موسوعة مصر القديمة (الجزء الخامس) تقدم للقارئ رحلة استكشاف مثيرة إلى عهد السيادة العالمية والتوحيد في مصر القديمة. تشبه هذه الرحلة مغامرة السائح الذي يتجاوز المفازات الواحدة تلو الأخرى، يتخللها وديان خلّابة تنبعث منها ينابيع المياه النقية. يسير هذا السائح عبر الرمال والصحاري، يحمل معه الأمل والعزيمة، فقد يواجه بعض الصعوبات لكنه لا يستسلم. وعندما يستقر في واحدة من هذه الواحات الخصبة، يستعيد القوة ويستمتع بالراحة والسكينة. هكذا يجسد هذا الكتاب الجهد الكبير الذي يقوم به المؤرخ لرصد وتوثيق تلك الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ مصر. إن المصادر الأصلية قد تكون ضئيلة ومحدودة، لكن بعزيمته وإصراره يستمر المؤرخ في البحث عن الأحداث والأسرار التي لم يتم الكشف عنها بعد.
د/سليم حسن عالم أثار مصرى ولد بقرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر محافظة الدقهلية بمصر"1887-1961" درس اللغه المصريه القديمه وعدة لغات أخري بالسوربون عُين أميناً للمتحف المصري له عدة أكتشافات أثريه في العام 1929م بدأ سليم حسن أعمال التنقيب الأثرية في منطقة الهرم لحساب جامعة القاهرة لتكون المرة الأولى التي تقوم فيها هيئة علمية منظمة أعمال التنقيب بأيد مصرية، وكان من أهم الأكتشافات التي نتجت عن أعمال التنقيب مقبرة (رع ور) وهى مقبرة كبيرة وضخمة وجد بها العديد من الآثار. أشهر مؤلفاته : مصر القديمه في16 مجلد
موسوعة مصر القديمة (5)؟ السيادة العالمية والتوحيد ..................... عصر اخناتون وبدون مبالغة من أشد العصور ثراء بالأحداث العظيمة في مصر القديمة، فهو عصر بدأت فيه الحضارة المصرية أول درجة في سلم الهبوط لأسفل حسب قول الكثير من المفكرين والمؤرخين، وهو عصر بلوغ العقيدة المصرية أعلي مراحل نضجها ووصولها لفكرة التوحيد وذلك حسب قول مؤرخين ومفكرين آخرين، ورغم اختلاف الأقوال والآراء إلا أن ما يبقي أن عصر اخناتون وشخصية اخناتون من أهم ما مر علي مصر القديمة من أحداث وشخصيات. بلغت مصر أوج تقدمها وازدهارها الاقتصادي بعد عصر فتوحات التحامسة (الملوك الذين تسموا باسم تحتمس)، وقد وصلت لثراء لم تصل إليه في عصر (أمون حتب الثالث) أبو اخناتون، وقد بلغ من شدة ثراء مصر في عصر هذا الملك أن اصبح مولعا بالشرب والنساء والميل الشديد للسلم و النفور الشديد من الحرب والفتوحات، وقد مال إلي عقد صلات سلم مع ملوك البلاد المجاورة التي تدين لمصر بالولاء، حتي أن ملوكها كانوا يتبادلون الهدايا والرسائل الودية التي يتخاطبون فيها بود ملحوظ، وقد كسر الملك (أمون حيت الثالث) قدسية الزواج الملكي من مصريات فكان أول من تزوج من غير مصريات، حيث جعل الزواج من بنات أمراء الممالك المجاورة عادة له. مع تدهور صحة الملك (أمون حتب الثالث) _ والذي بدا واضحا من صوره التي توضح تدهور بنيته الجسمانية وموته في الخمسينيات من عمره _ شاركه في الحكم ابنه (أمون حتب الرابع) ولم يكن من الغريب في عصره أن نشاهد سيطرة واضحة لكهنة امون علي كل مناحي الحياة الدينية في البلاد، كما ظهر واضحا سيطرتهم علي الكثير من أوقاف المعابد. في عهود سابقة لعصر اخناتون كانت هناك علامات وإرهاصات ظهور عبادة (أتون)، ففي عصور سابقة كانت هناك صور لقرص الشمس تتدلي منها يدان (اثنتان فقط) تنشران الخير للناس، كذلك كانت هناك عبادة علي نطاق ضيق جدا لأتون قرص الشمس. وهناك دلائل كثيرة تشير لإرهاصات عبادة أتون قبل عصر اخناتون، وهي من أغرب المعلومات التي عرفتها في هذا الكتاب. قام بعد وفاة أبيه استطاع اخناتون أن يهاجر بديانته الجديدة إلي مدينة اخيت أتون كي يبعد عن أرض نفوذ كهنة أمون وكي يستطيع بهدوء أن يبني وطن جديد علي أسس عقائدية توحيدية يستطيع بها أن يخرج بالحياة الدينية من حالة فوضي سادت في البلاد. استطاع اخناتون أن ينشيء دين جديد وروح جديدة تماما في الفن الموروث، ويتح ذلك جدا من تماثيله الواقعية وصوره التي تمثله في حياته العادية مع زوجته وبناته. بسبب الفرغ الكامل لحياته الدينية وتفرغه الكامل لنشر دين إلهه الجديد سقطت املاك الإمبراطورية المصرية خارج حدودها، فمع بزوغ ممالك جديدة بدأت قوتها تشتد علي عهده استطاع ملوك آسيا الاستقلال تماما عن مصر وكذلك ملوك الجنوب وفشلت كل محاولات إقناع اخناتون بضرورة الحرب لاسترداد هيبة الدولة المصرية. لم يكن هناك بد من السقوط والانهيار في ظل هذا الملك وبقي الوضع مستمرا في الانهيار حتي وصل للحكم الملك ( حور إم حب) ففي عهده استطاعت البلاد استرداد هيبتها إلي حد ما. من الغرائب التي وردت في هذا الكتاب ما قيل عن اخن اتون من أنه كان منحرف جنسيا، حيث كان يميل إلي أخيه سمنخ كا رع، كذلك ما قيل عن تعصبه الشديد لديانته حتي انه هدم كل ما استطاع هدمه من معابد باقي الديانات، ومحو كل اسم انتمي لعبادة إله آخر غير أتون منها اسم أبيه (أمون حتب). كذلك ورد فيه معلومة شديدة الغرابة، يقول أن الملكة (نفرتيتي) زوج الملك اخن اتون قد ارسلت إلي ملك من ممالك آسيا تطلب إليه أن يرسل ابنا له كي يتزوجها ويجلس علي عرش مصر ملكا، ويقال أن الملك أرسل ابنه بالفعل إلا أن قادة الجيش وكهنة امون قتلوه في الطريق مما أدي إلي قيام حرب بين البلدين فيما بعد. في نهاية الكتاب تحدث عن الملك توت عنخ أمون وعصره وعظمة ما وجد في مقبرته، ونفي كثير مما قيل عنه من أنه كان مجرد ملك بلا شخصية، حيث استطاع الملك توت عنخ امون الاستقرار بالبلاد في عصره القصير جدا، كذلك نفي ما قيل عن التحول المفاجيء له من عبادة أتون إلي عبادة أمون، حيث تثبت الآثار أن الملك توت عنخ أمون ظل محتفظا باسمه القديم (توت عنخ اتون) لزمن طويل بعد توليه الملك. الكتاب عظيم ومشجع علي الاستمرار في قراءة باقي الموسوعة. .........................