"صورة دوريان جراي The Picture of Dorian وهي رواية فلسفية صدرت عام 1891، للكاتب أوسكار وايلد، تدور قصة هذه الرواية بشكل مختصر حول شاب وسيم بريء فُتن بمتع الحياة وأثيرت نوازع النفس البشرية داخله والرغبة في تحقيق الشهوات والملذات مما جعله ينغمس في طريق الشر ويسلك دربه، ليقع في صراعٍ بين الخير والشر؛ حتى ينهار في النهاية. فالرغبة تنتصر على الأخلاق، فتنغمس النفس في الشر ثم تعود تلك النفس لتحارب الشر بدعوة أخلاقية نابعة من طبيعة فطرة الإنسان. تبدأ القصة في استديو الرسام بازيل هولوورد وصديقه المقرب اللورد هنري ووتون الذين كانا يناقشان لوحته الجديدة التي تمثل شابًا فاتنًا يدعى دوريان جراي، وكانا يتحدثان كم أن دوريان هذا كامل؛ فهو صالح للغاية وبريء إلى أقصى درجة، كما أنه أجمل رجل قد وطأ الأرض، م&#
في بداية حياته في المدرسة كعادة الأدباء لم يبد أوسكار حماساً للألعاب الصبيانية، كان يؤثر الوحدة وقراءة الأدب الأغريقي والشعر وكان لقراءاته هذه الفضل في أن يظفر فيما بعد -بمنحة لجامعة أوكسفورد، وظفر هناك بشعبية لا بأس بها بسبب لماحيته وروحه المرحة، وبدأت أشعاره تولد علي صفحات المجلات الإيرلندية، وعندما تخرج في أوكسفورد كان قد نال شهرة بآرائه الثورية التي تصدم أذواق السواد الأعظم من الناس، وكانت ثيابه الزاهية منفرة الألوان تعكس هذا التحدي.
هذه الرواية تصور كتبت منذ مئة عام تقريباً ، لكنها لاتزال وكأنها كتبت اليوم ! عبارة واحدة اقولها بعد ان انتهيت من هذه الرواية التي حبست أنفاسي وحملتني إلى بريطانيا بمجتمعاتها الأرستقراطية في القرن التاسع عشر: لقد أتعبت الروائيين من بعدك يا أوسكار ! فلسفة عميقة تفضح فكرنا نحن البشر الذين نتهرب من الانحلال بانحلال اكبر ! ندفن رؤوسنا في الرمل ونستشرف ، بينما في دواخلنا وحوش ضارية وشهوات مذلة ! الجمال هو المهم هذا مايركز عليه دوريان جراي ، والشباب ايضاً ! كلها اشياءنحاول ان نتناساها ونبحث عن نجاحات وهمية مثل البلاستر حتى تخفي جروحنا اننا لا نملك الجمال الملفت والشباب الأبدي! النهاية صادمة وغير متوقعة ، لكنها تثبت ان الفن باق وسينتصر على الانسان مهما كانت طموحاته !
(صورة دوريان غراي🖼�) (شيطان و ملاك بينهما إنسان) قيل في الأثر أن بعض الآثمين لا يُردعون إلا إذا زال سترهم .. كم مؤلم هو انتقام نزع الستر.. لكن أوَ تعلمون _وبعد هذه الرواية_شعور فيَّ يُقر انه لنعمة ! و إليك أيها القارئ اسمحلي بسؤال: ترى إن حدث و تحقق يومًا ان يحمل جمادٌ صامتٌ مخفيٌ كل آثامك، تاركًا اياك لحكم نفسك .. فما أنت فاعل؟ من فضلك لا تُجِب أنت لم تجرب .. و إليك هذه الرائعة تريك ما آلَ له شخص جرب، شخص رأينا فيه استعراضا أليمًا لكل القبح الموجود فينا متجليًا فيه كعقابٍ عادل لجرمه حين صرخ بتعدٍ فج على قانون الطبيعة أنه "إن أمكنني أن أظل شابًا وتكبر صورتي في عمرها! لأجل هذا فقط، سأقدم كل شيء، كل شيء، سأقدم روحي مقابل ذلك!" راهنًا بذلك الاعتداء روحه للشيطان. رواية... - ساخرة ترسم وصفًا للغرور وخواء الرفاهية، والرغبات العمياء. رواية... - من مقدمتها أسوق اقتباسا (بتصرفٍ) يقول: "أن أعلى أنواع النقد لا تختلف عن أحطها في أنها جميعًا تراجم لحياة النقاد على نحوٍ ما، فما الفنان إلا صانع الأشياء الجميلة، و غاية الفن أن يكشف عن نفسه و يخفي صورة الفنان" و من تلك المقدمة الفذة تصلك أجلُّ معاني الفانين و النقاد، بأبسط و أثقل العبارات. رواية... - يتراقص فيها الحق و الباطل على أوتار الجمال؛ ليُظهرا لنا ما عناه المؤلف عن مواد الفن و مداعي الأدب و الجمال .. تاركًا إياك لذاتك، تقرر ما ترغب و ترغب ما قررت حتى تدرك في النهاية أن كل ما حل بك من عنفوان لا نفع له؛ لانه نبع من الادب، و الادب نبع من الفن، و الفن كما قال أوسكار وايلد "لا نفع له على الإطلاق" !
نهايةً أقول.. أن كتبًا كهذا الكتاب هي سبب حبي للكلاسيكيات، فبها أحيانًا ادرك أن بعض كبار السن قد يكونون مملين كالجحيم ، لكن على الجانب الأخر هم بواقعتيهم، لن يتقدموا في السن أبدًا!