عندما التفت نحو المدينة الأندلسية التي كانت تتسلق مرتفعات القصبة، شعر بشيء نادر لا يحدث إلا في أيام الصيف، حيث تخبو العواصف وتفتح المدينة صدرها لشمس دافئة ثم حادة، ثم في المساء عندما تخف يبدأ سكان القصبة في رش حدائقهم وأحواشهم بالماء الممزوج بماء الزهر والحبق والنوار والتمدد تحت الليمونة التي تعرش في المراح على وقع هواء خفيف ينبعث من البحر الذي لا ينام أبداً.
شعر بثقل ما في رجليه وهو يبتعد عن المرفأ، غداً، عليه أن يحضّر نفسه لركوب السفينة التي نقلت رفاة مونسينيور ديبوش. هل سيمنحه الله الشجاعة الكافية لمغادرة هذا المكان الصعب الذي يلتصق بالذاكرة بسرعة؟
عندما التفت بالمرة الأخيرة نحو المنارة، لم ير شيئاً إلا بقايا النوارس التي ضيعت حركة الميناء أعشاشها، وهي تذهب جماعات جماعات باتجاه مباني شارع البحرية التي تدخل في عمق البحر حتى رأس البنيون، حيث لا شيء إلا بالماء والصفاء البدائي الأول.. لا أثر لأقدام البشر الحفاة أو العراة أو الذين ينتعلون الأحذية الخشنة، وذاكرة ما تزال حبيسة لا تتكلم إلا قليلاً، وعندما يخونها لسانها وتنزل أكتافها تعوي مثل الذئب الجائع وتأتي على حافة البحر وهناك تنتحر جوعاً وعطشاً.
لا شيء أبداً سوى الماء وطيور أصيبت بالرعشة والخرس فجأة. وعندما تصمت الطيور والنوارس التي تبحث باستماتة عن أعشاشها عميقاً في مداخل منارة الميناء القديمة، وتهزم عيونها الصغيرة وسط الظلمة وأشعة الشمس المنكسرة، هذا يعني أن شيئاً جسيماً قد حدث، أو ربما هو بصد الحدوث".
كتاب الأمير مسالك أبواب الحديد هو أول رواية عن الأمير عبد القادر. لا تقول التاريخ لأنه ليس هاجسها، لا تتقصى الأحداث والوقائع لاختبارها، فليس ذلك من مهامها الأساسية. تستند فقط على المادة التاريخية، وتدفع بها إلى قول ما لا يستطيع التاريخ قوله. تستمع إلى أنين الناس وأفراحهم وإنكساراتهم، إلى وقع خطى مونسينيور ديبوش، قس الجزائر الكبير، وهو يركض باستماتة بين غرفة الشعب بباريس وبيته للدفاع عن الأمير السجين بأمبواز. رواية كتاب الأمير، فوق كل هذا، درس في حوار الحضارات ومحاورة كبيرة بين المسيحية والإسلام، بين ألأمير من جهة ومونسنيور ديبوش من جهة ثانية.
جامعي وروائي يشغل اليوم منصب أستاذ كرسي بجامعتي الجزائر المركزية والسوربون بباريس، يعتبر أحد أهم الأصوات الروائية في الوطن العربي على خلاف الجيل التأسيسي الذي سبقه تنتمي أعمال واسيني الذي يكتب باللغتين العربية والفرنسية إلى المدرسة الجديدة التي لا تستقر على شكل واحد وثابت، بل تبحث دائما عن سبلها التعبيرية الجديدة والحية بالعمل الجاد على اللغة وهز يقينياتها، اللغة بهذا المعنى، ليست معطى جاهزا ومستقرا ولكنها بحث دائم ومستمر.
إن قوة واسيني التجريبية التجديدية تجلت بشكل واضح في روايته التي أثارت جدلا نقديا كبيرا، والمبرمجة اليوم في العديد من الجامعات في العالم: الليلة السابعة بعد الألف بجزأيها: رمل الماية والمخطوطة الشرقية، فقد حاور فيها ألف ليلة وليلة، لا من موقع ترديد التاريخ واستعادة النص، ولكن من هاجس الرغبة في استرداد التقاليد السردية الضائعة وفهم نظمها الداخلية التي صنعت المخيلة العربية في غناها وعظمة انفتاحها ، ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية من بينها : الفرنسية، الألمانية، الإيطالية، السويدية، الإنجليزية، الدنماركية، الأسبانية، الكردية، والعبرية وغيرها
حصل في سنة ٢٠٠١ على جائزة الرواية الجزائرية على مجمل أعماله، حصل في سنة ٢٠٠٥ على جائزة قطر العالمية للرواية على روايته : سراب الشرق، حصل في سنة ٢٠٠٧ على جائزة الشيخ زايد للآداب، على روايته كتاب الأمير، حصل في سنة ٢٠٠٨ على جائزة الكتاب الذهبي على روايته: أشباح القدس
قلة منا على علم ودراية بتاريخ الجهاد الجزائري ضد الفرنسيين بما في ذلك مرحلة النضال والمقاومة من أجل الحرية بقيادة الأمير عبد القادر الجزائري. ولذا، فإن هذا الكتاب يعتبر إضافة هامة للمكتبة العربية وللروايات التاريخية بالتحديد، إذ أنه يستعرض لنا في لمحات سريعة نضال الأمير من أجل التحرير وعلاقته مع قس الجزائر. فهذا الكتاب هو حوار بين المسيحية والإسلام، كما أنه يفند نظرية تصادم الحضارات، إذ أن روح التسامح الإنساني تجمع شخصيتين متضادتين في الديانة معاً، لتجسد بذلك أروع صورة من صور التعايش بين الأديان بمختلف صورها. لقد استطاع الكاتب الجزائري "واسيني الأعرج" أن ينقل لنا صورة حية للواقع الأليم الذي واجهه الأمير عبد القادر الجزائري والأسباب التي دعته بعد 15 عاماً من النضال والجهاد أن يلقي سلاحه ويخضع للواقع المرير. إنه كتاب يحكي وقائع مؤلمة عن تكالب الأحباء قبل الأعداء، ويذكرنا نحن العرب بأننا تخلينا في زمن من الأزمان عن نصرة بني جلدتنا طمعاً في دنيا فانية. قد يكون العدو أحياناً أحنُّ علينا من ذوينا وأهلينا، وصدق الشاعر العربي إذ قال:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
إن كتاب "كتاب الأمير ـ مسالك أبواب الحديد" نقلة نوعية للأدب الروائي العربي، وبالرغم من وجود بعض من المآخذ على الرواية إذ أن بعض الفقرات فيها لم تترجم من الفرنسية للعربية كما توجد بعض الأخطاء المطبعية إلا أن ذلك لا يقلل من شأن هذا الكتاب ومن الجهد الطيب الذي قام به المؤلف بتسليطه الضوء على حقبة تاريخية مغيبة من النضال الجزائري ضد الفرنسيين، وإعادة الأذهان لأحد أبطال الجهاد المبارك الأمير عبد القادر الجزائري. أنصح بقراءة الكتاب، وقراءة المزيد عن الأمير الذي تعرض كثيراً للتشويه التاريخي المتعمد.
