تندرج هذه الترجمة التي أعدّها الباحث والمترجم المغربي محمد الجرطي عن إدوارد سعيد، التي أراد بواسطتها تقديم مُقاربة شاملة لأهم روافده الفكرية والنقدية، ولأبرز ما افترعه من مفاهيم نظرية وإجرائية في الممارسة النقدية، فضلاً عن تسليط الضوء على تنظيراته النفاذة لوظيفة المُثقّف وعلاقته بالسلطة، ولعلّ هذا الحرص على الاستقصاء والشمولية هو ما نلمسه في طبيعة هذه الدراسات التي اختارَها الباحث، حيثُ قاربَ البعض منها المنحى النقدي في مَسار إدوارد سعيد من خلال التركيز على مُؤلفاته النقدية البارزة كـ «الاستشراق»، و«العالم، النص والناقد»، و«الثقافة والإمبريالية». في حين ركز البعض الآخر منها على مؤلفاته الفكرية، وتحديداً كتاب «المثقّف والسلطة» الذي حاور من خلاله إدوارد سعيد بعض التنظيرات التي قدّمها كلّ من جوليان بندا وأنطونيو غرامشي لماهية المثقّف ورسالته الفكرية، خالصاً في النهاية إلى ضرورة استقلال صوت المثقّف ورفضه الانتماء السياسي والحزبي، لتكسير كلّ منوالية فكرية ناجزة، أو توجيهات إيديولوجية مُسبقة، وإبقاء قلمه مُجنّداً في الدفاع عن القيم الإنسانية المثلى والمجيدة.
اردت اليوم في ذكرى وفاة ادوارد سعيد ان اجالسه قليلا فاخترت هذا الكتاب، لقصره حيث اني بزحمة مطالعات دسمة :)
الكتاب تجميع لمقالات عن الراحل، معظمها تتناول كتابه "الاستشراق" ، فكره عن الثقافة والمثقف برؤى مختلفه حسب كاتبي المقالات، وان بدت مكررة الافكار لتحدثها عن نفس الكاتب والكتاب
# على المعرفة التي يجب ان تكون ذات بعد اخلاقي وضبط للنفس وموقف متحفظ ومتعال ومتسامح ضد اليقينيات المريحة بدل ان تكون تراكماً للمعلومات. # إن الهوية بكل تأكيد نتاج لارادة ما
تجميع الدراسات فكرة ممتازة. صحيح أن التكرار يطغى، و كذلك المقالات باردة بعض الشيء إلا قليل منها. باردة من حيث أنها تعرض توضيحات لأفكار إدوارد سعيد بلا ربط مع الواقع الحاصل قبل و أثناء كتابة المقالات، و الذي من المفترض أن يكون في المقال لأنها تتحدث عن أفكار مكتوبة مسبقًا.
شكرًا للمترجم الذي يكتب الأنثروبولوجيا "أنتروبولوجيا" بتاءه المغربية -سلامًا إلى المغرب- و شكرًا لمنشورات المتوسط الذين أحب إنتاجاتهم و تصاميمهم.
ليس بالضرورة أن تكون المقالات المجمعة في الكتاب منصفة لفهم مجال إدوارد سعيد أو تفسير نتاجه. أكثر ما يشغفني في شخصية هذا الأكاديمي المثقف جدًا أنها مستقلة ومتحررة من كل البنى، مُثقفة أنسنية حقَّة وعارفة. المقالات أجمع وإن تباينت طرق عرضها لا تخلو من كتاب له أوحد هو الاستشراق، ضاربة صفحًا عن مؤلفات للكاتب قد تقارع في أهميتها كتاب الاستشراق. بعيدًا عن مرمى المقالات في نتاج سعيد وتوجهه النقدي، الصورة التي أراه فيها هي أنه مثقف حقيقيٌ ينزع نحو الإنسانية، وكل ما كتبه في حياته لم يصب إلا لمنفعة الإنسان.