أقول الحياة لا تختصر بكلمات. لكنّها تُختصر، والكلمة فيها ما فيها من لوعةٍ واختزالٍ. أن تطوي المعاني والآلام والاضطرابات ونوبات الهلع بمجرّد نزعةٍ كتابيّة. أن تحفظ في سطر أو اثنين سيرةَ عن الزوال. تقول، حتى لا يضيع شيء. لكنّك موقنٌ أنّ البوْح لن يطال كل زوايا الذاكرة. هناك أشياء نتناساها، وأخرى نريد لها أن تبقى دفينة كي لا تفتح جراحاً، وأخرى نتمنّى لو أنّها تذهب، هكذا، من تلقاء نفسها، كأنّها لم تكن...
يستحيل أن تختصر أحداث ثورة في سطور، لكن هادي هنا جمع البحر في قارورة. مع أنّ جلّ الأحداث التي ذكرت في الكتاب عشنا تفاصيلها شخصياً، لكن الحدث حين يُروى من الداخل يكون مختلفاً. في هذا الكتاب لا يطلب من القارئ أن يطلع على تفاصيل الثورة، ولا أن يعرف التسلسل الزمني للأحداث. المطلوب منه أن ينظر بعين قلبه للحدث، وليضع نفسه مكان هادي أو مكان أيّ واحد منا، كيف يمكنه أن يستمر؟ كيف لكل هذه الطعنات والجروح والنكبات التي تشيب لها الولدان، ومع ذلك لا يزال هادي حياً وصامداً ومثابراً؟ يقولون إن الإيمان أقوى من كل الجراح، وهذا صحيح، لكن التساؤل الذي دار بذهني بعد كل صفحة أطويها من هذا الكتاب:
ما الذي فعلناه حتى نلقى كل هذا الموت والقتل والتشريد؟
يبقى هذا الكتاب صرخة في وجه الظلم، ووضعاً لمخرز الحقيقة في عين الكاذبين. انتهى دور هادي، وجاء دور كل واحد منا ليسطر حكايته بأسلوبه.
حالات حرجة و الكاتب هذه المرة هادي العبدالله كان أملًا شخصيًا لي أن يكتب أيقونة الثورة السوريّة مذكراته ليسجل ما عايشه و يبقى مرجعًا للأجيال� ابن حمص الذي كان يزج بنفسه في أهوال القصف و الجحيم لينقل الصورة الواقعية و وحشية الأنظمة القمعية على بني وطنه. طربتُ فرحًا حين أعلن هادي عن كتاب يسجل فيه يومياته الثورية و حمدتُ الله كثيرًا� بين دفتي هذا الكتاب تجدون ملخصًا لأحداثِ الثورة السوريّة ...و كمصرية تابعتُ أحداث الثورة منذ العام 2013 و كبرتُ معها قرأتُ الكتاب بقلبٍ و روحٍ سوريتين أما عقلي فكان مستغرقًا باسترجاع الأحداث و كأنني تناولتُ عقار السفر عبر الزمن بسرد هادي للأحداث تمامًا كما عايشها ✨❤ للأحداث التي لربما شعرتُ أنني احتفظت بها في موضعٍ بعيدٍ في زاويةٍ ما من زوايا الذاكرة و تركتُها هنالك تناسيتُها أو لربما نسيتُها حتى جاء كتاب هادي فأطلقها من تلافيف ذاكرتي و أعاد فتحَ جروح الثورة التي ظننتُ أنا و غيري ممن قرأ الكتاب أننا شُفينا منها و نسيناها .. حكى عن بداية الثورة الخضراء بهتافات أطفال درعا الذين نكّل بهم نظام الأسد فكانت انطلاقة الحراك الشعبيّ حكى عن الحصار و القصف و الدماء و عن رفيقه طراد الذي فقد؛ حكى عن اقتتال الفصائل التي نسبت نفسها للثورة رغمًا عن أهلها ؛حكى عن حياته قبل أن تأخذ مسار الإعلام كيف كان طالبًا متفوقًا بكلية التمريض التي التحق بها بعد أن حيل بينه و بين دراسة الطبّ فآثر التمريض ليكون قريبًا من الناس في أوجاعهم يداوي آلامهم و يسكن آهاتهم ؛ حكى كيف تحول للإعلام بمحض صدفة برسالة لقناة اخبارية ينادي فيها العالم لأن يجيب النداء السوريّ و يخلصه من بين فكي نظام بشار ثم قرار