التاريخ لا يفعل الكثير في البشر يعيشون يحسّونه عندما يكون قريبين منه ولكن عندما تزداد الشقّة بُعداً ينسونه ويرتكبون الحماقات نفسها وكأن شيئا لم يكن! النسيان وقت السلطان هو أكبر عاهة يعاني منها الحاكم الظالم !*
تدور الرواية حول قس مسيحي هو مونسينيور ديبوش وهو القس المرسل إلى الجزائر والذي أحبّ الأمير عبد القادر وأعجب بشخصه وقرّرأن يفني ماتبقى من حياته ووقته لإنقاذه من سجنه في قصر أمبواز حيث ينخر عظامه برد العزلة وتحاصره شرور البشرمن كل جانب على سرير يبدو كالنهاية هناك في المنفى الذي اختاره بإرادته بعد الخيبات المتكررة والخيانات الموجعة التي جاءته من الأقرباء فقصقصت أجنحته الصغيرة وحرمته من الطيران كفارس نبيل على ظهر خيله العربية الأصيلة فكان الخيار الوحيد أن يحتضنه البعيد القاسي وليس القريب الخائن
الخيانة أخت الموت !*
يقول القس لرفيقه وخادمه جون انظر كيف تنطفيء الدنيا وينسحب الذين نحبهم ونضع لهم في القلب معبداً لا يدخله أحد . تعرف يا جون ، كلما صعدت إلى هذا الجبل شعرتُ بسعادة غامرة . من هنا خرج الرجل الذي دوّخ الدنيا بحكمته وكرمه . وسعيد أني كنت قليلاً وراء فرج كربته . تعرف ما معنى المنفى ؟ ما معنى أن يفقد الإنسان أرضاً أحبها . لابدَّ أنك تعرف ذلك . تراجيديا الأمير ليست الهزيمة ، في الهزيمة يمكننا أن نقبل بقوة الآخر ويكفيه فخراً أنه قاوم قرابة العشرين سنة ، ليس هذا هو المهم . التراجيديا هي عندما تستيقظ فجراً وتدرك فجأة أن الأرض التي نبتَّ فيها ونبت فيها الذين تحبهم لم تعد قادرة على تحملك وأنَّك ستموت بعيداً عنها وأنّ تربتها ستظلُّ جائعة إليك وتظل أنت كذلك جائعاً إليها . هناك جاذبية بين الأجساد والأرض الأولى . لا أحد يستطيع أن يشعر بمأساة الأمير مثلما أشعر بها . أنت تعرف ذلك جيداً ، المنفي كائن بدون وضع اعتباري *
فضلّ الأمير أن يموت ببطىء متحملا وزر الإهانة والمنفى ونكث فرنسا بعهودها , تثقل كاهله ُ المسؤوليات الجسام التي حملها طوال الفترة التي عهد له بلواء القيادة للدولة الجزائرية ..حُلم الأمير تقض مضاجعه الذكريات فكان أمله الوحيد القس الذي على الرغم من اختلاف ديانته غير أن الفكر والروح والرغبة في مساعدة الآخرين والتضحيات بلا مقابل التقيا في نهج يدعو للتساؤل !
يروى واسيني سيرة الأمير عبد القادر الجزائري والقس ديبوش على لسان راويين أحدهما هو جون موبي والآخر غير مذكور الهوية ومن خلالهما استطاع واسيني بسرده العذب أن يقدم صورة جميلة لكل منهما , فالأمير ذاك الفارس النبيل الذي قدم مصلحة بلاده على أية مصالح شخصية قاوم الفرنسيين في معارك دامية وخسائر بالجم��ة بمعداته الضعيفة , أشعل الحب في نفس كل من اتبعوه ومنحوه صفاءهم وثقتهم وحبهم الكبير واتخذوه مثالا وقدوة و قائدا , تتكرر اللقاءات والزيارات من قبل القس للأمير وفي فلاش باك متكرر يقص الأمير أحداث الحرب والانتصارات والهزائم والأخطاء والخيانات التي مرت به حتى هزيمته الأخيرة مبررا خياره في تسليم نفسه للسلطات الفرنسية لتكون دليلا للقس ليكتب رسالته إلى نابليون طالبا بتنفيذ الوعود السابقة والتي مر عليها سنوات دون أن تجد آذانا صاغية وعقولا واعية
أنت كقارىء لا يمكنك حقا إلا أن تحب هذه السيرة النيرة التي فاح عطرها طوال صفحات الرواية � يقول واسيني عن كتاب الأمير ما أردت قوله في هذا العمل أن مسألة التسامح الديني موجودة، وقد لعبت دوراً كبيراً في العلاقات الصحيحة بين مختلف الطوائف والمذاهب. � وفي الحقيقة إن كتابة هذه الرواية جاءت نتيجة مجموعة من التساؤلات حول سؤال الأديان، وسؤال حوار الحضارات. مؤكداً فيها على حوار الحضارات الذي يتم حتى في أصعب الظروف، والرواية كلها مبنية في هذا السياق، وأشير إلى أنها نوع من رواية تاريخ الظل. �
واسيني في هذه الرواية لم يبالغ في لغته الشعرية وعلى الرغم من جدية أغلب الروايات التاريخية إلا أنه كتبها بلغة حميمية ودافئة جدا تتسرب بسلاسة إلى نفس القارىء كما كانت الحكمة مرافقة ومتخللة لأحداث الرواية على لسان أبطالها , اهتم بالتفاصيل الصغيرة جدا والتي أعطت بُعْدا شيّقا لشخصية الأمير , حتى هفواته التي كلفته غاليا لم يتنساها ..
