الناشر في مملكة نفيي الرائعة، كنت أتفرج على الأصدقاء والأقرباء كيف ينفضون من حولي، ونظراتهم الشامتة تحتقرني. كنت أتحامل على نفسي وأذهب إلى الجامعة، أبث عزيمة زائفة في روحي، كي أتابع المحاضرات، لكن ذهني كان يصاب بالشلل بعد دقائق من المتابعة. لم يكن تعبي مجرد تعب يزول بالراحة، بل تعب من يشعر أن نفسه سحقت. طعنت في صميم كيانها، كان كل شيء في يوجعني، أشعر أن جسدي مثقل بالدمامل الداخلية والخارجية، تكفي أغنية تافهة لتحريض أوجاعي، فأذرف الدموع لساعات، حتى تقلبات الطقس تدخلني بنوب من الانفعال، فأشعر أن الطبيعة ذاتها تعاديني. كنت أبكي كل يوم بعيون كل المضطهدين، واعية عمق حاجتي للتعاطف والرحمة والحب.
أمشي في الشارع وعويل أعماقي يصم أذني مغيباً ضجة الشارع. تفاجئني دموعي وأنا أسير، أمسحها كيفما اتفق، أنظر للناس حولي، أتساءل من منهم يتألم مثلي، إذ لا يبدو على أحد منهم وجعي، وجع شامل حارق، مفرط، لكن ما أدراني بدواخلهم؟
تخرجت من كلية الطب البشري من جامعة تشرين في اللاذقية بدرجة جيد جداً عام 1982. حصلت على الاختصاص بأمراض العين وجراحتها من مشفى المواساة بـدمشق عام 1986. سافرت بعدها سنة إلى باريس للاطلاع وتقوم حالياً بتحضير دراسة عن أسباب العمى في سورية وستقدمها للفرنسيين في مؤتمر طب العيون القادم.
عضو اتحاد الكتاب العرب منذ عام 1994. حاصلة على جائزة أبي القاسم الشابي عن المجموعة القصصية الساقطة عام 2002 من بين مئة وخمسين مخطوط. تطبع رواياتها في أهم دور للنشر مثل دار الرياض الريس بيروت، دار الساقي بيروت ولندن، الدار العربية للعلوم بيروت، دار النهار، دار نلسن بيروت. تطبع لها اتحاد الكتاب العرب أربع مجموعات قصصية وكذلك طبعت لها وزارة الثقافة السورية. تنشر مقالات نقدية عن كتب في الدوريات العربية والمحلية مثل أخبار الأدب، العربي، الدستور.. الخ. لديها مقال أسبوعي كل أربعاء في جريدة الثورة ومقالاً ثابتاً في جريدة الجزائر نيوز كل ثلاثاء.
تأثرت جدا بهذه الرواية وانا لا اتأثر بسهولة انها تعرض قضايا مهمة ومهمة جدا باسلوب رائع ولغة جذابة مجموعة من القصص المتداخلة المتشابكة البنت التي أخطأت وسد الجميع الأبواب في وجهها كأنها وباء يخشون منه بدل ان يساعدوها على التخطي لتتحسن والام التي افنت عمرها من اجل عائلتها وتخلت عن احلامها وأهدافها لاجلهم ووجدت نفسها فجأة بدون معنى تعيش لاجل الاخرين لا لاجلها والأب الذي يعاني من فساد المجتمع والواسطات والبطالة انها رواية تحمل الكثير من هموم المجتمع العربي انه المجتمع بلا رتوش تعرضه هيفاء بيطار بطريقتها الخاصة النجمة الناقصة هي فقط لعدم اتفاقي مع بعض الأمور في الرواية وكيفية معالجتها انصح بها
كانت أمي تقول عندما تسمع قصص الآخرين الحزينة، "أبواب مغلّقة و هموم مفرّقة"، هذا ما كتبته هيفاء بيطار في هذه الرواية، التي تعتبر بمثابة تأريخ لحالة اجتماعية اقتصادية، بكتابة جذابة و جميلة، تستطيع ان تنقلك من قصة إلى أخرى، من زمن إلى آخر بسلاسة. من الصعب الإمتناع عن التعاطف مع سمر، بطلة القصة التي مرت بتجربة جنسية خارج الزواج، الشيء الذي وصم شخصها بعارٍ لم تستطع التخلص منه إلا بالخروج.
