في أجواء قاهرة ما بعد مبارك، وداخل أروقة مؤسسات إعلامية ظهرت على عجالة، يُسيطر عليها بالكامل رجال الأعمال وضبّاط الأمن، يتقدّم عُمر عيّاش مُحمّلاً بكل مواهبه في هذا العالم، صحافيًا شابًا لا تنقصه الطموحات الأدبية ولا النذالة، ينجح في تخدير ضميره لينجز كل المهام القذرة التي توكل له، ولكن تبدو جرعة المخدر غير كافية لإتمام العملية على الوجه الأكمل؛ فعيّاش ابن أسرة من الطبقة المتوسطة تقلّبت مع تقلبات المنطقة العربية كلها، وتفرّق أفرادها في الأصقاع، وها هو وحيداً يشقّ طريقه في هذا السديم. ينخرط في علاقة عاطفية مع نُورا، مُغامِرة أخرى من مغامري ومغامِرات مجتمع مقاهي ومنتديات "وسط البلد" القاهري الذي تمدّد كثيرًا بعد الثورة. بروح العاطفة المرتجلة وبشيء من التواطؤ، يتلمّس العاشقان طريقهما سويّاً في هذا الواقع الجديد. إنّها دورة حياة سريعة ومختزلة يلمع فيها نجم عيّاش ثم يحترق كشهاب سريع الزوال، أو كبطل إشكالي لم يستطع الانحياز لأحد طرفي الصراع داخله، فتداعي المسرح تحت قدميه. في عمله الأدبي الرابع يروي لنا أحمد مجدي همام هذه المغامرة، على لسان بطلها، في سرد رشيق وبحسٍّ من سخرية مريرة تطاله هو شخصيًا لتفكّك تناقضات العالم الذي يتحرك فيه محكومًا بالمؤامرات والدسائس التي تتسلّل حتى مخادع الحب.
--------------- قراءات ومقالات حول الرواية ____________
*"عيّاش" لأحمد مجد همام.. فعّال العيش مهما ضاقت السبل **محمد السباعي - جريدة القاهرة
*"عيّاش" بطل عبثي في عالم منهار ** يسري عبدالله - الحياة اللندنية
*أحمد مجدي همّام: «عيّاش» ناقلاً حال المجتمع المصري ** سومر شحادة - الأخبار
*"عياش"..صورة البطل المعاصر" **وائل سعيد - بتانة
*"عياش".. فن الصعود إلى الحضيض **محمود عبدالشكور - الشروق
روائي وقاص مصري مقيم بالقاهرة، من مواليد العام 1983 في مدينة العين بدولة الإمارات العربية
صدر له : موت منظّم (رواية) هاشيت أنطوان 2021. كم رئة للساحل - أنثولوجيا الشارقة عاصمة عالمية للكتاب (نصوص لـ 50 كاتبًا عربيًا) 2019. تقارير إلى سارة (يوميات) - دار أثر 2019. الوصفة رقم 7 (رواية) الدار المصرية اللبنانية 2017. عيّاش (رواية) - دار الساقي للنشر 2016. مصنع الحكايات - (25 حواراً) دار مِداد للنشر 2016. الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة (قصص) روافد للنشر 2014. أوجاع ابن آوى (رواية) دار ميريت للنشر - 2011. قاهريّ (رواية) دار نفرو للنشر - 2008.
يعمل في الصحافة الثقافية منذ 2010. شغل موقع مدير تحرير مجلة "عالم الكتاب". مراسل لجريدة "الحياة" اللندنية، "الأخبار" اللبنانية، و "القدس العربي". بخلاف ذلك ينشر في عدة دوريات ومواقع إلكترونية عربية: التحرير- الثقافة الجديدة - أبيض وأسود - القاهرة - الدوحة الثقافية - اليوم السابع - الأهرام - المقال - أخبار الأدب - البوابة الإخبارية لقناة التحرير- سيسرا الثقافية (السعودية) - مسرحنا - مجلة رمّان الإلكترونية..
جوائز ومنح: * جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب 2022، أفضل رواية عن رواية "موت منظم" 2022. *وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة آرابليت Arablit Story Prize لأفضل قصة قصيرة عربية مترجمة إلى اللغة الإنجليزية عن قصته (خدعة هيمنجواي)، 2021. *وصل إلى القائمة القصيرة لجائزة (الأصفري) للقصة القصيرة الممنوحة من الجامعة الأمريكية في بيروت 2018. * فازت مجموعته القصصية "الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة" بجائزة (ساويرس) لأفضل مجموعة قصصية 2016. *فاز بمنحة الصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق) 2015. * حصل على منحة (المورد) الإنتاجية 2014.
