نبذة الناشر: يتحدث عن الحاضر والتاريخ والمستقبل فيبدأ بأنشودة رمزية لكل من ذلك، ليرسم لنا بعدها دور الأبطال السياسة والفكرة الوثنية، وينقلنا من التكديس إلى البناء ويحدثنا عن شروط الدورة الخالدة وعناصرها وتوجيهها ومبدئها الأخلاقي وذوقها الجمالي في بناء الحضارة، والاستعمار والشعوب المستعمرة والمعامل الاستعماري ومعامل القابلية للاستعمار.
مالك بن نبي (1905-1973م) الموافق ل(1323 هـ-1393 هـ) من أعلام الفكر الإسلامي العربي في القرن العشرين يُعدّ المفكر الجزائرى مالك بن نبي أحد رُوّاد النضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين ويُمكن اعتباره امتدَادًا لابن خلدون، ويعد من أكثر المفكرين المعاصرين الذين نبّهوا إلى ضرورة العناية بمشكلات الحضارة كانت جهود مالك بن نبي في بناء الفكر الإسلامي الحديث وفي دراسة المشكلات الحضارية عموما متميزة، سواء من حيث المواضيع التي تناولها أو من حيث المناهج التي اعتمدها في ذلك. وكان ابن نبي أول باحث يُحاول أن يُحدّد أبعاد المشكلة، ويحدد العناصر الأساسية في الإصلاح، ويبعد في البحث عن العوارض، وكان كذلك أول من أودع منهجًا مُحدّدا في بحث مشكلة المسلمين على أساس من علم النفس والاجتماع وسنة التاريخ"
" إن مشكلة كل شعب هي في جوهرها مشكلة حضارته و لا يمكن لشعب أن يفهم أو يحل مشكلته ما لم يرتفع بفكرته إلى الأحداث الإنسانية و ما لم يتعمق في فهم العوامل التي تبني الحضارات "
هذا الكتاب يقدم نظرة شخص عايش مشكلات عصره و سعى جاهدا لإيجاد حلولها .. هي نظرة مختلفة من زاوية مختلفة و بمقاييس مختلفة أيضا ألقاها المفكر من منظور الحضارة .. مشكلاتها ، مقوماتها و شروطها . و إنك لتلمس عبقرية هذا المفكر الفذة و أنت تقرأ في الصفحات الأولى ، فهو يعالج أمورا تتجاوزها الأغلبية الغالبة من الناس و لا تقف عندها بطريقة دقيقة واضحة ، و إنني أكاد أجزم أننا لو عرفنا اليوم و على وجه الدقة مكاننا من دولاب الحضارة و طبقنا بشكل سليم شروط النضة هذه لتخلصنا من أزماتنا التي باتت تضيق الخناق علينا و لارتقينا في سلم الحضارة . سأحاول في مراجعتي هذه أن أعطي نظرة عامة عن فحوى الكتاب من خلال ذكر أهم النقاط و الأفكار التي جاءت فيه بشكل مبسط .
__________________________
الوثنية " إذا كانت الوثنية في نظر الإسلام جاهلية فإن الجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكارا بل ينصب أصناما " و من هذه الوثنية ، تقديس الرجل الواحد و الزعيم الذي سيخلص الأمة من شؤم الاستعمار و التخلف و الإيمان بأفكار هي ليست من الفكر مصدرها عقول جاهلة ، فهي ليست بالأفكار و إنما هي مجرد أوثان .
الحقوق و الواجبات " لقد أصبحنا لا نتكلم إلا عن حقوقنا المهضومة و نسينا الواجبات ، و نسينا أن مشكلتنا ليست فيما نستحق من رغائب بل فيما يسودنا من عادات و ما يراودنا من أفكار " " فالحق ليس هدية تعطى و لا غنيمة تغتصب ة إنما هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب ، فهما متلازمان و الشعب لا ينشئ دستور حقوقه إلا إذا عدل وضعه الاجتماعي المرتبط بسلوكه النفسي " فالكاتب يرى أنه على الشعوب بدل القعود عن العمل و المطالبة بحقوقها أن تنظر وتهتم أكثر بما عليها من واجبات و على البلاد أن تكون ورشة للعمل المثمر بدل أن تكون سوقا للخطب النارية و الكلام الفارغ الذي لا يفيد .
الحضارة هي مجموعة العلاقات بين المجال الحيوي حيث ينشأ و يتقوى هيكلها و بين المجال الفكري حيث تولد و تنمو روحها ، مقياسها العام يتمثل في تلك لمنتجات التي تلدها بنفسها.
حضارة التكديس " إن العالم الإسلامي يعمل منذ نصف قرن على جمع أكوام من منتجات الحضارة أكثر من أن يهدف إلى بناء حضارة . و قد تنتهي هذه العملية ضمنا إلى أن نحصل على نتيجة ما ، فكوم ضخم من المنتجات المتزايدة يمكن أن يحقق على طول الزمن و من دون قصد ( حالة حضارة ) ، و لككنا نرى فرقا شايعا بين هذه الحالة الحضارية و بين تجربة الحضارة المخططة
معادلة الحضارة إنسان + تراب + وقت = حضارة ( يقصد بالتراب المادة ) على أن هذه المعادلة لن تتحقق إلا بوجود مركب الحضارة ، أي العامل الذي يؤثر في مزج العناصر الثلاثة بعضها ببعض و هي " الفكرة الدينية " و عليه فإن مشكلة الحضارة تتحلل إلى ثلاث مشكلات أولية : مشكلة الإنسان + مشكلة التراب + مشكلة الوقت و بالتالي فإن حلها متصل بتوجيه الفرد في ثلاث نواحي : توجيه الثقافة + توجيه العمل + توجيه رأس المال . و التوجيه هو تجنب الإسراف في الجهد و الوقت ، أي إدارة ملايين السواعد و العقول في أحسن الظروف الزمنية و الإنتاجية لتحريك مجرى التاريخ نحو الهدف المنشود . أما توجيه الثقافة فهو يشتمل على : � التوجيه الأخلاقي بتكوين الصلات الاجتماعية � التوجيه الجمالي لتكوين الذوق العام � توجيه المنطق العملي لتحديد أشكال النشاط العام � توجيه الفن التطبيقي أي الصناعة بمفهومها الواسع ، تلك الصناعة الوجهة للمحافظة على كيان المجتمع و استمرار نموه
دورة الحضارة تضم ثلاث مراحل : مرحلة الروح ، العقل ثم الغريزة تبدأ الدورة عندما تدخل فكرة دينية معينة مجتمعا ما فيدخل المجتمع طور النضة الصاعدة حيث تطغى القيم الروحية على أفراده ، ثم تنتقل إلى المرحلة الثانية : مرحلة انتشار الحضارة وتوسعها حيث تطغى الاعتبارات العقلية على حساب القيم الروحية فتبدأ الفاعلية الاجتماعية للفكرة الدينية بالنقصان يترجمها انخفاض مستوى أخلاق المجتمع ، أين تواصل الغريزة مكبوحة الجماح بيد الفكرة الدينية سعيها إلى التحرر إلى أن تتحرر فعلا مع بداية المرحلة الثالثة : مرحلة الأفول ، هنا تنتهي الوظيفة الاجتماعية للفكرة الدينية فينحل المجتمع تماما . كما نميز وجود إنسان ما قبل الحضارة و إنسان ما بعد الحضارة . الأول إنسان فطري طبيعي يتميز باستعداده التام للدخول في دورة الحضارة على عكس الثاني ، الإنسان المنحل خلقيا الذي لم يعد قابلا لإنجاز عمل متحضر إلا إذا تغير هو نفسه عن جذوره الأساسية .
" يتحتم علينا في حل مشكلاتنا الاجتماعية أن ننظر مكاننا من دور التاريخ و أن ندرك أوضاعنا و ما يعترينا من عوامل الانحطاط و ما ننطوي عليه من أسباب التقدم . فإذا ما حددنا مكاننا من دورة التاريخ سهل علينا أن نعرف عوامل النضة أو السقوط في حياتنا " السؤال الذي يطرح نفسه هنا . هو كيف يتم هذا التحديد ؟ يتم هذا التحديد بطريقتين : � طريقة سلبية تفصلنا عن رواسب الماضي � طريقة إيجابية تصلنا بمقتضيات المستقبل الحضارة الاسلامية جاءت بهذين التحديدين مرة واحدة ، فالقرآن الكريم نفى الأفكار الجاهلية البالية ثم رسم طريق الفكرة الإسلامية الصافية التي تخطط للمستقبل بطريقة إيجابية .
المعامل الاستعماري : معامل خارجي و هو عامل سلبي يفرضه الاستعمار على حياة الفرد بالانقاص من قيمته و تحطيم قواه الكامنة فيه .
معامل القابلية للاستعمار : معامل داخلي ينبعث من باطن الفرد الذي يقبل على نفسه الصبغة الاستعمارية و السير في الحدود الضيقة التي رسمها الاستعمار و حدد له فيها حركاته و أفكاره .
خير ما أختم به مراجعتي هذه المقولة التي أرى أنها لخصت معظم أفكار الكتاب : " إن الحضارة ليست أجزاء مبعثرة ملفقة و لا مظاهر خلابة و ليست الشيء الوحيد ، بل هي جوهر ينتظم جميع أشيائها و أفكارها و روحها و مظاهرها و قطب يتجه نحو تاريخ الإنسانية "
________________
ذكرت هنا تلك الأفكار التي بدت مهمة و لولا أنني خشيت أن أطيل أكثر من هذا لكتبت المزيد .. فأفكار الكتاب كلها قمة في الروعة و ينبغي دراسة كل واحدة منها على حدى خمس نجمات للتنظيم و الدقة في الطرح و للعبقرية المختزلة بين هذه الصفحات تم بحمد الله 20/07/2017
يقول أحد الأصدقاء : إذا تكلم مالك في النضة والحضارة .. فليس للبقية إلا يتتلمذوا فحسب !
