إن الكتاب عبارة عن مجموعة من التجارب الشخصية عاشها المؤلف بنفسه أو بقراءاته أو من خلال اتصالاته بفئات مختلفة من الناس. ويريد مؤلف الكتاب أن يزيح الستار ليكشف بعضا مما يدور في اعماق النفس البشرية بأنواعها المتناقضة، سواء كانت النفس الطيبة أو الشريرة أو الأمارة بالسوء، فلربما يكون هذا الكتاب تخفيفا لكثير من الآلام النفسية التي تتلاطم أمواجها بداخل بعض الناس، وتكاد تعصف بهم.
كان ناقد أدبي وصحفي مصري. تخرج من جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام 1956 واشتغل بعدها محرراً في مجلة روز اليوسف المصرية بين عامي 1959 إلى غاية 1961 ثم محرراً أدبيا في جريدة أخبار اليوم وجريدة الأخبار بين الفترة الممتدة من عام 1961 حتى عام 1964، كما أنه كان رئيس تحرير للعدد من المجلات المعروفة منها مجلة الكواكب ومجلة الهلال كما تولى أيضا منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون
صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب سنه ١٩٦٣م، وكانت بعنوان "التماثيل المكسورة"، وعندما صدرت الطبعة الثانية كانت بعنوان "الحب لا يتكلم كثيراً"، وفى الطبعة الثالثة تم تغيير العنوان إلى" تأملات فى الإنسان "، و منذ ذلك الحين لم يتغير عنوان الكتاب.
الكتاب مكون من ٢٦ مقالة، تتناول شخصيات عديدة ومتنوعة، تتشارك فى كونها تُعبر عن إنسان له مشاعره وأفكاره وقناعاته.
ومن حالات هذا الإنسان :
� الإنسان الذى يكره الإمتياز، ويعادى التفوق، ويخاف خوفاً عميقاً من أن يرى شخصاً يتمتع بموهبة لامعة، ومن ثم يحاول تحطيم مثل تلك الشخصيات. ( مثال لها: القاضى الذى حكم على سقراط بالموت)
� الإنسان الذى يستمتع بالفشل، فلذة الفشل تبدأ عندما يُلقى الإنسان سبب فشله على الآخرين، فيشعر أنه برىء أو شهيد، ويبعد عن نفسه تماماً مسؤلية الوضع الذى وصل إليه.( فالفشل لا يُكلف لأنه حرية وراحة، فلن تفكر فى قيود تحاول أن تتخطاها، ولن تتعب نفسك فى خلق حياة إيجابية)
� الإنسان الحزين هو مشروع إنسان فقط، وليس إنساناً كاملاً، أما الإنسان الناضج الذى يفهم بعمق فهو الذى يبتسم ويفرح. ( إذا كان الحزن دليلاً على المعرفة والفهم، فالفرح والابتسام هما دليل على احتمال الحياة)
� الانسان الذى يتردى من القمة للقاع، لظنه أن له الحرية المطلقه فى أن يفعل ما يشاء ما دام أنه يتمتع بامتياز العبقرية ( مثال لها: أوسكار وايلد)
� الإنسان الذى يرى أن الحياة قد أصبحت تمضى فى طريق مسدود يملؤه الحزن والفشل والعذاب، ولا يجد خلاص له إلا الانتحار. ( يمثله جزء من الجيل الذى ظهر فى مصر بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى إلى نهاية الحرب العالمية الثانية)
� الزوج العبقرى الذى لا يستطيع أن يحيا حياة عادية. ( كحياة تولستوى و بوذا )
� الانسان المتحمس الصاخب الذى يلجأ لزخرفة عواطفه بالكلمات المثيرة. (هو فى الحقيقة أبعد الناس عن العاطفة الصحيحة الصادقة)
� الإنسان الذى فرغ الأبوه من العاطفة، وكيف أن الآباء يمكن أن يكونوا فى حياه أبنائهم شيئاً جميلاً رائعاً فى بعض الأحايين، وشيئاً قاسياً مؤلماً فى أحايين أخرى. ( مثال لها: والد فرانز كافكا)
� الإنسان العظيم هو الإنسان الذى يذوب فى عمل يؤمن به فيُلهيه عن كل شىء حوله حتى الشهرة ( كدوستويفسكى)
رغم أن تأملات النقاش في الإنسان كانت موضوع الكتاب إلا أنني لم أملك إلا أن أقارنها بتأملات د. عبد الوهاب المسيري، والتي كانت دائما حاضرة في ذهني كلما شرع النقاش في "تأملٍ" جديد.
كتب النقاش الكتاب في فترة حزن وضيق بالحياة ليعالج به نفسه، وقدم للكتاب قائلاً أنه فيما بعد كلما عاد لفصوله "تدفقت في روحه عزيمة تريد أن تنتصر على الحزن والأسى"، كما اكتشف النقاش مع مرور الأيام أن كثيرين يشعرون نحو الكتاب بنفس مشاعره ويتغلبون على مصاعب الحياة بالعودة إليه. وجدت في هذا الكلام مبالغة كبيرة للغاية، وأعترف أنني لست من زمرة هؤلاء الآخرين، لأن النقاش من هؤلاء الذين يعتقدون أن الإنسان يمكن أن يتغلب على أحزانه ومتاعبه ومن الممكن أن يجد "معنى" لحياته بطرق "إنسانية" بدون أن يكون للدين دخل كبير في ذلك، إنه بذلك كما علّق أحد القراء: "يسبب لك الحزن من حيث أراد لك السعادة".
لا ينادي النقاش بتهميش الدين صراحة في كتابه ولكن هذا ما ستجده واضحا في ثنايا مقالاته، ولهذا فآراؤه كما أراها لا يؤخذ بها والأمثلة كثيرة؛ في مقال تحت عنوان: "المرأة والفضيلة والحب" يعتب النقاش على فتاة "مثقفة" تجاوزت الخامسة والثلاثين ولم تتزوج بعد رغم ما هي عليه من ثقافة، كان من ضمن عتابه عليها أنها لم تستجب لمحاولات شاب للتعرف عليها ليقعا في الحب قبل الزواج بحجة أنه "عيب وما يصحش" لتجد نفسها والتعبير له: "ليس في حياتها قبلة واحدة أو لمسة يد حانية، كل شيء فراغ إلا من التقاليد، ومراعاة التقاليد، والخوف من التقاليد"، وبما أنها خضعت "للتقاليد" يرى أن ثقافتها لم تغير منها شيء. الحقيقية لا أدر أي "ثقافة" يقصد ولا أدر إلام ترمي "الفضيلة" في عنوان المقال.