لقاءات تلفزيونية مع الكاتب: * في قناة النيل الثقافية
هل تتذكرون شخصية الصحفي الوصولي "محفوظ عجب" في رائعة موسى صبري "دموع صاحبة الجلالة" والتي باتت علما لكل صحفي يصعد على جثث المقربين منه، ولا يتواني عن القيام بأي شئ من أجل منفعته الخاصة الرواية تتناول شخصية مشابهه، لكنها شخصية "ساذجة" يحركها الآخرون بذكاء. البطل هنا أديب وكاتب يحيا حياة بوهيمية بلا هدف قبل أن يلتحق بالعمل في مؤسسة صحفية تداهن الحكومة، ويحكمها أمنيا شخصية "اللواء" الذي يستغل سذاجته وأخطائه ليطلب منه كتابة تقارير عن زملائه، ليترقى سريعا ويصبح محل سخط الجميع، وسط علاقة نسائية شائكة يقيمها مع شاعرة غريبة الشخصية، لينتهي الأمر بسقوطه المدوي الحبكة الرئيسية جيدة، والنهاية مكتوبة باحكام وبشكل بارع للغاية، لكن مشكلة العمل الحالي في اللغة الاباحية والمكشوفة التي استخدمها الكاتب بكثرة طوال أحداث العمل، والمزج احيانا بشكل فج بين الفصحي وبعض الكلمات العامية وبخاصة في الأقسام الأولى للرواية، والاسهاب في الوصف الجنسي بشكل لا يخدم الحبكة إلى قليلاً، فضلا عن بعض الثغرات الطفيفة في العمل، فالمسافة مثلا من الفيوم إلى قرية "الغرق" حيث يسافر الصحفي للقاء والد زميل له توفى لا تستغرق دقائق كما يصف الكاتب، والرحلة من مصر للندن لا تستغرق 4 ساعات، وغيرها من التفاصيل الصغيرة التي تقلل من قيمة العمل في النهاية كتاب كان يمكن أن يكون أفضل بكثير لولا الهوس بحشر الجنس والكلمات البذيئة طوال أحداث العمل
ممتعة ومؤلمة, هزلية ومأساوية, ساخرة وجادة, إنها ذلك كله معاً.. رواية عياش الرائعة. أحمد مجدي همام كاتب مدهش حقاً, ومن يقرأ روايتيه (الوصفة رقم 7) و(عياش) سيدرك ذلك ويقرّ به. الروايتان مختلفتان للغاية, الأولى غرائبية فانتازية مفارقة للواقع ومندمجة معه في الوقت ذاته, لغتها قوية وألفاظها جزلة ومنتقاة بعناية وخيالها محلّق جداً. بينما عياش واقعية تماماً, لغتها بسيطة وجميلة وألفاظها من صميم الواقع المعيش وليس فقط بحواراتها العامية , الموفقة والذكية بالمناسبة, ولكن أيضاً بالسرد الممتع والبسيط والمتمادي كنسيج مصنوع ببراعة وسلاسة وبساطة بآن واحد. الروايتان ممتعتان ومكتوبتان بحرفية وموهبة واضحتين ومختلفتان جداً, وأن يكون كاتبهما هو نفسه فهذا قمة الموهبة والتمكن من الصنعة الروائية. خصوصاً أن الأسلوب الخاص بالكاتب واضح ومتفرّد في الروايتين, الذكاء وخفة الظل والقدرة على استنباط الحكايات المتوالدة من بعضها والتمكن من الاسترسال في الحكي والمحافظة على انتباه القارئ وفضوله في الوقت نفسه والحبكة المتوترة والتي تسير إلى الأمام باطراد ومن دون وقفات ومن دون تمهّل يقطع توتر الحكاية. أحمد مجدي همام في هذه الرواية وعلى عكس سابقتها لجأ إلى بعض ألفاظ الشارع واستخدمها في الحوار والسرد, كما أنه كتب بضعة مشاهد جنسية صريحة, ورغم أنني ككاتب لا أفضل هذا الأسلوب ولا أتبعه عادةً, إلا أنني وجدته مقبولاً في هذه الرواية لأن الموضوع يفرض نفسه, الحكاية والشخصية التي تدور حولها الرواية والواقع الذي تدور فيه الأحداث يفرض ذلك ويبرره ويجعله ضرورياً أحياناً. رواية جميلة , صريحة, واقعية, جارحة, وكاتب متمكن وموهوب و يحلق خارج السرب ويصنع لنفسه في عالم الأدب موقعاً مميزاً
قليلون هم الكتاب اللذين يملكون مشروعا في مصر ، واحمد مجدي همام أحدهم ، بعد " الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة " يستمر الكاتب في عزف قضايا الخيبة والقبح والسخرية واللعب علی وتر النفس المنكسرة في قصصه وروايته ، لا أميل إلی حرق احداث الرواية في مراجعاتي ، ولكن العمل يمتلئ بالسخرية اللازعة والسوداء ، ليس بإمكانك إلا أن تتعاطف مع " عياش " وستری بالتأكيد أنه ليس إلا ضحيه مجتمع متفسخ ، لا سبيل للعيش فيه إلا ببيع مبادئك .. والا ستدهس تحت أقدام الجحافل التي قررت استئصال ضميرها .. عياش هو رمز