الناس الكبار دائما هكذا لانعرف قيمتهم إلا عندما ينطفئون مخلفين وراءهم ظلمة كبيرة وحيرة وخسارة لاتعوض وأسئلة تجرح الحلق والذاكرة !*
يذكر أن هذه الرواية حصلت على جائزة الشيخ زايد من ضمن 300 أديب مشارك في مجال القصة والرواية والمسرح والشعر
الاصدقاء يعرفون فى اللحظات القاسيه حيث ينسحب الكثيرون نحو الحلول السهله ..كان راى الامير عبدالقادر بن محى الدين حينما فرج الله محنته ..روايه تؤرخ للامير عبدالقدار الجزائر الانسان والمحارب ..حوار بين صديقين من ديانتبن مختلفتين وكل منهم يريد ان يجذب الاخر لدينه لحبه واحترامه الشديد له ولكنهم فى النهايه يكتشفون ان كل منهم يخدم الله بطريقته وربما بنفس الحماس والعزيمه ... روايه مهمه تظهر معادن الرجال حينما يشتد الكرب ويضيق السبيل ..حوارعبدالقادر وكونسينور ديبوش حوار نورانى عظيم لم اشعر معه بطول الروايه
الناس الكبار دائماً هكذا. لا نعرف قيمتهم إلا عندما ينطفئون مُخلّفين وراءهم ظلمة كبيرة وحيرة وخسارة لا تعوّض وأسئلة تجرح الحلق والذاكرة واسيني الأعرج, كتاب الأمير : مسالك أبواب الحديد
لا ادري من اين جاءني كل هذا ، ولكني احبك اكثر مما يمكنكان تتصور ، لك في قلبي مكان واسع وفي ديني متسع لا يفنى ولا يموت . واسيني الاعرج . كتاب الامير
عندما تقرأ التاريخ من زاوية مختلفة ومن خلال سرد روائي يعطيك المعلومة في قالب من المتعة والابداع رواية بديعة ملهمة وقيمة انصح الجميع بقرائتها بل هي كتاب كما اطلق عليها كاتبها وشهادة في حق الامير عبد القادر الجزائري الذي لم يأخذ حقه قبلها من الاهتمام والبحث والتوثيق تجيب الروايةعن الكثير من التساؤلات حول الامير عن نضاله ومنفاه عن ايمانه وثقافته وكتاباته عن النضال والمقاومة عن التمسك والاستسلام وعن التضحيات والخيانات عن خياراته وانجاراته هزائمه وانتصاراته وعن انسانيته التي لم تغب حتى في اصعب الظروف تسير الرواية في خطين متوازيين يتقاطعان ويتداخلان ليكونا نص الرواية ما بين حكاية الاسقف المسيحي ديبوش الذي كان في الجزائر ثم اختبر المنفى وتقاطعت حياته مع حياة الامير عند توسطه لديه للافراج عن الاسرى ثم اصبح صديقا للأمير يزوره في منفاه ويسأله ويحاوره اخذا على عاتقه مهمة كتابة رسالة الى نابليون الثالث يوضح فيها موقف الامير والظلم الذي تعرض له وضرورة ان تفي فرنسا بوعدها للامير وان تطلق سراحه من سجنه في قصر امبواز مع اهله وخاصته وبين حكاية الأمير الذي قاوم الاحتلال بكل اخلاص وذكاء وحنكة القائذ الفذ والانسان المثقف والمتدين المناضل الذي اضطرت فرنسا ايامها على اقالة اربعة جنرالات وتعيين غيرهم في محاولاتها للتغلب على هذة الثورة التي قادها الأمير الذي لم تمنعه الحرب من معرفة ما ينقص شعبه من ادوات ومعدات ووحدة فعمل جاهدا على توفيرها هذا المجاهد الذي لم يكتب عنه الكثير الا ما ذكر في كتب التاريخ مع ان اساليبه في الدفاع والهجوم والمناورة تصلح لأن تدرس كيف خطط ودبر وكيف حاول ان يستغل الهدنة التي لم تدم طويلا من اجل بناء جيش قوي وتحضير اسلحة ومعدات للحرب وتأسيس نظام عسكري وسياسي لم ينفرد فيه بالسلطة بل كان يؤسس ليبني دولة ولكن الخيانات والقوة المعادية وقلة الامكانيات لم تساعده على الاستمرار ربما يرى البعض ان حوار الاديان في الرواية هو الموضوع الأبرز ولكنني وجدتها توثيقا فنيا بديعا لسيرة رائعة مشرفة ومؤثرة فيها الكثير من الدروس والعبر للانسانية عشت على مدى ثلاثة ايام مع الامير في حروبة وانتصاراته في طموحاته ونضاله وقفت معهم تحت الامطار وعبرت معهم نهر الملوية شاهدت مدينته وهي تبنى ثم وهي تهدم وعجبت من الزماله تلك العاصمة المتنقلة المنظمة ومن هذه العبقرية العسكرية والاستراتيجية وقبعت معه في سجنة بامبواز وشعرت بالمرارة التي تتملك المنفي عن ارضة ثم تملكني العجب من هذه القدرة على التأقلم والتعامل مع تغير الظروف والخروج من وضع لم يعد الاستمرار فيه خيارا صائبا هذه الشخصية العظيمة التي نحتاج سنوات لدراستها وفهم طريقتها وافكارها ابهرتني كم لدينا من عظماء وكم لدينا من خونه وكم نحن مغيبون وبعيدون عن تاريخ كان علينا ان نتدبره ونتمثله ونعلمه لأولادنا عن قائد عظيم وانسان مثل الأمير شكرا للدكتور واسيني على هذه التحفة الأدبية والقراءة التاريخية التي لا بد انها تطلبت الكثير من الجهد والبراعة في جمع تفاصيلها والبحث عنها وفي بناء هذا السرد الجميل الذي اوصلها لنا باسلوب بارع وصادق وبديع من ناحية اخرى كنت اتمنى لو ان الكاتب ارفق ترجمة عربية لبعض الفقرات التي ادرجت باللغة الفرنسية كما انني شعرت ببعض الاطالة والتكرار في الفقرات التي تخص حياة الاسقف ديبوش لكن ربما كان هذا مما يستلزمه بناء الرواية بانتظار الجزء الثاني حول حياة الامير هذه بعض الاقتباسات من الرواية ** يبدو اننا لا نغادر ارضا الا لنترسخ فيها اكثر، وكل البلدان التي نرتادها ليست الا مناف تعيدنا الى الأرض الأولى التي تظل عالقة بكلامنا وألبستنا ورائحة اجسادنا *** كان يدرك جيدا ان اخراج الناس من دائرة القبيلة، من منطقها ولغتها، يحتاج الى زمن والى تجربة في الساحة ص١١٥ **** انا أفضل ان اراك فارغ اليدين ممتليء القلب على ان اراك مليء اليدين وفارغ القلب. ص ٤٨ **** نحتاج الى وقت كبير لكي ندرك اننا من ارض واحدة ولو كنا قبائل شتى وأن مستقبلنا الكبير في تكاتفنا وتعاضدنا وليس في تقاتلنا ص ١١٤ **** هناك في اقصى درجات الالم نفس واحدة لا تغادرنا، تظل معنا في احلك الظروف واصعبها،توأمنا في لحظات العزلة والبرودة والخوف **** اليقين بامتلاك الحقيقة يعمي صاحبه ويقوده نحو الهلاك ص ١٤٧ **** ان اقسى احساس ينهش الانسان من الداخل هو ذلك الشعور الصعب بأننا صرنا وحيدين في هذه الدنيا وعندما يتركنا الذين نحبهم الى الابد تزداد هذه الوحدة توحشا وتنهار الارادة القوية التي خزنّاها عبر الزمن. * الناس الكبار دائما هكذا لا نعرف قيمتهم الا عندما ينطفئون مخلفين ورائهم ظلمة كبيرة وحيرة وخسارة لا تعوض وأسئلة تجرح الحلق والذاكرة. الكثير من الامم القوية ذهبت مع الريح عندما دخلتها الفرقة والحسابات الصغيرة والانانيات الكبرى ص ١٣٠