بمعادلة بسيطة جدا : إنسان + تراب + وقت = حضارة
من الكلمات التي أعجبتني في الكتاب : في جميع الأحوال, نجد أن الإيمان هو الذي مهد الطريق للحضارة ومن الكلمات أيضا : وليس ينجو شعب من الاستعمار وأجناده, إلا إذا نجت نفسه من أن تتسع لذل المستعمر, وتخلصت من تلك الروح التي تؤهله للاستعمار
وبصراحة أفتخر بقراءة هذا الكتاب, وأشكر مشاري الغامدي لأنه نصحني به
يتحدث الكتاب في بداية الكتاب عن الماضي والحاضر والمستقبل قائلاً: ما الحضارات المعاصرة والضاربة في ظلام الماضي والمستقبلة إلا عناصر للملحمة الإنسانية منذ فجر القرون إلى نهاية الزمن فهي حلقات لسلسة واحدة ، هكذا تلعب الشعوب دورها وكل واحد منها يبعث ليكون حلقته في سلسلة الحضارات، حينما تدق ساعة البعث معلنة قيام حضارة جديدة ومؤذنة بزوال أخرى ومن عادة التاريخ ألا يلتفت للأمم التي تغط في نومها وإنما يتركها لأحلامها التي تطربها حيناً وتزعجها حيناً آخر ولكن التاريخ يقرر أن الشعب الذي لم يقم برسالته أي بدوره في تلك السلسلة ما عليه إلا أن يخضع ويذل.." أما في الماضي فقد كانت البطولات تتمثل في جرأة فرد ، لا في ثورة شعب ، وفي قوة رجل لا في تكاتف مجتمع ، فلم تكن حوادثها تاريخاً بل كانت قصصاً ممتعة ولم تكن صيحاتها صيحات شعب بأكمله وإنما كانت مناجاة ضمير لصاحبه لا يصل صداه إلى الضمائر الأخرى فيوقظها من نومها العميق.
ثم يتحدث عن الوثنية قائلاً: وإذا كانت الوثنية في نظر الإسلام جاهلية فإن الجهل في حقيقته وثنية ، ومن سنن الله في خلق أنه عندما تغرب الفكرة يبزغ الصنم، والعكس صحيح أحياناً
ثم يأتي على ذكر "الدراويش " وما صنعوه في الفترة التي انتشروا بها وهم فئة من الناس كفّت عن العمل وعن كل شيء واتجهت للعبادة : ثم زالت عن البلاد حمى الدراويش ولقد ذهبت بذهابهم تلك الجنة التي وُعِدَها المريدون بلا كد ولا عمل إلا ما يتلمسون من رضا الشيخ ودعواته وحلت مكانها جنة الله التي وعدها المتقين العاملين
ثم يدخل في حديث الحضارة ويقول في حديثه عن الحكومة وعن الاستعمار: الحكومة مهما كانت ما هي إلا آلة اجتماعية تتغير تبعاً للوسط الذي تعيش فيه وتتنوع معه فإذا كان الوسط نظيفاً حراً فما تستطيع الحكومة أن تواجهه بما ليس فيه وإذا الوسط كان متسماً بالقابلية للاستعمار فلا بد أن تكون حكومته استعمارية وليس ينجو شعب من الاستعمار وأجناده إلا إذا نجت نفسه من أن تتسع لذل مستعمر، وتحلصت من تلك الروح التي تؤهله للاستعمار ، يجب أن ندخل في اعتبارنا دائماً صلة الحكومة بالوسط الاجتماعي كآلة مسيرة له وتتأثر به في وقت واحد وفي هذا دلالة على ما بين تغير النفس وتغير الوسط من علاقات اجتماعية
مشكلة الحقوق والواجبات: لقد أصبحنا لا نتكلم إلا عن حقوقنا المهضومة ونسينا الواجبات ونسينا أن مشكلتنا ليست فيما نستحق من رغائب بل فيما يسودنا من عادات وما يراودنا من أفكار وفي تصوراتنا الاجتماعية بما فيها من قيم الجمال والأخلاق وما فيها أيضاً من نقائص تعتري كل شعب نائم
المقياس العام في الحضارة: إن المقياس العام في عملية الحضارة هو أن "الحضارة هي التي تلد منتجاتها" وسيكون من السخف والسخرية حتماً أن تعكس هذه القاعدة حين نريد أن نصنع حضارة من منتجاتها ومن البين أن العالم الإسلامي يعمل منذ نصف قرن على جمع أكوام من منتجات الحضارة أكثر من أن يهدف إلى بناء الحضارة
تركيب الحضارة: وكما هو مشا��د في التجربة الخالدة للياباتن من عام 1886 إلى 1905 انتقلت من بادرة الحضارة إلى الحضارة الحديثة فالعالم الإسلامي يريد أن يجتاز نفس المرحلة بمعنى أنه يريد إنجاز مهمة تركيب الحضارة في زمن معين ولذا عليه أن يقتبس من الكيماوي طريقته فهو يحلل أولاً المنتجات التي يريد أن يجري عليها بعد ذلك عملية التركيب وأما العالم الإسلامي دخل إلى صيدلية الحضارة الغربية طالباً الشفاء ولكنه كان يجهل المرض والدواء ونقطة هامة ، هي أن للتاريخ دورة وتسلسل ولذا تحتم علينا في حل مشكلاتنا الاجتماعية أن ننظر مكاننا من دورة التاريخ وأن ندرك أوضاعنا وما يعتورنا من عوامل الانحطاط وما تنطوي عليه من أسباب التقدم وإذا نظرنا إلى الأشياء من الوجهة الكونية فإننا نرى الحضارة تسير كما تسير الشمس فكأنها تدور حول الأرض مشرقة في أفق هذا الشعب ثم متحولة إلى أفق شعب آخر
وأما تركيب الحضارة فهو: الحضارة = إنسان + تراب + وقت
ولكن وجود هذه العناصر لوحده لا يكفي فلا بد أن يجمعها عنصر ما ألا وهو الفكرة الدينية
وتوضيح ذلك: لا يتاح لحضارة في بدئها رأسمال إلا ذلك الرجل البسيط الذي تحرك والتراب الذي يمده بقوته الزهيدة حتى يصل إلى هدفه والوقت اللازم لوصوله وكل ما عدا ذلك من قصور شامخات ومن جامعات وطائرات ليس إلا من المكتسبات من العناصر الأولية ، والمجتمع الإنساني يمكنه أن يستغني وقتاً ما عن مكتسبات الحضارة ولكنه لا يمكنه أن يتنازل عن هذه العناصر الثلاثة والفكرة الدينية تحل لنا مشكلة نفسية اجتماعية ذات أهمية أساسية تتعلق باستخدام الحضارة بالمجتمع لا يمكنه مجابهة الصعوبات التي يواجه بها التاريخ كمجتمع ما لم يكن على بصيرة جلية من هدف وجوده
ويضع الكاتب تسلسلاً زمنياً لأطوار الحضارة : في المدنيات الإنسانية تبدأ الحلقة الأولى بظهور فكرة دينية ثم يبدأ أفولها بتغلب جاذبية الأرض عليها بعد أن تفقد الروح ثم العقل. ذلك هو منحني السقوط الذي تخلقه عوامل نفسية أحط من مستوى الروح والعقل وطالما أن الإنسان في حالة يتقبل فيها توجيهات الروح والعقل المؤدية إلى الحضارة ونموها فإن هذه العوامل النفسية تختزن بطريقة ما فيما وراء الشعور، وفي الحالة التي تنكمش فيها تأثيرات الروح والعقل تنطلق الغرائز الدنيا من عقالها لكي تعود بالإنسان إلى مستوى الحياة البدائية
العادات البالية: وإنه ليجب بادئ الأمر تصفية عاداتنا وتقاليدنا وإطارنا الخلقي والاجتماعي مما فيه من عوامل قتالة ورمم لا فائدة منها حتى يصفو الجو للعوامل الحية والداعية إلى الحياة والحضارة الإسلامية قامت بذلك فالقرآن الكريم نفى الأفكار الجاهلية البالية ثم رسم طريق الفكرة الإسلامية الصافية التي تخطط للمستقبل
شرح عنصر الإنسان: هو أن حل مشكلة الإنسان يتكامل في ثلاثة عناصر أساسية هي توجيه الثقافة وتوجيه العمل وتوجيه رأس المال
الثقافة: هي ليست علماً يتعلمه الإنسان بل هي محيط يحيط به وإطار يتحرك داخله يغذي الحضارة في أحشائه فهي الوسط الذي تتكون فيه جميع خصائص المجتمع المتحضر وتتشكل فيه كل جزئية من جزئياته تبعاً للغاية العليا التي رسمها المجتمع لنفسه وهي تتضمن العادات المتجانسة والعبقريات المتكاملة والأذواق المتناسبة والعواطف المتشابهة وهي الجسر الذي يعبره المجتمع إلى الرقي والتمدن والحاجز الذي يحفظ بعض أفراده من السقوط من فوق الجسر إلى الهاوية
المنطق العملي: الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة ولكن منطق العمل والحركة فهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً
رأس المال: هو في جوهره "المال المتحرك" وهو مجرد لا ينسب إلى صاحب وعليه فإن توجيه رأس المال يكون أولاً بالكيف أي بتحريكه ، وليس بكميته لأن ذلك مرحلة أخرى من الشمول والعلاقات الاقتصادية العالمية ،فالقضية ليست في تكديس الثروة بل في تحريك المال
وقفة عند عامل الوقت: الزمن نهر قديم يعبر العالم منذ الأزل ولكنه نهر صامت حتى إننا ننساه أحياناً وتنسى الحضارات في ساعات الغفلة أو نشوة الحظ قيمته التي لا تعوض
يرى مالك بن نبي في كتاب "شروط النضة" أن الصحابة عاصروا في بداية الرسالة مرحلة صعود جبار لروح النضة، فلم يكن هناك أحد قادر على الوقوف في وجه رسالتهم. وفي معركة صفين بدأت مرحلة الخمول عندما قاتل بعضهم بعضا، فانتقلت الفعالية من الروح الصاعدة إلى العقل الذي يحافظ على مكتسباته، وبعد سقوط الموحدين أخذ المنحنى البياني بالانحدار حيث تتراجع الروح والعقل معا. هذا ما نشهده حاليا في عصر الثورات، حيث تبدأ الثورة بروح عالية لا يمكن لقوى الأرض كلها أن تخمدها، ثم يتقاتل الثوار فيما بينهم ويحافظون بصعوبة على مكتسباتهم، وما لم ينجحوا في حل مشاكلهم وإنهاء الثورة والقتال لصالحهم -أو حتى عند النقطة التي وصلوا إليها- فستبدأ مرحلة الهزيمة، وقد يخسروا كل شيء.