وليس مجرد صورة .. رمز لنتاج تشوه 30 عاما وأضف عليهم 6 آخرين من النفاق والمحسوبية وقتل الروح ووأد الأمل .. هو رمز للشاب المصری في أزهی عصور خيبته وتفسخه . رواية إلتهمتها في جلسة واحدة ، احمد مجدي همام يكتب السهل الممتنع ، لغة غاية في الشفافية ، السخرية السوداء هي الخط الواضح طوال أحداث الرواية .. الكاتب يسخر من بطله قبل أن يسخر البطل من مجتمعه .. خيبات وانتصارات قليله وانفجارات متتالية وشظايا من تأنيب الضمير .. وحب مبتور للمرأة الوحيدة في حياته .. تستحق الخمس نجوم بجدااارة . فقط أستغرب اصرار دار النشر علی حرق كل أحداث الرواية في كلمة الغلاف الخلفي ؟؟
رواية خفيفة تشدك حتى تنهيها، عن صحفي وكاتب شاب في الثلاثين من عمره يحاول أن يثبت نفسه ويملك زمام أموره فينحرف إلى طريق غير صائب ومع ذلك نجدنا - القارئ - متعاطفين معه، وكما قالت إحداهما في المراجعة كم عياش يعيش بيننا؟
يعتبر همام من الكتاب الذين يجيدون اختيار الجملة الأولى للعمل الأدبي، التي من شأنها أن تنتشل القارئ من عالم الواقع، إلى عالم الرواية مباشرة، بضربة واحدة، بكرة قلم واحدة، لسطر واحد، حيث يقول "جحيم في الدنيا، جحيم في الآخرة، شكرًا يا رب، شكرًا على هذا الحضيض الذي أعيش فيه"
أهم ما يميز كتابات همام هي اللغة، فهمام له لغة خاصة، تجبرك على الأقل أن تنحني لها، ليس احترامًا فحسب، وإنما تنحني كذلك بجسدك لتتابع عينيك الصفحات، التي ما تلبث أن تتوالى واحدة تلو الأخرى، تلو الأخرى، فتأسرك، وتتحكم فيك، وتسيطر عليك، كالخمر أو المخدر، الذي إن أخذت منه نفسًا أو رشفة، دعاك ذلك للتفكير في الحصول على المزيد.. باختصار، لغة همام لغة مثيرة، تعلم جيدًا كيف تكسر كل قواعد الملل أثناء القراءة.
كان ذلك حاضرًا بشكل قوي في ثلثي إن لم يكن 75% من الرواية، ما يحسب للرواية بالتأكيد، فهذا قدر لا بأس به من المتعة التي يمكن أن يحققها الكاتب في عمله، 75% مقدار ضخم، ولكن ما الذي حدث في الربع الأخير؟
اعتمد همام في روايته بشكل كبير على اللغة، وانسيابية الأحداث، والفعل المضارع، الذي يضعك في قلب الحدث، متفاعلًا مع البطل، الذي يروي لنا طوال الوقت بضمير المتكلم، ما يفعله في يومياته كصحفي، وتعاملاته مع مدير أمن الصحيفة، الذي بينه وبين عياش علاقة "عصفرة" حيث عياش هو العصفورة، التي تقول للواء كل شيء عن العاملين بالجريدة، وبالأخص الأسماء التي يمررها اللواء لعياش، هذا، ويتنقل عياش بشكل دوري تقريبًا، بين يومياته في الصحافة، ويومياته مع نورا، جزء الرواية شبه الرومانسي، والإيروتيكي، والذي يتعلق بشكل رئيسي وأساسي برجولة عياش، وكونه "فيرجن" لم يضاجع فتاة قط، حتى وصل إلى الثانية والثلاثين من عمره، حتى ظهرت نورا، التي بدأ عياش "يحرجم" عليها، حتى وقعت في شراكه، أو وقع هو في شراكها، أيهما أقرب.
همام وافقه الصواب في نظري، في اعتماده الأول والأخير تقريبًا على اللغة، والكتابة، وكتابة الكتابة، حيث تزخر الرواية بمقالات وتقارير وأخبار والعديد من محاولات الكتابة، فهذا الاعتماد أغفل بعض محاور القصة أو الدراما الروائية، التي من شأنها أن تساعد اللغة في ربط القارئ من منخاره، لتدخله في مغامرات الخيال الروائي، فالقصة نفسها، أو الحكاية، أو الحدوتة، لا يربطها عامل قوي من الاثارة ينتظر القارئ نتائجه الكارثية أو العظيمة في منتصف الرواية أو في نهايتها، فليست الرواية سوى عبارة عن يوميات كاتب بائس، أو صحفي بائس، ومعافرته مع العمل في الديسك والتحرير، ومعافرته مع نورا التي يريد أن يضاجعها، وبعض الأشخاص الذين يسقطون واحد تلو الآخر، في كل مرة يكتب فيهم تقريرًا يقدمه إلى اللواء، ومعافرته مع أخته من أجل إرسال النقود، ومع أمه من أجل خبر زواجها، ومع مؤخرته من أجل ناسوره، وكفى. ليس هناك حدث محوري أو قصة محورية، فقط عدة قصص فرعية، تتحرك في قالب فارغ من المضمون، أو هذه القصص الفرعية هي مضمونها.