الرواية التاريخية هي محاولة لإحياء النص التاريخي الجامد بروح أدبية، وهذا ما حاول فعله الكاتب الجزائري واسيني الأعرج في روايته "كتاب الأمير، مسالك أبواب الحديد" والتي تناولت مرحلة مفصلية بتاريخ المغرب العربي والشمال الإفريقي في القرن التاسع عشر، وهي الإحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 ومقاومة الأمير عبدالقادر الجزائري والتي إنتهت بإستسلامه عام 1849 بِعد قرابة العشرين عاما قضاها في مقاومة الإحتلال
تدور أحداث الرواية على لسان جون موبي ( jean maubet ) خادم قِس الجزائر مونسينيور أنطوان ديبوش (Mondeigneur Antoine dupuch) والذي ينقل بشكل عشوائي تفاصيل اللقاءات المتكررة بين القس والأمير عبدالقادر بمنفاه في فرنسا، والذي ظل أسيرا فيه قرابة الخمس سنين حتى أذن له نابليون الثالث ( Charles Louis Napoleon ) بمغادرة الأراضي الفرنسية تطبيقا لبنود معاهدة الإستسلام، ويحاول المؤلف سرد تاريخ المقاومة الجزائرية من خلال تلك اللقاءات في مقاربة تاريخية هي أشبه ما تكون بصراع الحضارات، وتلحظ ذلك جليا بإستقراءك للتفاعلات البشرية التي إصطنعها المؤلف بين شخوص الرواية في أحداثها
قسم المؤلف روايته الى ثلاث أقسام رئيسية في أكثر من 600 صفحة، ومع أن الرواية مليئة بالتراكيب اللغوية الا أني لم أنجذب لتلك التراكيب بقدر إنجاذبي للمادة التاريخية فيها وإن كانت تلك المادة ذات نفس إستشراقي صارخ، ويجدر بالذكر أن الرواية حصلت على جائزة الشيخ زايد للرواية في العام 2008 وجائزة المكتبيين الكبرى في معرض الكتاب بالجزائر سنة 2006 ، وهذه دلالة على أثرها في الحقل الثقافي
يخيب أملك عندماتقرأ رواية تريد من خلالها أن تدخل إلى التاريخ وتجد بدلاً من ذلك رواية غلب عليها طابع حالم فيه كثير من الكآبة وقليل من البطولة
سيرة عبدالقادر الجزائري سيرة غير عادية ولكني لم أجد في هذه الرواية إلا لفتات منها ولا أعلم لم يقال أنها أول رواية عن الآمير فهي ليست عنه بل عن معاناته النفسية أيام الجهاد ومعاناته أيام الأسر
لا شك أن الكاتب من الأدباء الكبار ولكني كقاريء عادي وجدت طريقته في السرد ولو كانت تعتبر مبدعة وجدتها مضللة جداً ولا أكاد أستطيع تتبع الأحداث. تنقل الكاتب بين الأزمنة والأمكنة لخلق التشويق ولكنه أخل بتفاصيل كثيرة و فصّل في أجزاء ليست محتاجة للتفصيل
مما أخل به الكاتب بطولة الأمير وكيف أصبح قائداً فذاً له أتباع مستعدون للدفاع عنه بأرواحهم، وكيف كان فكره وقراراته. نعم ذكر شيئاً من ذلك ولكن ما ذكره لا يعدو كونه فلسفه و روح قتالية انهزامية لا تحريرية. تكررت عبارات مثل "ليس لدينا ما لديهم من حضارة ومعدات" ومثل "تعب الناس من الجهاد وأصبح لا يعنيهم" وغيرها
ومما فصّل فيه خيرية القس ديبوش وتفانيه في خدمة الناس في الجزائر وتفانيه في السعي لتحرير الأمير من الأسر، وللأسف هذا التفصيل لم يضيف شيئاً لأن أكثره تكرار! والعجيب أن الكاتب يكيل الثناء على فرنسا وما تمثله سواء دين أو عسكر وذلك على على لسان الأمير وغيره
اللغة العربية في الرواية ضعيفة فهل كُتبت بالفرنسية ثم ترجمت؟ لا أدري
إذا أردت أن تقرأ رواية فهذه جيدة وإذا أردت أن تتعرف على الأمير فابحث عن غيرها
من روائع الادب التاريخي والعربي.. لم اكن اعرف شيء عن الأمير إلا انني غصت في محبته.. كم افجعتني العبارات المكتوبه في هذا الكتاب، وعلى الرغم من صعوبة التمييز عن اعمال واسيني الا انني بعد آن انتهيت من متعة هذا الادب اكاد اجزم أن هذا الكتاب يُعد بالَكثير.. انصح في قراءته لمن لم يعرف عن واسيني من قبل كما ايضا لمن لا يعرف عن سيرة الامير عبدالقادر بن محي الدين حتى يلتهم كل الجمل دفعه واحده.. فتتراقص في قلبه نشوة المتعه🧡
****واسيني الاعرج � كتاب الامير مسالك ابواب الحديد � دار الآداب ط 2 عام 2008.***
مكون من 635 صفحة
في الثامن من شهر رمضان عام 1438 انهيت رواية واسيني الاعرج كتاب الامير مسالك ابواب الحديد ، وكانت اغرب خاتمة ،نهاية الرواية غير متوقعة بل اكاد اجزم انها تصلح مقدمة ، وما قدمه في مطلع الرواية هي الخاتمة ذلك انه يحكي فيها كيف ان : المقدمة الخاتمة : بتاريخ : 28 جويلية 1864. جون موبيJean Maubet - خادم ورفيق القس - ينقل رفاة مونسينيور أنطوان ديبوش Monseigneur Antoine Dupuch قس الجزائر الكبير -حسب وصيته � بعد ثمان سنوات من وفاته الى ابعد نقطة في البحر حيث لازيوت ولا نفايات لا شيء سوى الصفاء حسب وصيته التي اقنع بها مونسينيور دوبافي ،العائلة وسكان بوردو رفقة الصياد المالطي ( لم افهم لماذا كان مالطيا !؟). كان هذا في المقدمة . اما في ختام الرواية فكأن الكاتب لا يريد ان يرهق القارئ بتفاصيل اكثر او انه أمعن في جمع كل الرموز والمعاني � حيث تلغي كثرة الرموز الرمزية � فقد اشعل جون موبي « 07 سبع» شمعات متبركا بمونسينيور والامير ، والبشر مثل « الطيور » لا تهجع ارواحهم الا في الامكنة الاولى ، ثم غادر « مخازن الاميرالية » .