"إنّ من الواجب ألّا توقفنا أخطاؤنا عن السير حثيثًا نحو الحضارة الأصيلة، توقفنا خشية السخرية أو الكوارث، فإن الحياة تدعونا أن نسير دائمًا إلى الأمام، و إنما لا يجوز لنا أن يظل سيرنا نحو الحضارة فوضويًّا يستغله الرجل الوحيد، أو يضلله الشيء الوحيد، بل فليكن سيرنا علميًّا عقليًّا، حتى نرى أنّ الحضارة ليست أجزاءً مُبعثرة مُلفقَّة و لا مظاهر خلّابة و ليست الشيء الوحيد، بل هي جوهر ينتظم جميع أشيائها و أفكارها و روحها و مظاهرها، قطب يتجه نحو تاريخ الإنسانية."
" ( إنّ الحقوق تُؤخذ و لا تُعطى )! لحاها الله كلمة تطرب و تغري، فالحق ليس هديةً تُعطى، و لا غنيمة تُغتصب، و إنما هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب، فهما متلازمان، و الشعب لا يُنشئ دستور حقوقه إلا إذا عدَّل وضعه الاجتماعي المرتبط بسلوكه النفسيّ. و إنها لشرعة السماء: غيِّرْ نفسك، تُغيِّرْ التاريخ!"
أُصنف المستوى الاقتصادي و الاجتماعي الذي أنتمي إليه بالمستوى المتوسط، و لذلك تُتاح لي دائمًا فرصة التأمل الشامل لأغلب التغييرات التي يخضع لها مجتمعي، المصري المسلم الشرقي الخاضع للكثير من العوامل المُؤثرة، و كوني طالبة جامعية في أكثر الجامعات المصرية الحكومية سعةً، فإنني أختلط بشرائح كثيرة و مختلفة طيلة يومي، سواء في الجامعة أو في وسائل المواصلات أو حتّى في أماكن الترفيه المُخصصة لمن في مستوايْ.
و أنا منذ فترة ليست بالقريبة، أصبحت أشغل جلّ وقت فراغي في التأمل، أصبحت أتامل و أنظر كأنّي مشاهدة لعرض مسرحي أمامي، و لم أستطع منع نفسي من التفكير أن الناس أصبحوا نسخةً واحدة، يشتهون نفس الطعام، يريدون شراء نفس طراز الملابس الخاضع للصيْحات الجديدة، يحلمون بارتياد نفس الكليات الجامعية، يستخدمون هواتف بمعايير متماثلة، يبنون الأحلام للزواج من رجال و نساء لهم نفس المواصفات، أصبح الجميع يتجه في طريق واحد، هذا الطريق كنت قديمًا أُطلق عليه لقب، " ابقى زي فلان "، و لكن بعد قراءة هذا الكتاب أصبح طريق " الاستعمار ".
لا أستطيع الجزم أنّي بمنأى عن هذا، بل للأسف أُضطر للانخراط في أوساط و ظروف لا أنتمي إليها و لا تُعبر عنّي، و حينذاك، ينتابني الندم و الشعور كما لو أنّي أصبحت عبدةً لأفكار لا تُعبّر عن هويتي و لا ذاتي الفعلية، ما أريد أن أوضحه هو أن المجتمع العربي بشكل عامٍ و ليس في مصر فقط، أصبح كائنًا يشبح وحش ماري شيللي في فرانكشتاين، لا تستطيع أن تفهم عند التفكير في أحوال كل بلد عربية، كيف آل الوضع إلى مثل هذا القُبح؟ إن الجميع أصبحوا في أقل من لحظة ينسلخون من أصلهم و فكرهم العربيّ، حتى يلحقوا بركاب الآخرين، الغرب؟ الأمريكان؟ لا أعلم، و لكن الهوية الحضارية للعرب، تلفظ أنفاسها الأخيرة، و نحن نغض عنها الطرف، متناسين أن الأجيال القادمة ستقع في مأزق كبير بسبب ما نفعله الآن.
الكتاب الذي كُتِب في بدايات النصف الثاني من القرن العشرين، على يد مفكر جزائري، يتحدث عن ألمه مما آل إليه المجتمع العربي في عصره! لا أعلم لو كان حيًّا بيننا الآن، ماذا سيكون قوله عمّا نفعله و نقوله؟ لم أكن على علم كبير بمالك بن نبي، بل إني ظننته مغربيًّا، ثم بمحض الصدفة، وجدت له هذا الكتاب عند أحد باعة الكتب في الجامعة و بمبلغ زهيد، فرأيتها فرصةً لا تُعوض و بادرت بشرائه، و عندما شرعت في قراءته، لم أجد نفسي إلا و الغضب يشتط بي، و أتذكر كل ما كان يسترعي انتباهي من التشويه الذي يأكل جسد حضارتنا العربية.
إنّ الكتاب و بلغةٍ أدبية أكثر منها فكرية فلسفية، يتحدث عن الشروط التي يراها الكاتب كافيةً لقيام ( النضة) و لكنّي أعيب على الكاتب هذا الاستخدام المائع لكلمة النضة، كان من اللازم تحديد السياق المراد بالنضة في عنوان الكتاب، لإن محتوى الكتاب يتحدث عن النضة الإسلامية، و بمعنى أدق، نضة بلاد الشمال الإفريقي المُحتلّ آنذاك من قبل فرنسا، و بالتحديد النضة الجزائرية! نعم لم يضايقني أن يكون الكاتب مستخدما القضية الجزائرية كمحور لحديثه عن النضة، هذه قضية هوية على أية حال، و لا أنكر أنّي كثيرًا سيطر عليّ الجهل و لم أفهم المراد بالضبط، و كان هذا يُعرقل عملية الإفادة القصوى من الكتاب، و لكنّي فقط أطالب بالتحديد الدقيق لمحتوى الكتاب بدل الغوص الأعمى بلا دليل واضح و مُرشِد للميدان المطلوب فيه تحقيق هذا الحديث عن شروط النضة.
يعرض لنا الكاتب شروطه الخاصة بالنضة و بعودة النضة العربية بعد الحديث في العديد من الفصول التمهيدية عن بعض القضايا الخاصة بفكرة النضة ذاتها و تعريفها مثل أثر الفكرة الدينية في تكوين الحضارة، و نظرية دورة الحضارة التي عرضها ابن خلدون، ثم شروط النضة المتمثلة في تركيب أشبه بالتركيبات الكيميائية:
التراب+ الوقت+ الإنسان+ الدين= حضارة.
عندي تحفُّظ كبير حول كلمة " تراب"، رأيتها مجردة أكثر من اللازم، لا أعلم، و لكنّي رأيت أن كلمة الأرض ستكون أكثر موضوعية و توضيحًا، كما أن كلمة الوقت لم تُعبّر بشكل واضح عن المراد، أيُّ وقت؟ الوقت الفعلي بمعنى الزمن؟ أم الوقت التاريخي بمعنى العصور و الأحداث؟ ثم إذا كان الدين بشكل عام هو المُقوّم الأساسي لعملية ��لتمازج بين ثلاثة العناصر الأخرى، فأيُّ دين؟ هل تقصد الدين السماويّ أم الوضعيّ؟
لم يُسهب الكاتب في توضيح الكثير من التفاصيل في هذا الكتاب، و ربما كان قد أكمل الحديث في كتاب آخر، و لكنّي أيضًا انزعجت من كلامه الأبتر في فصل المرأة، أنا لم أستفد كلمة من هذا الفصل، هو فقط عرض المشكلة و ندد بدعاة حقوق المرأة و أصحاب التفكير السلفي المقابل، ثم لا شيء!
نعم لا أنكر أن حديثه عن الاستعمار كان مفيدًا و موضّحًا للكثير الحادث في عصرنا الحالي، خصوصًا فيما يخص الغزو الفكري و الانقلاب الكبير الذي أحدثه التقليد الغبي للتفكير الغربي، و تحّول المدنية الغربية للإمبريالية الضاربة بجذورها للتفكير الروماني القيصريّ، آخر فصلين وضّحا هذا بشكل مُمعِن، كما أني سُعدت عندما رأيت الكاتب يؤمن أن واقعة صفّين كانت الانقلاب الحقيقي في تاريخ الدولة الإسلامية، لإني في كل مرة أدرس فيها هذه الواقعة، أراها التمثيل الحقيقي لضربة القدر التي رسمت طريقًا آخر غيرَ مُتوقع للسياسة الإسلامية.
كتاب جيد و ترجمة ماتعة، و لكنّي توقعت الأكثر و لم أجدْ سوى ما يصلح ليكون مقدمة و ليس كتابًا قائمًا بذاته للأسف.
في معرض الكتاب بالصدفة دخلت دار نشر (إسلامية) فوجدت عرض لمشروع مالك بن نبي , وطبعة جيدة وأسعار زهيدة فاقتنيت مجموعة كتب له , وتشاء الصدف إني في نفس اليوم ألاقي كتب لفرج فودة (كانت في خيمة الهيئة تقريبا ) وكانت أسعارها غالية جدا مقارنة بحجم الكتب (طبعا فرج فودة أعماله لا تقدر بمال ) , لكن الفكرة كلها إننا لازم نعترف بنجاح أبناء المشروع (الإسلامي ) في الترويج لأفكاره و مفكريه .
في معرض نقاش مبسط للغاية عن هذا الكتاب الرفيقة دينا نبيل قالت ما نصه : عنده نظرية -انا شايفاها غبية- عن حتمية الارض للنضة ، الكتاب كله اخوانجى الهوى بشكل واضح , مع إضافة إنها لم تحب الكاتب , وبعد الانتهاء منه , لم أجد الصواب جانبها كثيرًا مع بعض التحفظات .