بالطبع أن لا أنكر هذا النوع من الأدب، أو هذه الطريقة في الكتابة، ولكني أفضل الأعمال ذات المضمون الرئيسي، ومن حولها بعض العقد الفرعية، كالشمس، تدور حولها الكواكب، فعياش عبارة عن مجموعة من الكواكب، تدور حول اللاشيء. وهو أمر وارد في الأدب، ولكنه يحتاج إلى أن تكون القصص الفرعية كفيلة بأن تسبب للقارئ دهشة عارمة، تجعله يتغاضى عن أن الرواية ليست ذات مضمون رئيسي.
ربما كان ذلك هو سبب هبوط معدل الإثارة في الربع الأخير من الرواية، حيث النهاية المتوقعة، بعد أن قتل همام أحد شخصيات الرواية الثانويين، كي يصنع أخيرًا حبكة كادت أن تكون منعدمة في الرواية، ولكن بعد موت هذه الشخصية، أصبحت الرواية في عداد الأموات، فكل الأحداث المتبقية متوقعة، بسبب منطقية الأحداث الزائدة عن الحد، فأصبحت صدمة فضيحة عياش متوقعة، والمشكلة، أن القارئ كان يعرف أن أمر عياش سينفضح في نهاية الرواية حتمًا، وإلا لكانت رواية في اللاشيء فعلًا، ولكن المشكلة، أن القارئ كان يعرف أيضًا ماذا سيحدث عندما ينفضح أمر عياش! بدلًا من أن يتساءل القارئ: ترى ما الذي سيحدث إن انفضح عياش؟!
لوضع مقاربة لما أريد أن أقوله، مثلًا، كنت أتابع مسلسل دكستر، وهو يحكي عن قاتل متسلسل، رباه أبوه على أن يقتل المجرمين، ولا يقتل الأبرياء، وعندما كبر دكستر، عمل كفني طب شرعي في قسم ميامي، متخصص في لطخات الدماء، وكانت أخته ديبرا ضابط شرطة في نفس القسم، وطوال المسلسل، لا يعلم أحد عن كونه سفاح، ولكن المشاهد - أو ربما أتحدث عن نفسي - كان يدرك أن هناك حتمًا حلقة ما لابد أن يعرف أحد ما بأمره، وكان السؤال، هل ستعرف أخته بأمره؟ نعم ستعرف، هذا متوقع، وإلا فالمسلسل لن يكون له معنى، وبالفعل علمت أخته بالأمر، ولكن بقى السؤال: ما الذي ستفعله ديبرا إن علمت حقيقة أخيها دكستر؟ السؤال الذي كان له العديد من الاحتمالات الممكنة، ولم تكن إجابته متوقعة إطلاقًا. أما عياش، فطبيعي عندما ينفضح أمره، سيكرهه الجميع، ويصبح في خبر كان، ولا وجو�� لأي احتمالات أخرى، وهذا ما حدث في الرواية بالفعل.
إذن، تبقت لنا اللغة، وسحر اللغة، وانسيابية اللغة، واللحظة التي يشعل فيها عياش السيجارة، والتي يتناول فيها الشاي بالليمون، وتمريناته الصباحية على الكتابة، وتمريناته المسائية على الجنس، وبينهما مغامرة تغوص في أعماق عالم الصحافة، وعصافير الصحافة، وخراء الصحافة، ولغة همام الآسرة للروح، لغة جديرة بالتحية والتقدير، ربما تجعلنا نتغاضى عن الأحداث الأساسية للرواية، والدراما، والحبكة، وهراء فنيات الأدب، فقط اللغة، همام حطم قواعد الأدب، فالأدب هو عبارة عن لغة، وبعض الرتوش الأخرى تدور حولها.
كنت أتمنى أن يجري همام في الرواية حوارًا مع تراث الكاتب الكبير فتحي غانم الذي كان أول من تطرق لدهاليز عالم الصحافة في مصر ومؤامراته في عمليه الكبيرين "الرجل الذي فقد ظله" و"زينب والعرش" ما كان سيثري العمل كثيرًا ويفتح فيه أفقًا أوسع، عوضًا عن الإشارة لرواية موسى صبري الأقل قيمة "محفوظ عجب".. لكن تظلّ هذه آمال كاتب في عمل كاتب آخر وهو ما لا يجوز نقديًا.. تحية لهمام ودأبه على التجريب
This entire review has been hidden because of spoilers.