كانت « النوارس » تتوجه اسرابا ..الا « زوجا » « ظلاَّ يحلقان على ارتفاع منخفض ..حتى ينام مونسينيور .» « كان البحر مثل المرآة »...« عندما التفت نحو المدينة الاندلسية ..القصبة ..»..« وعندما تصمت الطيور والنوارس ..هذا يعني ان شيئا جسيما قد حدث ،او ربما هو بصدد الحدوث » هذا آخر حرف في الرواية ص 628. اكثر من ذلك فان الرمزية حتى في توقيع الكاتب الذي سبق عاصمة فرنسا عن الجزائر ثم تاريخ ختام روايته « باريس � الجزائر2004». نصيحتي لفهم الرواية : ابدأ الرواية بما يظهر خاتمة - « الاميرالية (4)» صفحة 623. - ثم انتقل الى الصفحة 283 اين يذكر لاول مرة « ابواب الحديد » تعبيرا عن احتلال عسكر فرنسا لقسنطينة . - ثم الوقفة الرابعة « مسالك الخيبة » صفحة 141 - الباب الثالث المسالك والمهالك صفحة 485 .وبالضبط في الوقفة 11 فتنة الاحوال الزائلة ، وفي الصفحة 552 حيث قال جون الذي كلفه مونسينيور بارسال الرسالة ( استغرقت اكثر من 04 سنوات لكتابتها وكل الرواية ) :« كانت الرسالة ثقيلة � كتاب � مرافعة في صالح الامير ** مما سبق وبعد التسطير على كلمات العنوان الموزعة على اطراف الرواية تفهم معنى العنوان : - كتاب الامير ( الرسالة التي كتبها مونسينيور خلال اربع سنوات ص 552) - مسالك (في الوقفة 4 مسالك الخيبة ، الباب 3 المسالك والمهالك ص485) - ابواب الحديد ( احتلال عسكر فرنسا لقسنطينة ص 283)
عن خطة الرواية المتبعة
لم يتقيد بتوازن الخطة ، فقد تناول الرواية في ثلاث ابواب بعناوين جذابة وجد مختارة ، وكل باب به عنوان او اثنين تحت مسمى « الاميرالية » : - فكان الباب الاول باب المحن الاولى يحوي الاميرالية 1 قسمت الى خمس وقفات تخدم العنوان . - والباب الثاني اقواس الحكمة يحوي الاميرالية 2وبه اربع وقفات من 6_9 تخدم عنوان الباب. - والباب الثالث المسالك والمهالك يحوي الاميرالية 3 وقسمت الى ثلاث وقفات 10-12 تخدم عنوان الباب . والاميرالية 4 دون وقفات وهي الخاتمة المقدمة. وهذه ملاحظاتي : 1) تعدى ترقيم الاميرالية الباب وتعدت ترقيم الوقفات الاميرالية والباب 2) رمزية العدد 3 للابواب والاميرالية دون الرابعة دون وقفات 12. 3) مساحة واهمية الحديث عن مونسينيور تعدت حتى على شخصية امير ذاته 4) كتب في الصفحة 05 كلام القس الفرنسي باللغة العربية وكلام الامير بالفرنسية 5) التصدير في الصفحة 5 لا هو اهداء ولا توطئة ولا تقديم « بطلا الرواية » 6) رغم تحديد التاريخ في المطلع الا انه قد يستحضر عدة مشاهد . لاوجود لبناء تقليدي لتصور شخصيات الرواية او ترتيب للاحداث : فقد يحكي في الباب الاول عن مونسينيور وجون عام 1864.ليعود في الوقفة . 1848
أول كتاب أقرأه لواسيني ينم - صدقا - عن عمل حقيقي و متناغم و جيد لا حبكة و لا سردا ، واسيني لم يتماهى كثيرًا مع المفردات الرنانة كعادته ، لم يشخص مع الحوارات المشحوة كما فعل في عدة مؤلفات ، وضع الشخصية التاريخية الجزائرية نصب عينيه و بدأ يُبدع لكأنه خشي أن يندفع في المساحيق فيشوه الذكرى الجميلة لهذا الرجل ، لهذا كتب بحرفية قلما اتبعها في أي مؤلف آخر ، بل تماهى مع القصة حد التطابق
لم أجد صعوبة في فك شيفرة الأحداث ، كانت الرواية تكتب نفسها و تُخبر عن عبد القادر الأمير الجزائري الذي ناضل لسنوات عدة تحت رزح الحصار الفرنسي ، فخسر أحباءه و أصدقاءه و أبناء عمومته و ما غادر الأرض نحو المنفى إلا بعد أن ترك آلافا من النقاط المنداة دما على العشب و السفح و الجبال و الأنهار و تراب المعركة
هذه الشخصية التي كادت أن تنتصر لولا الخونة من الأشقاء ، لولا أن العدو كان مدججا بآلهةٍ حديدية مطورة ، لولا أن العمر لم يعد قادرا على أن يتسع لجثمان آخر ، لولا أن أعين الصغار و النساء و الشيوخ كانت تتعلق بسلهامه الأبيض الممزق طالبة آمانًا و حياة كريمة بعيدة عن الفرار اليومي و رائحة البارود و تراب القبر و البكاء
إضافة إلى مونسينيور القس الذي أحب الجزائر و خرج منها هاربًا ، لتتحد الأقدار في نقطة المنفى ما بين الأمير السجين و القس الذي يهب ما تبقى من صحتهِ لإنقاذ هذا الرجل الذي صورته الصحف تارة مسيحا و تارة جلادا
" كتاب الأمير " بغض النظر إن كانت الأحداث متخيلة أم حقيقية فإن له طعما جميلا جدا و ممتعا و حزينا و موغلا في البأس لا يُمكن أن تقرأ هذه السيرة الروائية دون أن تُصاب بلوثة الأسئلة الفجة و هي تعبرك
أكان على الأمير أن يستسلم و يطلب الأمان بعد أكثر من 15 عاما من النضال المؤرق ؟؟ أكان الموت أهون أم المنفى أيسر ؟ و ما هي الحرية ؟؟ و ما هو الحصار ؟ و ما الغاية من أن تُزهق كل هذه الأرواح و هذه المأساة الرافضة للتلاشي إن كانت النهاية هي عقد موثق بين الطرفين بالسلام ؟؟
مثل هذه النوعية من الكتب تجعلك تلجأ لقراءة تاريخ البلاد و السير الذاتية لأبطالها و خونتها و هذا هو الربح الأكبر و الأعظم لأي كاتب
واسيني الأعرج يُجيد الكتابة التاريخية أكثر من الكتابة العاطفية التي تترك لأسلوبه خطا متعرجا ما بين الركاكة و الملل لعله يبقى ع هذا الخط و لا يحيد