في معضلة كثيرًا ما أقف عندها : وهي الضعف الدائم أمام العرض المميز للفكرة حتى لو لم أكن من الموافقين عليها , المعضلة دي بتواجههني خاصة أمام أبناء التيار الإسلامي و عرض البعض منهم المميز لأفكارهم , مالك بن نبي من الشخصيات دي , الشخصيات اللي حتى لو كانت (ميول إخوانية) إلا أنك لا تقدر على أن تنكر إعجابك بعرضهم الجيد و كاريزما الفكر الراقي التي تواجهها , بتتمنى حينها أن يكون كل أبناء التيار الإسلامي مثل هؤلاء , والغريب أنك تجد أن مصر مهد مهم لهذا الفكر ولكن تجد أبناء المغرب العربي منهم أصحاب سبق مهم للغاية فيه (ك بن نبي والغنوشي وغيرهم) .
ولكي نكون منصفين : الكتاب مميز للغاية , وعرضه منطقي مبني على إيمان ظاهر من كاتبه , باستهلال أكثر من رائع بإهداء الكتاب لروح الأمير عبدالقادر و الكتابة الراقية عن دوره ودور الأفغاني في إحداث حركة في الشعوب النائمة .
صاحب كل هذا تحكم في الفكرة و الإمساك بتلابيبها لكي تصل بالقارئ لأن يقتنع بها ويتبناها .
مالك بن نبي له نظرية تتلخص في :
حضارة = إنسان + تراب + وقت , وهي النظرية التي قد تختلف مع بعض عناصرها إلى حد ما , بالإضافة إلى رؤيته في ضرورة وجود باعث ديني (وفي حالته يكون باعث إسلامي) لكي تكتمل النضة و عناصرها , وهي أيضا من الأفكار التي قد تختلف معها . ولكن في المجمل , ستجد إفادة كبيرة بعد إنتهاءك من قراءة الكتاب .
من وجهة نظري الكاتب مهتم بقضيته الأم (قضية الجزائر) و حاول الانطلاق من خلالها إلى القضايا الأشمل وهو ما وجدت بعض القصور خلاله , بالإضافة إلى أني وجدته مفكر محلي ولنقل إسلامي فشل في أن يصبغ العالمية على أفكاره ووجدت نفسي أقارن بين طريقة عرضه و طريقة عرض علي عزت بيجوفيتش والذي وجدت كفته راجحة بصورة كبيرة .
في المجمل : بن نبي مفكر رفيع الطراز حتى ولو حصر نفسه في زاوية معينة و أمم بعينها , من المفكرين الذين تجد سلاسة في طريقة تقديمهم للفكرة و إيمان عميق بها مع إخلاص في العرض , مفكر تحترمه بعنف حتى ولو اختلفت مع بعض ما قاله .
بعض الكتب تشعر بغرابة بعد ما تنهيها.. تشعر أنك غير قادر على تحديد موقفك تماما من الكتاب.. ولا تعرف كيف تصيغ رأيك عبر مجرد كلمات.. هذا ماشعرت به تجاه شروط النضة للمفكر مالك بن نبي.. بدءا يبدو أنه لدي بعض المشكلات في فهم منهجية فكر مالك بن نبي.. فقد لاحظت هذا الشعور حين قرأت له أكثر من كتاب.. كنت أظن أنه عند شروط النضة سيكون الأمر مختلف لكن هذا ما حصل مجددا..
على العموم
الكتاب خفيف رغم أهمية الموضوع وعظمه.. كتاب تستطيع أن تقرأه بسهولة ويسر مع وجود بعض المفاهيم التي لم أستطع إدراكها تماما لعدة أسباب
لن أتحدث عن ماتناوله الكتاب من فصول فهذا أمر تطرق له الكثير من القراء.. لكني سأختصر وأقول أن مالك بن نبي ربما هو من أوائل من كتبوا في النضة على هذا القدر من الحرفية والدراسة والتحليل مع الموضوعية. فيتبين للقارئ دراسته للموضوع بشكل مكثف والخروج بقوانين ومعادلات مكونة من عناصر .. هذه المعادلات بحد ذاتها تتوافق مع لغة هذا العصر لغة العلم.. فهو ان صح التعبير يقدم النضة كعلم له قوانين وشروط ويدرسها ويحللها إلى مركبات وعناصر.
يخلص مالك في هذا الكتاب أن الحضارة عبارة عن انسان + تراب + وقت وأن الانسان هو إما رجل القلة أو رجل الفطرة.. رجل الفطرة المؤهل للمضي في طريق الحضارة أكثر من رجل القلة ( تفسيره رائع وأري أنه واقعي جدا جدا ومنطقي ) فلذلك أنا أشعر أن مالك متفرد بهذه النظريات التي لم تطرق قبل في كتابات الاسلاميين عن النضة
أعجبني في شروط النضة ضربه لأمثله موازيه علمية.. كمركب الحضارة مقابل مركب الماء - وظيفة الثقافة مقابل وظيفة الدم.. هذه التشبيهات والتوضيحات جعلت إدراك الموضوع أثبت وأسهل وأجدى أعجبني أيضا البعد التحليلي في قضية بلال بن رباح حين عبر عنها بصوت الغريزة وصوت الروح. ومتى يسكت صوت الغريزة لينتصر صوت الروح
ما لم يعجبني في الكتاب هو ارتباطه الزائد بتجربة الجزائر مما يفقدني إدراكي لكثير من الأمور، أيضا كنت أحبذ أن يكون الحديث عن نضة اسلامية عامة وليست نضة جزائر كما يخصصها بعض الاحيان.. أنا أفهم أن اقتباس من تجربته الشخصيه ومحيطه الوطني والسياسي شيء جيد ومحتوم.. لكن لا أعلم لم شعرت أنه لاينفك عن الجزائر كمركز لحديثه
في بعض الأحيان أشعر باختلاف مستوى فكري معه.. ليس من ناحية أرفع أو أنزل.. لكني أشعر أنه يدور في فلك آخر.. ربما اختلاف الزمن أشعرني بذلك.. لكني فعلا لو لم أقرأ مشروع النضة لجاسم سلطان ومولفات عديدة عن النضة واكتفيت بهذا الكتاب فأعتقد أني لن أجد ضالتي..
هل يستحق الكتاب كل ماسمعت عنه ؟ يستحق لكون فكر مالك بن نبي جاء كالتغيير الجذري في فكر الاسلاميين للنضة.. يستحق لكونه طرح النضة بأسلوب غير الرجوع للدين والعكوف علي العلما لشرعي يستحق لكونه يقدم النضة كحتمية للخلاص من كل مشاكلنا.. لكن جزء مني لازال يعتقد أنه إن لم أقرأ هذا الكتاب فسأستطيع أن أعرف عن النضة مايسد رمقي بالعديد من الكتب.. يعني بالعامي - ماراح يفوتني شي كثير - رأي شخصي لاأكثر..
"وجملة القول أن الوسيلة إلى الحضارة متوفرة ما دامت هنالك فكرة دينية تؤلف بين العوامل الثلاثة:الإنسان والتراب والوقت لتركب منها كتلة تسمى في التاريخ (حضارة) " :))
أجمع الغالبية على أن من عليه القراءة لمالك بن نبي فليبدأ بهذا العمل... وانا كقارئة له للمرة الأولى أرى العكس أن هذا الكتاب يحتاج افكارا سابقة ومعرفة شمولية بالكاتب وبعض افكاره .
كوني جزائرية أعطاني بعض الأريحية والتميز وانا اقرأ مشكلات داست شعب بلدي وارضه وبعض الحلول النظرية للنهوض بهذا الشعب الذي أنهكه السبات.. الا أن الأمر ليس بهذه العظمة فأنا اريد أن ارى العالم ينهض ،أن ارى منابت العوائق في العالم أجمع ،ان نستأصل أورام الأمم لا أمة واحدة فقط.
بالعودة الى أفكار الكتاب: *على رأسها أن تغيير وطرح عباءة التخلف يبدأ بالنفس، التي للاسف تجاوزنا الألفية ومازالت كل نفس تلقي باللوم على أختها،رغم ان كل فرد مليء بالعيوب التي لا يحاول اصلاحها على زعم أنها لا تؤثر بالمجتمع وهذا خطأ. *أن الدعامة الاولية للنضة لا تحتاج الا عناصر ثلاثة هي الانسان والوقت والتراب بعيدا عن أي عوامل مساعدة، فمتى توفرت هذه الأجزاء تستطيع القول أنك مهيأ للإنطلاق.
الكتاب مليء بالافكار الجديدة التي لابد من الإطلاع عليها، الا أني اعتقد أنها كانت تحتاج مزيدا من الإيضاحات.