استقالته من وظيفة المعيد بكلية التمريض ليتفرغ لنقل المعاناة خلف أسماء مستعارة فتارةً كان محمد و تارةً عبد الرحمن و أخرى سمير فتحي ثم أخيرًا استقر على أن يكون هادي العبدالله ✨ربم� لم يكن يدري أن هذا الاسم سيغدو أيقونة الثورة و فتيل شعلتها و صوتها بالعالم . بقي مستترًا خلف هذا الاسم و بعد ان كثرت الأقاويل خرج بمداخلة صوتًا و صورة لإثبات أنه شخصية حقيقية على أرض سوريا ؛ حكى كيف انسحب مع سكان القصير آلافًا مؤلفة تغادر مدينتها في جنح الظلام لئلا ينقض عليهم قصفًا شبيحة بشار حكى كيف فضح حزب الله بتقرير يثبت وجوده بسوريا ما اضطر نصر الله الأمين العام للحزب أن يعترف بوجود أزلامه و شبيحته بسوريا و أضاف ببجاحة أنه لو كان في سوريا ألف مقاتل سيصيرون ألفين ببداية الكتاب ستظنُّ أنك تقاوم البكاء رغم أنك تشعر أن كل شئ فيكَ يبكي إلا عيناك إلا أن الدموع لن تبرح أن تنفجر من مآقيها حين تبدأ بفصل (شهيد بلا استئذان) الذي يحكي فيه استشهاد خالد العيسى ستعود بالذاكرة لذاك الوقت الحرج الذي كانت القلوب تلهج فيه بالدعاء لخالد ثم صُدمت باستشهاده بالليلة الأولى من ليالي العشر الأواخر من رمضان ليكون جرحًا آخر في جسد هذي الثورة ...حكى ابن الثورة البار عنها فطفرت العبرات و غاصت السطور في بحور القهر و الوجع و الأنين يغالبهم الإصرار و الصمود ..قصة هادي تعكس صورة الشباب السوريّ الصادق الذي بذل لأجل الشام كل شئ ...كنتُ أقرأ الكتاب فأجد لطفَ الله لازم حياة هادي بشكل عجيب ما شاء الله و هادي بعد كل الأهوال التي اجتازها بيقينٍ و أمل و إصرار تخيلتُه بطلًا خارقًا كمان لو أنه سوبرمان الحمصي :) حفظ الله لك مهجتيّ قلبك يا أبا بيسان و أدامك لعائلتك و جعل القادم لك كله فرح و خير و أمان و طمأنينة💚💚💚
ماذا فعلت بنا يا هادي؟ ماذا فعلت بنا أعدتنا إلى أيامٍ عجاف تجرّعنا مُرّها وعلقَمَها بالفقد والخوف والألم والقتل والتشريد والتهديد والإجرام، قلت لنا: هاكم أياماً من ثورتكم ولحظاتٍ من معاناتكم اقرؤوها واحفظوها ولا تنسوْها، ولتبقى نصب أعينكم على الدوام لتثأروا لأصحابها ولتوفوهم حقهم ولتصدقوهم عهدهم الذي قطعتموه سوياً وأقسمتم عليه في ساحات المظاهرات وجبهات المعارك وأروقة المستشفيات، في المخيمات والملاجئ وعلى حدود الوطن وقلت ثانيةً: دونكم أيامي في الثورة أحكيها لكم، أنتم الذين كان لكم نصيب من هذه الأيام وإن اختلفت الأشكال وتنوعت الطرق، فالألم واحد والقضية واحدة، أروي ما استطعت وأوثّق ما تعسفني به الذاكرة. كتابي أو قصصي لا تحمل طابعاً أدبياً وتخلو من حس الروائي وبصمة الكاتب؛ كتابي يروي ثورة شعب انتفض بوجه نظام ظالم مجرم، وثورتنا وإن كانت لا تُكفَى بكتاب، ولا يسعها مُجلدٌ ومجلدات، كان واجب علينا أن نكتب لتقرأ الأجيال القادمة وتعرِف أن دولة العدل والقانون والحرية التي يعيشون فيها- إن شاء الله-دفع الملايين من أجلها الدماء والأرواح.
قرأته أول مرة عام ٢٠٢٠ بحسرة شديدة على حال سوريا ، و حاليا قرأته بفخر شديد و امتنان لكل هذه التضحيات ، سقط الأسد و انتهى الأمر وحتى لو لم ينتهي يكفيني أن الأبد لم يعد أبد بعد ..
