مع انتصاف الليل، ذهبت في نوم عميق. شعرت أن هناك شخصاً يهزني ويقول بصوت غليظ: "هيا إستيقظي.. هيا إستيقظي.. هيا استيقظي"". لما فتحت عيني، كان مصباح الغُرفة مُضاء. لم استطع أن أرى كامل ملامحه بشكل كاف، تسبب الضوء الكثيف في تشوش رؤيتي. بعد هنيه هالني منظر ذلك الرجل الذي يرتدي زياً أسود، كان يُشبه عبد العزيز سالمي بشكل كبير. كان يهزني بعنف ويُمسك بكتفي. من شدة الهلع غمرني شعور بالعجز واليأس. لم امتلك القدرة على البكاء وذرف الدموع، لم استطع حتى أن أصرخ، تكاد روحي تخرج مني.
***
"هذه رواية تحكي لعنة السعادة المؤجلة لامرأة مذعورة من هشاشة الحياة، ودت أن تكون كل شيء رغم كل شيء، ولرجال شركاء في المرح والملل والثورة، يبحثون عن ألق الحياة والحرية في زنقة أفقها ضيق وعسسها كثير. بين المرح والجنون مساحة صغيرة تُثير الذعر، عامرة بالقلق والمفاجآت المُدمرة للمصائر. زنقة الطليان سيرة متغيرة يُقدمها الرواة حفنة حفنة متبرئين من الأخطاء والخطايا، وحده القط مينوش لم يقل شيئاً رغم أنه يعرف الكثير عن أصحاب تلك الخطوات المُرهقة، عن آخر الليل وعن ظلمة السلالم والأسطع العفنة".
- عبد السلام يخلف
***
"تحاول الرواية الغوص في أعماق الهمشين، تتيح لهم مساحة واسعة للبوح والإفضاء عن منكنوناتهم، والتعبير بصوتهم المخنوق. تسبر أغوار مدينة عنابة، تنتصر لتاريخها وجمالها، وتفضح تناقضاتها، وغطرسة القائمين الجدد على مصيرها. هكذا ستتحول زنقة الطليان، إلى مسرح يضح بالحياة، بصخبها وعنفها وضجيجها، يركن فيها المهمشون إلى أقدارهم، ويرتفع فيها صوت المُفدسين كأسياد جدد للمدينة."
- عمير بوداود
***
"أظهرت الرواية العديد من المُفارقات والتناقضات القابعة في النفوس، من خلال وصف عميق ودقيق لدواخل الشخصيات ومشاعرها، وحالات الخوف والذعر من الهواجس التي تنتابها، ووصف آسر للشوارع والبيوت والأمكنة والطرقات وفق منحى بصري لا يترك شيئاً إلا ويجد له حيزاً. تتوسع مجريات أحداث الرواية بالتدريج، لتُصبح أكثر تعقيداً وقوة مع كل صفحة جديدة من صفحاتها."
"الحياة دوماً تخذلنا، تُشعرنا بالاطمئنان ثم تنزل هراوتها الثقيلة فجأة على رؤوسنا بدون رحمة."
رواية "زنقة الطليان" هي رواية عن المهمشين داخل "زنقة الطليان" تلك المنطقة التي قررت الحكومة هدمها لكي يستفيد منها الأغنياء لكي يُقيموا عليها الأبراج ومشاريعهم التي ستدر عليهم أموالاً، حتى لو كانت على حساب أولئك الفقراء، الذين يبحثون عن أكلهم، يوماً بيوم، دون مُستقبل واضح، أو خطة لتغيير حياتهم، هم فقط يعيشون، لو كانت تلك الحياة يُمكن أن تُسمى عيشة!
يأخذنا الكاتب في رحلة إلى تلك الزنقة، مع لفيف من الشخصيات، ويغوص إلى أعماقهم، طريقة تفكيرهم، وأفعالهم الذي تشعر أنها غير مُبررة، ولكنها بالنسبة لكل شخص منطقية، يحلل الأحداث من منظوره، حتى لو كان ذلك المنظور يتخلله خرافة ما، أو أوهام، أو حتى أحلام زائفة، أو رُبما الطموح بمكانة أفضل. كل أولئك الأشخاص البُسطاء كانوا يسعون نحو هدف، هدف بسيط للغاية اسمه العيشة البسيطة، ولكن، هل ستتركهم الحياة بأشرارها، وفاسديها أن يعيشوا؟ بالطبع لا، فنحن في عالم قاسي، وأنا وأنت نعلم ذلك جيداً.