استغرقت الرواية لحين الانتهاء منها حوالي ثمانية أيام تقريبا تحدث الكاتب فيها بلغة عاطفية حميمية عن القائد الأمير عبدالقادر وجهاده ضد المستعمر الفرنسي و الهجمات التي شنها عليهم والخلافات مع بعض القبائل التي ابت مساعدته بل و هاجمته و قيام ملك المغرب بالإغارة عليه لخوفه من قيام الامير بأخذ ملكه حتى قام بمساعدة الفرنسيين و نصب كمين لجيش الأمير عبدالقادر لكن القدر كان معه و نجا منها بعدها اعد الجيش الفرنسي عدته و استخدم عتاد وأسلحة أفضل من تلك التي يملكه جيش الأمير عبدالقادر الذين كانوا يعتمدون على البارود حيث كانت المواجهة غير متكافئة و قام الامير بتسليم نفسه مقابل الإبقاء على حياة الأخرين اما عن القس مونسينيور ديبوش الذي عاصر الامير عبد القادر فقد لزمه و عرف عن الأمير ما لم يعرف عن الفرنسيين فقد قام بدور المدافع عنه و نصرة الأمير و محاولة لإخراجه من الحبس الذي اقتيد الأمير مع أسرته وبعض من مواليه الى فرنسا وضع تحت الإقامة الجبرية في احدى القصور الأشبه بالسجون (لانتشار الروائح النتنة منها و كثرة الشقوق فيها فلم تكن تحميهم من برد الشتاء القارص )ونكث الفرنسيين لوعودهم الا ان زيارات الدائمة ومحاولات القس مونسينيور و ثقته الكبيرة ومعرفته لأخلاق الامير حاول إقناع نابليون وبعث رسائل له حتى اقتنع وذلك بعد خمس سنوات أخلى سبيله على ان لا يعود للجزائر وإنما الى أرض أخرى حيث استقر بتركيا ......وهنا نتوقف
“لي� الموت برصاصة طائشة هو الذي يُخيف، ولكن الموت قبل الانتهاء من تحقيق ما نصبو إليه من خير للناس� عن سيرة الأمير عبدالقادر محي الدين أو عبدالقادر الجزائري يكتب واسيني الأعرج روايته الطويلة الحميمة اللغة ، رواية ليست تاريخية تماماً وليست أدبية تماماً .. هدفان واضحان تماماً أراد الكاتب التركيز عليهم في العمل بالمجمل ، أولاً سيرة عبدالقادر الجزائري الأمير المسلم المحارب الشاعر الفيلسوف المتصوف وحروبه الطويلة مع الغراة الاجانب من جهة ومع المتخاذلين والخونة والمزايدين من جهة أخري
ثانياً عبر شخصية قس مسيحي هو مونسينيور ديبوش والعلاقة التي تنشأ بينه وبين الأمير عبدالقادر وتقديره الشديد لشخصية الامير ودفاعه عنه في كل مكان حتي يتم أطلاق سراحه من الآسر لتكون تلك الشخصية الثانية فى العمل بعد الامير عبدالقادر التي تتحلي بصفات النبل والاحترام والتواضع الشديد علي عظمة ما قدمه كل منهما فى مجاله .
“كان� الدنيا مظلمة والأحقاد كثيرة.. ولكن لا شيء كان يمنع من أن يُصغي إلى ذلك الصوت الآتي من بعيد، صوت القلب الذي تنحني أمامه الحروب والموت والمظالم� كتاب الأمير هو أفضل ما قرات لواسيني الأعرج ، وهو رغم أنه ليس كتاب تاريخي عن الأمير عبدالقادر إلا أنه يضع تلك الشخصية الأسطورية الفذه العظيمة فى تاريخ أمتنا العربية وتاريخ الجزائر العريق والممتلئ برجالات عظام هم كلهم قبس من نور الأمير عبدالقادر.
قديما كان لدى العرب قاعدة : الخيانة أخت الموت ! ومع ذلك يقول لنا الكاتب أن القبائل كانت تتآمر مع الفرنسيين ضد الأمير وهذا ما زاد مشقة الأمير في قتال الاستعمار الفرنسي .
لأول مرة أقرأ رواية تاريخية ، لا تسرد لنا التاريخ ، بل تعيشه ، وقد أبدع الكاتب في حياكة هذا الانتاج الروائي الضخم ، الذي يحمل كماّ هائلا من المعلومات التاريخية والشخصية . هذا القائد المسلم ، العسكري والفذ ، أستطاع أن يوحد معظم الجزائر تحت لواءه ، وقد كسر شوكة العديد من الجنرالات الفرنسية التي تقود فيالق ضخمة من العسكر ، واستطاع بحنكته العسكرية وشخصيته القوية أن يدوس على رؤوس المستعمرين والمتخاذلين في آن واحد ..
للأسف كان لدي الكثير من الكلام لأقوله ،، لكن أن تقرأ شيء ثم تتأخر بالكتابة عنه تفقده حقه .
ما يمكنني قوله : ليت في العالم العربي رئيس أو ملك ، بنخوة وشجاعة وعزيمة الأمير عبدالقادر بن محيي الدين الجزائري .. حينها سيتغير وجه عالمنا وسننتصر !!
هذه التجربة الأولى لي مع واسيني الأعرج ، راوية جميلة بس لأسف شعرت بملل وإطالة والتكرار في بعض الأبواب هذا لايعني أن أقلل من شأن الرواية وكم تمنيت دخول الى اعماق سيرة المجاهد أكثر حتى ولو نهاية أيامه في دمشق وجلساته مع العلماء بجامع الأموي وجلساته في مجالس العلم والتدريس و دفاعه عن المسيحية ، فوجئت بشخصية مهمة في هذه الرواية لقس مسيحي “موسنيو� إنطوان ديبوش" كان محب وجمعت علاقة طيبة مع المجاهد عبد القادر وإنقاذه من سجنه في قصر أمبواز ، من أهم أحداث هذه الرواية . نكث المعاهدات الفاشلة والخيانة وخيانة القبائل المجاورة ، نضال المجاهد لعدة سنوات ودخوله الى المسالك الضيقة جعلته يلقي سلاحه وتسليم الأراضي التي أحبها وكان هدف واسيني من هذه الروايه تصحيح العلاقات بين مختلف الطوائف أقتباس : المسالك كانت ضيقة يا أمير المؤمنين وعندما يضيق المسلك تنطفئ الرؤية ، ألم تقل هذا ياسيدي في الكثير من المواقف
رواية رائعة عن الامير عبدالقادر الجزائري ورحلته الشاقة في محاولة تحرير بلاده من الاستعمار الفرنسي بفترة حكم نابليون بونابرت..رحلة دامت 15 عاما لينتهي به الحال بتسليم نفسه للعدو ونفيه في احدى القصور..رواية تاريخية تصف لنا معاناة الحروب والاستعمار وأثره السيء على كل شيء..رواية تحكي عن حكمة القائد وذكائه في إدارة دفة الحرب بما يخدم مصلحة شعبه وسعيه الدؤوب للحلول السلمية..تحكي لنا عن احترام الناس لبعض رغم اختلاف الأديان وذلك من خلال علاقة القس منسنيور ديبوش مع الامير وإصرار القص في إقناع من حوله لأحقية الامير في الخروج من منفاه.. دمج الكاتب بأسلوبه المميز وقائع تاريخية وبخياله الخصب لتكوين هذا الكتاب الذي بين أيدينا.. إنها رواية تاريخية جميلة تستحق القراءة وحتما استحقت الجائزة..