هادي . الثوري الذي خرج من بيننا و لا زلنا نشعر بانتماءه لنا وسط الثورة التي تخنقها لحى لا تشبه لحى أجدادنا .. الأحداث التي عاشها كل حر ستجد توأماً لها في حياة هادي ..الصحفي المناضل .. حماك الله من أخوة يوسف و أصدقاءه قبل أعداءه
"نزعة كتابية، حتى لا يضيع شيء." يقول هادي على لسان جود، في كتاب يجمع صفحات متفرقة من يوميات صحفي في قلب الثورة السورية . لا يمكننا أن نسميها رواية، لكنه البطل ذاته، بكل قوة وضعف النفس البشرية أمام هول الخسارة: خسارة الأصدقاء، والاستقرار، والمخططات الذي ظن لوهلة أنها ستكون مستقبله، لكن ذلك يهون أمام مطلب الحرية. أنصح بقرائته، لأصحاب القلوب المرهفة: خذوا نفساً عميقاً قبل البداية .
"ياي ياي يا قمر" آسفة لأختي قمر لأني صرعتا.. الكتاب كان أكثر مما تصورت أكثر من رائع! كم كانت من أيام عصيبة مرت على "هادي" محمّلة بالفقد والألم..كتب هادي عن نفسه لكنّه في الواقع كتب عنا جميعًا كسوريين.. ألمه ألمّ بالبشر والحجر..
لا شيء في هذا المقام يقال غير "أكمل ياهادي إنا نناصِرك وقضيّتك بأفئدتنا وصلواتنا!"
حالات حرجة . أول كتاب أنهي قراءته في يوم واحد الكتاب عبارة عن عدة حالات عايشها هادي خلال الحرب بين ٢٠١١ و٢٠١٩ وهي حالات أثرت به . تتنوع بين الفقد لصديق روحه طراد وبين الحرمان من عائلته والخوف والتهديد والإصابات والخيانة في صفوف الثورة بالإضافه طبعاً لوصف تفصيلي لبشاعة النظام وقسوته كتاب جميل لسهولة حبكته ولغته ويستحق أكثر من ٥ نجوم
هادي .. أيقونة الثورة و المثال الجميل عن الشباب السوري الحي :") قرأت الكتاب بسلاسة و كأنني أسمع الكلمات بصوته عندما كان سمير فتحي و عندما صار هادي .. أدام الله قرتي عينك رفاه و بيسان و حفظك لهم.. :)
أنا أضعف من أن أكتب مراجعة لهذا الكتاب لكنني أعد بأنني سأحاول أن أضعه في يد كل عربي أعرفه، حتى يعيش بعضاً مما عشناه.. شكراً لهادي بحجم السماء على هذه التوثيقات.
إشاعات وافتراضات كثيرة تدور حول هذه الثورة، لكلٍّ رأيه، وبما أنَّ منطلق ثورتنا كانت الحرية فكلٌّ حرٌّ برأيه لكن يتحتم علينا، نحن أبناء هذا البلد، الذي عانى وعانى حتى أصبحنا عبرةً تستغلها الحكومات العربية الفاسدة الأخرى. يتحتم علينا أن نعرف ونقرأ ونتعلم، فالآن وقد ولى زمن البندقية أتى وقت القلم. كيف بدأت هذه الثورة ؟ وهي ثورة وليست أزمة أو أحداث أو حتى حرب ولماذا ؟ من أجل من ؟ وكيف تطورت ؟ الكتاب هو مذكرات لشاب منذ أول مظاهرة في 2011 إلى 2019، كيف تحوّل شاب خريج كلية التمريض إلى صحفي مشهور ينقل أخبار المجازر في سوريا خلال كل تلك السنوات.
المذكرات قصيرة حوالي 200 صفحة، أتمنى من هادي أن يضيف عليها ما بعد 2019 إلى يوم دخل دمشق الحرّة.
"قد كنت قبلهم في زهوة شبابي، أبني حلمي لبنة بعد أخرى... وكلما استقامت الحجارة جداراً إذ به يقصف نهاراً وليلاً، وفي كل ليلة، حين نأوي إلى الفراش، آمل أن الغد يحمل البشرى بالانتهاء... وأننا يوماً ما، مهما كان بعيداً، سوف ننظر إلى الوراء ونحمد الله على السعي؛ حيث إن الظن بالله لا يخيب."