قيمةٌ هي الكتب التي تدفعك لقرائتها مرارًا، تلاحقك أفكارها وتؤرقك حتى تُرقدها بسلام في سطور تختزل القليل القليل من روعتها، بداية أشاد مالك بن نبي بمكانة الكلمة كونها المصب الإنساني في قالب الفكرة والتي منحها الهالة الدينية، كما في الحضارة الإسلامية و المسيحية ولكنه لا يستثني قيام حضارات على محرك ودافع غيبي حل محل الفكرة الدينية مثل الحضارة البوذية والبراهمية، و أعطى مثال لتعرض هذه الفكرة الدينية أو الغيبية في بعض الحضارات لانتفاضات قوية مما أدى لانفصالها عنها وتكوينها شبه حضارات مستقلة - إن لم يكن من الأفضل نعتها بالظاهرة الإجتماعية- كالشيوعية والتي قد يتساءل البعض عن أي فكرة دينية انبثقت؟ وهي كما يرى مفكرنا الجزائري شكلت مأزق للفكرة الدينية في الحضارة المسيحية، وهو ما عبر عنه في كتابه مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي بالتطرف الذي يشوب الفكرة الدينية، حضارتنا الإسلامية قامت على ضوء الفكرة الدينية وهي مرحلة الروح في تحليل بن بني، مرحلة الالتفاف حول المعتقد حيث تتجلى الفكرة الأخلاقية في أبهى حللها ثم تلتها مرحلة العقل والتي كانت مرحلة مثبطة جعلت الحضارة ترقد ويتمنى بن نبي ألا تنحدر الأمة الأسلامية نحو غرائزها المادية دون تنظيم فتبتعد كل البعد عن الفكرة الدينية التي شكلت نواة حضارتها، وأوضح الفرق بين تأثير اتباع الغريزة في مرحلة العقل عنه في مرحلة الروح، كما فصّل مراحل الحضارة وما قبل الحضارة وما بعدها، خضعت الحضارة الإسلامية لقرون طويلة بتكاسل لعدة ضغوط تخاذلية واستعمارية وهي تنتظر النضة التي تعيد للحضارة مجدها لذلك تم تشخيص العديد من الحلول للتعجيل بهذه النضة ، كلٌ شخصها بعين روحه وعقله، دون التطرق للأسباب التي مهدت ��لخضوع وعدم التفكير الجاد بالنضة كل ذلك الوقت؟لخص ّ في الكتاب الأجوبة لهذه الاسئلة: هل كنا ننتظر من يهمس لنا بكلمات غربية بأننا خاضعون؟ ويدعونا للتمرد كما تمرد ؟ هل نحتاج أن نكرر نجاحهم الغربي بصورة اسلامية تخصنا؟ هل نحن مضطرون استلاف نبرة صوت نجاحهم و نوعية هندامه حتى لإشعال الحماسة في جسد الأمة الإسلامية؟ كيف نتخلص مما أعاق النضة دون أن نجري نحوه مجددًافي شكل جديد ( سراب سياسي) صنعه المستعمر لأنه يعرف حدود تفكيرنا و يدرس نفسيتنا جيدًا! ما واجب الفرد و واجب المجتمع في حل هذه الإشكالية؟ ماهي العناصر الثلاثة التي تشكل الحضارة وكيف نخلق لكل منها أفض�� الفرص لتكون أكثر فعالية ؟ وأخيرًا متى ننهض؟ كيف ننتهز اللحظة الصحيحة في مسار التاريخ؟ قراءة هذا الكتاب تستحق التعمق ف أفكار مالك بن نبي تجعلك تتقن قراءة أجندة النضة و تتعلم الفرق بين الخطط والخطط البديلة في تفسير تاريخك و حاضرك ومستقبلك، شعلة تنير الظلام هذا الكتاب.
أسوأ ما في المؤسسة الدينية التقليدية ومناهجها التعليمية هي أنها توحي لطلابها ما تجب قرءته وما ينبغي الإبتعاد عنه.. او على الأقل تملأ أوقاتهم بمسائل فارغة يفكرون بها ويقرؤون عنها وينصرفون إليها قرأت عشرات الكتب والمجلدات وقضيت وقتاً طويلاً أحاول البت في مسائل وخلافات لا تنتمي إلى زمننا ولا تعنينا في شيء .. كنت أبحث عن أي تغيير او تجديد ولكني لم أشعر أبداً بالحاجة للإطلاع على فكر مالك بن نبي او قراءة كتبه مباشرة، فقد اختصروا لنا أهم أفكاره وعرضوها بصورة مجتزءة ومختزلة جداً، طبعاً فهنالك الكثير لنحفظه ولا وقت لدينا لمالك وأفكاره كنت أعتقد أنهم يختارون لنا الأفضل ويصرفوننا عن البحث في ما لا ينفعنا، واليوم يظهر لي أنهم كانوا يختارون لنا ما يضمن استمرارهم ويصرفوننا عن قراءة ما لا ينفعهم.. قضيت بين صفحات الكتاب أروع اللحظات وأرقاها.. مع الكثير من الحسرة أدين للفيس بوك لأنه عرفني على الدكتور أحمد خيري العمري وأدين للدكتور العمري لأنه دلني على مالك بن نبي
ينطلق مالك بن نبي رحمه الله من الآية الكريمة "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ليؤسس لنظرية متعددة الجوانب تهدف الى اعادة بناء الحضارة الاسلامية بعد مرحلة الركود التي وصلت اليه...عرضه للأفكار جاء بطريقة سلسة و تراكمية حاول من خلاله تقديم حلول جدية لما تمر به الامة من هوان...حيث يرى ان التغيير لا يمكن ان ينبع من فرد واحد . و بالتالي ليس من صناديق الانتخابات ايضا التي يصفها بال"وثنية الجديدة" التي حلت محل التبرك بالأولياء ، فكلاهما يتعشم حدوث معجزة لم و لن تأتي . و يدعو في المقابل الى ارساء عوامل حضارة حقيقية تعتمد على تغيير كلي يمس كافة افراد المجتمع. مثل هكذا تغيير يعتمد على معادلة بسيطة :الحضارة=انسان+وقت+تراب(المواد او الموارد) يكون فيه المعتقد الديني هو المحفز لتلك العناصر ليسهب بعد ذلك في شرح علاقة كل منها في عملية البناء الحضاري ملحا في الوقت نفسه على ضرورة عدم الاعتماد على الحضارة الغربية في بناء حضارة و ثقافة خاصة بالعالم الاسلامي ، لما في ذلك من استيراد نموذج غير قابل للتطبيق لعدة اعتبارات ، اهمها اختلاف الهواجس و الخلفيات بين الفرد في العالم الاسلامي و نظيره في الغرب. كما حذر ايضا من مغبة الانقياد و راء مدعي العلم لما لهم من خطر على الفرد الجاهل (العارف بجهله) مذكرا بدور الاستعمار في ازكاء حالة الخمول التي تصيب مواطني البلدان المستعمرة و لقيام الموالين له من بث الافكار المعرقلة لعملية البناء. باختصار الكتاب قيم جدا و مبسط في اغلب اجزائه و الأكيد أنك عندما تنتهي من قراءته ستدهش من كون كتب قبل ثلاثة عقود ...فالمشاكل لا تزال واحدة . تمت 22/01/2017
هل سألت نفسك يوماً لماذا لم يفلح العالم الإسلامي حتى الآن باللحاق بركب الحضارة على الرغم من "المظاهر الحضارية" التي نراها واضحة في أقطارنا ؟ يجيبك مالك بن نبي عن هذا التساؤل بشرح على بساطته إلا إنه مذهل . يقول : إن ما نراه أمامنا إنما هو "حضارة شيئية" بمعنى أننا نكدس المنتجات الحضارية من حولنا دون أن نعمل على بناء الحضارة ذاتها، و السبب برأيه أن مجتمعنا أشبه ما يكون بالمريض الذي يعالج أعراض المرض دون أن يعالج أسبابه، كأن تكون مريضاً بجرثومة معدية تسبب ارتفاع الحرارة، فتتناول دواء لتخفيض الحرارة دون أن تعتني بأخذ عقار من شأنه القضاء على الجرثومة نفسها .
أمر آخر لفتني للغاية حين يقول أن مشكلتنا تكمن في أنه حين يتصدى مفكرونا لتحديد أسباب المرض، فإن كل مشخّص يتصدى للسبب في نطاقه ، فالسياسي يظن أن العلة سببها سوء السياسيين و فسادهم، و رجل الدين يظن أن العلة هي الابتعاد عن الدين، و لذلك فإن حلولهم عادة ما تأتي قاصرة لا قدرة لها على الإحاطة بالمشكلة الحقيقية لانعدام الجهود المتكاملة و التنسيق فيما بينها .
الكتاب مميز للغاية ، يعجبني أسلوب الكاتب في بسط أفكاره بوضوح بعيداً عن زخرفة الألفاظ و التقعر في الكلام الذي اعتدنا عليه في مثل هذا المجال ، أنصحكم به و بشدة .
استحضر بن نبي الملامح التاريخية للشعوب وحدد ما يجمعها من روابط تهيئها للقيام برسالتها وتقرر مصيرها عبر التاريخ٬ كل هذا يتجلى في قوة الاسلام .وروحه التي اعانت الشعوب المسلمة على الصمود امام محاولات الغزو والطمس التي تعرضوا لها من طرف الاستعمار̣
كما اثنى على حركة الاصلاح التي قامت بها جمعية العلماء المسلمين و جهودها المتمثلة في اعادة تسيير المجتمع في موكب التاريخ لتنحرف سنة 1936 بمشاركتها في المؤتمر الاسلامي الجزائري٬ مشبها الاوراق الانتخابية الذي انجبها العمل السياسي تحت رحمة الكولونيا لية بزيارة الزوايا رغبة في البركة واقتناء الحجاب٬ الطقوس التي حاربتها الجمعية فترة الاصلاح لتنتج شعبا قادرا على القيام بواجباته٬ مؤسسا لحقوقه٬ مسويا وضعه الاجتماعي والاهم قادرا على .تغيير الحكومة الاستعمارية
:معادلة بن نبي لنضة الشعوب هي ناتج حضاري = انسان + تراب + وقت العقل المفكر واليد العاملة هي المحرك الاساسي لنضة الشعوب والتوجيه الصحيح لهذا المحرك هو الهدف لتحقيق التقدم̣ الارض من اهم عوامل استقرار المجتمع٬ فالعمل الجاد واستغلال التراب وترويضه امام الطبيعة هو خطوة مهمة باتجاه الحضارة̣ يقترح الكاتب تعليم ما يسميه علم الزمن للفرد في المجتمع حتى يؤدي واجبه ويكون فعالا لصالح المنفعة العامة في جميع مظاهرها والحرص على تثبيت هذه .الفكرة في سلوك الفرد كأسلوب حياة٬ فاستغلال الوقت جيدا سيعلي من مجهودات المجتمع لخدمة الصالح العام̣
لكن حتى تنسجم كل المتفاعلات وتؤدي عملها يجب ان يتدخل مركب الحضارة (الفكرة الدينية) العامل الدامج لهذه العناصر لتخلق لنا الحضارة̣ فبناء الحضارة لا يكون باعتماد مظاهرها او تجميع منتجاتها وانما باستغلال العوامل الثلاثة لصناعة منتجات الحضارة̣
كختام للكتاب يشير بن نبي لعائق هام في بناء الحضارة وهو قالب الضعف الذي حدده الاستعمار وكارثة التكيف مع هذا القالب وما يعرفه الكاتب بالقابلية للاستعمار٬ فالإنسان حر الا اذا شاء الانحناء٬ فالتخلص من سطوة المستعمر على انفسنا هي سبيل الصلاح̣ وكما قال البشير الابراهيمي رحمه الله ˸ . (أخرجوا المستعمر من أنفسكم يخرج من أرضكم)
. الكتاب مذهل٬ مالك بن نبي فيلسوف الحضارة مفكر ذو كعب عال يمتلك قدرة رهيبة تمكنه من عرض افكاره بطريقة مميزة
استعرت هذا الكتاب من مكتبة الجامعة بعد أن أخبرتني هادية أنه موجود هناك، وضعته في حقيبتي وتابعت قراءته في محاضرة أسس التربية المريعة حيث تجلس لجاوري صديقتي شيخة كل يوم وحين أنهيت الكتاب في المحاضرة الأخيرة قالت لي شيخة بأنها تراقبني منذ أول يوم دراسي وتلمح أنني لا أقرأ كتاب المادة وإنما هذا الكتاب وأكون متعمقة فيه ثم فجأة أسأل الدكتور وكأني معه، أخبرتها أنها ميزة غالباً ما تكون مشتركة في جنس الفتيات وهو أن المرأة لها قدرة على متابعة أكثر من أمر ربما تحتاجين أن تجربي، فبدأت تقرأ معي حتى أنهيناه سوية في المحاضرة، فجزاها الله عنا خير الجزاء –المحاضر�- .