يرصد الكاتب وضع الشخصيات الاجتماعي في تلك الزنقة، من خلال سيدة موظفة، وأرتيست، وجورناليست، والعديد من المُترصدين، الذين ينتظرون أي فرصة لكي ينقضوا على غيرهم، حتى لو كانت تلك الفرصة تتضمن أن يبيعوا أنفسهم، فلما لا؟ لما لا نقضي على بعضنا من أجل أن يرتقي ويتقدم الأخرون، وكأننا أصبحنا في عالم من الحيوانات، وليس عالم البشر. وما سيجعلك ترتبط بهذه الشخصيات، وتقترب منهم، هو أن الكاتب سرد أحاسيسهم وأفكارهم الداخلية بدقة متناهية، وصل الكاتب إلى أعماقهم، وحتى بداخل أعماقهم لن يعترفوا إلا أنهم على صواب، ودائماً مظلومين، وأبرز مثال على تلك الجزئية كانت شخصية "دلال سعيدي" وهي أكثر شخصية سترتبط بها، ولأن الكاتب أيضاً أعطاها بشكلاً ما دور البطولة لهذه الرواية، رغم أنه بعد مراجعة بسيطة للأحداث، أجد أنها لما تُغير إلا شيئاً واحداً في الأحداث، وهذا أجمل ما في الرواية، أنها رواية تسبر أغوار الشخصيات. ولن تجد ذرة ملل!
سيلفت نظرك بكل تأكيد أن كل ذلك الفساد، قد يُشابه لفساد آخر تعرفه، رغم اختلاف البلدان، تظل المُعاناة واحدة في وطننا العربي، طريقة القمع، والتهميش، والسرقة، والنهب، والسحل، واحدة. تُفرقنا العديد من الأشياء، وتُجمعنا المُعاناة.
رواية واقعية كتبت بلغة سردية منمقة وجميلة ، من وجهة نظر شخصية ارى ان المعاصرة في الاجتهادات الادبية اكثر احتياجاً من غيرها خصوصاً اذا ما لاحظنا هذا التسارع الرهيب في احداثها ففيها الكثير ليحكى ويدون انصح بها
من عبق التراث والأزقة القديمة وشعبية، تفوح رائحة زنقة لابلاص دارم العثمانية ذات البنايات المتآكلة عبر الزمن وشقوق جدرانها المتصدعة التي ينبعث من خلالها أصوات وأنين وصراخ أطفال ساكنة شارع جوزيفين أو زنقة الطليان كما تسميها دلال السعيدي الوافدة حديثا لحي لابلاص دارم .
لطالما كنت أسأل نفسي عندما ألتقي في طريقي شخص مجنون يهيم بوجهه شوارع المدينة بأسمال مهترئة وأرجل حافية وشعر منكوش وكأنه يمشي به على الأرض من كثرة الأوساخ العالقة به!! يا ترى أي حرب خاضها حتى وصل به الأمر للتسكع بالشوارع دون أن يعي الليل والنهار؟ تلك هي الأقدار التي تقاسمها كلا من أبطال رواية #زنقةالطليان للجزائري بومدين بلكبير، المرشحة للنيل البوكر العربية لهذه السنة.
دلال السعيدي، جلال الجورناليست، نونو لارتيست، نجاة أو ناجي الرجلة، رشيد العفريت، نزيم، سي ناجي مسعودان وحمة طلبي ولا أنسى علجية المداحة ناقلة أخبار زنقة الطليان أول بأول فهي تعتبر كقناة الجزيرة في تتبع أخبار الناس، كل شخصية من هاته الشخوص لها سر سيكشفه لنا الكاتب المبدع بومدين بلكبير في قالب سردي جميل يصل حد المتعة برغم ما ترويه ثيمة الرواية من حزن وألم وفقر وقهر وظلم عاناه ساكنة زنقة الطليان.
