يتناول الكتاب الانعطافات الكبرى من بغداد 1258 إلى بغداد 2003 ثم ينتقل إلى انعطافات القرن التاسع عشر فالقرن العشرين لتاريخ ما يعرف بالدولة العربية الحديثة!.. وذلك عبر قراءة نقدية للحرب الأهلية الدامية بين توأم العروبة والإسلام التي انتهت إلى التدمير الذاتي المتبادل.
تتخلل الكتاب فصول سردية وأخرى تحليلية لتركيبة السلطة ونشأتها في العالم العربي (من المغرب إلى عمان) عبر قراءة بانورامية موثقة من خلال ثلاثية البئر (النفط) والصومعة (الإسلام) والجنرال (الانقلابات)
الكتاب يتناول أيضاً بالتحليل والتشريح دوائر السياسية السعودية منذ المؤسس عبد العزيز إلى سقوط بغداد... ومن خلال ذلك الشريط نرى كيف تحالف الإسلام الوهابي مع جميع أعداء القومية العربية (من الإنكليز إلى الأميركان إلى الصهيونية إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة؟! ثم كيف انشق هذا الإسلام الوهابي على نفسه في ذروة حرب الخليج الثانية لينتهي معارضاً ومقاتلاً وانتحارياً من نيويورك إلى أرض الحرمين، عقب حرب الخليج الثالثة.
وينتهي الكتاب الذي يبدأ من الثورة العربية الكبرى إلى سقوط بغداد 2003 إلى خلاصة مفادها: أن الصدام الدامي بين العروبة والإسلام قد أفزع الفضاء الجيوسياسي العربي والإسلامي من محتواه إذ أنهى ما كان يسمى بالإمبراطورية العربية (حلم الدولة القومية الموعود) كما أنهى ما كان يسمى باسترداد دار الخلافة الإسلامية (حلم الخلافة المفقود).. وفي المحصلة الأخيرة نرى كيف باتت العروبة -شبحاً مطارداً ومنتحراً فيما بات الإسلام عابراً وتائهاً وانتحارياً.
الصافي سعيد، اسم قلمي للكاتب والصحفي والروائي التونسي أحمد الصافي . يعتبر واحدا من أهم رجال الرأي منذ 2011 خاصة بعد انتشار تعبيره "الربيع العربي" بعد أن أصبح عنوان لمرحلة التغيرات العميقة التي يمر بها العالم العربي .
حيات:
في العشرينات من عمره غادر الصافي سعيد تونس الى الجزائر، درس هناك التاريخ في كلية الآداب وكذلك الصحافة والعلوم السياسية. وفي المعهد الأعلى للصحافة حضر محاضرات ألقاها رجال إعلام بارزون زائرون مثل محمد حسنين هيكل وجون فونتان وجان دانيال وسعد زهران. و تحت تأثير بالمناخ اليساري الذي عم المثقفين في العالم وقتها، أسس في الجزائر مع مجموعة من الشباب العرب والأفارقة حركة "فولنتاريا" (تطوّع) ومن خلالها بدأ تطوافه الكبير بين القارات والمدن الكبيرة.
ذهب الى أنغولا وقت الحرب الدائرة في أنغولا ثم الى كوبا والفيتنام والعراق، ووعند انتقاله إلى الأردن تعرض للاعتقال لشكوك تتعلق بعلاقاته اليسارية وزياراته لهذه البلدان. بعد تحريره بمدة قصيرة انتقل إلى بيروت حيث عايش الحرب الأهلية في لبنان بداية من العام 1976 ثم انتمى إلى الصحافة فنشر مقالاته في عدد من أشهر الصحف البيروتية. وفي نهاية الثمانينات استقر في باريس حيث بعث مجلة "الرواق 4". بعدها أصدر مجلة "أفريكانا". عاد إلى تونس فأصدر بالإشتراك مع مجموعة "جون أفريك" مجلة "جون أفريك بالعربية". وبعد ثورة 14 جانفي 2011 أنشأ جريدة "عرابيا" التي كانت انطلاقتها الأولى في شكل مجلة.
ترشح الصافي سعيد كمستقل لانتخابات المجلس الـتأسيسي في أكتوبر 2011 عن ولاية قفصة ولكنه لم يحقق حلما راوده لفترة وتحمس له بكل جدية للمساهمة في كتابة دستور تونس الجديد.
المسيرة الفكرية:
من خلال مشواره الصحفي والفكري الذي حمله من تونس إلى الجزائر إلى بيروت إلى باريس فتونس مرة أخرى، وعبر مدونة كبيرة قاسمها المشترك أسلوب فريد وإعطاء مجال كاف للخيال لكي يوازي الوقائع التاريخية، يظهر مشروع الصافي سعيد متكاملا يجمع بين الأبعاد السياسية والثقافية والإستراتيجية والمستقبليات دون أن يغفل تفاصيل الحياة الشخصية لصناع القرار والعوامل الإنسانية وبعضا من مناطق الظلال التي يهملها المؤرخون.
من ناحية الكم يعد الصافي سعيد من أغزر التونسيين إنتاجا، حيث نشر 4 روايات وعددا مهما من الكتب السياسية والإستراتيجية والتاريخية. قد يكون أهمها كتابه الموسوعي "خريف العرب" حيث تظهر جليا نظرياته في تفسير تاريخ العرب المعاصر أولا عبر سرد الحرب الدامية بين توأم العروبة والإسلام وهو الصراع الذي أعاق تأسيس الدولة الوطنية في كل البلاد العربية، ثم عبر جدلية البئر والصومعة والجنرال ليخلص إلى "مانيفستو عرابيا". كما عرف كتابه "بورقيبة: سيرة شبه محرمة" رواجا كبيرا حيث يعد اليوم مرجعا أساسيا للباحثين في مسيرة أول رئيس تونسي. تقاطعت عديد من أحداث الثورة التونسية مع ما جاء في روايته "سنوات البروستاتا" التي نشرها بعد أيام فقط من الثورة. وكان قد كتبها قبل سقوط النظام ببضعة سنوات فحملت نبوءة السقوط.