قسم مالك كتابه لبابين : الحاضر والتاريخ ، والباب الثاني المستقبل وهو الأهم والذي يعرض الفكرة الأكبر.
البطل الواحد يستعرض في الباب الأول ضرورة انتهاء عهد البطل الواحد والمنقذ الفرد إلى دور الفرد في منظومة متكاملة شعوره بفرديته ومن ثم توجهه نحو مجتمعه في فترة متوازية لا ينفصل واحد منهما عن الآخر.
القابلية للاستعمار قابلية الشعب بحد ذاته للاستعمار نقطة ركز عليها بشكل كبير النفس التي ترضى الاستعمار يسهل تمديد ذلك في جسدها حتى تموت والتي ترفضه لا يستطيع الاستمرار ويشفى منه سريعاً حيث يطرده منه الجسم. استدل على ذلك ببعض الدول الأفريقية التي لم يطلها الاستعمار ولكن وكأنه موجود فيها لخضوعها لجميع الظروف الاستعمارية كالفقر والجهل، بينما بلدان أخرى كاليابان وألمانيا بعد حربهما تحل بهما جيوش الاستعمار ولكن أرواح الموجودين ترفضه.
أداء الواجب قبل المطالبة به تحدث عن عدم جدوى عبارة إننا نطالب بحقوقنا مالم يكن هناك استعداد مبدأي بتطبيق الواجب لنيل هذه الحقوق، واستشهد بعبارة قالها أحد طلبة الجامعة في مأدبة ما : " إننا نريد حقوقنا ولو مع جهلنا وعرينا ووسخنا" ونالت هذه الكلمة استحساناً دون تفكير فيها. تحدث في فصل المستقبل عن التالي :
البحث في المنتج قبل إيجاده: كل مصلح شرح الأمر من وجهة نظره فجمال الدين الأفغاني ركز على السياسة ومحمد عبده على العقيدة والأخلاق، وهذا التشخيص في نظره لم يكن ليتناول المرض وإنما أعراض المرض. لذلك مضت أعوام الأمة في معالجة العرض دون المرض، فإن مقياس أي حضارة هو منتجاتها فهي التي تلدها ولابد أن يكون من السخف عكس الآية ! بطلب المنتج ومعالجته قبل البحث في وجوده وماهيته. ولخص معادلته المشهورة أن كل نتاج حضاري = إنسان + تراب + وقت، وفصل فيها في العناوين التي تلت.
الدورة الخالدة: أثر الدين في الحضارة، ومطابقته للواقع الحالي تحدث في هذا الجانب بجلب أمثلة العرب الذين حركتهم العقيدة وأججت في نفسهم مكونات الحضارة وتفعيلها. وجملة القول أن الوسيلة للحضارة متوافرة مادامت هناك فكرة دينية تؤلف بين العوامل الثلاثة: الإنسان + التراب+ الوقت. هنا بين نقطة أوافقه عليها وهي أن رجال الإصلاح يبدأون الأمر بدعوة الناس للإيمان بشكل رائع ثم ما أن يصطدموا بالسياسة دون إدراك حقيقي لها حتى يبدأوا بتقديم التنازلات التي ربوا أبناءهم على عدم تركها، ويحدث الضياع. رسم بعدها الدورة الخاصة بالحضارة رسما جميلاً فصل فيه تفصيلاً أجمل، ففترة الروح ثم العقل ثم الغريزة وشرح كل فترة ومن ثم تتكرر هذه الدورة متى ما وجدت المكونات التي لخصها سابقاً فرصةً للعمل، ووضح الفرق بين الإنسان الطبيعي والإنسان الخارج من الحضارة المنهزمة فالأول أقدر على البدء من جديد من الثاني.
بعدها بدأ الحديث عن العناصر : العنصر الأول : الإنسان تحدث عن العناصر الجوهرية للثقافة : 1.الدستور الخلقي ، 2.الذوق الجمالي، 3.المنطق العملي، الصناعة. وتابع التفصيل فيهما في عناوين متفرقة. تحدث عن مشكلة التعالم وكيف انها أعصى من الجهل، أما أجمل ما تحدث عنه فهو لاجانب الجمالي الفني في بناء الإنسان، وركز على أن الفن والجمال ما ارتبط بمبدأ أخلاقي فبإمكانه أن يشكل اتجاهاً للحضارة. تحدث عن المعامل الاستعماري الخفي الذي يعمل في حياة المرء ضد مصيره وضميره، يستمر مع المرء طول حياته راسماً له طريقته العادية في الحياة المنهزمة الذليلة التي تصور له نفسه أنه سعيد كما يفعل الآخرون لكنه في حقيقة أمره شخص لديه مواطن جهل كبرى ومواضع خوف كثيرة.
أوصى في نهاية الكتاب إلى تخطيط ثقافة شاملة يحملها الغني والفقير والجاهل والعالم حتى يتم للأنفس استقرارها وانسجامها مع المجتمع ليعود التوازن فيه من جديد. وملخص الكتاب يدور في الجملة التالية : "إن جوهر المسألة هو مشكلتنا العقلية، ونحن لازلنا نسير ورؤوسنا في الأرض وأرجلنا في السماء؛ وهذا القلب للأوضاع هو المظهر الجديد لمشكلة نهضتنا" وحدد لذلك الأخطاء والوسائل نحو تصحيحها، ومكونات هذا التصحيح.
رأيي في الكتاب: لمست نية الكاتب من الحروف الأولى شيء كبير من الصدق، التمثيل المتواصل كان رائعاً ، لكن جلب الأمثال من بيئة الجزائر تقلل نسبة التخيل إلا من الإسقاط لمن هم خارجها، الكتاب فيه تفاصيل وطرح جديد، إلا أنني تمنيته أكثر ترتيباً، عرض مشكلة المرأة كان جيداً.
هل يستحق الكتاب هذه الضجة؟ مثل هذا السؤال بعد أن طويت الصفحة الأخيرة بقي في ذهني يبحث عن إجابة أتمنى أن تكون صحيحة الحقيقة أنه يستحق لعدة نواحي طرح مشكلة الأفكار المدمج بالالتصاق بالدين بطريقة أنه أمر حتمي لا بطريقة "معذرة إلى الله" على زمنه قد لا يكون انتشر هذا الانتشار، لكن هناك مجموعة من الفراغات في ذهني حول أمور جوهرية مثل : من أين نبدأ تصحيح المشكلة العقلية؟ في المسارات التي رسمها؟ ماهو الواجب الذي ينبغي أن يقوم به كل فرد هل هي الأساسيات هل هناك مكملات أم على قدر علمه وهمته وجهده.
هل يستحق الكتاب القراءة؟ نعم يستحق ويستحق الآن، ويفضل كتابة ملخص بعده ليتضح للعقل ما استفيد منه.
"إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" هذه الآية القرآنية الكريمة هي مفتاح النضة، نضة مميزة مناسبة للعالم الإسلامي و العالم العربي، نضة أصيلة تتسم بطابع إسلامي يعكس ثقافتنا و يساعد لإنشاء حضارة من جديد، ليست تقليداً أعمى لما يقوم به الغرب...
الكتاب يذكر بشكل موجز شروط النضة و عناصرها اللازمة للبدأ فيها. إيجاز ينيرك بالأفكار و يدفعك للبحث أكثر عن هذا الموضوع.
