What do you think?
Rate this book
302 pages
First published January 1, 1995
الثروة مقرونة برأس القتيل. أي بالجريمة. و السماء إذ تخير الموعود بين أن يقبل الجمل بما حمل يعني الثروة و الجريمة أو يرفض الصفقة من أساسها. معناه أن الثروة ملوثة بالدم و من يقبلها مدان. يكفي أنه يدفن في عقر داره رأس قتيل سيظل منظره ماثلا في عينيه إلى يوم يقابل ربه.ينتظر أهل البلدة كلهم الموعود بالثروة هذا العام بعد أن زات نفر غير قليل منهم في الأعوام الماضية.
ما أنتم جميعا سوى رأس القتيل الذي قيل أنه يحرس الثروة حتى تصل سالمة إلى مغتصبها. ما أكثر عدد المغتصبين في حياتكم و ما أكثر ما تساعدونهم على التضخم و التوالد و التكاثر كأنما يلذكم ألا تعيشوا بغير مصاص دم ينتشي بدمائكم فتنتشون لنشوته.في مونولوجات طويلة يحكي كل واحد من أهل القرية قصته ليثبت جدارته بالثروة الموعودة و البغلة المحملة بالذهب و الإبتلاء و لكن العجب كل العجب أن البغلة لا تصل أبدا إلا للعصاة و المذبين و اللصوص و قطاع الطرق.
إن البغلة هي أنتم و رأس القتيل هو أنتم و أنتم كذلك الذهب. إن السماء لا تمطر ذهبا و لا فضة و بغلة العرش لن تجيء و إنما عليكم أن تفتشوا عن رءوس قتلاكم وراء كل عربة مرسيدس تنهب الطريق و وراء كل حياة مرفهة براقةو بين الواقع و الأسطورة يحاول أهل القرية التمسك بالأمل في حياة أفضل إذ يبدو أن الأحلام وحدها هي المعول عليها في تلك الظروف.
أسطورة بغلة العرش لم تكن لتجد مناخا يعطيها مصداقية العقيدة لو لم يكن الواقع فاسدا بصورة مخيفة أشد خرفا من الخرافة نفسها. إذ إن مظاهر الثراء الفاحش المتفشية في الواقع بغير مبرر منطقي مفهوم لا يمكن إرجاعها إلى أسباب واقعية على الإطلاق.