يتابع سامر مشروعه الأدبيّ الذي بدأهُ قبل أكثر من عقد، ووزع انتاجاته على صنوف أدبية مختلفة، ما بين الشعر والرواية والتراجم والكتابة الصحفية والثقافية، ذاهبًا بلغةٍ لم يزدها عمق التجربة إلا بساطةً وفهمًا من دونِ زيادات استعراضية، إلى التفاصيل اليومية البسيطة، الشفافة، وملتقِطًا من هذه التفاصيل مجموعةً كبيرةً من الالتقاطات الإنسانية التي تتعدّى ذلك اليومي، وتذهبُ في العمق. يقول سامر: السابعة والثلاثون أشبه بعنوان شارع وعليَك عند الثانية الأولى بعد الثانية عشرة أن تكون هناك حاملاً طعام اليوم وأثاَث البيت وبضعَة كتب وقطعًة من السماء وسبعة وثلاثين شمعة قزمة في علب صغيرة كُتب عليها شيء ما بالرسوم الصينية. لا يُسفُّ سامر أبو هواش، لا في لغته ولا في الأفكار التي يتناولها كتابه، بل إنه يعكسُ الخبرةَ صفاءً شعريًا وذهنيًا غير مشوّش. وهو إذّاك يتناول أيضًأ الموضوعات الشعرية التي تناولها الشعراء عبر العصور، من الحياة أو الموت أو الحبّ، فيقول في قصيدة مصالحة: أفكّر –أيه� الحبّ- أن أصالحَك على نفسَك؛ أن أشتري لَك درّاجة هوائية وأدعوَك إلى البحر حيث يمكننا الجلوس معاً على مقعد مهجور وتأمّل الموج البسيط يغسل بعينيه أقدام العابرين في غروبه السري، وعندئذ لن تحتاج إلى أكثر من تنهيدة لتغفَر زلات روحك ولا إلى أكثر من نظرة لتملأ بالنجوم جيوب أطفالك المستوحشين.
•ول� في مدينة صيدا، جنوب لبنان، عام 1972 لعائلة فلسطينية لاجئة. تخرج من مدارس صيدا ثم انتقل إلى بيروت حيث درس الصحافة في كلية الإعلام والتوثيق، الجامعة اللبنانية، وتخرج منها عام 1996. عمل في الصحافة البيروتية الثقافية منذ العام 1994 متنقلاً بين مختلف الصحف. يعمل ويعيش حالياً في الإمارات العربية المتحدة.
•صدر� له الأعمال التالية :
�"الحياة تطبع في نيويوك" (شعر)، بيروت، 1996 �"تحية الرجل المحترم" (شعر)، بيروت، 1998 �"تذكر فالنتينا" (شعر)، بيروت � المغرب، 2000 �"جورنال اللطائف المصورة" (نص بالعربية والإنكليزية)، بيروت، 2003 ضمن منشورات الجمعية اللبنانية للفنون �"نزل مضاء بيافطات بيض" (شعر)، بيروت، 2004 �"راديو جاز برلين" (شعر)، بيروت، 2004 �"عيد العشاق" (رواية)، بيروت � ألمانيا، 2005 �"شجرتان على السطح" (شعر)، بيروت، 2006 �"السعادة" (رواية)، بيروت � ألمانيا، 2007 •بي� ترجماته: "على الطريق" (رواية، جاك كرواك) "حياة باي" (رواية، يان مارتل) "بوذا الضواحي" (رواية، حنيف قريشي).
أح� شعر � سامر أبو هواش لأنه يأخذني إلى كل الأماكن التي فاتتني، إلى ذكرياتي على الطاولة، إلى مقبض الباب الذي يصافحني كل صباح وكل مساء، إلى سريري الذي تختبىء تحته الوحوش، إلى ظلي الذي يمشي بجواري كأنه قدمٌ ثالثة أو يدٌ ثالثة، أو عكاز يسند تعب الروح. لدى سامر الشاعر تلك اللغة الفذّة� السهلة، الساخرة، العميقة، إنه شاعر يعرف جيداً كيف يصل بك إلى المعنى الذي يقولون عنه دائما أنه مسجون في قلب الشاعر. لطالما احتفيت بشعر سامر بيني وبين نفسي، إذ أني أقف مدهوشاً على الستائر التي تنفرج أو تُسدل، وعلى النوافذ التي تُغلق أو تُفتح، وعلى الأبواب التي تأبى أن تموت.
أنا اتعرفت على سامر أبو هواش كمترجم عظيم قريت كتير من الترجمات بتاعته شعر ورواية وكتب واستمتعت بيها حقيقي وكانت دي أول مرة أعرفه كشاعر.. وبرضه استمتعت ديوان لطيف.. أكتر قصايد عجبتني: قصيدة ضياء خطط صغيرة الوحيدون اغماض العينين لخمس ثوان
لا شكّ في أنّ كلَّ قراءةٍ متأنيةٍ تتمخّضُ عن رؤيةٍ من زاويةٍ خاصةٍ ترتبطُ بالتأمّل والتفكّر الذاتي في الفكرة المطروحة.
إن المجموعة الشعرية للشاعر والمترجم الفلسطيني سامر أبو هواش (ليس هكذا تُصنع البيتزا)، الصادرة عن منشورات المتوسط (٢٠١٧) تُذكّرنا بمقولة الروائي الفرنسي أندريه بروتون: “الشعر� هو رغبةٌ في تعميق الواقع، توعيةٌ دومًا أصدق وأقوى بالعالم المحسوس�. إن أبرزَ ما تمتازُ به هذه المجموعة الشعرية هو أنها تُعيد اكتشاف العلاقات بين الإنسان والكون التي تم تجاهلها ونسيانها أيضاً. كلّ قصيدةٍ هي فعلٌ فرديّ وفضاء تواصلٍ أيضاً؛ تواصلٌ يُساعد على الإفلات من الإختناق بحيث يغدو الفعل الشعري خطابًا داخليًّا كونيًّا؛ خطابٌ له القدرة على تصحيح العلاقة بين القارئ والقصيدة وذلك بفضل عودة الشاعر إلى الجوانب الحياتية وحقائق الإنسان الجوهرية والتعبير عنها من غير تصنّع. لا شكّ في أنّ سامر أبو هواش شاعرٌ حقيقيّ، يكتبُ شعرًا جوهريًا فهو يتساءلُ عما نكونه، يكشفُ البُعد الآخر في حياتنا، ذلك البُعد الوجودي الذي لا ينفكّ يخبو ضوؤه وهذه هي أرقى سمات هذه المجموعة الشعرية: القصائد لم تُكتب فقط للقارئ؛ إنها أيضاً أناشيد تُغني للإنسان الذي يفتحُ للشاعر قلبًا مرهفًا للإنصات.