اسم الكتاب :كتب الأمير في مسالك الحديد للمؤلف واسيني الأعرج الكتاب مؤلف من ٦٣٢ صفحة بدأت في قرائته من تاريخ ٢٤/٩/٢٠١٨ الى ١٦/١٠/٢٠١٨ الكتاب يحكي سيرة نضال (الأمير الجزائري )عبدالقادر بن محي الدين الجزائري في نضاله ضد الاستعمار الفرنسي لم يواجه المستعمرين فقط بل القبائل في بلده وسلطان المغرب حتى طل وحيدا هو وعائلته واقرباءه اضطر للاستسلام بعد عن حصاروه بمعاهده مع الفرنسيين ان يؤمنه له الطريق للذهاب الى مكة وان لا يرجع الى الجزائر لكن الفرنسيين اخذوه سجينا هو وعائلته لمدة خمس سنيين وحده القس الفرنسي مونسينيور ديبوش من كان بجانبه واستمات للذفاع عن الغريب اكثر موقف اثر فيني هو موقف ذهاب الرئيس الفرنسي لويس نابليون للأمير بدون علمه واستقباله له واعطاه الامان للذهاب حيث يريد
واسيني والأمير الجزائري ضمن سلسلة أعماله الأدبية المتميزة، يسرد الكاتب الجزائري واسيني الأعرج سيرة المناضل عبدالقادر الجزائري، ويضعها في قالبٍ روائي لا تاريخي، ويُطلق على عمله هذا اسم (كتاب الأمير، مسالكُ أبوابِ الحديد). ويتبنى الأعرج في هذا العمل تقنية (الرَّاويَين)؛ فيأخذ جون موبي خادم القس ديبوش، يأخذ على عاتقه سرد الأحداث حينًا، فيما يقوم الرَّاوي العليم ببقية السَّرد. تدور الأحداث حول القس ديبوش الذي أرسلته فرنسا للجزائر فأحبَّ عبدالقادر وأُعجِب بشخصه؛ فعمل على إنقاذه من سجنه في منفاه بعدما قاوم الأميرُ الاستعمارَ عشرين عامًا. ولأن موبي هو خادم القس؛ فقد تقمَّص الأعرج شخصيته وقام بسرد الأحداث من وجهة نظره؛ وبذلك تملَّصَ الأعرجُ من الأخطاء التاريخية التي قد تحدث في الرواية. كما يلاحظ استخدام الأعرج للراوي العليم، إذا تعذَّر على الخادم (الرَّاوي) معرفة ما يدور في مناطق أخرى لا يُفترضُ به أن يكون موجودًا فيها! تنطلق أحداثُ الرواية منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر حتى استسلام الجزائري، وذلك بعدما وجد أن العدوَّ أحنُّ عليه من بني جلدته الذين يرتبط بهم في الدين واللغة! اعتمد الأعرج كثيرًا على تقنية (فلاش باك)، وهو يذكر مواقف الانتصارات والخيبات والخيانات والهزائم التي مرَّت على الأمير، ثم عرّجَ على وعود نابليون التي نكث بها، والتي تؤكد من خلالها أن السَّاسة لا يمثلون شعوبهم في أغلب بقاع العالم. من وجهة نظري، أجد أنَّ الرواية طويلةٌ جدًا حدَّ الترهل (635 صفحة)، وعابها وجود الكثير من المفرداتِ الغريبة مثل قوله: انكشحت الغيوم/ التفت القوَّال نحو قرده.. حتى تخيَّلتُ أن الرواية قد كُتِبت بالفرنسية ثم تُرجمت إلى العربية! ومن خلال قراءاتي لواسيني الأعرج، فإنني أجده أحدَ أهم الأصوات الروائية المعاصرة، وهو يختلف عن المدرسة الكلاسيكية العربية إذا جاز التعبير، وهو يميل إلى المدرسة الجديدة التي لا تستقر على شكل واحد وثابت، وتبحث دائمًا عن طرقٍ جديدة في السَّرد؛ ولذلك فهو يُبقي النقَّادَ في حَيرة من أمرهم؛ ذلك لأن الناقدَ نفسَه يحتاج إلى (مَن يطرق رأسَه من الخلف) ليخبره: إن النظرياتِ التي قرأتَ عنها وتتبناها هي في أصلها قائمةٌ على نماذج أدبية إبداعية، وإن الناقد ما هو إلا (تابعٌ ومؤطِّرٌ) لما قام به الكاتبُ المبدع! فمّن سبق واسيني في إدراج راويَين، أحدهما عليم والآخر مصاحب؟ إنها المدرسة التجديدية يا سادة. رسول درويش 1/4/2024
لا أقحم نفسي عادة بالانتاج الإبداعي فهو له أب وأم لكن اسمح لي يا سي واسيني أنك أطلت كثيرا وكان يمكن أن تجعل كتابك هذا أكثر رشاقة وحيوية لا أن تجعلني أنتظر اللحظة الذي أثني فيها الصفحة الأخيرة. واسمح لي يا سي واسيني أن أقول لك إنك ربما نويت تجميل صورة الأمير عبد القادر في عين الغرب أو حمائم العرب وربما لذلك فازت روايتك بجائزة الشيخ زايد للرواية. لكنك يا سي واسيني من حيث تدري أو لا تدري أوصلت لي باعتباري قارئا من خلال سيرتك المتخيلة هذه أسوأ صورة ممكنة عن عبد القادر. وبمعرفتي المتواضعة، ما هذا عبد القا��ر الذي يتفاخر به الجزائريون من الأحباب والأصدقاء ونتفاخر نحن معهم. إن كان عبد القادر جنح لرمي السلاح مضطرا واختار المنفى فهل فعلا كان يمجد فرنسا كما وصفت اندهاشته بآلاتها ومصانعها وسلاحها وعمرانها وتطورها وثقافتها وعلمها أمام ما وصفته بتخلف الصحراء والبكاء على الأطلال وإلقاء القصائد والمبارزة بالسيف. ألا توافقني يا سي واسيني أن هذا نفسا استشراقيا لا يليق بابن أرض المليون شهيد. هل فعلا كان عبد القادر مأسورا بشخصية شارل لويس نابليون وافتتن به وبضباطه الذين ذكرت أسماءهم. هل فعلا كان عبد القادر متيقنا بأن فرنسا أمة عظيمة لا تخلف وعودها. بينما ركزت على مجزرة سيدي إبراهيم وتبرؤ عبد القادر منها غابت عن روايتك الكثير من المجازر والانتهاكات التي استمرت آثارها إلى ما بعد التحرير عام ١٩٦٢. والحمد لله أن جيل ١ نوفمبر ١٩٥٤ لم يكن متأثرا بهكذا طروحات وإلا لما كانت هناك ثورة تحرير. فخلاصة روايتك يا سي واسيني أن ارموا السلاح وفاوضوا المستعمر فهو يلتزم بكلمته ووعده وهو يأتي لكم بالمشاريع إلى بلادكم وليست لكم قدرة على مقاومته ومواجهته. رحمة الله على عبد القادر له ما له وعليه ما عليه ورحمة الله على من تغسل رؤوسهم بمثل هذه الأفكار.