هذه العبارة المضيئة، التي كتبها هادي في كتابه، تلخص ببلاغة رحلة طويلة من الصبر والكفاح.
بدأت قراءتي للكتاب مع انطلاق معركة ردع العدوان، وكان وقع كلماته يتجدد مع أخبار الفتوحات المتتالية والبشائر التي تأتي من أرض الشام. استحضرتُ عبر سطوره آلام الثورة المحقة التي واجهت الطغيان والظلم، والتي لم تكن سوى صرخة حقّ في وجه الظالمين.
من خلال الكتاب، يتجلى للقارئ أن الطريق نحو الحرية لم يكن مفروشاً بالورود، بل كان مليئاً بالعبرات والفقد والأحزان. هذه الثورة، التي قدم فيها شعبٌ صابرٌ تضحيات هائلة على مدار أكثر من أربعين عامًا تحت حكم طغاة الأسد، تذكّرنا بأن الحرية لا تأتي بلا ثمن.
ومع ذلك، يحمل الكتاب بين طياته روح الأمل. فها قد رأينا تجلي سنن الله الكونية، التي تَعِد بنصر المستضعفين، وتجعل من هذه الفتوحات الربانية انتصارًا للعدل الإلهي. لقد زادتني كلمات هادي يقيناً بصوابية الطريق، وبأن النصر قريب رغم المحن. وما تحقق لأهل سوريا مثال قريب فيه بشارة لأهل غزة.
يحكي هادي في حالات حرجة بعض الأحداث التي عايشها في الثورة، تغطية للمجازر التي لا تحصى، فقد لأقرباء وأصدقاء وأحبّة، خوف وقلق، تعب وهمّ يثقل الكاهل.. وأنا أقرأ، استطعت أن أرى مرّة أخرى الوجه التعب، والعينان الحزينتان التي رأيتهما في حفل توقيع الكتاب، رأيت مرةً أخرى القوّة التي يحكي بها رغم كل شيء.. القوّة ذاتها التي كتب بها "صوتٌ ما في داخلي يخبرني: حكايتك الآن تبدأ لتوّها.."
حالات حرجة؛ كتاب جاء في توقيتٍ حرج، بمثابة جرس تنبيه، تذكير لكل واحد منّا، إعادة إحياء للقلوب التي ماتت، اختنقت أو ملّت.. أن لا تنسوا، لا تتناسوا، لا تتعبوا.. وأنّ هذا الطريق طويل، وصبرٌ جميل حتى يأتي أُكُله..
"على طول مشوار الفقد، كان يظلّ هناك من يقول ها أنا ذا... استشهد خالي، أبناء عمي،أصدقائي وخلّفوا حفرًا سوداء في القلب، ورديّةً في الذاكرة، أمّا أنا فبقيت أقصف من أوراق الشجر وأعجنها بماء الثورة لأغطّي الثقوب.." وفي حديثه عن خالد: "كنت أعود لسانه، ويعود بصري."
عندما يمر الانسان بظروف عصيبة ويخبر حوادث يشيب لها الشعر، تنسال عليه اللغة إنسيالا طبيعيا فيصبح التعبير عنها بأجزل الالفاظ وأروع التراكيب بدون ما تكلف أو تعسف.
كان لي الشرف بتبادل الرسائل على منصه الانستغرام مع الكاتب عندما علقت على الكتاب قبيل أشهر قليلة فقلت له: أنت فخر وقدوة لكل شاب عربي حر ♥️
قال هادي:"رحلوا ولكن البناء لم يكتمل. مشوار الثورة طويل... ولكن الجدار سيبنى والبناء سيرتفع لأن لبناته مروية بالدماء، عطشى للتضحيات. تبنيه أياد بيضاء وارواح نقية لا تكل ولا تنفد ابدا".
حتى أنت يا هادي ! لطالما كانت رؤيتك على الشاشة تخفف من وطأة معاناتنا .. فلماذا فتحت جروحاً كنا نحسبها التئمت ؟؟ الحال أن الدم ما يزال يتدفق منها و لكن كثرتها جعلتنا نشعر و كأننا اعتدنا عليها. أفتح تطبيق الخرائط محاولاً فهم الأحداث بصورة أوضح فأمر بمدن و بلدات غير التي ذكرتها فيزداد شجون القلب و ضيق الصدر أبحث عن موقع القصير على الخريطة فأجد الحولة و أستذكر مجزرتها... أحاول معرفة مكان يبرود فتمر بي الزبداني و مضايا و الضمير و غيرها مخبئة خلف حروفها انتصارات و انكسارات ..أفراح و أحزان .. آلام و أمال. كلما أفتح فصلاً جديداً من الكتاب أحس بضيق في صدري يزداد ..ولكن ما يدفعني للاستمرار جملة نجيب محفوظ "آفة حارتنا النسيان" و هو كذلك آفة الثورات .