وفي تأمل آخر يتألم النقاش لأجل فتاة تشعر بالغربة في هذا العالم وتشعر بعبثيته، فيسأل وما الحل؟ لقد وقف أمام هذا السؤال فنانون وفلاسفة كبار يذكر منهم ألبير كامو، سارتر ، سيمون دي بوفوار، ولم يكن الحل هو الانتحار، فما هو الحل من وجهة نظر النقاش؟ يحدثك النقاش في مقال آخر بعنوان: "الصخرة" أن ألبير كامو آمن بأن الحياة عبث مطلق، فالإنسان مثله كسيزيف في الأسطورة الشهيرة حُكم عليه بأن يحمل صخرة لأعلى الجبل ثم تسقط ليعيدها لأعلاه من جديد إلى ما لا نهاية في إشارة لعبث وجودنا في الحياة، ولكن سيزيف لم ينتحر لقد تقبل حقيقة عبثية الحياة واستمر في حمل الصخرة، وهذه كانت بطولته! يعلق النقاش فيقول: "إن كامو لا يحاول الوصول لهدف في هذه الحياة لأنه يائس من هذه القضية وأن المغزى الذي يراه من أسطورة سيزيف هو أن العمل في حد ذاته سعادة بدون هدف أو نتيجة وكلما ازدادت معرفتنا بعدم وجود نتيجة، فإننا في هذه اللحظة نحب العمل في ذاته". (حقاً؟) هل يمكن لأحد أن يبتلع هذا الكلام ليقنعه بعدم الشعور بالغربة في هذا العالم؟ - كل شيء عبث، تقبل ذلك، من قال هذا؟ كامو، فلتقتد به! الغريب أن النقاش في السطر الذي يليه يقول: "الوعي والشوق إلى المعرفة هو ما يرجوه كامو، لذلك فهو يحارب البلادة يحارب التقاليد" (لاحظ كرر التقاليد ثانية)، ولكن أي معرفة يقصد ما دام كل شيء عبثي؟ أم أن المقصود بالمعرفة هو معرفة عبثية الحياة والتأقلم مع هذا الوضع كسيزيف؟ ذكرتني طريقة النقاش في التعاطي مع حل مشكلة الفتاة التي تشعر بالغربة، بتعليق قارئة على إحدى كتب عدمي آخر ككامو هو سيوران. معروف عن سيوران مقته الشديد للولادة، عنده يستوي الإحساس بالحرية بعدم وجوده في الحياة (تخيلوا!)؛ يقول: "أود أن أكون حراً، حراً بجنون، كمولود ميت"، في رؤية سيوران هذه للحياة وجدت القارئة عزاءها فعلقت قائلة: "أبقي بجانبي هذا الكتاب لأقرؤه كلما أحسست بفظاعة الحياة، على الأقل أصبحت أشعر بفظاعة الحياة لكن بشكل بليغ"
وفي تأمل آخر يرى النقاش أن البشرية مرت بأطوار، أولها تفسير الظواهر الطبيعية بنسج الأساطير حولها، ثم طور الأديان، ثم الطور الذي نعيشه الآن وهو طور "الإنسانية" أي: "أن كل شيء في الحياة يفسر من زاوية الإنسان"، ويضرب المثل بالعلماء الذين ينظرون للطبيعة ويتساءلون عن كيفية استخدامها في خدمة الإنسان؟ (هل العلماء لم يظهروا إلا في العصر الراهن فقط؟). لم يمتد العمر بالنقاش ليرى العلماء يخترعون الوسائل العلمية لخدمة إنسان هذا العصر فيبيحون استخدام الهرمونات للأطفال والمراهقين في عمليات التحول الجنسي المزعومة وذلك بعد أن أصبح الجنس البشري "من زاوية الإنسان" لا يقتصر على الذكر والأنثى، بل هناك المتحولون جنسيا وثنائيو الجنس، بل وأصبح هناك من يرفض أن يُصنف من الأساس (وصلت الهوية الجنسية لأكثر من عشرين نوع وأصبح هناك دعوات إلى أن تضاف خانة جديدة إلى جانب الذكر والأنثى في جواز السفر لمن يرفض أن يُطبِق هذا التصنيف على نفسه)، ولم يطل به العمر ليشهد دورات مياه المدارس في بعض دول الغرب المتحضر وقد أصبحت مفتوحة لهؤلاء المتحولين فيدخل من "يشعر" أنه أنثى إلى دورات مياه الفتيات الصغيرات في اختراق صارخ لخصوصياتهم. هذه هي الزاوية التي أصبح إنسان العصر الحديث يرى بها نفسه وسط ترحيب المجتمع الذي يسعى لدمج كل "فئات" المجتمع ولو على حساب أمان الفتيات الصغيرات. ومنذ أيام طُردت امرأة تعمل في إحدى المؤسسات غير الربحية الأمريكية المعنية بمحاربة الفقر من عملها لأنها "تجرأت" وأعلنت أن الجنس البشري ذكر وأنثى فقط، وعندما لجأت للقضاء، لم تقبل دعواها، وعلل القاضي: "إن القول باستحالة تغيير المرء جنسه هو أمر لا يتوافق مع الكرامة الإنسانية وحقوق الآخرين". إذاً فمن زاوية الإنسان التي تفسر كل شيء: هي تستحق الطرد.
هذه الزاوية المغرقة في الإنسانية التي تصبغ نظرة النقاش للعالم وتهميشه للدين أثارت لدي النفور من تأملاته، بل وأشعرتني بالسطحية التي يعالج بها القضايا التي تعرض لها. كان المسيري محقاً عندما قال أن مثقفي هذا العصر منبهرون بالحضارة الغربية ومثقفيها وعلمائها من دون نقد كاف لعواقب النظر إلى كل شيء من زاوية الإنسان فقط، فكما نرى انتهى بهم الحال إلى إنكار أكثر الحقائق ثبوتاً في التاريخ وهي ثنائية الجنس البشري، وفي هذا تقويض للإنسانية التي يتغنى بها النقاش. لذلك لابد للإنسان من إطار ما يحدد له ما يصح وما لا يصح، إطار يعرّف الإنسان معنى الحياة وجدواها، بدلا من الاعتماد على اجتهادات أدباء العبث والتشاؤم، وتطبيقات العلم التي تبيح كل شيء. وعندما يطرح النقاش تأمله الإنساني بعيون هؤلاء دون نقد لرؤيتهم فهذا يعني تبنيه هذا الرأي أو تعاطفه معه (خاصة وأنه يجد العزاء فيه كما أعلن) أو حتى عدم اكتراثه للوصول لإجابة شافية.
لهذا لم أستسغ الكتاب، أما ما تخلل الكتاب من أمثلة من الأدب العالمي وخاصة الروسي فقد كانت ممتعة ولكن كما بيّنت ينقصها السياق الملائم لتطرح فيه.
تجربتي الثانية مع رجاء النقاش الذي أحببت أسلوبه و طريقته في طرح الأفكار منذ تجربتي الأولى مع كتابه "أدباء ومواقف" واسلوبه السهل الممتع بلا ممل حتى مع الإطالة :)
الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات صدرت ال��بعة الأولى منه تحت عنوان "التماثيل المكسورة" وهو عنوان احدى المقالات، وصدرت الطبعة الثانية تحت عنوان
مختلف وهو "الحب لا يتكلم كثيراً"، لنصل للطبعة الثالثة والتي هي بين أيدينا تحت اسم " تأملات في الانسان" وطُبع الكتاب
بعد ذلك تحت هذا الاسم والذي يقول عنه الكاتب في المقدمة انه الاسم المناسب لمحتوى الكتاب .
تدور المقالات كما اخبرنا رجاء النقاش حول فكرة "خصومة الانسان مع الحياة" والتي تتجسد في الكثير من الأسئلة التي تظل
تؤرقه طوال حياته، ذلك "الصداع النفسي" الذي لا ينتهي .
وما يميز هذه المقالات انه يقدم أمثلة من تجارب كتّاب مشهورين وغير مشهورين ولمحات من حياتهم كتولستوي وتشيخوف
وتورنجيف وكامو وغيرهم او حتى شخصيات مجهولة ولكن كان لها أثر ما سواء في حياتها أو بموتها، او عرض لفكرة قصة
ما لها مدلولها، فتدعوك للتفكير والتأمل ولو قليلاً، وأثار فضولي لأقرأ عنها المزيد .
نستطيع ان نطلق على هذه المقالات أنها روشته للمكتئبين خاصة، ودعوة للتأمل في الحياة :)
تأملات في الإنسان لرجاء النقاش كان اسم الكتاب في نسخته الأولى (التماثيل المكسورة) سنة 1963 و (الحب لا يتكلم كثيرا) في نسخته الثانية وبعد سبع سنوات(1977) كان اسم الكتاب الحالي (تأملات في الإنسان)
الفصول كالتالي بأسمائها واستفادتي أو اقتباساتي منها
1-التماثيل المكسورة: سلاح الضعيف تشويه الكبار لإخفاء نقصه . 2-اللذة الخطرة: الفشل وإلقاء اللوم على الآخرين ليرتاح الفاشل من مسؤولية بناء حياة ناجحة وإيجابية . 3-الأمريكي الحزين: الإنسان أهم من المادة.
4-ابتسم: الإنسان الحزين هو مشروع إنسان وليس إنسان كامل الابتسامة لا تعني بالضرورة أنك سعيد بل هي دليل على أنك تحتمل الحياة.
6-الزوجة المظلومة: (قصة الأديب الروسي تولستوي مع زوجته) قدّم السمع والإنصات لتفهم وجهة النظر الأخرى.
7-بالحضن: ليكن في قلبك وعقلك مجال لأقل مخلوقات الله شأنا فكل شيء ينبض بالحياة جميل.
8-الطفل المدلل: حدودك أنت تعلمها ولا يلزمك بها إلا نفسك..إن تجاوزتها كسرت شيئا في نفسك وربما نفسك.