رواية عياش هي ثالث أعمال الكاتب أحمد مجدي همام في رصيد قراءاتي، وأنا سعيدة جداً لأنها كذلك وأنوي قراءة كتاب جديد له قريبًا. مما سبق يتضح أنني معجبة بأسلوب الكاتب الذي يتصف بتميز عن الآخرين، وفرادة، استطاع أن يثبتها كتاباً بعد آخر، وحيث أتيت على خلفية كتابين له هم الوصفة رقم سبعة، وتقارير إلى سارة، فوجدت شيئاً مختلفاً ومميزاً من ناحية المحتوى، ومازال الأسلوب يشدني كما فيما سبق، بل ويلهمني أيضاً بدايةً، مع الحكاية، فهي واقعية، حبكة رائعة، صادمة، لها أبعاد نفسية تأسست مع البطل الذي شاهد شيئاً ذكورياً لدى رفيقه في المدرسة وخزّن صورة خيالية عن عالم الرجال، ثم استمر في تخزين الوقائع الذكورية التى يفرضها المجتمع عن صورة الرجل المثالية حيث يقارن جسده الذي يتصف بالبدانة، والخمول بالآخرين، لينطوي على نفسه، حبذا لو عرفنا أكثر عن حياته أثناء المراهقة. ينتمي البطل لطبقة متوسطة لها امتيازاتها نسبة لغيرها ، ومشاكلها التى تبدو جلية في خلفية البطل الاجتماعية، ثم تبدأ قصته منذ بدأه رحلة العمل بعد التخرج تقريباً، لنرى كيف يدخل في دوامة الواقع المقيتة، بروح هذا الإنسان الذي يفقد الكثير من الثقة بالنفس، ويحمل الكثير من العبثية تجاه كل شيء، وهو ما يؤكده استشهاده في أحد المقاطع "ببداية رواية البير كامو الغريب"، امراه كيف يتصرف ويتخذ قراراته، فيصعد السلم دون اكتراث للوسائل، لنرى ما يؤلم إليه في النهاية، بعد تورطه في علاقة غرامية تتصل بحالة النفسية بل وتبنى وفقاً للماضي الذي مهد له الكاتب بعناية، فنرى السبب والمسبب. ونرى انعكاسات الطباع مع التنشئة، مع البيئة المحيطة في شخصية هذا البطل، وما أجده حقاً على قدر كبير من الاحتراف هو أنه لم يجعل بطله أخرقاً ساذجاً أو ضحية، كما لم يجعله ظالماً مستبداً شريراً، بل كان واقعياً حتى النخاع، فتجد نفسك كقارئ تارة تحبه وتشفق عليه المصائب التى تحصل له، وطوراً، تنكره وتغضب من سلوكه بل تكره بعض صفاته وتشمئز منها.
بالنسبة للوصف فهو مميز من حيث انتقائه لما يصفه، وكيف يصفه، وحواره الداخلي المتضاربة دائما كمعظم البشر. ألفاظه فجة، صادمة،مباشرة وأحياناً وقحة إن صح التعبير.. وجدت الأمر مباحاً، حيث كانت الشخصية أقرب للواقعية من خلالها، أو أصدق تعبيراً برأيي، وبالرغم من أنني أجد أن بعض المشاهد الصريحة جداً، كان يمكن تقليلها، إلا أنه لا ينفي، أنني أظن أنه كان يقصد إضاءة هذا الجانب الذي ركز عليه منذ بداية الرواية، وهو جانب مهم من حياة البشر وحتى وإن أنكروه. وقبل إنهاء المراجعة يجب أن أقحم صفة مهمة للأسلوب وهي خفة الظل التى استمرت طوال الرواية، ولابد لي أن أشيد بها، إذ أحببتها كثيرا ً!
علاقتي بـ أحمد تعود لثمان سنوات أو يزيد، جدعنته ظهرت وقتذاك لتشجيعي على الكتابة والقراءة، أذكر له تعريصة عابرة حين قال أن أسلوبي يشبه أسلوب مستجاب أمام كاتب آخر مغمور يعمل فنانًا تشكيليًا، وشاب آخر عرص نيك لا داعي لذكر إسمه. أطربتني وقتها التعريصة بالطبع، وانا أسلوبي لا يقرب لعمنا مستجاب ولا يليق أن نطلق عليه أسلوب من أساسه.