ستكون تلك المراجعة عفوية جدا أردتها كذلك كما كان الكتاب مليء بالعفوية والصدق والحقيقة إلى صديق ما، صديقي العزيز، توقعت أن أنهي الكتاب في شهر، أن أعيش معه ويعيش معي برهة من الزمن، لكن لم أبدأ بالصفحة الأولى حتى انتهيت منه في الجلسة نفسها، بعبارة أخرى حتى انتهى هو مني، وترك مني قطع كثيرة مع كل فصل، تركني مبعثرا في الحقيقة كما هي الحرب، كما هو الوجع والفقد والتهجير تركني هادي في نفس الليلة، تاركا خلفي آلاف المشاعر التي بثها، والحكايات التي حكاها، نمت ليلتها مكتئبا حزينا، فلحقني هادي العبد الله أو سمير،أو محمد في منامي، في المنام وجدتني اودع أصدقائي كما ودع طراد وخالد، وجدتني أهتف كما كان يهتف صديقي العزيز، هناك عشرات الأمور التي أردت ان أقولها عن انطباعي، لكن هناك انطباعا واحدا لم استطع تجاوره وأريد الحديث عنه بكل جوارحي لقد أحببت طراد جدا، شعرت أنه صديقي، ضحكاته، سخريته، أمله، قوة شكيمته، ولهفته على هادي رغم اني كنت أعرف قليلا عنه في السابق، ربما كانت معرفة سطحية، بل عابرة، لكنني اليوم عرفته عن قرب منذ أن بدأ الحديث عنه وأنا أتمنى أن لا يموت، رغم معرفتي بموته، وأدعو أن يكون هذا طرادا آخر واستمر مسلسل الفقد، وجاء البلسم على وجه خالد قلت نفس الكلام عن خالد وتمنيته أن يبقى، وكانت الحقيقة لا تجاري أحلامنا بالمناسبة هذه هي المرة الأولى التي أدرك ماذا يعني أصدقاء الحرب ما كنت اتخيل ان صاحبك في الحرب، يعني شيئا أقوى من أي علاقة، وشيء هو أسمى من الصداقة علمت أن صديق الحرب هو عينيك التي ترى بهما، وروحك التي تعيش من خلالها، ومع كل صديق هناك تفقده، تفقد جزءا عزيزا منك، جزءا لن يرجع أبدا
أحببت سخرية طراد اللاذعة جدا، رغم اني شخص يحب العدمية لكن أحببت تفاؤل طراد جدا يبدو أننا في زمن الحرب نحن بحاجة لأي أمل ولو كان كاذب بحاجة لأولئك الأشخاص الذين يحيون شعلة الامل في دواخلنا حين ننهار، ويصنعون لنا بيتا من نور حين يحفنا الظلام لولا أولئك الناس، لمات العاملون يأسا لم أكن أدري أيضا أن الثائر قد يتعب، يصيبه اليأس، هو بشر، لا قبل له على كل هدا الركام، لكنه يمضي إيمانا منه بضرورة الحياة وبجدارة الح��ية إن كنت أحب هادي العبد الله جدا في السابق، فقد أحبتته اليوم أكثر كثير مما روى ربما كنا قد سمعناها سابقا، لكن التفاصيل التي تروى ممن شاهد ورأى شيء آخر تماما ممتن لتلك التفاصيل كلها زاد حبي لتلك الثورة اليتيمة التي لا يليق بها سوى هذا الاسم ألا لعنة الله على كل من باع وتاجر وخان وغدر
بعض الكتب ما بتمرّ هيك ، بتترك جرح ودمعة وألف فكرة. هذا الكتاب خلاني أحس بكل كلمة وكأنها صوت من عمق الألم السوري. شكرًا هادي لأنك كتبت وجع ما لازم ينتسى.
