذه القصاصات، ويصنع منها دفتراً متماسكاً.
"من المعارف دورا للسكنى ومنها حدائق للنزهة، والعاقل من يبني الدار قبل رصف البساتين"
-------
📝المحور الثاني: السجال
١/ سمسرة المدافعين يذكر المؤلف هنا مشكلة المدافعين عن الدين والذين يحرصون على نقض ورد الشبهات التي ترد من غير المسلمين، وقد يتأثرون أحياناً بهذه الشبهات، وتضمر معاني القرآن الشريفة في القلب. شبه المدافع بأنه مجرد ساعي بريد يقتصر دوره على مجرد إيصال الرسالة تامة، لكن بعض المدافعين تحول إلى سمسار يخفض ويزيد في السلعة وثمنها؛ ملتمساً رضا الزبائن! أبهرني طريقة عرض الكاتب للفكرة و وصفه لها بهذا التشبيه البليغ.
٢/ معارف المتجمهرين يقول عبدالرحمن المعلمي: (ابن عبد ربه الأندلسي والأصفهاني... هؤلاء سمريّون، إذا ظفروا بالنكتة؛ لم يهمهم أصدقاً كانت أم كذباً)
يقول المؤلف: طالب الحق الذي يبني تصوراته على أنقاض الأطروحات المتصادمة إنما يبني بناء مشوها مهددا بالانهيار؛ لذا يحذر العلماء من التأسيس على كتب الردود ولو كانت ردود أهل السنة على المبتدعة. فحينما يخصف ثوب التصورات الأولية من قماش تجاذبته الأيدي فلا تسل عن الخروق في وسطه وعلى أطرافه!"
معارف المتجمهرين هي تلك الآراء الانفعالية الخاضعة للظروف النفسية لأطراف النزاع وما يستعرضونه من موضات الأفكار، وغالباً ماتنحسر هذه الآراء عن أصولها المعرفية.
ولتقويم هذه النزاعات الفكرية أمرين هما : - الفقه الشمولي لبقية فروع الشريعة المتصلة بهذه المقالة (تصور الشريعة صورة واحدة) - الفقه المتعمق في جذور القول نفسه، وظروف ولادته.
٣/ طاقات مهدرة. هذه المقولة للمفكر عبدالوهاب المسيري تختصر هذه الفقرة: ( أنا لا أحب الدخول في المعارك الصغيرة، وأفضل الاستسلام فيها حتى لا تستنفد طاقتي فيما لا يفيد)
-------
📝 المحور الثالث: البوارق
١/ تسييج الحصن " لا يصبر عن شهوات الدنيا إلا من كان في قلبه ما يشغله عن الآخره" -أبو سليمان الداراني.
كلٌ منا يعاني في حياته من معارك خفية بين نفسه الأمارة بالسوء، ونفسه اللوامة، والنتيجة غالباً هزائم موجعة تتعلق بوهن الإرادة وضمور العزيمة. يخبرنا هنا المؤلف عن الطريق الأمثل في التعامل مع هذه الهزائم، "فالإصلاح الحقيقي الذي يبدد كيد الشيطان حين يزين الشهوات يبدأ بتغيير مسار المعركة بالاشتغال على عمارة القلب بالمعاني الشريفة، ومن شأن هذه المعاني أن تزاحم ما يضادها وتطردها عن استيطان حمى القلب" فلنعمل على تسييج الحصون بدلاً من الانهماك في مطاردة اللصوص.
٢/ بين طريقين: "يستفاد بمعرفة أحوال الخلق أحوال المحقين من المبطلين، والناقصين من الكاملين... ويتوصل بذلك إلى سلوك الحق واجتناب الباطل، ويشكر الله تعالى على نعمه والعافية مما ابتلى به كثيرا من خلقه" - ابن شيخ الحزَّامين.
٣/ إبطاء وقت البوارق "الأحوال قد تُتَكَلَّفُ مباديها ،ثم تتحقق أواخرها" - أبو حامد الغزالي.
المطالب الرفيعة في العلم والعمل تُنال بالاصطبار على عوائق الطريق. وثمة مرحلة حتمية تلي عزيمة السير إلى الله، وتسبق بوارق التأييد الرحمانية؛ هذه المرحلة مفازة تقطع براحلتي الصبر والإلتجاء... وفي هذه المفازة ضلت طريقها أكثر الرواحل.