كنت اريد اعطاؤة خمسة ولكن لم اتمكن من ذلك لانه اخطأ هنا خطأ فادح الا وهو عندما قال ان اسس تكوين الحضارة اى حضارة فى العالم لا بد وان تكون الدين اساسها وهى معلومة خاطئة للغاية فهناك كثير من الحضارات التى نشئت دون الدين وابسطها واقربها الحضارة الاوروبية التى بدأت بدأت بانفصالها عن الدين وهنا حضارة اليابان والصين ليس فيهم الدين نهائيا ثم انه حتى الحضارة الاسلامية فى ازدهارها كان بعد ظهور الاسلام بمئات السنين لو على قاعده مالك بن نبى عن المفروض ظهوروها على الاقل بعد ظهور الاسلام ب50 سنة على الاكثر فهذن القاعده ليست صحيحة بالمرة ____________________ تكلم هنا عن عوامل قيام الحضارة والتى قسمها الى ثلااث عناصر الانسان التراب الوقت وعند مزجهما تتضافر عوامل الحضارة ثم اخذ يشرح فى كل عامل منهم فاحسن الشرح والتوضيح ___________________ يبين هنا الكتب اثر الاستعمار فى نفوسنا فهو لا تركنا بثقافتنا وتراثنا الحضارى القديم ولا نحن منا بتطوير انفسنا الى الحضارة الحديثة فبقينا معلقين ليس لنا تراث او هوية او ثقافة ثا بتة وهنا تكمن المشكلة ان يبدء علماء التاريخ بتزويرة لصالح الاوروبيين فينسون عصور الحضارة الاسلامية التى كانت بينهم وبين اليونان فيمحون الف عام فى المنتصف ويسمونها عصور الظلام على العالم مع انها كانت عصور ذهبية حقا و حتى نحن الان فى مناهجنا الدراسية قلما نتعرض لهذة الحقبة فى ازدهار الحضارة الاسلامية ______________________ اثار هذا الكتاب فضولى لقراءة محمد عبدة وابن باديس ------------------- اكثر جملة اعجبتنى فى الكتاب هى : انها لشرعة السماء .... غير نفسك .....تغير التاريخ
الكل يريد التغيير هذا يريد تغيير الحكومة وهذا هجرة بلاده وذلك تغيير عاداته و تقاليده الكل يريد التغيير ، لكن كم هم الذين حاولوا تغيير أنفسهم ،كم ؟؟
**** بعض المقتطفات:
..وانها لشرعة السماء: غير نفسك, تغير التاريخ
“ولك� التاريخ يقرر أن الشعب الذى لم يقم برسالته,أى بدوره فى تلك السلسلة,ما عليه إلا أن يخضع ويذل�
.الحق ليست هدية تعطى ولا غنيمة تغتصب ،وانما هو نتيجة حتمية للقيام بالواجب .
“أل� قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام لأن جهل العوام بيّن ظاهر يسهل علاجه، أما الأول هو متخفّ في غرور المتعلمين�
***
الكل يريد التغيير،،تحويل كلمة متخلف الى متحضر الكل يريد النضة ! لكن هل أدركنا النضة وشروطها قبل ذلك،، ؟؟
رائع كما في باقي كتبه.. مالك بن نبي تناول الحضارة بأنها تركيبة من عدة عناصر, و ليست محصورة في جانب واحد, وإنما كما قسمها هو الحضارة=الإنسان+الوقت+التراب وأعجبني جداً الفصل الأخير الذي تحدث فيه عن الاستعمار بخلاف ما يروّج له الكثير ممن يُنسبون إلى الفكر من نظرية المؤامرة, يؤكد مالك بن نبي أن الاستعمار هو عبارة عن مُعامل استعمار خارجي و قابلية داخلية للتكيف مع الاستعمار, و أن النجاة لا تكمن في شخص واحد أو في شيء واحد و إنما في فهم شامل للواقع
الحضارة تبدأ من الداخل..من داخل الانسان, لا في ماديات الحضارة التي استوردناها و اسأنا استخدامها
Il ne suffit pas de rassembler les ingrédients (Homme, Sol, Temps) pour faire une civilisation. Il faudrait également un catalyseur. Voyez comment le catalyseur peut varier et créer une civilisation pour le bien de l'humanité. Chaque civilisation a un cycle de vie: une sorte d'alternance. Plusieurs thèmes à méditer.
شرعت أخيرا في قراءة مشروع فكر مالك بن نبي...قرأت عنه الكثير، وسمعت عنه أكثر، أستطيع القول أن ظني لم يخب، وأتطلع لمواصلة قراءة سلسلة مشكلات الحضارة
مالك بن نبي مهندس بدرجة طبيب, استطاع أن يتخلص من العقلية التجزيئية التي يتميز بها العقل العربي وقام بتشخيص الأزمة التي يمر بها المجتمع الإسلامي
يقدم بن بني وصفة حضارية من شأنها - على حد قوله- أن تنقلنا من مستنقع الانحطاط إلى نضة تليق بدين أهدى للبشرية الكثير
١٩٤٨م أعجب رقم في الكتاب
فالتشخيص تم منذ زمن, والوصفة جاهزة، إلا أن المنطق العملي ينقصنا...المنطق الذي يحول الأفكار إلى سلوك متبع...فالمسلمون مولعون بالتكديس على حساب البناء، فهم لا يفكرون ليعملوا بل ليقولوا
القابلية للاستعمار أحد أشهر أفكار بن نبي مشروحة بالتفصيل في الكتاب، حيث يرجع سبب تخلفنا واستعمارنا إلى أسباب ذاتية
أخرجوا المستعمر من أنفسكم، يخرج من أرضكم
أما وقد خرج المستعمر من أرضنا اليوم، إلا أنه لا يزال قابعا في نفوسنا
الحضارة بالنسبة له معادلة: الإنسان + التراب + الوقت والدين هو المركب التحفيزي الذي يسرع تفاعل تلك المواد
أفكار جديرة بالتأمل، ومنهجية متسلسلة في التطرق للأمراض دون الغرق في تفاصيل الأعراض
أنصح بقراءته بشرط العمل بما فيه - بعد الاقتناع طبعا - وليس لمجرد العلم والقول
ألا قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحاب ثوب العلم، فإن هذا النوع أخطر على المجتمع من جهل العوام لأن جهل العوام بيّنٌ ظاهر يسهل علاجه، أما الأول فهو متخف في غرور المتعلمين.
كتاب للمفكر الإسلامي الغني عن التعريف مالك بن نبي رحمة الله تعالى عليه. شروط النضة من أشهر كتبه على الإطلاق, و أنت تقرأ الكتاب تشعر بالثقل الذي يرزح تحته مفكر حر حمل همًّ هذه الأمة تداركها الله بل إن الكاتب يُشرِكُك في العبء فتحمل منه قدرا تنوء به العصبة.... لا إله إلا الله تعالى نسأله أن يعذرنا بما نبذل. لا سبيل إلى النضة في رأيي المتواضع إلا بالتزام العامة والخاصة و الرفع من مستوى العلم و التعلم دون الإنشغال و التلاعب بأرقام معدلات التمدرس لنرضي الهيئة الفلانية و المنظمة العالمية العلانية... كما أن تغييرا في سياسة الرعية/المواطنيين واجب واجب..... عودة الحكم للقرآن لا لاستبداد السلطان و طُغَم ِ الحكم المتجبرة في العالم العربي.
فصل ماتع رائع وقفت عليه في كتاب الشيخ و فيه يتدارس مع القارئ فكر و شخصية المفكر مالك بن نبي مع زمرة من أساطين الحركة الإسلامية. أنصح به بشدة.
في كتاب صغير الحجم طرح بن نبي مسألة النضة في العالم الاسلامي، حلّلها لنا و وضع شروطها. بمعادلة بسيطة جدا: إنسان + تراب + وقت= حضارة.
بيّن لنا الكاتب ان الحضارة لا تُبنى الا بالرجوع الى التاريخ و الوقوف على ما كُنا عليه حينها. لا تُبنى الا بما لدينا و ما فينا، انما التطلع نحو الغرب فقط لا ينتج نضة بل تبعيّة. لا تُبنى الا بإستثمار فكر و عقل الإنسان (المرأة و الرجل على حدّ السواء)، و هنا يستحضرني مشهد كفاءاتنا و هي تغادر البلاد العربية لتعمّر اوروبا و امريكا، لذا و حسب مالك بن نبي يجب ان نقدم للانسان تربة خصبة و بيءة صالحة للتفكير، بيئة تدعم الفن و الجمال.
ان توجيه الفرد توجيها سليما نحو حسن استثمار فكره و وقته و أرضه سيجعلنا ننهض من سباتنا الذي طال عمره كثيرا للأسف.
شكرا لفريق أصبوحة على برمجة كتب مالك بن نبي ضمن المنهج. �
لم أجد في الكتاب إلا حقيقة حتمية واحدة لشروط النضة و ألا هي : الإستعمار ، فهو قوة خفية يندرج تحته الكثير من المعوقات التي تُقعد الأمة عن النضة .. و تحارب العلم و تنشر الجهل و تستنزف طاقات الشباب و البلدان و تفشي الحروب و النزاعات ..
قصير جدا و مليء بالأفكار . . لكن لم يحرك شغفي خلال قراءته ..
وضعتُ هذا الكتاب مِنْ سنين خلتْ ولمْ أقرأ مِنْهُ صفحة واحدة؛ وأصبحَ على رُفوف المكتبة إلى أنْ دُفِنَ تحت الغُبار، إلى أنْ عزمتُ على وضع قائمة للكُتبِ أثناء شهر يوليو وكانَ على رأسها هذا الكتاب والذي شعرتُ بالندمِ كُل تلكَ الأيام أنني لمْ أقرأهُ. يُستخلصُ مِنْ جُملة هذا الكتاب في المُعادلة التي وضعها الكاتب الجزائري (مالك بن نبي) والتي صِغيتْ على النحو التالي: (إنسان + تُراب + وقت = حضارة). وذلك بتفصيلِ كُل شطرٍ منها في فصلٍ كاملٍ بداية بالشطر الأول مِنَ المُعادلة وهو (الإنسان)، ثُمَّ بعد ذلكَ بالشطرِ الثاني وهو (التُراب¹)، وآخر شطرٍ وهو (الوقت). وقدْ قُسِّمَ الكتاب إلى بابين، أحدهما للتاريخِ والحاضرِ، وقدْ تناول فيه بشكلٍ دقيق "الظاهرة الاصلاحية" التي بدأتْ في الجزائر في العام 1925م مُنطلقاً مِنْ أنَّ الكلمة تُساهم إلى حدٍ بعيدٍ في خلقِ الظاهرة الاجتماعية؛ تحت شعار الآية الكريمة: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ²}. وأمَّا الباب الآخر، فقدْ جعلهُ للنضةِ والمُستقبل، وشروط تلكَ النضة، ونظرة المُجتمع للمرأة ومُقارنتها مع المرأة الأوروبية؛ وحل المشاكل الناجمعة عن تلك الفروقات بشكلٍ بسيطٍ.
__________________
1_ اصطلح الكاتب مُصطلح (تُراب) بدلاً مِنْ مُصطلح (مادة)، وذلكَ لمُختلف الاختلافات الناجمة عن هذه الكلمة. 2_ سورة الرعد، الآية 11.