قرأت عدة فصول من عياش منذ سنوات بعيدة، كان أرسلها لي لحظة تجلي. لكن اليوم أنحني أمام هذه التحفة الفنية، شابوه والله، أحمد يتجلى في وصف حكايات وحواديت أعلم جيدًا ان على الأقل تمانين بالمئة منها حقيقي. وأحييه خصيصًا على الجملة الخالدة التي أفكر جديًا في وشمها على ظهري: "الحياة لا تخلو من البعابيص، هذه حقيقة مطلقة، وسط عالم نسبي"
وقعت "عيَّاش" في يدي في السادسة مساءً، وقررت أن أخصص لها أسبوعًا للقراءة، ثم فتحتها في الرابعة فجرًا لأستطلع كم صفحة هي، فوجدتني في الصفحة 149 خلال ساعتين! هكذا أمضيت فجر الجمعة الماضية غارقة في التفاصيل الساحرة التي نسجها أحمد مجدي همام في روايته الجديدة. "عيَّاش" درس في سرعة الإيقاع وسلاسة السرد ينبغي على كل كاتب أن يتشربه بعمق. لم أختبر هذا الشعور قط إلا مع الياباني هاروكي موراكامي. الرواية تستحق مقالًا نقديًّا تفصيليًّا يحللها تحليلًا، ولكن هنا سأكتفي بمشاعري كقارئة استمتعت لدرجة لا أذكر متى اختبرت مثلها آخر مرة، انتزعتني "عيَّاش" من نفسي ككاتبة وردتني إلى الاستمتاع الصافي دون تنبؤات، وصعقتني بذروة الحبكة فانتفضت ذهولًا وإعجابًا. ذاب قلبي مع التفاصيل الصغيرة، والتوظيف الرهيب للسباب والمشاهد الجنسية التي حفلت بمشاعر غاية في التعقيد والألم، مستويات اللغة المتفاوتة، وصراعات عُمر الشخصية وغيرته ونقاط الضعف في شخصيته ونقصه الذي قاده لكل الرذائل. على آخر الزمن تعاطفنا مع العصافير وفهمنا دواخلهم يا أحمد! شكرًا لشيطانك يا مزيكاتي الرواية المصرية. لم يضايقني في الرواية غير عناوين الفصول؛ جعلتني أتنبأ ببعض الأحداث، وخرقت قدرة الكاتب على التلاعب بي وإبقائي في الظلام حتى يكشف الأحداث بنفسه، خصوصًا "انتقام الرجل الميت".. تضايقت لدرجة الغضب أنني عرفت ما سيحدث من العنوان. أرجو أن تتوفر "عيَّاش" في السوق المصرية بسعر معقول. أفضل سعر وجدته كان 150 جنيهًا وهذا يحرم جمهورًا عريضًا من الاستمتاع بهذا الجمال.. نحن فقراء هنا يا سادة، ونعوم مع الجنيه في أعماقٍ مظلمة، فرفقًا والنبي. أتمنى أيضًا توفيرها إلكترونيًّا بمبلغ مناسب، يحفظ للكاتب والدار حقهما في الربح، ويمنحنا الفرصة للقراءة. والأهم من كل هذا: "عيَّاش" يجب أن تُترجم إلى لغاتٍ أخرى.
أفضل ما في احمد همام هو لغته المتحركة، التي تجعلك تتبع سرده دون اي عناء ذهني يخص مفرداتها او مغازيها. احمد واحد من اكثر المنخرطين والمراقبين للعالم الثقافي والصحفي المصري في السنين الاخيرة. وهو ما يبدو جليا في شخصية عمر عياش الترس المسحوب في الحياة من قبل ماكينة( التعريص) التي باتت تسيطر على مجريات الأمور في الوطن. يتناول همام الشخصية دون مبالغات يجعلها تنخرط بانسيابية مع واقعها تتحرك جاذبة انتباهك لمصيرها. رواية محكمة البناء والحبكة يعيبها فقط النهاية المتعجلة لعمر عياش الذي لابد ان لديه انكسارات اخرى ليحكيها
رواية عياش تعتبر تالت حاجة انا قريتها للكاتب بعد روايات قاهري، اوجاع ابن اوي، و المجموعة القصصية الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة.. خلونا نخش في المفيد الرواية بتتكلم عن عياش وهو كاتب بيحاول ينجح في واحدة من اصعب المهن وهي مهنة الادب والكتابة وهو ماشي عدل مبيعرفش يوصل للي هو عاوزه ولذلك لما تجيلوا فرصة انه ينجح او يوصل او يكون مؤثر في مجاله عن طريق انه يتجسس او ينقل اخبار زمايله مبيترددش انه يعمل كده وبتبتدي احداث الرواية من هنا..
يلا نتكلم بالتفصيل: اولا: القصة: انا كأي شخص عادي بحتقر الشخص الي بيشتغل عصفورة او بينقل اخبار من باب الاستفادة لكني حكمي ده اتعمل من علي الكنبة زي ما بيقولوا حكم نظري بحت لأني الحمد لله وده من حظي عمري ما اتحطيت في موقف اني اتعرض عليا اعمل كده لو سألتني انا هعمل ايه لو حصل كده هقولك بشكل قاطع اكيد لا مش هوافق.. لكن تخيل معايا لو الي عرض عليك ده واحد في مركز قوي كاسحة ويقدر يطلعك فوق السما او يخسف بيك الارض السؤال هنا هل انت ليك اصلا حرية الاختيار او الرفض؟ هل هتكون اجابتك لا قاطعة برضة؟ هي الحقيقة حاجة قمة في التناقض والحيرة مما خلي قصة الرواية بالنسبة لي قمة في الجمال لأن الموضوع اصلا لعب في دماغي لما قال يا كفا.. ولذلك انا حبيت القصة..