-----
📝 المحور الرابع: العوارض
١/ بالون الزهو. (جاء في الاثر: [اللهم أرنا الأشياء كما هي] وهذا كلام حسن غاية، وأكثر الناس لا يرون الأشياء بعينها) - ابن الجوزي.
لا شك أن قدرًا من الزهو والفرح بالعلم والتحصيل أمر طبيعي مركوز في طبائع النفس البشرية، لكن لابد من تطويق تلك المشاعر بمعاني التواضع العلمي وذلك باستحضار جوانب القصور من جهة، ومعرفة مقامات الأكابر من جهة أخرى.
٢/ تبعية المشي على الأقدام. (حفظني أبي الف خطبة، ثم قال: تناسها، فتناسيتها، فوالله ما أردت بعد ذلك شيئا من الكلام إلا سهل عليّ وَعْرُه) - خالد القسري.
يتحدث المؤلف هنا عن قيمة الاستقلال وعن بعض الذين شوهوا هذا المعنى بتكلف الاختلاف عن الآخرين ، فإن رأوا الناس يمشون مطمئنين على أقدامهم، بادروا لوضع أيديهم على الأرض ليمشوا على أربع ،طمعاً في تحصيل أكبر قدر من الاستقلال؛ يخرجهم من تبعية المشي على الأقدام.
أعجبني ما ذكره المؤلف هنا عن أن الناشئ الذي يبغي التميز ويحلم أن يكون له أثر في أي صعيد؛ عليه أن يشرب إبداعات أولئك الكبار الذين سبقوه في مجاله، ثم يدعها تغيض ثم تفيض؛ فلن تكون هي هي ، ولن تكون أيضًا غيرها.
المرقاة: الدرجة والسلم الذي يعرج به طالب العلم متجاوزًا العقبات. الكتاب تأملات في التكوين العلمي وما يواجه طالب العلم من تحديات وتساؤلات مثل: كيف أطلب العلم؟ وكيف أتمكن من المحفوظ؟ ولمَ أنا ضعيف الاستحضار؟ ومتى أرى ثمرات العلم؟..... تطرق أيضًا لما قد يواجه طالب العلم خصوصًا في هذا الزمن من مشتات ولدتها وسائل التواصل كالضعف المعرفي وما سماه معارف المتجمهرين....، وما قد يعتري القلب من أمراض كالزهو وطلب حظ النفس.
الكتب مقسمٌ إلى أربعة فصول وكل فصل تحته عدد من العناوين:
١- التكوين: المعرفة الشاردة: كثيرًا ما يطرح سؤال: أقرأ كثيرًا ولا أستفيد؟ أعرف هذه الفائدة لكنني لا أذكرها؟ سؤالٌ جوابه في شقين: اضمحلال المعرفة وطرائق الاستحضار. وأن أهم أدوات ضبط العلم التلخيص وبناء الأصول قبل الاهتمام بالفروع "العلم كلما استقرت أصوله حول باب ما، لانَت فروعه".
المعرفة الكامنة: وجاء فيه أن الحفظ لا يساوي قوة الاستحضار، ولتقوية الاستحضار يجب مدارسة الأقران، إذ المواقف الانفعالية يسهل تذكرها يقول الرافعي في رسائله: "المناقشة من أنفع الوسائل في تثبيت المسائل في الذهن وقلما ينسى الإنسان مسألة ناقش فيها"، وتقليب المادة في الذهن على وجوه مختلفة، وحفظها في سياق الاستشهاد، وتفعيل النظرة الكلية الشاملة؛ فضبط الكليات معين على ضبط الجزئيات التي تندرج تحتها يقول ابن القيم: "العالم ينتبه للجزئيات بالقاعدة الكلية".
الارتخاء المعرفي: وفيه هجاء للاشتغال بالمُلح واللطائف والانشغال بها على حساب التأصيل والبناء.
٢- السجال: سمسرة المدافعين: من ينشغل بالشبهات أو حتى الدفاع الخاطئ مما يجعل القلب يميل إلى الخطأ دون أن يشعر، وقد تضمر المعاني الإيمانية من كثرة تعرضه للشبهات.
معارف المتجمهرين: من يسيرون مع الموجة كيف سارت، فلا بناء أصول، بل المعرفة عندهم ما تكون موضة على مواقع التواصل وانشغال باطروحات ومصادمات وأفكار جماهيرية.