9-حطم الكأس وعد إلى الحياة: لأن حياتك ثمينة..قم بحراستها. (فصل جميل ويستحق إعادة قراءته)
10-الباب الضيق: ص109 "دع ذلك الذي يتحسس طريقه في الظلام والضوء المرتجف يستمسك بهذه الوصية ويحرص عليها أشد الحرص وهي: أن يعمل الواجب القريب منه... فإذا قام بذلك أصبح الواجب الذي يتلوه واضحا ظاهرا" جيت أديب ألمانيا العظيم (فصل جيد ويستحق القراءة مجددا)
11- البئر: الذين يدخلون بئر المعرفة قد ينجحون أو يفشلون ولكنهم دائما يقومون باستغلال أعظم ما يملكه الإنسان: الفكر والعاطفة. والضائعون في بئر المعرفة مثل المنتصرين..كلهم "أبطال" إنهم يعملون لتجميل الحياة وجعلها عميقة وحلوة..محتملة ومعقولة.
12- الصخرة: الإيمان بالعمل هو الضوء الذي نستعين به لإيجاد الزهرة بين كومة القش..إنه سلاحنا القوي في وجه الروتين والتكرار ..وكلما كان العمل قائما على أساس من الوعي والإدراك كانت مقدرتنا كبيرة على أن نسعد بالحياة سعادة داخلية عميقة.
13- الحب لا يتكلم كثيرا: الأصوات العالية والصاخبة تدل على شخص أجوف والصمت والهدوء يدلان على العاطفة الناضجة الحقيقية.
14- أبي..إني أكرهك: فن الأبوة..
15- المغامر شخص فقد البوصلة ..
16-العجز العاطفي: عجز المرأة عن حب رجل واحد والإخلاص له..هو مرض يشقيها..ويؤدي بالمرأة نفسها إلى المأساة. فلا بد أن تتحطم حياتها في النهاية..ولا بد أن تقف في آخر الأمر أمام حياة كلها فراغ, وليس فيها ذكريات سوى الألم..
17-غرباء: يا ليتها تعرف طريقها وتركز عليه..ولسوف تستطيع يومها أن تضيف شيئا جميلا للحياة.
18-دفاع عن الجسد: الجسم السليم هو ثمرة العقل السليم.
19- نصف الجنون: بعد الطفولة نقف في مفترق طريقين: طريق للسعادة وطريق للتعاسة..والطريق العام الذي سير فيه الناس بحثا عن السعادة هو(الانتماء إلى شيء).
20-إرادة البشر: الاعتدال مهم في الموازنة بين سلوك المجتمع والفرد فلا ينصهر الإنسان في المجتمع وتُلغى إرادته الخاصة فالعنصر الفردي وعنصر الظروف الخارجية هما معا عنصران ضروريان لتفسير السلوك الإنساني.
21-منجم الفحم: قصة الكاتب الروسي دستويفسكي..يقول الكاتب أنه لا يوجد إنسان في العالم يستطيع أن يصف نفسه أنه مثقف دون أن يكون قد قرأ شئا غير قليل من أدب دستويفسكي وذكر قصته مع الثورة .. ثم أعطى نبذة عن كاتب روسي آخر وهو إيفان تورجنيف الذي كان ينشد الحب والحنان ولم يحظ به.. في نهاية الفصل تعرف علاقة اسم الفصل بما فيه.
22-المرأة والفضيلة والحب: قصة فتاة وصلت لشاطئ الخامسة والثلاثين ولم تتزوج بعد لأنها كانت تحسب ألف حساب للتقاليد وكلام الناس..فظلت بدون زواج وفي النهاية أصبحوا يعيرونها بعدم زواجها.
23-الزواج الكاذب: قصة الكاتب الألماني (ليونارد فرانك) بعنوان (كارل وآنا) .. رجلان وامرأة في فترة الحرب العالمية الثانية ..وما يؤدي إليه الحرمان من وهم.
24- العاشقة: قصة ليزا الفتاة الروسية المثقفة الجميلة التي تبحث عن الحب ..بين الفنان والفيلسوف عميق المعرفة والثائر..على من وقع اختيارها و ما السبب!
25-الهاربون من الحياة: يروي الكاتب الروسي انطون تشيكون حكاية ممثلة بدأت حياتها بتفاؤل وإشراق وانتهت بالهرب من الحياة وأسبابها الاجتماعية التي أدت لذلك.
ويروي الأديب العالمي مكسيم جوركي قصة المتشرد كانوفالوف الذي كان يعمل خبازا وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب ..ولم يجد في داخله شيئا يتشبث به ..فهرب من الحياة.
الكتاب واقعي من الدرجة الاولى يلامس بشفافية حياتنا ، اجاد الاسقاط بطريقة فريدة عكست لي الحياة باشكالها المتنوعة التي احياها ، كما وضح لي معاني عن الحياة كنت اجهلها و جدد لي بعضها الاخر : الحب ، المشاعر ، الانسان ، الابتسامة ، الالم والمعاناة ،، الصمت ، لغة العيون ، وصور وخواطر اخرى. يجب ان نعيش حياتنا ضمن فلسفتنا الخاصة لنجد لها معنى وطعماً
إن وجدت نفسك حائراً في حياتك ، باحثاً عن ما يلملم شئ من ذاتك قد نُثر و تحتاج لرؤية -وإن كانت على مقربة من المواساة الروحية - لتمضي بها مدعوماً للأمام ، ستجد كثيراً مما سيطيب خاطرك في تأملات في الإنسان ..
أحد اهم الكتب التي غيرت حياتي الى الابد والتي ارجع اليها كلما ضاقت بي الدنيا وصعب عليّ التنفس. انها تأملات في الانسان، المثقف والعادي على حد سواء. تأملات في الانسان بابسط اشكالها واعقدها. كتاب جدير بالقراءة ولكل المستويات
أي صديق طيب هذا!يصحبك في رحلة عجيبة داخل النفس البشرية؛بكل ما فيها من آلام وأحلام عرفناها جيدا,ولم تتوفر لنا الفرصة لفهمها.
سأقول الحقيقة الآن:الواحد منا قبل رجاء النقاش ليس كما هو بعد رجاء النقاش.
الجميل في هذا الرجل أنه ليس عالماً؛ليتعالي عليك ويرهبك في كل مرة في صيغة"ليس لهذا الموضوع مجال الآن,وربما نعود له في فصلٍ لاحق"
بل هو صديق حقيقي,يمارس صداقته مع القارئ بدون أن يعرفه,يتصادق عليه بكل بساطة وبدون مقدمات...غريب كيف يحدث هذا فعلاً.
قليل جداً من البشر يفهمون الإنسانية بمعناها الواسع،التي إحدي تجلياتها:نحن الاثنان من مخلوقات الله...لذلك سنتفاهم سوياً بسهولة لو أحببنا بعضنا.
وكان هذا هو منهج رجاء النقاش في كتابة(تأملات في الإنسان)بوعي أو بدون وعي.عن طريق حب الإنسان كما هو بعيوبه الشنعاء,وأخطاءه الفظيعة وخطاياه المدمرة,في النهاية يتمكن النقاش من نبشّ مشاعر الأشخاص الذين تحدث عنهم,لا يحكم علي أحد؛بل يُبدي رأيه بوضوح,فلا يضطرنا أن نكره أحداً.
علي الرغم من معرفته أن الكراهية؛لا يمكن انتزاعها من بعض النفوس الوضيعة,الحاقدة علي الناجحين في أي مجال,فهم في رأيه هواة تحطيم وتخريب لهؤلاء الممتازين من البشر,الذين يشعرون إزاءهم بالضآلة والحقارة؛لذلك يودون رؤيتهم مهشمين كتماثيل مكسورة!!
بالمشاعر الصادقة والخبرة الحياتية العريضة والثقافة الواسعة ,يشكل رجاء النقاش حالة فريدة في تاريخ الأدب العربي الحديث.
ومن تلك الخبرة يحذرنا من مصيدة ندخلها بأقدامنا,ونحن سعداء مرتاحون!تلك التي يدعوها"اللذة الخطرة"وكم عرفت من أناس عاشوا حياتهم كلها وهم يستمتعون بتلك الذة القاتلة,وقد جربتها مراراً-قبل أن ينتشلني منها هذا الفصل-وكنت بالفعل أشعر بمتعتها وتأثيرها المسكّر علي النفس,وكنت أردد لنفسي في نشوة من ألقي علي عاتقه كل المسئولية:وماذا أفعل..هم السبب..هم من يقفون في طريقي؛ولذلك لن أعمل حتي تنصلح الأمور...يا لي من شخص م��كين يتآمر ضدي الجميع.
