كتاب جليل وقد يعتبر من أنفس المنتجات للحنابلة المعاصرين. الكتاب أشبه إلى شرح ولو سمي الحاشية. وهو حفيل بالمسائل والمنقولات من الكتب المعتمدة في المذهب. والشيخ حقق ودقق وحرر المسائل المعاصرة الكثيرة مع التنبيه إلى الخلافات بين المتأخرين.
يرق قلبي أكتب هذه الأسطر والشيخ يرقد في المستشفى مصابا بالكورونا. ربنا يشفيه شفاء كاملا عاجلا.
الحمدلله رب العالمين على الانتهاء من هذا الكتاب المبارك، رضي الله عن مؤلفه ونفعنا بعلمه. الكتاب يعتبر تفريغ منقح لشرح الشيخ على كتاب أخصر المختصرات في الفق الحنبلي، والشرح بديع وسهل وتزينه الكثير من الأمثلة لتصور المسائل، وينصح قبل البدء فيه بسماع شرح مختصر لفك العبارات وتصور المسائل مثل شرح الشيخ باجابر.
كتاب جميل.. ممتع. عبارته أوسع من المتون الفقية، وليس فيها الإسهاب الذي يكون عند الشراح.. وقد قيدت بعض الفوائد التي سمعتها، ومنها
١- مسألة حكم علاج الرجل لزوجته، حيث يشتهر في المذهب الحنبلي عدم وجوب علاج الزوج لزوجته أو لأولاده. وقبل أن يعلق البعض محتجا، أقول بأن الفق منظومة متكاملة.. فللذي لا يرى وجوب علاج الزوجة، يرى أيضا عدم وجوب خدمة الزوجة لزوجها، وأن ما يجب عليها هو تلبية حاجته في الفراش. وعلى أية حال لا يتوقع من أي رجل أن يتزوج ويزهد في خدمة زوجته له.. كما لا يتوقع من الرجل ترك زوجته وأولاده للمرض. ولكن عندما يصل الأمر للقضاء، سيتفاجأ أحد الطرفين بمثل هذا الرأي، لو كان القاضي يتبنى مثل هذا الرأي.
٢- متى يصلي الإمام خلف المأمومين.. وهذا يتحقق عندما تصلي المرأة الحافظة برجال أميين.
٣ - عدم صحة اشتراط الزوجة تحجيج زوجها لها عند الزواج.وإن صرح الشيخ القعيمي بأن المروءة تقتضي ذلك.
٤- ينبغي الاحتراز عند شراء المشالح،أي العباءة الرجالية أو البشت كما يسمى بالفارسية.إذ قد يكون جزء منه من خيوط الفضة،أو الذهب. هو محرم عند الحنابلة.
٥- لفت نظري ضوابط غريبة.. فمثلا للحكم على من ابتلع نخامته بأته قد أفطر، بأن تبلغ النخامة في فمه مخرج حرف الخاء، ثم يبتلعها. فالإشارة إلى موضع في الفم بهذه الدقة، أمر لافت.
٦- إدخال المرأة في قبلها شيء كالمنظار مثلا لا يفطر، بخلاف لو وضع الرجل في ذكره شيء.
٧- تحدث الشيخ القعيمي عن عدم معرفته بحدود الصفا والمروة، بحيث يعرف الحاج والمعتمر بحدها... إذ يوجد ٣ علامات بأماكن مختلفة بالحرم تشير إلى حد الصفا.. وقال بأنه قد سأل العاملين في الحرم عند حد الصفا والمروة، فلم يجد بينهم من يعرف بحدهما. وهذا يكشف قيمة الجغرافيين والجيولوجيين الدارسين لمثل هذه التفاصيل في مثل هذه المسألة وغيرها، لمن يخفى عليه نفعهم.
٨- قال الشيخ القعيمي ولم يجزم، قياسا على ما أورده البهوتي في كشاف القناع عن عدم جواز استخدام الزائد عن الحاجة في الحمام (يعني كالحمام التركي) ،بأنه لا يجوز أكل الزائد عن الحاجة في البوفيه المفتوح،ولا يجوز جلب الأكياس والمناشف لحمل الأكل بها🙂
٩- وزاد الشيخ القعيمي بأن استئجار الشقق عن طريق التطبيقات بوكينغ وغيرها لا يجوز في المذهب الحنبلي..ولكن لو دخل المستأجر الشقة ورضي بها،فحينها يعتبر العقد مستأنفا. وهذا معناه أن من يعقد مثل هذا العقد، علبه أن ينتبه أن يكون إلغاء الحجز مجاني.
١٠- مما لفت نظري، حديث الفقاء عن حرمة الزواج بزانية إلا إذا تابت. وضابط بيان توبتها هو أن يراودها عن نفسها عدل ثقة. وعلق الشيخ متندرا.. يبدو أنه سيعين مراود شرعي تابع للمحاكم🙂
١١- العقم ليس عيبا يبيح فسخ النكاح،إلا إذا اشترط ذلك.
١٢- كراهة الرقص للرجال والنساء.
استطراد: قرأت للشيخ الحنبلي سليمان الماجد قوله بجواز الرقص الذي هو معروف بين (نسائنا).أما الرقص الذي فيه هز الأرداف للنساء فهو محرم.
قال أنس زيدان: وهذا النجدي الفاضل لم يعش في الأحياء الشعبية بمصر وإلا لغير فتياه من باب عموم البلوى 😀
١٣- إذا سافرت الزوجة ولو بإذن زوجها،سقطت نفقتها حتى ترجع.
استعمت له صوتيا، حين جردوا الكتاب في وقف المنارة بمكة، ثم اكتشفت أن كلا المقاطع المتعلقة بوقف المنارة ناقصة، سواء باليوتيوب أو بساوند كلاود.. ثم أكملت سماع الكتاب من المجالس التي انعقدت في تبوك، وكان فيها الشيخ الحنبلي عامر بهجت. في مقاطع مكة، كان الشيخ يحاول إثراء ما يقرأ بالفوائد، دون إسهاب أو استطراد. وفي مجالس تبوك، كان الشيخ قلبل التعليق لأن الشيخ عامر بهجت وفقه الله لا يدع كلمة تمر دون أن يفهم المراد لو خفي عليه أو كان يرى أمرا آخر. وعلى أية حال أنصح لمن يريد دراسة الكتاب أن يستمع للمجلسين، لعدم خلوها من فوائد أو تصويبات أو إضافات من الشيخ القعيمي على نص الكتاب.
في ختام المقاطع، وجدت نقصا بها أيضا، بعمنى أنهم لم يكملوا الكتاب، ولكن النقص يسير، ولله الحمد.
كتاب متميز في فك عبارات المتن, وكذلك الإشارة إلى المفردات والمعتمد وكذلك مخالفة الماتن للمذهب, ولن تعدم الزيادات المفيدة على المسائل, في المجمل هو كتاب نافع وبداية مهمة لدراسة الفق على المذهب الحنبلي أو القراءة لمعرفة أحكام الفه عامة ليس شرطًا بغرض الدراسة المنهجية.