مسيرته المهنية:
عمل كمحرر في مجلة "الهدف"، جريدة "السفير"، مجلة "كل العرب"، جريدة "الشرق الأوسط"، مجلة "المجلة"..
و كرئيس تحرير: "وعي الضرورة" النظرية. "الرواق 4" الأسبوعية. مجلة "أفريكانا" الشهرية. "جون أفريك"، بالعربية الشهرية. "جيوعرابيا" الفصلية المختصة في الجيوبولتيك والحضارات. وأخيرا "جريدة عرابيا" الأسبوعية.
مؤلفات:
بن بلة يتكلم � 1981 مثلث الشياطيني الاستيوائي � 1986 سنوات المتاهة: على مذبح القرن 21 - 1994 الحمى42: لا أنبياء ولا شياطين � 1995 العتبات المدنسة في الشرق الأوسط - 1999 كازينو + (رواية) - 1997 بورقيبة سيرة شبه محرمة (بروتريه) - 2000 حدائق الله (رواية) - 2001 خريف العرب: البئر والصومعة والجنرال � 2005 عودة الزمن الإمبراطوري ونهاية الأوطان - 2006 سنوات البروستاتا (رواية)- 2011 حوارات الثورة - 2011 المضاد الحيوي: مخاضات بين زمنين - 2013
يتحدث كتاب الصافي سعيد خريف العرب - البئر والصومعة والجنرال عن الامة العربية من المغرب إلى عمان و عن الصراع بين النفط والاسلام والعسكر في هذه الامة وصولاً حتى سقوط بغداد في عام 2003 و يهدف الكتاب إلى استعراض نتائج الصراع بين العروبة والاسلام و كيف أثر ذلك على السياسة العربية ككل وجعل العمل السياسي والاجتماعي في كل انحاء هذا العالم معلق كالبندول بين قطبين قطب قومي هزيل منتحر و قطب إثني متشدد و منغلق , بصورة عامة الكتاب يستعرض هزيمة هذه المنطقة من منظور شمولي مرتفع عن ارض الواقع شابه الحياد في معم طياته و تقيمي العام للكتاب 3/5 و من الافكار التي ذكرت فيه
مقتطفات من كتاب خريف العرب للكاتب الصافي سعيد -------------------- ما ان تتحرر الامة العربية من الطغيان حتى ينتهي وجودها الافتراضي -------- اذا كان العرب لا يملكون قرار الحرب فكيف لهم أن يعطوا او أن يمنحوا لغيرهم السلام .. وبالتالي فإن مبدأ " الارض مقابل السلام " ليس سوى مهزلة ! ------ رغم اتساع الجغرافيا العربية فإن العربي يكاد يختنق في مكانه لا لأن العدو صار خلف الابواب ولكن لان المكان قد بات خاليا من الحياة ------ العبقرية لا تختفي او ترغم على الاختفاء إلا امام الطغيان واستشراء الخرافات ------ ان أي ثقافة لا تنتمي الى مسيرة العقل هي ثقافة عديمة الجدوى وبلا أي شرعية وهي تدار من قبل خصم العقل " الاستبداد " ! ----- الدين كمرجع او دافع او محرك قد تراجع وبات لا يحمل اي مصداقية في توجيه السياسات او اكسب الاصدقاء ----- ان الدين اذا ما انحدر الى الاسفل واصبح مجالا للخرافات والشعوذة انحدر مستوى المجتمع .. أي بعبارة أخرى يجب اصلاح الدين لإصلاح المجتمع ! ------ ان الجيوش اذا ما انهارت على الجبهات الخارجية اتجهت مباشرة صوب الجبهات الداخلية ! وهناك ستجد الميدان الذي سيعيد لها كرامتها الجريحة واعتبارها المفقود ------ هدف الغرب المهيمن منذ البداية البحث عن العربي الطيب والساذج وان لم يوجد فيجب صناعته وتدريبه على الاخلاص للعدو والغدر بنفسه ------- ان العروبة تحتاج الاسلام للخروج من شرنقة القومية العنصرية والاسلام يحتاج العروبة ليخرج من شرنقة الايمان الاعمى وهذا ما سيعيد التوأم-العروبة والاسلام- الى مداره الطبيعي اذا ما تبادلا الحوار والنقاش -------- كل واحد يمكن ان يقتل نفسه بالسلاح الذي يشهره في وجه غيره فالسلاح ان لم تقتل به عدوك بعد ان تكون حددت هدفك جيداً فإنك من المحتمل ... بل في الغالب سوف تقتل به نفسك ! ------- ان فكرة الجهاد والجهاد المضاد جوهرية جداً للمعسكرين - الاسلامي .. والغربي المحافظ - فهي التي توحد الصفوف وتستقطب الناس وتستنهض القوى والطاقات وتعلن ما يمكن ان يسمى بصدام الهمجيات ---------- لقد انتج الجيش في العالم العربي دولة منقسمة على نفسها بين الداخل والخارج فهي مع حرية الشعب ولكنها تقمع هذا الشعب وتمنع تطور الديموقراطية .. وهي ضد الامبريالية لكنها تتعاون مع صناديق النقد الدولي والمحافل الامبريالية ..وهي مع الاصلاح الزراعي وضد الاقطاع ولكنها تقوم بمصادرة المبادرات الشعبية .. لذا فنحن في النهاية لا نملك في أوطاننا سوى نوع من التدجيل السياسي ! ---------