وماذا تكون تلك اللذة؟
يسميها النقاش(لذة الفشل) أي كم أنا رائع وجميل ولكن من حولي لا يقدرونني,الظروف لا تلائمني,الحياة لا تعجبني...الشيشة لا تُكيفُني!!!وما إلي تلك الأعذار الرائعة الجميلة بالفعل...كم أحنّ إلي تلك الأيام عندما كنت أتصور أني رائع وجميل,قبل أن يركلني النقاش في مكان حساس-نفسياً!-؛لينقذني من ذلك المخدر الملعون.
لا يمكن اختصار الكتاب أو شرحه,فأهم ما فيه تلك العلاقة المباشرة بين الكاتب الصادق والقارئ المحب...كنت أتمني أن أتحدث عن كل فصل,لكن إذا ماشيت تلك الرغبة فلن أنتهي من الحديث؛فكل فكرة رغم بساطتها,إلا إننا حين نتأملها ونغوص فيها نندهش,ولابد أن نتساءل:"تري لو كان رجاء النقاش كاتباً أوروبياً أو أمريكياً..هل كنا سنسأم من كثرة تكريم ذكراه من قبل دولته الاجنبية,والاحتفالات التي ستقيمها ونشره في العالم عبر الترجمة��!"
أسئلة كثيرة لابد أن تدور....لو كان في مصر تعليماً ومدارس وجامعات,لتمنيت أن يُدّرس أحد مؤلفاته لكن للأسف في مصر نفتقد تلك الأشياء الجميلة...والمصيرية!
لمحات حياة سريعة لعمالقة كتشيكوف و تولستوى وجيت وسواهم .. يحاول الكاتب ان يستكشف نظرتهم للحياة وانعكاسها على سلوكم واثر المحيط الخارجي الذي ساعد بهذه النظرة ..
تاريخ القراءة الآصلي : ٢٠٠٠ آحد آهم النقاد العرب في القرن العشرين، يتحدث بتواضع وظرف وبكل صراحة عن أهم التجارب والتفاصيل التي عاشها حتى وصل لتأملاته الغنية والغريبة عن بني البشر
استمتعتُ جدًا بهذه التأمّلات اللّافتة والمؤثرة، والتي مُعظمنا يمرُّ بها ولا يعلمها، وتُسيطر على عواطفهِ وانفعالاته وتصرفاتهِ، بحيث تجعلهُ يقوم بتصرفاتٍ غير لائقة مثلًا، أو يكون في موضع الرجل الخطأ أو الشخصية الشريرة في مكانٍ ما مِنْ هذا العالم.
الكتابُ الذي كان لديّ نُسخة ورقية منه، قديمةٌ جدًا، وجدتُ -بالصدفةِ- هذا الكتاب في مكتبة الوالد، ويعود تاريخ الطبعة الأولى إلى عام 1977م في شهر حزيران (يونيو).
احتوى على 28 مقالة في مُختلف التصرفات والانفعالات في الشخص، كالحب، والكُره، واحباط الناجح، الحقد، والحسد، وتدبير المكائد، وغيرها، التي لا تأتي بفطرة الإنسان، وإنما بعواملٍ جديرة بالاهتمام والدراسة خاصةً في الوقت الحاضر. استطعت أنْ أقرأ 18 مقالة مِنْ أصل 28، وكانت جميعها ذات قيمة وجميلة جدًا، وبأسلوبٍ روائي فلسفي رائع. ولعلَّ مِنْ أجمل المقالات التي ذكرتها كانتْ مِنْ حظ مقالة (الزواج الكاذب)، حيثُ أوردتْ فيهِ قصة للكاتب الألماني (ليونارد فرانك) تحت عنوان (كارل وآنا) فقد كانتْ قصة مؤثرة، أوردتْ أبرز أحداثها لتُحللها بشكل جميل وأخذ الدرس المُستفاد منه.
أشبه ما يكون بالمواعظ الجميلة والمواساة لمن ضاقت به الحياة .. الكتاب غير مناسب في أي وقت ! لا تقرأه وأنت سعيد فلن يعجبك .. إقرأ فقط في حالة الضيق والحزن ..
تأمّلات في الإنسان/ رجاء النقاش دار المريخ للنشر � الرياض � الطبعة السادسة - 1989م الكتاب يقع في 289 صفحة � " إنّها تأمّلات في الإنسان... تأمّلات متواضعة ولكنها صادقة ". هذه هي كلمات ( النقاش ) عن كتابه، فلنُبحر معه في تأمّلاته، لعلّنا نلتقي بأنفسنا هناك.. � (محمد رجاء عبد المؤمن النقاش)، (ولد في محافظة الدقهلية في 3 سبتمبر 1934 وتوفي في القاهرة في 8 فبراير 2008)، ناقد أدبي وصحفي مصري. تخرج في جامعة القاهرة قسم اللغة العربية عام 1956 وعمل بعدها محرراً في مجلة روز اليوسف المصرية بين عامي 1959 حتى سنة 1961 ثم محرراً أدبيا في جريدة أخبار اليوم وجريدة الأخبار في الفترة من عام 1961 حتى عام 1964، كما كان رئيساً لتحرير عدد من المجلات المعروفة منها مجلة الكواكب ومجلة الهلال كما تولى منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة مجلة الإذاعة والتلفزيون وكذلك تولى رئاسة تحرير مجلة الشباب التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة وقت إن كان الدكتور كمال أبو المجد وزيرا لها في السبعينيات. � ( تأمّلات في النفس ) ظهر الكتاب في طبعته الأولى بعنوان ( التماثيل المكسورة )، وصدرت الطبعة الثانية بعنوان ( الحب لا يتكلم كثيرا ) بإضافة تسعة فصول جديدة، والطبعة الثالثة كانت بعنوان ( تأملات في الإنسان ). � أمّا عن موضوع الكتاب، فأميل دائمًا إلى اقتباس حديث كلّ مؤلّف عن كتابه، فالكتاب، أي كتاب، هو تجربة الكاتب، وخلاصة أفكاره وتأمّلاته، وهو أصدق الناس في التعبير عنها، يقول (النقّاش) عن كتابه في مقدمة الطبعة الثالثة: " وأود أن يسمح لي القراء هنا باعتراف خاص، هذا الاعتراف هو أنني أحب هذا الكتاب أكثر من أي كتاب آخر لي. وذلك ببساطة لأنني كنت أحاول أثناء كتابته أن أعالج نفسي من الحزن والضيق بالحياة. كنت أحاول أن أنتصر على عوامل الهزيمة الروحية التي أوشكت يوما أن تسد أمامي كل الطرق وأن تسلب مني أي حماس للحياة أو ابتهاج. وكلما عدت إلى فصول هذا الكتاب تدفقت في روحي عزيمة تريد أن تنتصر على الحزن والأسى والتشاؤم ". � ينقسم الكتاب إلى مقدمة وفصول، أو فلنقل مقدمة وصور، وهي صور أشبه ما تكون بالقصص الحقيقية المُصاغة في قالب أدبي، صور من الحياة جعلها منفصلة بأسماء مختلفة، لكل صورة أبعاد نفسية لن يفوتك رؤيتها، وستشعر أنّك قابلت يومًا، بل عشت يومًا مثلها، وإن دارت حول نفس الفكرة الرئيسة، فكرة التأمّلات في نفوس البشر، أسماء الفصول جميلة معبّرة عمّا فيها، فصل اسمه (التماثيل المكسورة)، وآخر (اللذة الخطرة)، و(الزوجة المظلومة)، و(الحب لا يتكلم كثيرًا)، والهاربون من الحياة)، وغيرها. � مقدمة الطبعة الأولى: من الحياة: صور من الحياة، تجارب نقلها الكاتب، بعضها ذاتي، والآخر رآه في أُناس غيره، المشكلة الرئيسية فيها هي (مشكلة الخصومة مع الحياة)، يبحث عن إجابة لسؤاله: "كيف يعيش الإنسان في سلام مع نفسه، وفي سلام مع الناس؟"