ثانياً: الشخصيات: الشخصية الرئيسية علي قد ما هي واطيه علي قد ما اي حد فينا ممكن يحس او يرتبط بالي هي بتمر بيه من فينا متظلمش عشان مالوش ضهر؟ من فينا محدش عداه وخد حاجة من حقه عشان يعرف انكل فولاني ولا طنط علاني؟ وهنا طبعاً ان�� بتكلم عن الطبقة العادية الي زي حالتنا مش كريمة الطبقة الاجتماعية الي كلنا عارفين حد منهم علي الاقل..ولذلك هتلاقي نفسك بتفرح من نجاح الشخصية وبتحزن من هبوطها المتوقع لتلتربع الشخصيات الي زيها الي نابع من العدالة الالهية ليس الا.. الشخصيات المتنورة في حياة عياش شخصيات واقعية جدا ولذلك هتلاقي نفسك بتهز في دماغك مع كل واحد منهم لأنك غالباً في الواقع قد تكون قابلت حد منهم..حتحب بعضهم، هتكره اغلبهم، وهتحترم وتتطرب من شخصيات قليلة منهم..
ثالثاً: الحوار: ناس كتير قفشت من الالفاظ الخارجة في الرواية الي احقاقاً للحق هي فعلا اوفر لكنها معمولة مستفزة واوفر عشان توريك مدي المستنقع الي احداث الرواية بتقوم فيه.. مش اي حد قد يستحملها محتمل لكنها فعلا ساهمت في ايصال الخلفية والتأثير الي بتمر بيه الشخصية.. أخيراً وليس اخراً: القفلة: انا زعلت من القفلة هي واقعية، متوقعة، ولكن ده لا يمنع انها مؤلمة.. لكنها مكنتش تنفع غير كده من مبدأ ان في الدنيا الي احنا عايشين فيها الكلاب تعوي والقافلة تسير..
رواية عياش رواية مش هتعجب كل ناس لأنها مختلفة لكن لو انت مبتضيقش من الالفاظ النابية انا ادعوك انك تقراها رواية مختلفة، مسلية، وواقعية بشكل مؤلم..
رواية كاشفة لدوائر انسانية قاتمة بمدينة لا ترحم ولا تنام، حيث المبتذل والبذيء جداران وثقافة، الكل متربص بالكل ، مستعد للقفز على جثته والصعود ، يخفف وقعها روح الدعابة المتناثرة هنا وهناك ، سلاحنا العتيد ، الكآبة تقع بعد الانتهاء منها مباشرة ، المدينة مساحات ساحقة والخيارات للعيش والبقاء مرهونة بالتدني المستمر والبيع والشراء القسري حتى ولو كان ما نبحث عنه تعاطف أب من تسببنا في موته، البطل عاجز ومشوه بجسده المضحك وبتورطه في هذا التدني والسفالة كنمط حياة للبقاء ، نمط ينبثق يسير ككرة الثلج ما أن تبدأ حتى تتدحرج حتى القاع وبقوة ، ثم تنبت كرة ثلج أخرى ، مدينة كرات الثلج الكاسحة الملتهبة ، المثير أن الكاتب لا يتورط في نظرة استعلائية مزيفة ولا تضخم لذات البطل كتعويض عن العجز والتشوه، وعي عميق بخرائية كل شيء وعبثه بلا حاجة لمزايدة ولا ازدواجية ، المدهش أن المرأة تبدو الفاعلة وبقوة على محاور البذل والامتهان والوقيعة ، رواية حلوة ورؤية ناضجة
"الصعود نحو المنحدر" العنوان الأمثل للرواية، شاب في مقتبل عمره يدعى عمر عياش يحلم بالصحافة ودخولها لم تأت له الفرصة إلا عن طريق أن يكون "عصفورة" الجريدة، وهو ما جعله يترقى سريعا من محرر ديسك إلى مدير تحرير القسم الثقافي، يركز الكاتب على حياة البطل والتي يطلق على منزله "الحفرة" لما به من وضاعة، طول القراءة وأنا أشعر بالشفقة على البطل أحيانا، وبالإشمئزاز أحيانا أُخرى، ولكن في النهاية أول مرة أخلص رواية أحبها لواقعيتها وأكره أبطالها جميعا.. مش عارفة إني أقرأ الرواية دي في بداية عملي الصحفي دي حاجة حلوة ولا وحشة😅، ولكن أنا مبسوطة إني اتكعبلت في الرواية اللطيفة دي، وأسلوب الكاتب، رغم وجود بعض الألفاظ التي كانت توحي بحقارة الأبطال وكانت بتستفزني ولكن لطيفة..
This entire review has been hidden because of spoilers.
كقارئ غير متخصص في النقد الأدبي، فأنا استمتعت بـ "عياش" جدا، الرواية واقعية (لدرجة اني شفت مشاهد بعينيا شبهها بحكم العمل في الصحافة) وتسلسل الأحداث لا يشعرك بالملل، ده غير ان لغة الكاتب واضحة بل وبتأسر الشخص لإغراقها في الواقعية، بحيث لا تشعر بالاغتراب، بل تشعر ان الرواية تمسك بشكل أو بآخر وبالمفردات اللي بنستخدمها في الحياة اليومية، وده فيما يخص الحوار بين الشخصيات، أما فيما يخص استخدام الفصحى على لسان عمر بطل الرواية، فرغم الإغراق في الوصف أحيانا إلا أنه كان ممتع، ويخليك تستحضر الصور في ذهنك خلال القراءة، الرواية بالنسبة لي كانت ممتعة لدرجة اني شايفها تتعمل كعمل سينمائي.
