نسافر كالناس ولا نعود إلى أى شىء. نسافر لنبحث، وغالباً لا نعرف عما نبحث. ثم ندرك أننا نسافر إلى آخر الدنيا لنبحث عن المكان الذى غادرناه. نغادر الأماكن ولا تغادرنا هى. نسافر لنتعرف على الوحدة فى أقسى أشكالها، وحدة بدون إضافات. نسافر لنكلم أنفسنا حتى نتأكد من صوتنا، نخاف أن ننسى صوتنا، ولا نجرؤ على طلب مساندة كى لا نبدو أغبياء، ونؤكد أننا بخير رغم غياب السؤال، نضحك ونلقى بضع نكات، نأكل ونضحك ثم نعود لأربعة جدران تعرف كل أسرارنا، جدران ما زالت تحمل علامات رأسى التى خبطتها فيها مئات المرات. نعود لبيوت الترانزيت ونفكر فى كيفية ترتيب بيوتنا هناك. لأننا ننتظر وننتظر ونكبر أثناء الإنتظار، سنكبر كثيراً لأننا ننتظر إلى الأبد ولا نجرؤ أن نطلق كل ما بداخلنا، نتكلم كثيراً ولا نقول شيئاً يثير دهشتنا
في روايتها الأولى وبهذا العنوان المربك تدخلنا "شيرين أبو النجا" عالم شخصياتها الحميم جدًا، وبسـرد شفاف نتواصل مع قاهرتها كما تراها، بكل صخبها وعنفها متواطئين ومتورطين في آن معاً !! ... بين" برلين" و"القاهرة" تتذبذب رحلات البطلة "عائشة" ( ذلك الاسم المصري العربي الموحي بالحياة والتعايش!!) وبين أصدقائها الكثيرين هنا، وزملائها الأقل، بين حرارة القاهرة وبرودة برلين، بين الأحداث الساخنة، واللا حدث تقريبًا هناك !! ... مواجهة جديدة أخرى، ومتميز إذًا بين " الشرق والغرب"، بين الأنا والآخر، تصنعها الرواية المتحدثة بضمير الأنا/المتكلم عن أبطالها وعالم القاهرة الذي نعيشه يوميًا ويقهرنا .. مواجهة على مدى نحو 400 صفحة (وهي فيما أرى مغامرة ومراهنة روائية في هذا العصر) ولكنها -يبدو- تكسب الرهان في النهاية، لأنك لا تملك إلا أن تتابع هذا الحشد الهائل من المشاعر والأحاسيس بين بطلة الرواية، وصديقاتها و ..مايحدث في القاهرة الآن!! ... هل يظل الهروب الى "آخـر" هو حل الروائيين دائمًا، ووسيلتهم المستمرة للكشف عن الذات؟ منذ قنديل أم هاشم ليحيى حقي، والحب في المنفى لبهاء طاهر، وسقف الكفاية لعلوان ... المدينة التي نرحل عنها، وتظل متشبثة بنا، وفارضة سيطرتها، وأخبارها وشجونها و"ذاكراتها" بصفة مستمرة على حضورنا الآخر،
رواية نصحني بها صديق منذ حوالي عام ولم أقرأها إلا الآن .. قصاصات الذاكرة التي انثالت جاءت في غاية العذوبة أسلوبا وممتلئة بالشجن والألم مرات كثيرة .. خيانة القاهرة ..ظللت أفكر في معنى العنوان ..هل هو ما يبدو عليه أم أنه كما قال نيكيتا عن مفهوم الخيانة لدى الرجال ..وهو قول الحقيقة .. وهل بهجران عيشة للقاهرة فيه خيانة أم هو استقلالية كان لابد منها على الرغم من مسبباتها أعجبتني الرواية وأعجبني أسلوب الكاتبة .. ربما عيب الرواية أن ليس لها خط روائي واضح .. لكنها كما قلت قصاصات من الذاكرة ..كالمجهر الذي يستعرض شرائح عدة من شرائح ومسائل المجتمع شكرا ابراهيم على التوصية ..كانت رواية عذبة ..