#زنقةالطليان هي تنتمي لأدب الحارات فالقارئ لها يشعر وكأنه يقرأ لنجيب محفوظ والحارات المصرية، فقط يستيقظ على إثر ارتطام رأسه بالأزقة العتيقة والأصيلة لولاية عنابة ليتأكد أنه في الجزائر عبر نص جميل كتب بعناية فائقة لابن بونا الجميلة. الرواية أقل ما يقال عنها رائعة ولا تمل من قراءتها وستصاب بالحزن عند اتمامها لأن منطلقها الواقع وتحدياته مع السماح للخيال بتحليق عاليا عله يجد بصيص أمل في توصيل معاناة الناس. زنقة الطليان تستحق الاقتناء والقراءة وشكرا للبوكر الذي عرفني على الكاتب المميز بومدين بلكبير من أبناء بلدي الجزائر .
بعض الاقتباسات: *الحياة هنا تنهش ما تبقى من آدمية الناس، والنسيان سيف مسلط على رقاب القاطنين. *الحياة دوما تخذلنا، تشعرنا بالاطمئنان ثم تنزل هراوتها الثقيلة فجأة على رؤوسنا بدون رحمة. *لا شيء يدعى الانتصار على الذاكرة. قد يكون هناك ما يسمى بقلب الصفحة، لكن لا يوجد مطلقا شيء يدعى تمزيق الصفحة. *الله غالب عنابة سورها واطي. شحال رفدت من كافية. *وكأن ظروف الحياة وتصاريف الدهر فرضت عليها أن تعيش داخل قنينة زجاجية ثم أحكمت إغلاقها عليها.
تنتمي رواية "زنقة الطليان" إلى ذلك النوع من الروايات الواقعية التي تعتمد على الوصف الدقيق سواء للمكان أو للشخصيات، لدرجة أن صاحب رواية "زوج بغال" يكتب ذلك الوصف ببطء شديد قد يجعل نوعا من القرّاء يشعر بأنه يرى المكان والشخصيات خلال القراءة، وقد تدفع بنوع آخر من القراء إلى الملل والتساؤل عن سبب هذه الإفاضة في الوصف
تدور الرواية في زنقة الطليان بمدينة عنابة القديمة في الجزائر ، عن الفساد الإداري و قضية ترحيل سكان المنطقة بالقسر لأغراض اقتصادية ..
تحكي عن قصص مجموعة من الشخصيات و هي شخصيات مهمشة في المجتمع من زوايا مختلفة ، فكل شخصية تتحدث بطريقة المونولوج فتبدأ بدلال التي وجدتها مضطربة نفسيا ، ترجع كل مشاكلها لعقد الطفولة و تعلق كل مساوئها على شماعات الآخرين ،، ثم جلال الجورناليست و نونو الارتست و نجاة المسترجلة و بعض الشخصيات الأخرى كلٌ منها يحكي من زاويته الخاصة �
تطرقت الرواية لجلسات تحضير ارواح او ماشابه في طقوس صوفية.. للأمانة لم أستوعب الصورة بشكل واضح لكن هذا ما فهمته..
اللغة جميلة و واضحة مع استخدام بعض المصطلحات التي يتميز بها كتاب المغرب العربي و إدخال العامية الجزائرية في الحوارات مما أضفى عليها طابع خاص ..
هي رواية كاشفة لما ينوء به المجتمع الجزائري العميق، من ارتدادات وتناقضات، وترهلات وهشاشة... يحاول الكاتب من خلالها تسليط الضوء على الشرائح الاجتماعية المهمشة، ليجعل من أصحابها أبطالا داخل أسوار النص. لغة النص حسنة على وجه العموم، لكن ما لم يرق إعجابي هو السرد النمطي الذي تم بوتيرة خطية بسيطة جدا، لا تستند على مقومات الحبكة الفنية... خاصة لما يغالي الكاتب في وصف المشاعر والأحاسيس بطريقة السارد الخبير الذي يفقه كل شيء، حيث يشعرك بأنه يتحدث بدلا عن الأبطال أنفسهم، إنها الطريقة الكلاسيكية التي عفى عنها الزمن...