بالرغم من ان الرواية تستحق الخمسة نجوم من اوجه عديدة منها حسن السرد و الاسترسال وخفة الظل إلا أن واقعيتها شابها شائبة السقوط فى النهاية وكأنها عدالة شعرية بطريقة ما وهو ما لا يتلائم مع الواقعية التى بدت وكأنها محور الرواية الرئيسي أرشحها للقراءة تحياتي للكاتب و أظنني سأقرأ بقية أنتاجه قريبًا
الرواية جميلة ومن تجربتى الثانية مع احمد مجدى همام يزداد يقينى بكونه ساردا بارعا متمكنا من ادواته التدوينية.ء
الجميل فى السرد السلاسة البعيدة عن التكلف اللفظى والذى يتحامل البعض عليه..ليخرج خائنا لصاحبه اغلب الاحيان.. فانسياب السرد وطرح الافكار ليست بساطة بقدر ما تكون عمق الابداع ذاته.ء
استخدام ضمير المتكلم كان موفق جدا ومحورى لشرح خلفية البطل وافكاره الداخلية.. وكثيرا ما يهرب منه كتاب خوفا من مطابقة البطل بشخصية الكاتب..وهذا خطأ شائع وساذج جدا.ء
الرواية برغم حجمها المتوسط لن تشعر بالوقت معاها ومناسبة لسهرة قراءة.ء رواية تستحق القراءة.ء
رواية خفيفة قرأتها في يوم واحد. يسلط العمل الضوء علي جوانب الفساد في عالم الصحافة من خلال شخصية "عمر عياش" الصحفي المتسلق الذي يشي بمن يقف في طريقه من الزملاء لأحد اللواءات ويكتب تقارير عن نشاطهم المخالف لسياسة الجريدة التي يعملون بها. في اعتقادي أن ما يقوم به البطل ما هو إلا انتصارات صغيرة يستعيض بها عن نواقصه الشخصية كرجل مهزوز الثقة وكذكر مكبوت جنسياً. لغة الرواية سلسة مرحة خالية من التعقيد، وتتخلل الأحداث بعض الفواصل خفيفة الظل إلى جانب بعض المشاهد الجنسية المفصلة والألفاظ الصادمة، لكن يمكن اعتبارها موظفة كي تعكس جوانب من شخصية البطل والعالم المحيط به. فقط كنت أتمنى من الكاتب التعمق أكثر لأن الموضوع الذي يتناوله مثير للاهتمام.
عندما انتهيت من قراءة الرواية لم اندهش كثيرًا من عدد كائنات ال " عياش" الذين كنت اتعامل معهم يوميًا، كنت اعلم بوجودهم بالطبع ولكن الآن منحهم "أحمد مجدي همام" اسمًا، الرواية وصفت بدقة الحال الذى اصبح عليه سوق العمل من وشاية ومنافسات غير شريفة وانتقامات شخصية وحسابات خارج نطاق العمل ندخلها عنوة حتى نجد التبرير المناسب للأفعال القذرة التي نجنى ثمارها فيما بعد، "عياش" يعيش وسطنا كل يوم بألف وجه ونراه ونقوم بتجاهله ولكن في نهاية الأمر يمر الجميع ببعض _اذا لم يكن كل_ ما مر به " عياش" أو أى شخص داخل هذه الرواية. طوال الرواية تظل "مسحولًا" لمعرفة مصير البطل دون الشعور بالملل من مجريات الأحداث وتأتي النهاية للقضاء على أى توقعات بانتصار الشر وربما ترك الباب مفتوحًا لجزء ثانٍ عن بقية المآسي في حياة " عياش" الذى لا تملك في النهاية سوى التعاطف معه رغم كرهك الشديد له .
رواية ممتعة.. سلسة.. عبثية.. فوضوية.. جريئة.. ساخرة ، جادَّة ، مأساوية تغوص في عمق اعماق المجتمع الذي تسوده الفوضى والحرمان والنزاعات والمعانات وحب التفوّق.. صراع الانسان مع المُحيط والمجتمع حوله.. صراعه مع نفسه.. مع نزواته ونزعاته ورغباته وعقده ومع ما يريد وما يتمنى وما يرفض.. ومع ما يجلب عليه كل هذا من انتصارات وهزائم. سباق مع الزمن ومع الرغبات.. خيانة النفس والاصدقاء ومأزق الحب والوجود وما يعودان به من صدمات وتبادل للضربات كأنك في قلب معركة متأججة الحمم. أحب هذا النوع من الروايات التي تذكرني بأساليب كتابات بعض صفحات الفيسبوك الرائعة مثل صفحة : "قديس الثورة" وصفحة "خطيئة ديسمبر" و "الجنة المحرمة" الخ.. أحببتها جداً ولو لم يقاطعني الذهاب الى العمل عن الاستمرار في قراءة الرواية لاجهزت عليها من الغلاف الى العلاف بجلسة واحدة !!. لن تكون المرة الاخيرة التي أقرأ فيها ل أحمد مجدي همّام.