، كلّ ذلك اعتبره المؤلّف مجموعة من ((أقراص الأسبرين)) هدفها تخفيف الحزن البشري والخصومة مع الحياة. � التماثيل المكسورة: عن الكارهون للامتياز يتحدّث ( رجاء النقاش ) هنا، عن أعداء التفوق، الكارهون للجمال، النفسية المُعادية لكل ناجح وجميل وصادق ومحبوب، لأنّهم لا يملكون ما يميّزهم كرهوا التميّز في غيرهم، أشخاص أعياهم الوقوف أمام النجاح بلا نجاح فالتزموا طريق نقد الناجح وتشويهه كي ترتاح نفوسهم، ويساعد الممتازون الحاقدين بالوقوع في فخاخهم، وهو ما أسماء المؤلّف ب ((ضعف العظماء)). � من جماليات هذا الكتاب، أنّ المؤلّف سيذكر نماذج من التاريخ عن النفسيات التي يتحدّث عنها، فعن نماذج ((محنة الامتياز))، يذكر ما حدث مع (سقراط) الذي مات محكوما عليه بالإعدام على يد احد الحاقدين عليه، وما حدث مع (جان دارك) التي حوكمت وأُحرقت رغم دورها في نصر فرنسا، فلقد راحت ضحية الوفاق بين إنجلترا وفرنسا، وهؤلاء على عكس (نابليون) الذي مات على فراشه لأنه احتمى بالحذر من أعدائه. � أيضًا مما يميز هذا الكتاب، أن المؤلّف لم يكتف بذكر الصفة النفسية السيئة وبيان عوارها، وذكر الأمثلة الواقعية عليها، بل ذكر أيضًا كيف يكون التعامل معها وحلّ مشكلتها، على مستوى الفرد والمجتمع أيضًا. � اللذّة الخطرة..: في مدخل لطيف، يحكي لنا المؤلّف عن نوع من الشخصيات، استمدّ الحديث عنه من قصة كتبها الأديب العالمي ((دستويفيسكي))، شخصية مُصابة بعقدة الاضطهاد، موسيقار فاشل لا يعزف إلّا لحن الشكوى والسخط. � يُحدّثنا المؤلّف هنا عن عذوبة الشكوى، تلك الحالة التي تجعل البعض يعيش في لذة عجيبة، ويأخذ بأيدينا إلى توصيف دقيق للمشكلة، وهي طريقة مواجهة الفشل عند البعض، يقول المؤلّف: " وأخطر مراحل الفشل هي أن يتحول إلى عادة ثم اقتناع "، ثم يصف لنا المؤلِّف في عبارة ناصحة ما الذي ينبغي على الإنسان فعله ليكون فعّالا ناجحا، فيقول: " والفشل ليس نهاية للحياة. بل هو تجربة مفيدة يجب أن نخرج منها بنتيجة لنصل بتجاربنا الجديدة إلى شاطيء النجاح ". � الأمريكي الحزين: عن الأمريكي المُصاب ب ((عقدة السيارة))، وقصة الممثل ((جيمس دين))، يتحدّث إلينا المؤلّف، فالسيارة هي رمز العالم الآلي لذلك يهتم بها الأمريكان ويمنحونها الرعاية الكاملة، ثمّ حدّثنا عن نماذج أخرى من الأمريكان، مثل الأديب ((فوكنر))، والروائي ((جون شتاينبك))، وكذلك ((هيمنجواي)) الذي يقد الطبيعة في أدبه كرد على المجتمع الآلي. � ولم يفت المؤلّف أن يُعقّب على مقالته تلك، بعد تطور أحداث تخص الشخصيات التي ذكرها كأمثلة، فقال في الأخير: " وهكذا فحتى هؤلاء الأمريكان الذين كنت أتصور أنهم أقوياء قد انهزموا أمام فساد المجتمع الأمريكي ". � ابتسم: من مقدمة تتحدّث عن المصريين القدماء، وجمعهم بين الحزن والسخرية، يخرج لنا المؤلّف بتساؤل: " كيف يجتمع الفرح العميق والحزن العميق في نفس واحدة؟ "، ويُجيب إجابة نفسيّة بليغة ويقول: " من النظرة الأولى تبدو المسألة غريبة، ولكن الحقيقة هي أن الابتسام والفرح هما ارقى تعبير عن الحزن العميق.. الأصيل ". � وبعد أن يُقدّم المؤلّف لفكرته ويضرب لها الأمثلة، ويقدّم النماذج عليها، يختمها بالنصيحة كعادته، نصيحة أدبية غير جافة بمواجهة الحزن بالابتسام، فيقول: "إن حبيبك الذي هجرك وصديقك الذي تخلّى عنك، وزميلك الذي لا يبالي بمشاعرك، والمرض الذي قد تهاجمك به الطبيعة.. كل هؤلاء يخافون ابتسامتك، ويزدهرون وينتعشون على قطرات من دموعك. فابتسم ". � المنتحرون: مجتمع الأزمة والانتحار في مصر قبل سنة 1952، وحكايات غريبة يحكيها لنا المؤلِّف عن المنتحرين، الكاتب العالم إسماعيل أدهم، وحكايته مع مجتمع مصاب بأزمة ((كراهية العلم)) تحت ضغط المستعمر، وكيف ظل البؤس المادي والمعنوي يسيطر على حياته حتى مات منتحرًا، ثمّ حدّثنا المؤلف عن قصة (فخري أبو السعود) والذي مات منتحرًا أيضًا، رغم اختلاف الأسباب وطبيعة الحياة التي عاشها، وحكى عن (العاصي) الشاعر الذي أحرق نفسه، وتحدّث عن كون هؤلاء الثلاثة إنّما هم رموز تمثل جانبا من جيل ما بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في مصر إلى نهاية الحرب الثانية، يمثلون نوعا حادا من الحزن والقلق وعدم القدرة على النجاة. � الزوجة المظلومة: يُصوّر لنا المؤلّف حياة زوجات قُدّر لهن الزواج بعباقرة، فكانت حياتهن أتعس ما يكون، زوجة برنارد شو، وزوجة هافلوك أليس، وزوجة تولستوي الذي فصّل في وصف مأساتها مع زوجها صاحب النفس القلقة المتمرّدة، وإن بدا للجميع أنها هي سبب مأساته. � بالحضن: والآن من حكايات مُحبّي الحياة نعيش، هؤلاء الذي يأخذون الحياة بالحضن كما وصفهم (النقاش)، فحكى لنا قصة الشاعرالفنان الإنسان((والت ويتمان))، ويعبّر لنا ويتمان بكلماته عن نفس تعشق الحياة وتقبل عليها بحرارة، ويقول المؤلّف عنه: " إن أجمل ما نتعلمه من هذا الفنان الذي يحتضن الحياة ويقبل عليها ((بنفس مفتوحة)) هو أن نتقبل الحياة، وأن نعيشها بشجاعة كما عاشها هذا الشاعر ". � الطفل المدلل: حياة الفنان، تميّزه الذي قد يوحي بأنّه ينبغي أن يكون مدللًا، بينما الواقع يقول إن امتيازه كفنان إنما هو عبء ومسئولية، كما كانت حياة ((أوسكار وايلد))، فقد وقع في بداية حياته فريسة لفكرة التميّز الخاطئة، فكرة حرية الفنان وحقه في أن يعيش أي نوع من الحياة الشاذة بحثا عن المعنى الفني، ثم عاد بعد ذلك إلى صفاء عبقريته.، ووصف تجربته في كتابه ((من الأعماق)). � حطم الكأس وعد إلى الحياة: بكلمات هذا العنوان نادى ((أنطون تشيكوف)) أخاه ((نيكولا)) الرسام الكاتب، الذي يشكو الناس والحياة ويتعزّى بكأس الفودكا، وأراد ((تشيكوف)) أن يُنقذه من انهياره فقال له: "إن كل لحظة من حياتك لها قدرها"، لكن نيكولا لم يفعل، وبقيت نصيحة تشيكوف، حيث عالج تشيكوف أكبر مشكلة تسبب التعاسة للإنسان؛ وهي أن يشعر الإنسان أن حياته تافهة، لا فائدة منها ولا جدوى.. � يُعجبني التوصيف الدقيق للمشكلات التي يذكرها المؤلّف، ويعجبني أكثر الأسماء التي يُطلقها عليها، فقد سمى المشكلة هذه المرة بمرض ((عدم الحراسة الدقيقة على الحياة)). � الباب الضيق: لحظة الصدمة التي تمر تقريبًا بحياة كل إنسان، تلك التي يعتبرها البعض النهاية، ويعتبرها الآخرون معبر يتجاوزونه ويستمرون في الحياة، ليعيشوا بعدها حياة أعمق ليست كالحياة ما قبل الصدمة، تلك الملفوفة بسلوفان الوهم أو الحلم، أما البوصلة الهادية للطريق الصحيح فهي بوصلة العمل، عمل الواجب القريب من الإنسان. � البئر: سؤال محيّر؛ " ما معنى الحياة؟ "، تسأله فتاة مميزة بالمال والجمال، وترفض قبول الرضوخ للمصير العادي لأي فتاة، فلجأت إلى بئر المعرفة تنهل منه في محاولة لتغيير مصيرها، عالم المعرفة الإنسانية العميقة هو عالم التساؤل والشك، " والذين يحملون في نفوسهم ((شرارة)) المعرفة، وحنينا كبيرًا إلى رفض الحياة الروتينية.. هم دائمًا الذين يرسمون للحياة مستواها الجميل، رغم ما يلاقونه من التعب ". � الصخرة: أسطورة ((سيزيف)) اليونانية، والصخرة التي ترمز إلى تكرار العمل العبثي، أسطورة ترمز إلى حياة الإنسان بلا جدوى ولا معنى، مشكلة أسماها الفلاسفة، ((مشكلة العبث))، والتي عبّر عنها الكثير من المبدعين، ومنهم فيلسوف العبث المعاصر((ألبير كامو))، والذي كان يرى الإنسان غريب ضائع يعيش حياة كلها عبث، قد حُكِم عليه أن يقوم بعمل تافه، وأن يكرره كل يوم، لكنه لا يرى أن الحل في التخلص من الحياة، وإنما يجب أن نتقبل الحياة ونحتملها، والطريق لذلك هو الوعي، فكلما ازداد الوعي ازداد احتمالنا للحياة، يرى ((كامو)) أن العمل في حد ذاته سعادة، بدون هدف أو نتيجة محددة، لأننا بذك نحب العمل في ذاته، تلك هي الحكمة، الإيمان بالعمل، سلاحنا في وجه الروتين، وسلاحنا للتغلب على العبث، والانتصار على الصخرة. � الحب لا يتكلم كثيرًا: أرقى مقياس للعاطفة الصادقة هو ((ضبط النفس))، فلا ينساق الإنسان مع أوهامه ومشاعر الأولى ناقصة النضج، ولا يُبالغ في عاطفته، فالبساطة والوداعة علامات للعاطفة الصادقة الناضجة. � أبي.. إنّي أكرهك: الأب النرجسي الأناني، الذي لا يرى إلا نفسه، ولا يرى أحدًا غيره على صواب، عن هذا النوذج ضرب المؤلّف والد الأديب(كافكا) كمثال معبر عن تلك الشخصية، ذلك الأديب الذي مات وترك لوالده رسالة في حجم كتاب صغير، تُعدّ درسًا في الأبوّة وإشارة إلى أهمية وجود الأب في حياة أطفاله. � المغامر: حالة يتحوّل فيها الشاب الثوري إلى مغامر، مثل ما حدث لشباب ما قبل الثورة، من عاشوا أزمة المجتمع، ففكروا في حل الأزمة بالانفجار والعنف، ثورة من أجل بلادهم، من أجل التخلص من الاستعمار وأعوانه، حتى تعودوا على حياة الاندفاع والمغامرة، لقد كان اختيار العنف وسيلة لغاية التخلص من الأنجليز، لكن الاستغراق جعل العنف هدفا مستقلا بلا غاية، حيث يتحول الثوري إلى إرهابي ثم إلى مغامر، مثل شخصية ((هوجو)) كما صورها سارتر. � العجز العاطفي: حرية المرأة في العالم تجربة جديدة، وهو سر المرض الذي تعانيه بعض نماذج النساء؛ إنه العجز العاطفي، وأكبر أعراضه أن يقول لك وجه المرأة: إنها لجميع الرجال وليست لرجل واحد، إنه العجز العاطفي الذي يجعل المرأة غير قادرة على حب رجل واحد والوفاء له. � غرباء: نصنع الأوهام أحيانا، ونُضفي على بعض الناس ما ليس فيهم، وننتظر منهم ما لا يصدر عنهم، يحكي لنا (النقاش) عن السمراء التي تشعر بالوحدة والغربة، تبحث عن الحل كما بحث عنه الفلاسفة والفنانون أمثال سارتر وكامو وجراهام جرين وسيمون دي بوفوار، والانتحار بالطبع ليس حلا، بينما الحل هو الوعي بمشاكلنا والتفكير المتعقل لحلها.. يُرينا المؤلّف نموذج للشخصية التي تخلط بين الحرية والفوضى، ولا تعرف ماذا تريد، لعلها تعرف طريقها وتركز عليه فتستطيع أن تُضيف شيئًا جميلًا إلى الحياة، ثمّ يُرينا المؤلّف نموذجًا آخر لصديقه الغريب الذي يبحث عن نفسه منذ زمان، ويجري هنا وهناك لعله يستقر على معنى لحياته وهو الفنان عبد الغفار المكاوي. � دفاع عن الجسد: قيمة الجسد واختلاف النظر إلى تلك القيمة، يُعبّر الكاتب هن عن فكرة صاغها قائلًا: " إن الذين قادوا المعركة ضد مطالب الجسد البشري، ودعوا إلى السمو على المطامع والتخلص منها.. إنما كانوا يهدفون من دعوتهم إلى أهداف إيجابية عملية "، وهي مواقف أملتها ظروف معينة، لكن الأصل في الحياة الإنسانية هو الاهتمام بالجسد واعتباره وسيلة أساسية يقوم عليها بناء الحياة. � نصف الجنون: مفترق ما بعد الطفولة، طريق للسعادة وآخر للتعاسة.. وطريق السعادة العام الذي يسير فيه الناس هو ((الانتماء إلى شيء))، وعن التعساء الذين تخلو حياتهم من شيء ينتمون إليه، جاءت القصة التي كتبها ((آرثر ميللر))، والتي تحولت فيلمًا أبطاله معذبون تعساء، يصفون حالة سماها الكاتب ((كولن ولسن)) بحالة ((نصف الجنون))، لأن الإنسان يكون فيها مثل المجنون، فاشلا في التلاؤم مع الحياة والناس، حائرا مرتبك النفس والسلوك، لكنه ليس كامل الجنون. � إرادة البشر: في حياة الحضارات الإنسانية، كانت الأساطير أولا تُفسر الأشياء، ثم جاء عصر الدين يفسر الظواهر والأشياء، حتى تطور الإنسان فوصل إلى مرحلة أن كل شيء يفسر من زاوية الإنسان، فكانت النزعة الفردية اولا ثم الجماعية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي نزعة أوجدت ظاهرة تفسير السلوك الإنساني بالظروف المحيطة به، ويعترف المؤلّف بأن الظروف التي تمر بالإنسان تؤثر في شخصيته تأثيرا حاسما مع عدم إغفال عنصري الإرادة والإحساس الذاتي. � منجم الفحم: الإنسان دائما يميل بفطرته إلى أن ((يحقق ذاته)) على أوسع نطاق ممكن، وذلك بصور متعددة، قسم منها طبيعي مثل فكرة الأمومة والأبوة وكون الأبناء ميدان تحقيق الذات لهم، والصورة الأخرى لتحقيق الذات هي اعتراف ((الآخرين)) بوجود الإنسان عن طريق اعترافهم بعمله وتمجيدهم لهذا العمل، فالشهرة لون من تحقيق الذات، غير أن الإنسان العظيم هو الإنسان الذي يذوب في عمل يؤمن به فيلهيه عن كل شيء حوله حتى الشهرة. � المرأة والفضيلة والحب: حكاية سعاد التي بلغت الخامسة والثلاثين ولم تتزوج، بسبب تقديسها للتقاليد ومراعاتها المطلقة لكلام الناس، يصف لنا المؤلّف بهذه القصة نموذج من الفتيات هو مزيج من التردد والخوف وعدم الفهم للمرحلة التي نمر بها. � كان ينبغي أن أُسجل اعتراضي على التفسير الذي ساقه المؤلّف هنا، وفسر بها تعاسة تلك الفتاة، واعتبر أن حفاظها على التقاليد هو السبب، ولا أجده مُحقًا في هذا، لكنها وجهة نظره على كل حال. � الزواج الكاذب: البعض يلجأون إلى الحصون التي يعرفونها كي يحتموا بها في لحظات العذاب والحرمان، كالكتاب والرحلة والصديق، ولكن هناك كثيرا من الناس يعيشون وجهًأ لوجه مع (( الألم)) دون سلاح لمحاربته ولا موهبة لمواجهته، فكيف يواجهون الحياة؟ بالوهم أحيانًا، على كل حال سيُخبرنا المؤلف. � العاشقة: ما الصفة الساحرة التي تجعل المرأة تُحب؟ بالطبع ليست صفة محددة، فلكل عصر مثله الأعلى، لكن هناك قاعدة الرئيسة لعاطفة الحب تحدث عنها (إيفان تورجنيف) في قصة ((ذات مساء))، الحيوية والصدق هما إجابة السؤال. � الهاربون من الحياة: لماذا يهرب البعض من الحياة بالنسيان عن طريق السكر، أو بالانتحار، أو بالعزلة؟ سؤال شغل مفكري العالم، يحمل ذلك ضمنيًا سؤالًا آخر عن هدف الحياة، العذاب الذي يشعر به الإنسان جراء فقده لهدفه في الحياة، بسبب الظروف الإجتماعية، أو بسبب العجز الشخصي في العثور على هدف ما لهذه الحياة، يختم الكاتب حديثه في هذه النقطة قائلًا: "لا بد أن يكون للإنسان هدف واضح وجميل، ولا بد أن يكون للمجتمع ايضًا هدف واضح وجميل، وبدون هدف يسعى إليه الإنسان ويسعى إليه المجتمع، بدون هذا الهدف تتحول الحياة إلى جحيم". � صور وخواطر: يُعبّر المؤلّف في هذا الفصل عن مواقف مرّ بها وتركت فيه نفسه أثرًا، وأثارت في عقله تساؤلات، وخلقت مشاعر وانطباعات، صورة أسماها ( امرأة وحيدة)، وخاطرة أسماها ( أمي )، وأخرى بعنوان ( مرحبا بالخريف )، ثم ( أمنية )، و خاطرة بعنوان( العيون )، ثم خاطرة أخيرة بعنوان ( وجه ). ------------------------------------ � اقتباسات من الكتاب: " عندما ينهار الشخص الممتاز تستريح نفوس أعدائه الذين خلقهم امتيازه.. وتنطفيء نار الحقد، ويعود كل شيء هادئًا مطمئنًا لا تزعجه تلك القوة الخارجية المتفوقة ". " (( ضعف العظماء )).. وهو الضعف الذي يؤدي إلى عدم رؤية الآخرية رؤية صحيحة، والعجز عن تصوّر انفعالاتهم الخفية السوداء وإدراكها ". " الخوف من الامتياز -كما يقول أحد علماء النفس- هو ظاهرة معضلة من ظواهر النفس البشرية. وهي ظاهرة يشعلها الفشل والضعف، ويخفف منها بل ويقضي عليها أن يحاول الانسان احترام الامتياز ومحبّته ". " الامتياز ابتكار وتجديد وخروج عن العادة، والناس ترتاح للعادة القديمة، حتى لو كانت سيئة، على أن تحتمل هموم التجديد والابتكار. لكنّ الإنسانية ستظل في الوقت نفسه تضع سرّها وقوّتها في الشخص الممتاز الذي يدفع الحياة إلى الحركة، وينير طرقاتها المظلمة، ويُغامر دائمًا في سبيل الكشف عن الشيء الغامض فيها، حتى يسير من بعده الناس في نفس الطريق ". " كان طيلة حياته يشعر بعذوبة الشكوى، ويعيش في لذّة عجيبة، تصدر عن إحساسه بأنّه مضطهد وشهيد ". " إن الذي يضع مسئولية فشله على الغير، هو إنسان يشعر أنه خال من العيوب، وأن العيب يكمن في الآخرين ".
هل كانت زوجة تولستوي سر مأساته؟ أجل كانت جزءً من هذه المأساة، لأنها لم تفهمه تمامًا؛ ولكن تولستوي كان لابد سيقع في المأساة سواءً كانت معه زوجته أم لا، فقد كان قلقه فظيعًا، بشكل لا يمكن أن يعطيه أي لون من ألوان السعادة، فهو لغم من الألغام النفسية التي تدمر كل هدوء واستقرار في حياته. كان يصر على كتابة المسودة سبع مرات، وعلى أن يكتب الكتاب كله من الأول كلما قرأه من جديد. وكان يكره عالمه الخاص والمجتمع الذي يعيش فيه ويريد تعديلًا كاملًا للوجود البشري، وهذا هو سر مأساته.
فقد أنهى تولستوي أحد تسجيلاته بهذه الجملة: "لقد تصرفت بصورة سيئة: جبن وغرور وطيش وضعف وكسل". هكذا يضرب تولستوي نفسه بسوط لا يرحم، ويراقب نفسه بدقة وقسوة وكأنه قد انقسم إلى شخصيتين إحداهما تعادي الأخرى بشدة، فتقول لها عيوبها بلا خوف ولا مجاملة، وتكون هذه المواجهة القاسية هي بداية التغير نحو حياة أكثر جمالًا وفائدة، وإن لم تكن أكثر سهولة وراحة، فعندما كان تولستوي يصف بصدق وأمانة أن هذا التصرف جبن وهذا غرور أو كسل، فهو في الوقت نفسه يسجل سخطه على هذا النوع من التصرفات وكراهيته له، وهو على الفور يبدأ في التغير نحو الجميل والعميق معًا.
أحب أن يسمح لي القراء باإعتراف خاص ،هذا اﻹعترا� هو أنني أحب هذا الكتاب أكثر من أي كتاب اخر .وذلك ببساطة لأنني كنت أحاول أثناء كتابته أن أعالج نفسي من الحزن والضيق بالحياة كنت أحاول أن أنتصر على عوامل الهزيمة الروحية اللتي أوشكت يوما أن تسد أمامي كافة الطرق وأن تسلب مني أي حماس للحياة أو ابتهاج بها ،وكلما عدت إلى فصول هذا الكتاب تدفقت في روحي عزيمة تريد أن تنتصر على الحزن واﻷس� والتشاؤم ........ هذا ماكتب ع الغلاف الخارجي للكتاب وبسبه قررت أن أقرأ الكتاب أول تجربة لي مع رجاء النقاش ويالها من تجربة تعرفت على شخصية حكيمة مليئة بالنظرة الثاقبة للحياة بالمعاني العميقة الثقافة المسكوبة على صفحات الكتاب ..شعرت باﻹنتما� لهذا الكتاب حيث انه لا يخاطب جيلا واحد لا جيل الخمسينات ولا السيعينات ولا جيلنا فقط ...تنوع اهتمامته بالفن تارة يتحدث عن فلم أعحبه وماهي الفكرة اللتي استنبطها منه تارة عن رقص الباليه وتارة عن المرأة عن اﻹنسا� عن الكتاب والروائين عن الثورين والثورة ...باختصار شديد شعرت أثناء قرائتي بأنني استمع ل جدي يحكي لي عن تجرابه وخبراته ويشاركني ثقافته من الكتب اللتي سأعيد قراءتها مرة أخرى واشتري النسخة الخاصة فيني
الكتاب معقول ولكنه ليس عميقا، به مقالتين أو ثلاثة ممتازين، ولكن بقية المقالات عادية. هي نفس نوعية مقالات عبد الوهاب مطاوع ولكن عبد الوهاب مطاوع أكثر عمقا
كعادة رجاء النقاش رحمه الله بقلمه الهادىء ونفسه الصافية التى تنعكس على كل كتاباته يأخذنا فى هذا الكتاب فى رحلة لطيفة بين أوجه مختلفة وحيوات متنوعة من البشر .. الكتاب يستحق اسمه الجميل
التجربة الثانية مع رجاء النقاش، وأظنها ستكون الأخيرة، وكانت التجربة الأولى في كتابه "في حب نجيب محفوظ": لا بأس بها، وكانت هذه الــ"لا بأس" لأنها كانت في عالم نجيب محفوظ نفسه، ولأن نجيب محفوظ كان مشاركًا في هذا الكتاب بحواره مع المؤلف وردّه عليه، ولأن مجاور السعيد يسعد، ربما، غير أن هذا العمل الثاني هذا لم يسغ لي منه إلا أقل القليل، وكرهت أسلوبه، هذا الأسلوب الذي انتظم هذا الكتاب كله وسار فيه بين شيئين، ذكر قصة للعبرة بأسلوب رومانسي ناعم، وذكر وتلخيص شخصية روائية في قصة عالمية (أو روائيّ حقيقي) في قصة غالبًا ما تكون من الأدب الروسي، ليقول بعد تلخيصها ذات الكلام الرومانسي الناعم