ما زالت ذرات رماد مونسينيور ديبوش تتناثر على سطح الماء أمامي تتخللها أشعة الشمس، صوت حنون ينساب كأمواج ليلية هادئة يعود للالا الزهرة، ضرب حوافر الخيول، الزمالة في خفائها تنقلنا لمكان مخفي آخر، أكاد أقول أن نسيم من دخان خشب يحترق مع مزيج رمل الصحراء يخترقني، ولكن لا أثر..! بلل المطر، الأرض تحال طينا، والجسر يبنى أمامي من جديد ويتكرر المنظر..! جسر يبنى مطر ينهمر نهر يرتفع الأمير قلق العدو متربص الجار يهجم الصديق يغدر يزداد قلق الأمير الجسر يهدم الأرض تضيع الأمير يؤسر الجزائر تغدو رقما فرنسيا مضافا . . .
منذ زمن بعيد درست #الأمير مثله مثل كل الشخصيات الثورية في عالمنا العربي.. ولم يحرك فيني الكثير.... لكن واسيني نسج سيرة الأمير بروح حية وكأنك تعيش لحظاته معه، هذا القرب يجبرك على حب الأمير عبدالقادر وتوقيره. الأمير مزيج من حب وقلق تسامح وخوف وطن ورماد . . .
كتاب الأمير .. مسالك أبواب الحديد .. واسيني الأعرج .. الجزائر ..
رواية تاريخية عن الأمير المناضل عبدالقادر الجزائري إبان الاستعمار الفرنسي .. عام ١٨٣٠ وحتى استسلامه في عام ١٨٤٩ .. يحاول الكاتب في سيرة المناضل عبدالقادر أن يبني أحلامه الخاصة بالافتراء على المناضل .. من خلال علاقته مع القس المرسل للجزائر مونسينيور ديبوش .. وحوار الأديان والتسامح الديني .. وتمجيده لفرنسا العظمى وإعجابه بعظمة عتادها وأسلحتها وبنيانها .. والانهزامية والخنوع وإفتتانه بنابليون الثالث الذي فك أسره بعد خمس سنوات قضاها بين جدران إحدى قصور فرنسا .. أراد الكاتب أن يوصل رسالة يمدح فيها المستعمر وأنه سيجلب للدول المستعمرة الرخاء والتطور والعمران .. عقلية مستعمرة من قبل الفرنسيين .. شوهت تاريخ المناضل ودولة المليون شهيد .. غير أن الكتاب طويل وممل حد النعاس والنوم ..
ختامها مسك آخر قراءاتي لعام ٢٠٢١ كالعادة لم يكن واسيني أقل من التوقعات عشت رحلة الأمير عبد القادر بآلامها وآمالها بظلمها وظلامها وأمطارها وجهادها أشعر بشعور غريب تجاه هذه الشخصية التي لها عندي هالة القداسة وكأنه خلق لزمان غير الذي عاشه من أكثر الأفكار التي شدتني في هذه الرواية أن هناك أناس يأتون ببن عصرين يفهمونهما جيدًا وتقع على عواتقهم مسؤولية توعية الناس من حولهم نحن الآن أيضًا بين عصرين والكثير من مواطنينا ما زالوا يتمسكون بأفكار بالية من عصر الحروب الصليبية بينما نرى العالم وقد انتقل إلى عصر النانو ولا ندري إن كان بيننا مؤثر مثل الأمير يحاول إشعال شمعة في هذا الظلام الدامس يكتب الله لبعض الأشخاص أن تكون حياتهم مؤثرة في وجودهم وبعد انتقالهم إلى جواره ومن هؤلاء الأمير عبد القادر أسأل الله له العفو والمغفرة والرضوان
رواية الأمير كما يقول صاحبها هي رواية لا تقول التاريخ لأنه ليس هاجسها، لا تتقصى الأحداث والوقائع لاختبارها، فليس ذلك من مهامها الأساسية. تستند فقط على المادة التاريخية، وتدفع بها إلى قول ما لا يستطيع التاريخ قوله. تستمع إلى أنين الناس وأفراحهم وإنكساراتهم، إلى وقع خطى مونسينيور ديبوش، قس الجزائر الكبير، وهو يركض باستماتة بين غرفة الشعب بباريس وبيته للدفاع عن الأمير السجين بأمبواز. رواية كتاب الأمير، فوق كل هذا، درس في حوار الحضارات ومحاورة كبيرة بين المسيحية والإسلام، بين ألأمير من جهة ومونسنيور ديبوش من جهة ثانية،قصة رجل لايذكر التاريخ قصته المليئة بالتسامح والافق المتسع الا قليل .
قد نجد ضالتنا في قراءة كتب الفكر والثقافة حيث تتزاحم المعلومات والأفكار وتُقدَم لنا مركزة كدواء شافٍ يُبرئ عقولنا من أمراض الجهل وعمى البصيرة، بيد أنها ،مع ذلك، تظل مُرّةً صعبة التجرع. تتجلى هنا سطوة الأدب التي تحول فعل القراءة من مجرد تخزينٍ مصمت لمعلومات عن شخصية أو حدث ما إلى حوار حي بين تلك الشخصية أو المكان وبين قارئها... إنه الأدب والأدب الجيد فقط ما يُعينك على قراءة مايجوز عن مئات الصفحات دونما ملل أو كلل. صدقوني، إن في قراءة الأدب شفاء... مع كتاب الأمير، مسالك أبواب الحديد تبدأ رحلة الأدب من جديد...
رحلة تاريخيه في حياة البطل الامير عبدالقادر الجزائري الذي قاوم الاستعمار الفرنسي بكل قواته التي كانت ضئيلة بالنسبة للجيش الفرنسي . رواية تحكي لنا معنى العنف والتشريد والتشتيت والتهجير والنفي بكل معانيه الذي عاشه الشعب الجزائري في ظل الاستعمار الفرنسي ، نهاية مؤلمه للبطل الامير عبد القادر .
إنها ضريبة كبيرة أن تختار شخصية تاريخية وتضعها في أسلوب أدبي لا يعطيها حقها ، والادهى من ذلك أنك لا تحب أن تقرأ تاريخك إلا من خلال أسلوب أدبي ما لاحظته في جل رواياته هو التكلف والسطحية مصطلحات منمقة ليست هي دائما الحل لأنك تلبس الرواية غير ثوبها
This entire review has been hidden because of spoilers.