هيفاء بيطار امرأة عربية فتحت جرح وطن عربي بأكمله حين تقرأ أبواب مواربة لابد ان تصدمك بالطريقة التي تجبرك ان تتعاطف مع أبطالها وربما تستقبل خطايهم بشكل أكثر انسانية لانك بالطبع تتخيل نفسك وقعت او سوف تقع في احداها يومًا ما فلو خُيرت لاختيار اسم آخر لأبراب مواربة فيمكن أن يكون المسكوت عنه فهي بمثابة مواجهةمع الجلاد الأكبر وهو (المجتمع) ي فهو سببًا في الانزلاق لمعظم ما لا نريد ان نكونه
مقتطفات من رواية أبواب مواربة للكاتبة هيفاء بيطار --------------- عشت سنوات مجنونة من الالم , يائسة تماما , محبطة , وحيدة , لكني لست تائهة ! أدهشني هذا اللغز دوماً كوني انا المبلبلة من النبذ والاحتقار , الطائشة الحواس من الألم , لم أكن تائهة ! فقد ظل هناك ضوء حقيقي من منبع مجهول في داخلي ! ------ إن الألم منحني شجاعة الوقوف وحيدة , ما عادت الوحدة تخيفني , تذوقت مزاياها الكثيرة , لم يعد الاصدقاء يعنون لي شيئاً فقد اكتشفت زيف العلاقات البشرية وسطحيتها . ------ اكتشفت صحة المثل الذي نحفظة كباراً وصغاراً " الصديق عند الضيق " , لحظات الضيق الحقيقية لم اجد أحداً بجانبي ! كم نتغنى بدفء العلاقات في الشرق ! ياللسخف و الكذب ! اساس العلاقات للأسف الغيرة والحسد والتلذذ بمصائب الآخرين , اما ان تجد شخصاً يفرح من قلبه لنجاحاتك فهذا شيء نادر ------ الوحدة علمتني كيف اسمع نحيب اعماقي التي لا تكف عن البكاء , ليست اعماقي الخاصة بي بل أعماق الانسانية , الوحدة علمتني كم ان حياتنا طافحة بالتفاهة وكم ننتظر اعيادنا بحنين رخيص لكي لنفرح فرحاً سطحياً ------ كنت بحاجة للنسيان , لكني ظللت عاجزة عن ذلك بل كانت كل الذكريات المؤلمة تشحذ نفسها كلما حاولت نسيانها , كنت اقحم خيالي في ذكريات لطيفة كي انسى الذكريات المعذبة لكن الامر كان ينتهي بي دوماً الى فوضى ذهنية كبيرة فأجد نفسي ضحية الذكريات المؤلمة مجدداً ------ اترك نفسي اعيش ثقل الحاضر الخائب , اشعر اني كائن مؤلف من شخصيات عديدة متنوعة يلحمها ملاط الخوف , اتخيل ان خوفي لو نزع مني فسأهوي كبناء قديم قاوم طويلاً ثم تكون انفاضاً إثر هزة خفيفة ------ كل المصائب الكبيرة نرفض تصديقها في البداية , ثم نصدقها مبحرين بذاكرتنا الى الماضي مستشعرين ومكتشفين انذاراتها و المكامن التي كانت مختبئة فيها ------ أول درس في الحب : ان تحب أحداً , يعني ان تحبه في ضعفه و سقوطه ------ الألم يجعل الوقت طويلاً جداً , بل لا نهائياً ------ اكتشفت اني كنت اعيش معتقدة اني اعرف ذاتي و من حولي , وبعد ان زلزلتني المصيبة اكتشفت اني لم اتأمل في اعماقي يوماً , فصار علي وقد اجبرت على صداقة نفسي بعد انفضاض الناس من حولي أن أعرف من أنا ! ------ الناس احيانا يتعارفون على الخطأ , على الكذب , ويهربون جميعاً من الحقيقة لان الحقيقة تعادل الثورة , الناس قطيع يحتاجون من زمن لآخر الى أبطار يدفعونهم بضع خطوات الى الامام ------- نحن الذين نشبع الدنيا كلاما طنانا وشعارات زائفة , عند اول اختيار حقيق لنا , اخترنا الخيانة لكل القيم النبيلة التي تبجحنا بها -------- منذ اسرها الزاوج لم تعرف كيف تصوغ افكارها جيداً , دوما تشعر ان هناك حلقة مفرغة ضائعة والضغط العصبي الذي تورثها اياه هموم الحياة اليومية يفرغها من احاسيسها وافكارها ويتركها مرمية على حافة الاعياء دوماً ------- لا شيء ينمو في هذا البلد سوى الكلام . كله كلام , وعود كاذبة . احاديث لا نهاية لها , تغرق في تفاصيل عجيبة ترسم لوحات لانهاية للملل . --------- الشباب ! اي شباب هذا ؟ بعد ان قتلوا فينا الرغبة في الحياة والامل بالمستقبل , أي شباب جعل كل احلامنا وآمالنا تنتهي بجروح . لم نفعل شيئاً بسنوات شبابنا سوى انا راكمناها ودفناها عميقاً في روحنا ولم يبق فينا سوى الغضب و الحقد ! أتعرفين الغضب والحقد عندما يتزاوجان تولد اللعنة . ياه ! ---------- الحياة على طولها لا تعطي المهارة الكافية لمواجهة المصائب ---------- هناك احداث وحشية القسوة تجعل الفكر يموت ! فمنذ ان خسر حلم حياته شعر ان تحولا عميقاً اصاب عمق كيانه , تحولاً دخل صميم خلاياه وأتلف اعصابه , فما عادت الافكار تتوالد في ذهنه وتتابع في منطق وسلاسة و تنقله الى فضاءات رحبة ! بل صار عقله مرضوضاً بهول الخسارة , بوعيه العميق كل لحظة انه خسر الامان و الثروة ! ---------- ان تقبل بحاضرك من دون ان تملك القدرة على تغييره يعني أنك مت ! ----------- عندما تكون مستفيداً يصعب عليك أن تقول الحق ----------- اشعر بالقرف من هؤلاء المثقفين الذين تحولوا الى مرتزقة , كل واحد له ثمن رغم التباين الكبير في اسعارهم , يدعون انهم يعالجون مشاكل العصر ويفضحون اللصوص , يملؤون صفحات الجرائد عن الخلل الموجود حولهم , كوجود حفرة في الطريق او عن موظف قبض ألف ليرة رشوة والقي به في السجن ! او عن غش بعض التجار الصغار في الاسعار , يستعملون كلهم العبارات الطنانة الخطابية ذاتها التي تفوح منها رائحة الكذب و الادعاء , يغضون النظر عن القضايا المصيرية التي هي حجر الاساس في سلسلة الاخطاء هذه مثل نهب المال العام و فساد الجهاز الاداري و ثروة المدراء الاسطورية ! ----------- الهوى الجنوني لكرة القدم صار مشكلة حقيقية ويصيب شريحة واسعة من الشباب وسببه الاساسي الاحباطات الهائلة التي يعيشها الشباب الذين فقدوا الثقة بالمستقبل ولا امل لهم بعيش حياة كريمة ----------- كل يوم تشحذ طاقاتها وتثق نفسها وتقاوم كل مظاهر التعب والكآبة لانها أم . لكنها تعترف بعد حوالي رفع قرن من الامومة انها فشلت في المحافظة على اناقة روحها وانها غدت ضحية اكتئاب عميق وتشعر ان الزمن ينهمر حولها و يزيدها احساسا بغربتها عن عالمها لدرجة صارت تشعر انها انسانة لا واقعية ----------- ان تعيش في هذا البلد يعني ان يتهمك اللصوص بانك لص , فتحمل وزر جرائمهم و ترزح تحتها , بينما هم يتباهون بشرفهم ويتبرعون بفتات سرقاتهم للجمعيات الخيرية فالأكثر لصوصية هم المتبرعون الاساسيون للجمعيات الخيرية , ان رائحة اعمال الخير هنا تفوح نتانة , تشعر انهم شوهوك وجعلوك عاجزاً لدرجة لم يعد من حل امامك سوى القبول بوجهك الجديد بمصيرك الذي ينتظرك , أي ان تعيش مسخاً وصعلوكاً ولا أمل لك بالمستقبل , لا احلام لك بغدٍ وحياة كريمة ----------- حتى علاقتك بزوجتك ما عادت تدخل الفرح الى قلبك , تتواصلان بكل طاقة اليأس في نفسيكما , تستغرب كيف يلهث الناس وراء الجنس وانت تراه بهذا الخواء , وتلك العزلة المتمخضة عنه والتي لا تشبهها عزلة في قسوتها وتعرف ان زوجتك تشاركك التمثيل ذاته ! ----------- معك قرش تساوي قرش و الكرامة لم تعد سوى عملة قديمة غير صالحة للتداول ----------- لا استسلم لليأس ولا اثق بالامل , أعيش متأرجحة بين الرجاء والقنوط , أطل على شرفة روحي فأجد نفسي محاصرة بين الاحلام الوردية اللطيفة والحقائق الرمادية المرة ------------ أو تظنين أن المتزوجين لا يشعرون بعزلة . ياه ! لو تعرفين قسوة الوحدة في الزواج , لقد حفظ كل منا الآخر لدرجة نستطيع ونحن صامتان و من دون ان نتبادل النظرات ان نقرأ ما يدور في اذهان بعضنا نتصنع القراءة و متابعة التلفاز كي لا نحكي الحديث بالملل ذاته , حتى اللقاءات المتباعدة على فراش العش الزوجي صارت اشبه بالواجب , اسميه الحب الرسمي , ليس هناك ما هو اكثر مللاً من الحب الرسمي . لماذا نمارس هذا الواجب ؟ لا أعرف ! ربما هذا واجبنا تجاه المؤسسة الزوجية ------------
انتهيت من قراءت هذا الكتاب منذ ساعات في الحقيقة كان يطرح افكار تدور في عقلية كل فتاة عربية ..عودتنا هيفاء بيطار غلى نفس النمط نت الكتابات و طرح الافكار الاجتماعية بصورة دقيقة و مفصلة...