الكتاب قيم في أفكاره ومحتاج مناقشة فعلا.. فيه بعض الأفكار مقدرتش أستوضح رأي المؤلف فيها هل هو موافقها ولا معارضها الكتاب قيم كمان في زمنه ووقته. ومالك بن نبي رحمه الله له ثقله في علمه.. أول كتاب لي معه مع معرفة مكثفة مسبقة من محاضرات متفرقة :)
ليس لأحد أن يكتب ويؤصل للنضة كما فعل بن نبي .. أرى أن من كتابنا المعاصرين " أحمد العمري" هو خير من يحاول أن يحذو حذوه .. الكتاب محاولة لرسم خطوط عريضة لإعادة إدراك لما أضعنا حضارتنا .. وما هي شروط النضة التي علينا أن ندركها كي نعود للعمل بها في محاولة عودتنا إلى استكمال حضارتنا المسروقة .. أو المضاعة بمعنى أكثر دقة .. يضع بن نبي جبرية الحضارة في ثلاث عوامل أساسية إنسان + تراب + وقت = حضارة .. ولكم أن تجردوا هذه العوامل من القشور التي غطت معانيها .. وتمعنوا النظر في المعاني الجوهرية لكل عامل منهم .. من أهم ما ركز عليه بن نبي هو أنه ليس لحضارة أن تبدأ دون فكرة دينية .. وأرى فيما قرأت أن الفكرة الدينية العاملة في تأسيس حضارة ما هي ليست فكرة مجردة وانما فكرة ديناميكية يتمثلها مجتمع ما في مختلف صور حياته سعياً منه نحو بناء حضارة ما .. وشدد بن نبي على كما ذكرت آنفاً على جبرية النضة .. لكن هذه العوامل لن تتفاعل اذا لم تتدخل الفكرة الدينية المحفزة .. وضرب مثلا بذلك مجتمع الجزيرة البدوي قبل الاسلام .. توافرت العوامل الثلاث لكن نقصاً أحدث فراغاً _وإن لم يبدو محسوساً_ في هذا المجتمع بسبب عدم وجود الفكرة الدينية التي جاءت بابتعاث محمد عليه الصلاة والسلام ..
طبعا ينوه بن نبي الى انتهاء هذا المرحلة "الروحية" من الحضارة الاسلامية بمعركة صفين .. وبدء المنعطف العقلي للحضارة بسيطرة الأمويين على الحكم الذي انتهى بابن خلدون ومن معه ، ثم تبدأ الحضارة الاسلامية بالأفول .. حين لا تعود للعقل السيطرة التي كانت تؤديها الروح على الغرائز .. وبذا تبدأ الغرائز في التحرر من قيودها وتنفرد في السيطرة على المجتمع .. وتأفل الحضارة الاسلامية ..
ولربما يقول قائل : ومجتمعنا اليوم لم لا يتحرك لانتاج حضارة طالما توافرت الاسباب .. يعيدني هذا الى الفكرة الأولى وهي جمود الفكرة الدينية وعدم فاعليتها .. مما جعل المجتمع يتوقف في مكانه ويبدأ باستيراد منتجات الحضارات الأخرى "الغربية" غالبا اليوم .. ويعيش "حالة حضارة" كما أسماها بن نبي وليس حضارة ..
يتطرق بن نبي إلى التفصيل في العوامل الثلاث كل على حدة .. يتطرق إلى الجمال والاخلاق وفاعليتهم في بناء الحضارة .. يبدو بن نبي متأثراً بالتجربة الجزائرية .. اقترابها من الحضارة وانكسار الفرد الجزائري حين وُجد فيه قابليته للاستعمار .. وبدا بن نبي واقعياً حين اكتفى بالحديث عن تجربة عاشها .. وتجنب الحديث عن ما ليس له به علم ..
الكتاب جميل وخفيف .. أنصح كثيراً بقراءته وخاصة أننا بعد الثورات على ابواب العمل لاستعادة حضارتنا بعد أن ضاعت منا
كتاب شروط النضة لمؤلفه المفكر الجزائري مالك بن نبي. أول كتاب أقرأه لمالك بن نبي،الكتاب بين من عنوانه يتحدث عن كيف تتكون الحضارات وماهي المكونات الأساسية لتشكيل أمه تتغنى بحضارتها الأمم. يجمع الكتاب بين رؤية حالية لما كان يراه الكاتب في حال الأمة العربية والإسلامية في وقته،ويفند بشكل مختصر بديع أسباب هذه النكوص الشديد لحضارة الأمة،كما أن لدراسته وعيشه بفرنسا أعطاه المساحة الفكرية الكافية لتبيين مكامن القصور مقارنة بالحضارات التي تقدمت علينا وتركتنا خلفها،ولا يغفل الكاتب أننا أمة إسلامية منضبطة بدين فيعطي صورة شاملة لشكل الحضارة وفقا لروح الإسلام ومبادئه العظمى. الكتاب يبين أن تكوين أي حضارة تتمثل في المثلث التالي:إنسان-تراب"مادة"-وقت،وأن الدافع "الديني" يعمل بمثابة المعامل أو دعوني أقل كـ"الإنزيم" للتفاعل الحيوي الكيميائي في جسم الإنسان والذي معه تتناغم المتفاعلات لتكون نواتج مذهلة. أعجبني في الكتاب النظرة الشمولية إلى حد كبير،وكأن الكاتب أُلهم أن يرى مجريات الأمور من زاوية مكنته من الرؤية والتفنيد السليم. كذلك يبين الكتاب الدورة "الحياتية" الطبيعية للحضارة،فتبدأ-كما في الحضارة الإسلامية في أوج عطائها كمثال- بدافع روحي،حيث يكون الناس في حين غفلة إلا أنهم يمتلكون القابلية للإنتاج لكن "التوجيه" يكون مفقودا،فيأتي الدين فيُذكي في نفوسهم روحا لم تكن تدرك معاني العمل والجمال والحياة،فتبدأ بداية قوية،ثم تتصاعد الحضارة إلى أن تصل فيها الحماسة الروحية إلى تفكير "عقلي" منهجي تتشكل معه الحضارة بأجمل وأبهى صورها،فمرحلة "العقل" في (دالة الحضارة) هي مرحلة الاستقرار للأمة،حيث تتفرغ للأبداع والإنتاج والإثراء في شتى المجالات،ثم تنتهي الأمة بآخر أطوراها في دورة حياة الحضارة،بعد ان ينطفئ لهيب الروح والعقل،وتصبح دعة الحياة المتمثلة في رفاهية الأمة الحضارية وتقدمها،داعية لتارخي الأمة وتوقع فضلها على غيرها،فتكسل ويبدأ المال والشهوة متمكنا منهم،فتنحط الحضارة وينحط مستوى الفرد ومن ثم مستوى الجماعة والأمة. الكتاب كذلك أعطى صورة للكثير من الأمور البسيطة التي أعتدنا عليها،نرددها بسذاجة ولا نعرف خباياها وروحها،كما هو الحال مع الثقافة ومعناها ودورها في تمثيل حضارة راسخة المعالم. ناقش الكتاب بشكل مختصر ولكنه لامس جروحا كثيرة في أمتنا،وكأنه يروي حالنا اليوم، في فصل "دور المرأة" في صنع الحضارة ووضعها الحقيقي في ضوء الحضارة الاسلامية،بعيدا عن تشجن التيارين الليبرالي والاسلامي المتشدد. الكتاب حوى أكثر مما قلت،وأجمل وفصل وأبدع مؤلفه في الشرح والطرح.
هذ� أول قراءة لي لمالك بن نبي أحد رواد النضة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين ، وأعترف بأن الكتاب جاء أبسط مما توقعت وهذة النقطة تحسب في صالح المؤلف لأن المادة التي قدمها " دسمة جداً " وهامة إلا أنها جاءت على خلاف ما هو توقعت من حيث السهولة وبساطة الأسلوب .
بداي� الكتاب تأتي بشيء من الحسرة على فترة كادت أن تغير التاريخ وتدفع بالمسلمين إلى صفوف صناع الحضارة ، وأعني بالتحديد حديث الكاتب عن مرحلة مهمة من تاريخ الجزائر إمتدت بين 1925 إلى سنة 1936، التي حاولت فيها حركة الإصلاح بقيادة علماء من الجزائر بإعادة المجتمع للسير مرة أخرى في موكب التاريخ.
وتحد� الكاتب عن أهم معادلة تبني الحضارات ، أي حضارة بشرية لا بد لها من ثلاث عناصر. رئيسه وهي :
_الإنسان بصفته العنصر أكثر أهمية . وم� ثم التراب ويعني هنا الارض والأوطان والتي حرص أن يبين لنا أهمية الارض لدى باني الحضارة فهو يرغب برفع مستوى وعي المواطن في معرفة أهمية محافظته على كل شبر من أرض وطنه .
وجا� الوقت بعد ذلك كعنصر ثالث متمم للمعادلة . فيري بن نبي ان ضياع الوقت بهذا الشكل من دون تحقيق أي فائدة منه هو أخطر فعل يواجه العالم الإسلامي ،
نات� حضاري = إنسان + تراب (مادة) + وقت
وتحد� أيضاً عن ضرورة التمسك بالدين لأن أي إنتاج حضاري لن يتم ولا يمكن له من الظهور إلا إن ارتبط بعقيدة ومنهج ديني . وجاء بعد ذلك بالحديث عن ضرورة كسر الأغلال التي تقيدنا للعمل نحو المستقبل بشكل ايجابي سريع . فيضع الثقافة والعلم هنا نصب أعيننا لندرك بأن لا حضارة دون علم ولا حضارة دون ثقافة أيضاً .
وفِ� الفصل الأخير تحدث عن الإستعمار وعن دور المستعمر في أراضينا العربيه ، فيري مالك بن دينار أن المشكلة الأولى ليست بالمستعمر بل هي في نفوس الضعفاء من أبناء هذه الشعوب التي ترضخ وترضى بالقليل فيسهل بذلك على المستعمر إحتلالها .
الكتا� فكري عميق ولكنه سهل جداً وستصلك الفكره بسرعة بعيدة عن التمويه المعتاد بمثل هذة الكتب .