كيف يمكن للجبنة أن تتحول إلى مقياس للتطور البشري؟ وكيف يمكن أن تكون قوة القمل مؤشراً على قوة ذلك التطور؟ وكيف يمكن بناء محمية طبيعية للأنواع البشرية “السعيدة� وينظر إليهم الأميركي من أعلى عجلة فيررس العملاقة؟.
أسئلة تبدو غرائبية وربما مجنونة، للوهلة الأولى، ولكننا نكتشف، كلما أوغلنا في رواية تيسير خلف الجديدة “عصافي� داروين� أنها أسئلة جدية كان يطرحها بروفيسور في جامعة هارفارد متخصص بالانثروبولوجيا، يخطط لبناء قسم متميز للترفيه على هامش معرض شيكاغو العالمي عام 1893.
حين تصل دعوة الرئيس الأميركي إلى السلطان العثماني للمشاركة في المعرض، يقع في حيرة من أمره، فبماذا تشارك السلطنة في سباق الأمم؟ لا صناعة تفاخر بها، ولا مخترعات أو منجزات علمية.. لا شيء سوى خيول عربية أصيلة وفرسان من البدو، وممثلين، وتجار تحف شرقية من ولاية سوريا.
سرد بسيط سهل القراءة لكتاب محتواه أصلا قصير ، وجدت هذا الكتاب أقرب إلى المقال الطويل منه إلى الرواية و لست أقول هذا انتقاصا! بالعكس أحببت تقديم الكاتب لهذا الحدث التاريخي على ذا الشكل و أتوق لقراءة باقي مؤلفاته. أثناء القراءة تألمت لألم حسن الرماح و نال مني اليأس كلما نال من راجي الصيقلي...عل مذبحة الفلاسفة تكون أخف وطأة على النفس رغم أن العنوان لا يبشر بخير
رواية ممتعة لكن احداثها مأساوية وخاصة فيما يخص فقدانهم للخيول العربية ، بنيت الرواية على مشاركة الدولة العثمانية في معرض شيكاغو الدولي وكيف كانت المشاركة والى اين انتهت ، ويتطرق فيها بشكل او بأخر عن نظرة الغرب الى العالم الإسلامي من خلال عالم الأنثروبولوجيا الأستاذ في جامعة هارفرد والمسؤول عن المعرض . مشاركة الدولة العثمانية في هذا المعرض كانت مرتجلة الى حد بعيد اذا تم نسيان الدعوة من الأساس رغم ان هناك وقت كافي للاستعداد لتمثيل الدولة العثمانية التي تمثل حضارة الشرق بكل ما فيها من كنوز المعرفة والفن والثقافة والحرف المتميزة ، لكن غياب الرؤية و سوء الإدارة أضف الى ذلك وزاد عليه الاستغلال كم هائل من الأخطاء والثقة المفرطة بالغربيين وبالذات الامريكان الذين استغلوا الغباء في أكل حقوق المشاركين في المعرض . اما أستاذ الأنثروبولوجيا بالرغم من نظريته التي يقيس فيها تقدم الشعوب الأوروبية عن الشعوب الأخرى بما فيها الاسيوية والعربية والافريقية وحتى اللاتينية بمدى تطورها في صناعة الجبن ، نسى او تناسى ان الصينيون هم اول من صنع الورق والمعكرونة والحرير واما ان العرب لا يتقنون تعتيق الجبن فهم اصلاً لا يحتاجون الى تعتيقه فهم يأكلونه طازجاً فمراعيهم ليست موسمية بل طوال العام بل انهم اول من جفف الحليب ( اللبن الجميد ) ولكنها نظرية تفوق العرق الأوربي وهي الكذبة التي استخدموها في احتلال الدول والسيطرة على ثرواتها واستخدموا لهذه السيطرة والاحتلال اسماً مزيفا وجعلوه استعمار أي انهم يعمروا تلك الدول التي احتلوها وكأنما كانت تلك الدولة لا تمتلك حضارتها المتقدمة مقارنة بحضارة أوروبا . تطلب من الكاتب بالتأكيد الكثير من البحث والتقصي في المصادر التاريخية للخروج بهذه الرواية الشيقة والتي تستحق النجوم الخمس بجدارة انصح بقراءتها بشدة فهي ممتعة
رواية تاريخية مهمة لسببين. السبب الأول هو أحداثها التي تتناول مهذلة الشركة التي تأسست بأمر همايوني سلطاني حميدي وآل بها الحال إلى ما يقرب السيرك وما شاب كل ذلك من ضغائن وسوء إدارة. أما السبب الثاني وهو الذي يهمني هو تصوير الروائي للبروفيسور بوتنام وسلسلته للتطور البشري، وهي سلسلة تنضح بالعنصرية ولكن لم يتيسر لي حتى الآن التيقن من تاريخيتها في علم الأنثروبولوجيا الأمريكي الذي يعتبر بوتنام أحد كبار مؤسسيه.
روايةٌ لا تستفيض في الروي لكنها مميزة بإضاءتها على حدث تاريخي معين، أي معرض شيكاغو العالمي. برأيي تركيز الكاتب على التفاصيل التي جمعها بخبرته حول هذه الحادثة جعل من الرواية أقل جمالاً، فحبذا لو خاض الكاتب في تفاصيل الشخصيات النفسية كما وصف المجتمع الأمريكي و المجتمعات المذكورة الأخرى في الرواية من منظور الشخصيات الرئيسية، و عاد بنا إلى ارتدادات هذه الخسارة عند السلطان.