طاقات مهدورة: في تضييع الوقت بمعارك لا تفيد وتطلب حظوظ النفس وأمجادها، يقول المسيري: "أنا لا أحب الدخول في المعارك الصغيرة، أفضّل الاستسلام فيها حتى لا تستنفد طاقتي فيما لا يفيد".
٣- البوارق: تسييج الحصن: بإشغالها بما ينفع بعيدًا عن الفراغ وعن مهاترات الشبكات . بين طريقين: استحضر فيه شخصيتي الغزالي والواسطي نموذجًا. إبطاء وقت البوارق: أن طريق الحق والعلم طويلٌ يتطلب صبرًا ومجاهدة واحتسابًا ومن يصبر يصبره الله، ذكر ابن تيمية لمن يريد الاستقامة لكن كلما سار خارت قواه: "وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف، فإنه لا يلبث أن يؤيده الله بروح منه".
٤- العوارض: بالون الزهو: بالعلم وتعاظم النفس بما كسبت وعرفت، وقد لا يسلم من ذلك أحد خصوصًا في بدايات الطلب، بينما التواضع هو زينة طالب العلم. تبعية المشي على الأقدام: الاستقلال لا يأتي إلا بعد التقليد، فأول العلم تقليد ومحاكاة واندهاش.
🔖 القراءة بلا تأمل ولا تفكر ولا إعمال للذهن، هي مجرد إرهاق للعينين وعظام الرقبة.
يقول لي أخي الأكبر بعفوية وسخرية ومزاح : لا ترفع سقف التوقعات كثيرا عشان اذا طاح عليك ما يوجعك. وهذا ما حدث معي في هذا الكتاب. وصف الكتاب(ظهر الكتاب) يوحي ويشير إلى ما هو أعظم من محتوى الكتاب. وأجده أشبه بكتب تطوير الذات أو التنمية البشرية التي لا تغني عن جوع. أشار المؤلف في باب العوارض، قصل بالون الزهو، بما هو بدهي ولا بأس بهذا، كون الطالب ينبغي له التواضع مجملا. وقد يكون الدكتور كذلك، لكنه لغته ليست بالونَ زهوٍ فحسب، بل منطادا ! فانظر لعبارته هنا مثلا "تأملتُ كثيرا في مسارات التكوين العلمي وآلياته وأدواته، وسرّحت النظر إلى التعقيدات والتحديات والمصاعب التي يواجهها طالب العلم.......... ثم أرجعت البصر كرتين متمعّنا في الدلائل الشرعية ومستلهما من الإضاءات المسلكية مرقاةً يعرج بها طالب العلم من هذه العوالق". مشكلتي معه أنه يأتيك بكأس الماء وأنت ظمأ صدئ، فتتلقف الكأس بشراهة، فتصاب بخيبة خلو الكأس. ما كان إلا قدحا. أعجبني أول باب (التكوين)، الفصلَين الأولين منه. وليته أطال فيهما على حساب غيرهما. فمن إشاراته اختلاف العلماء في استحضار المادة العلمية، فلو أطال هنا وبيّن أساليبهم أكثر وحيل الاستحضار وشحذ الذهن لكان أنفع لطالب العلم وأجدر في تخليصه من العوالق. كذلك من أساليبهم الاختصار والتلخيص، فلو تتبع الدكتور -جزاه الله خيرا- طرقهم في الاختصار أو منهجهم لكان أنفع. أما باقي الكتاب بَدَهَي. بل أن الخلاصة التي في نهاية الكتاب تغني عن معظم الكتاب. أختم بتعليقي على لغته. لم تناسب -في نظري- لغته محتوى الكتاب. وهي أقرب ما تكون للأساليب الأدبية منها للعلمية. علما بأن الكتاب يحتاج لمراجعة نحوية رغم أن طبعتي الخامسة!
كتاب جميل ولذيد ونافع في نفس الوقت، طريقة كتابة مذهلة تجعلك تود إعادة قراءته لمرات ومرات، الكتاب يتناول العديد من القضايا الهامة التي تخص طالب العلم على وجه الخصوص والقارئ على وجه العموم.
كتاب مليء بالفوائد لأقصى درجة! أتابع كتابات د.سليمان منذ فترة، يستقي مِن مَعين السلف رضوان الله عليهم. جميل جدًا. لن تكونَ القراءة الأخيرة إن شاء الله تعالى ووفَّق "))