رواية جزائرية بدون عشرية الدم و بدون ارهاب و جهاد رواية عن المهمشين و الفقراء و المعدمين السرد والأسلوب في الرواية بسيط جدا و عادي جدا و لم اري فيها اي تميز علي مستوي الألفاظ و تركيب الجمل مقارنة بكثير مما كتب من روايات عن عالم المهمشين هي في ذيل الترتيب إلا أنها تبقي محاولة جيدة
رواية "زنقة الطاليان" و دهشة السرد: تفوح من رواية "زنقة الطاليان" رائحة عنابة العذراء لولا البحر ، إذ ينتقل بنا الكاتب الجميل بومدين بلكبير بين أزقتها العتيقة و الحديثة في تخاطب تاريخي مؤسف ،فأزقة عنابة القديمة التي تنعشك بطلاء الندى و صخور القرون التي حملت هموم اناس لم نعاصرهم ،سبقنا الزمان إليهم و لم يسبقنا الألم ،فنحن في الألم نتشابه ،و في الخيانة نتشابه و في الحب نتشابه كما في الفراق أيضا ،زنقة الطاليان التي لم تحم أبناءها من عمامة بارونات جائرة ، فسحقت الجورناليست جلال عندما قتلته شابا، فداها بصدره و سترته ليموت جائعا مضربا عن الطعام ، جلال الذي مثل الضمير الحي المثقل بالوعي السياسي و التاريخي و الاجتماعي ،عادةً هؤلاء هم أكثرنا دفعا للضريبة و أقسانا حياة ،فكلما وعيت أكثر كلما ��زددت حزنا و شقاء ،جلال الذي يتنفس السجائر لتنفض هواءات زنقة الطاليان رئيتيه ،حرقة كبيرة أن تعلن الحب لمدينتك لكنها في المقابل تعلنك حربا تموت جوعا و ألما و مع ذلك تبقى وفيا لجرحك وحدك.. هاهي زنقة الط��ليان تحتفي بالقطط ،قطط قضت على نجاة التي حبتها بالحب ،فالتهمتها عندما جاعت و محقت الخير كله ،القط مينوش في الضفة الأخرى تعتني بجلال و تحبه و تلتهم أسراره ،لتقوم دلال _التائهة_ ببيعها لل_شنوي_ الذي بنى الجزائر و حطم العالم بالكورونا . يتمكن السارد المبدع بومدين من وصف عنابة ليجعلها بين يديك كعجينة كلما ضغطتها ،تفتقت بين أصابعك لتشعرك بليونتها و شراستها في آن واحد ،ينقلنا المبدع بلكبير في وصفه لعنابة إلى حياة الرواية الحقيقية ،فمنذ مدة طويلة تاع جد في الرواية الجزاىرية شيئا من السيناريو بعيدا عن السرد ،لكن السرد و الوصف خياران ثابتان عند الدكتور وليد الذي انتصر للرواية في عمله الثالث زنقة الطاليان الصادر عن دار الاختلاف و الضفاف ،بعد زوج بغال و خرافة الرجل القوي . الشخوص في زنقة الطاليان شخوص تقترب للحقيقة منها للغموض ، فالكاتب ابتعد عن فكرة تجريد الفرد الجزائري من هويته ،إلى توثيق شخوصه بالاسم و اللقب و أن معاناتنا الفعلية هي كوننا نحارب ماهو موجود لا ما هو غيبي ،و نصارع تشابكاتنا بوضوح ،بوطنيتنا و خيانتنا و سوء تقديرنا و عبثنا أحيانا كثيرة ..فتنوعت الشخوص من دلال المرأة التائهة بماضيها المختلط بين أسرة مجحفة و زوج بارد و ابن مشرد ،فهمت حياتها متاخرا جدا ،و عرفت حب جلال الجورناليست متأخرا مثلما فهمنا حب الوطن متاخرين .. ما يقدمه الشخوص هنا بوصفهم واجهة ثانية لعملتنا المشردة ،كوطن لا يدرك أبناءه ،تقوم زنقة الطاليان بطردهم جميعا ،جلال إلى السحن ثم مات مضربا عن الطعام لأن بارونات اللمصالح أفضت إلى هدم الزنقة بدعوى أنها آيلة للسقوط ،فتفوز البارونات و ينهزم التاريخ أمامها و يموت جلال مثلما نجاة مثلما تجردت دلال من خبراتها و كل ما امتلكت ..لتصبح مشردة بين ازقة عنابة الساحرة غالبا و المظلمة في عيون المغبونين .. رواية تستحق الفوز ،أرجو لها التوفيق و الاستمرارية خديجة قاسمي الحسني