حين اكتشفت أم خوانا الموريسكية أن ابنتها تحمل في جيدها صليبا رفيعا صفعتها صفعة قوية تحمل كل معاني الخوف والرعب من الآتي، ولم تكن البنت على دراية بالسر الكبير الذي أفزع أمها، ولم تكن تلك الصفعة على الخد فحسب، بل تلتها صفعات أخرى في الذات وفي المعتقد، كانت أعتى وأعنف في المعاني وفي الأحداث، فقد تزامن ذلك مع صدور مرسوم الطرد الجماعي للموريسكيين من إسبانيا، وهم بقايا شتات الثمانية قرون من الحضارة الأندلسية، والسبب إرادة السلطة الحاكمة والكنيسة القضاء نهائيا على كل ما يمثله هؤلاء من لغة عربية ومن دين إسلامي ومن عادات وتقاليد ومن أعراق دخيلة. فتحرکت عجلة الكراهية والضغينة الضخمة تمثلها القوى السياسية والمدنية مسندة برؤوس الكنيسة الكاثوليكية المتعصبة مستعينة بأذرعها الرهيبة المتمثلة في محاكم التفتيش التي نفذت قرارات التهجير القسري لطائفة غير مرغوب فيها.
حسنين بن عمو روائي صنع تفرده في الساحة الأدبية التونسية من خلال نهجه دربا صعبا و هو الرواية التاريخية التي حمل لوائها في العالم العربي الكاتب جرجي زيدان،وذلك باشتغاله على فترات تاريخية هامة من تاريخ تونس مثل العهد الحفصي والعهد العثماني و أجزاء من الفترة الاستعمارية فأثمر روايات عديدة لعل أشهرها : “با� العلوج� و”حجا� سوق البلاط”و”با� الفلة”و”الكروسة”� “رحمان� “و”قطا� الضاحية� و”فرسا� السراب”و”الموريسكي� �. و أغلب هذه الانتاجات نشرت مسلسلة في الصحافة التونسية منذ ثمانينات القرن الماضي ومنها ما طبع فملا الدنيا وشغل الناس على غرار باب العلوج ورحمانة والكروسة وذلك للأسلوب التشويقي الذي يستعمله بن عمو وحسن توظيفه للوقائع والأحداث والشخصيات التاريخية التي يعرفها الناس. كاتبنا تحولت العديد من أعماله إلى مسلسلات إذاعية آخرها “الموريسكية� الذي تبثه حاليا الإذاعة الوطنية، كما نال هذا الروائي جوائز أدبية وطنية هامة تتويجا لمسيرته في الكتابة التي جاوزت الثلاثين سنة . حسنين بن عمو يحمل صفة إبداعية أخرى يكاد لا يعرفها الجمهور و هي صفة الرسام فمحاورنا أقام العديد من المعارض في السبعينات ثم إنقطع نهائيا و عاود الظهور في 2009 من خلال معرض شامل لمسيرته في الرسم احتضنه رواق بلال بالعاصمة .
الحمد لله. أنهيت قراءة هذه الرواية الممتعة و الشيقة جدا. خوانا تواصل معاناتها في هذه الرواية حتى يشعر القارئ بالشفقة عليها. في هذه الرواية تظهر شخصية محورية إضافية و هي شخصية نسرية... كان بودي في هذه الرواية كما في بقية الروايات السابقة أن يتخلى الكاتب عن إدراج العلاقات الجنسية في رواياته. فهذا لن ينقص من جانب الإمتاع و التشويق في رواياته.
ماطلت فيها من كثر حبي لها ما كنت أبيها تنتهي أبدًا رائعة بكل معاني الروعة جميلة جدًا جدًا أحببتها و تعلقت بشخصياتها و عالمهم الكاتب حسنين بن عمو سحبني من عام ٢٠٢٣إلى ١٦٠٠بكل تفاصيله شكرًا للكاتب أشكره من كل قلبي لإعادة الأدب و الرواية التاريخية بأبهى حلّه في قلبي ❤️