وهذا مثال على مفتتح إحدى مقالات هذا الكتاب: حياة وحيدة موحشة .. بلا ذكريات هكذا كانت سعاد تقول لنفسها وهي تجلس في شرفة منزلها المطل على النيل .. وكان المساء هادئًا وديعًا يوحى بالتأمل أخذت تفكّر في حياتها الماضية، وفي الهمس الذي يدور حولها الآن: إنها لم تتزوج .. إنها .. وحاولت أن تطرد تلك الكلمة القاسية التي يقولها الناس عن الفتاة التي بلغت الخامسة والثلاثين دون أن تتزوج كل الصديقات من حولها تزوجن .. وكل واحدة منهن الآن تعيش حياة حافلة، فيها أطفال وذكريات وآمال .. أما حياتها فليس فيها سوى البراءة والوحدة، ومسحة من الحزن مرسومة على وجهها، ولحن من الأسى يعزف دائمًا في حياتها .. يستقبلها في الصباح وهي ذاهبة إلى عملها، ويستقبلها عندما تعود إلى حجرتها في المساء .. وحيدة صامتة بلا رفيق
وفي منتصف المقال نكتشف أنها رفضت عدة "عرسان"، لأسباب شتى، منها أن أحدهم أدنى منهم طبقة (ولكنه نجح في حياته كما يقول الكاتب وأصبح غنيًا) وأحدهم أعجبت به ولكنها اكتشفت أن أمّه "بلديّة" � كما وصفها الكاتب (ولكنه وجد زوجة غيرها والتقت بهما مصادفة ورأتهما سعداء، ولكنها أرجعت السبب إلى أن والدة الفتاة التي وجدها من بعدها "بلدية" هي الأخرى!) وأحدهم طلب منها أن يتعرّف عليها ويخرج معها قبل الزواج، لأنه يؤمن أنه لا بد من وجود حب وتفاهم قبل الزواج، ولكنها رفضت هذا لأنها من عائلة محافظة، "وماذا يمكن أن يقول الناس عنهما إذا جلسا وحدهما في مكان عام؟" كما قال الكاتب، ونتيجة لهذا ظلّت عانسًا، ثم ينهي الكاتب هذا المقال بقوله: أما هذه الفتاة فلم يكن باستطاعتها أن تنجح، لأنها أطفأت قلبها تمامًا .. ولم تسمح لنفسها أن تعرف الحب أبدًا .. وسارت في الدنيا بمصباح وهمي لا يضيء .. هو مصباح التقاليد
صدقًا كرهت هذا الأسلوب، وسعدت بانتهاء هذا الكتاب رغم أنه لم يكن ثقيلاً قط، ولا كريهًا بذاك المعنى السلبي، وإنما أقصد أنه كان خالي الدسم بدرجة معيبة، ومزدحمًا بكمّ كبير البديهيات التي أصابتني بالسأم
أما المقال الوحيد الذي أعجبت حقًا به، فقد كان خارج مواضيع الكتاب، وجاء كفصل قصير من المقال الأخير الذي بعنوان: "صور وخواطر" وهو حديثه ذاك عن والدته وموتها، جاء في ثلاث صفحات قصيرات فحسب، وامتلأ مع ذلك بمعان لم تحصرها هذه الصفحات الثلاث
كيف أصف تلك النشوة التي أشعر بها حينما أقرأ كتاباً جيد ؟ أشعر بعد قراءة "تأملات في الانسان" للكاتب الرقيق رجاء النقاش أنني أهيم مرتفعة عن الأرض قليلاً فوق سحابة ناعمة هشة من المشاعر الجميلة الدافئة.
الكتاب يأخذك في رحلة بين ضلوعك وأفكارك تارة وبين الروايات العالمية والعربية وكتابها العظماء وأبطالها المثيرين تارة أخرى. حتماً ستجد نفسك فيه، ستراها وتشعر بها وتشفق عليها وتتفهمها وربما أيضاً تعجب بها.
كما أنني عادة ما أتوتر قليلا حينما أقترب من نهاية كتاب أحببته، فالكتب الجيدة دائماً ما تتركني في حالة حزن وافتقاد لتلك الحالة التي أعيشها أثناء قراءتها لأول مرة. لكن "تأملات في الانسان" لم يتركني حزينة لأنني قررت أن أعاود قرائته كلما أحسست بثقل الأيام واضطراب عقلي وتيه قلبي.
شكراً لك سيدي على بقايا روحك الصافية الشفافة ورؤيتك الثاقبة العميقة التي تركتها في بعد قراءة كلماتك.
يحتوي الكتاب على عدة مقالات ليست بالقصيرة ولا الطويلة يعرض في كل منها حالة من الحالات التي تعرض للإنسان والتي إما تكون لازمة له _و هذا ما ركز عليه _او غير ذلك.. مثل الإحباط و الكسل و الحب والغربة . و يعتمد في غالب ما يورده على إقتباسات و آراء لفلاسفة و أدباء أو تجاربهم الحياتية. لغة الكتاب بسيطة و جمله قصيرة غير معقدة. ولكن معالجته لتلك الحالات التي ذكرها لم تعجبني في الغالب فهي أحيانا سطحية و أحيانا ليست مبنية على معايير قوية أو دلائل كافية. ربما وقت كتابته كان موجه لفئة محددة من القراء بما يناسب ثقافتهم.
يذكرني بأحاديث الحيارى البائسين الذين ترميهم أمواج الدنيا و همومها من حيرة إلى حيرة و من بؤس إلى يأس و في النهاية قد يستخلصون حكمة من تجاربهم بعد فوات الأوان إذا كنت على إيمان مطمئن. تعرف لم خلقت و ما جئت لتفعل في هذه الدنيا ، و خبرت طبعها و سنة الله فيها ، و عرفت كيف ترتب أولوياتك و كيف تتعامل مع كل شيء وفق منهج الله ، و إن كنت تقدم على أفعالك لوجهه و تحجم عنها لوجهه و تحب في سبيله و تكره في سبيله و تقيم كل ما حولك وفق شريعته العظمى ، فلا حاجة لك بهذا الكتاب
أحمل ذكريات عديدة عن مقالات رجاء النقاش التي واظبت على قراءاتها في السنوات المبكرة في حياتي، فقد فتح أمامي باب عريض من بين أبواب حياتي على عراء الحياة وحكايات اﻷدب� لم أتوقف عند حافة الباب، بل تجاوزته ويممت شطري بعيدًا، لكني ما زلت اتلفت وراءي وأجده يلوح لي بيده عن بعد، وأرى بقلبي لا بعيني ابتسامة سعادة منه لامتناني له على أشياء كثيرة، حتى ولو لم أتوقف عنده، وواصلت الطريق وحدي وعلى نهجي.
الكتاب عبارة عن مقالات منوعة ، في كل مقالة نتعرف فيها مع الكاتب على موقف ، أو قصة فيلم ، أو ملخص رواية أو نبذة عن شخصية مشهورة وأحيانا شخصية لم نسمع عنها من قبل .. لنكتشف ونتأمل الصدامات والصراعات الحادة التي عانوا منها وكيف يمكن أن ننتصر عليها ونتجاوزها ونواصل حياتنا برضا وسلام مع أنفسنا ومع المحيطين بنا. من الأشياء الجيدة أن الكتاب منحنا فرصة تأمل حياة ومواقف وصور نفسية لشخصيات مشهورة ككتاب وفنانين � تولستوي ،سقراط ،تشيخوف، شكسبير، ديستوفيسكي، كافكا، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، بيتهوفن، كامو، بوذا، أوسكار وايلد ... � بعض المقالات راقت لي لكن البعض منها لم يرق لي وهنا أتحدث عن طريقة تفكير الكاتب و معالجته للمواضيع ، التي لم أجد نفسي اتفق معها البتة ، تبقى المسألة مسألة قناعات ومبادئ ، بعض المقالات أصابتني بالملل، لكن ككل لم أندم على قراءته، تبقى تجربة جميلة. 😊
إذا أردت أن تفهم فلسفة الحياة العميقة والمعقدة فاقرأ هذا الكتاب، ففيه بلسم للروح وجواب عن عديد الأسئلة المتزاحمة بداخلك. لغة بسيطة وكاتب مثقف يسرد بأسلوب سلس مواقف وعيّنات من الآداب العالمية وتجارب لأشخاص وأمم عرفوا معنى الحياة الحقيقي.