لطالما حاولت، بعكس الكثيرين غيري، أن أهرب من قراءة نص أو مشاهدة فيلم حول أحداث عشت تفاصيلها، أو أشخاص وأماكن أعرفها، بالرغم من رغبة داخلية تشدني،لكن دائما هناك خوف ما يمنعني، كأنه هروب من نبش الذاكرة وما يخلفه ذلك من آلام ومواجع، لكن لم يطل الوقت لأحصل الكتاب وأبدأ قراءته. في حالاته الحرجة يضيء هادي العبد الله تلك الزوايا المعتمة في ذاكرتنا والتي ظننا أن النسيان قد طواها، ليأخذ بنا في رحلة متعبة من ذكريات الثورة والنضال والآلم والأمل. من وجهة نظر ثورية وبعيدا عن النقد الفني، يشكل الكتاب وثيقة أخرى حول حيز زمني ومكاني مهم من الثورة السورية من وجهة نظر ناشط عاشها وكان أحد أبطالها، يستعرض فيه أحداث الثورة في بداياتها دون استفاضة أحيانا، وبإسهاب أحيانا أخرى، تبعا للحدث وأهميته، ويجعل القارئ يعيش معه الخوف والأمل والحماسة وروح الثورة، ويحزن على فقد أصدقائه طراد وخالد وفارس وغيرهم ممن دفعوا أروحهم ثمنا لتظل الشعلة متقدة، في سرد بسيط أقرب للسيرة الذاتية المبسطة منه إلى القالب الروائي أو القصصي، والكاتب يقرّ بأنه لم يكن ينوي تقديم قطعة أدبية بقدر ما يهمه تقديم معلومات وتوثيق أحداث ونقل وقائع حصلت خلال الثورة السورية. يستعرض هادي حماسة البدايات واندفاع الشباب في تلك الفترة، وعدم الالتفات إلى هدر الوقت والمال والتضحية بالمستقبل العلمي والمهني، في سبيل بقاء الثورة و نجاحها لبناء وطن جديد للسوريين، والاستمرار في السير على هذا الدرب الوعر بالرغم من المآسي وفقدان سند الأصدقاء ودعمهم، وتقلب أطوار الثورة بين السلمية والتسليح والحصار والقصف ومعارك الدفاع عن النفس والأرض والعرض، كما يسلط هادي الضوء على انتهاكات بعض فصائل الجيش الحر، وفصائل إسلامية ومتطرفة، ويسمي أكثر من فصيل باسمه ويحمله مسؤولية بعض الأحداث. كما ذكرت، الكتاب وثيقة مهمة يُنتظر أن تستكمل بالمزيد من هادي وغيره من النشطاء والسياسيين وربما قادة الفصائل لتكتمل صورة الثورة أو تكون قريبة من الاكتمال، ولكي لا تطالها عمليات التزوير والتشويه التي يعمد النظام وحلفاؤه إلى استخدامها ضد كل من يعترضه أو يصدح بالحرية.
أنهيت أمس قراءة كتاب "حالات حرجة من يومياتي في الثورة السورية" لهادي العبد الله. صراحة حجم القهر والمعاناة التي مر بها هادي لم تكن غريبة عليّ بحكم أننا كشعب سوري تعرض غالبنا لشيء مشابه، ولكن ما آثار اهتمامي هو تصالح هادي مع طبيعته البشرية فهو في النهاية بشر يعتريه ما يعتري البشر من ضعف وتعب ويأس - في بعض الأحيان - ولكن هادي امتاز عن غيره بصبره ومتابعته لطريقه وعدم تخليه عن مبادئه وقيمه، وهنا يتجلى قول الله عز وجل "فإنَّ مع العسر يسرا، إنَّ مع العسر يسرا" فمعونة الله لم تدعه ومع كل فَقد يهيء الله لهُ من يعيد في داخله جذوة الأمل والقوة ويعينه على المضي قدما في طريقه. أسألُ الله يا هادي أن يحفظك ويحميك ويوفقك لكل خير.
كيف للإنسان ألا يبكي و هو يقرأ ؟ لم يكتب أي شيء , لم يكتب حقيقةً مافي داخله لماذا !لأن مافي داخله لا يُكتَب طالما يوجد أم شهيد,أب شهيد, أخ أو اخت شهيد, صديق شهيد .الثورة لن تُخمَد
كتابي المؤلم وسط زحام الحياة اتناول حالاته ولا استطيع المضي إلى الحالة التالية لأن الثورة اكثر بكثير من مذكرات شخصية لن تستطيع تفادي نفسك متأثرا كل بضع صفحات وربما كل بضع سطور