لم تكن تنتظر أن يؤدي بها المطار إلى السجن عوض البلد الذي تقصده. لأسباب مجهولة يتمّ توقيفها لتجد نفسها فجأة وقد أختزل العالم من حولها إلى غرفة تضم بين جدرانها حيوات مختلفة لفتيات من جنسيات عدة. رسالتها الأخيرة إلى صلاح، التي أخبرته فيها بأمر توقيفها، لا تعرف مصيرها. لا يمكنها إلا الانتظار وقد تكثفت حياتها إلى لحظات لم تكن تدرك ماهيتها.
رواية تنتصر للتفاصيل المهملة التي تمنح الحياة معناها، حتى إن اختصر الكون في مساحة ضيقة تجعل من الساعات القليلة عمرًا كاملًا.
رولا الحسين، كاتبة ورسامة لبنانية. مواليد عام 1978 بلدة اللوبية جنوب لبنان. تخرجت من الجامعة اللبنانية كلية الفنون الجميلة عام 2003.
صدر لها: رواية "حوض السلاحف" عن دار الساقي، رواية "بعد ظهر يوم أحد" عن دار ألكا.
أيضًا صدر لها في الشعر عام 2023 عن دار النهضة مجموعة "كوكب الأوقات القصيرة" ، ومجموعة "نحن الذين نخاف أيام الآحاد" عن دار الجديد، ومجموعة "أتحرك فقط ليكنسوا الغبار تحتي" عن دار الغاوون، ومجموعتها الأولى مانت بعنوان "اترك ورقة باسمك وعنوانك ولونك المفضل" وكانت طبعة خاصة ومحدودة بدون دار نشر.
"حوض السلاحف" لرولا الحسين (دار الساقي، ٢٠١٨) روايةٌ بصوت امرأة تسرد تجربتها مع السجن، لساعاتٍ محدودة. سرد مثقل بتفاصيل الحياة السجنية الضيّقة الكلوستروفوبية، يعرّي - عن قصد أو بدونه - هزالة فردانيّتنا وبؤسها. كأنّ الرواية تقدّم، بنَفَسٍ ساخر أحياناً، نظرية رياضية للحياة في السجن. النَّفَس الكومبيوتري للراوية في قراءة الأشخاص، وقياس المسافات، وتبويب المقتنيات والأولويات، تعزّز هذا الانطباع. لعبة الداخل والخارج، والرمزية الصورية للسلحفاة أمران جميلان بحقّ. أمّا العنوان، الذي لم أستسغه في انطباعٍ أول، فقد تكشّف عن خيارٍ موفق وشديد البلاغة مع الدخول إلى عالم القصة. يبقى أنني لم أقع في غرام النهاية، على الأرجح لذوقي النكدي. أنصح الأصدقاء (الممسوسين مثلي بالروايات) بالقراءة.
عشت تفاصيل هذه الرواية بأكملها، ليس فقط بمخيلتي، احسست بصقيع الارض، عشت لحظات التوتر، ضحكت على عبارات السخرية، الفضول لمعرفة جنسية إحدى السجينات... رواية اكثر من رائعة، جعلتنا في حصار لا يمكن الإفلات منه إلا بعد تكملتها. السرد السلس ينبئ عن روائية عظيمة ستلمع عربياً، وربما عالمياً!