وقف في شارع الحمراء في بيروت يتلفت ويدس يده بين لحظة وأخري في جيبه حيث الألف ليرة. بحار أعزب عاش عمره سواحاً بين الموانئ يضع قدمه أياماً علي البر ليعود فيتغرب شهوراً تائهاً حتي ليصبح نقطة عائمة في زرقة بلا حدود لا يربطه بعالم البشر إلا صوت الترانزستور الصغير المعلق علي كتفه أو عجيج ركاب الباخرة السكاري أخر الليل
مصطفى محمود هو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ، من الأشراف، ينتهي نسبه إلى عليّ زين العابدين، ولد عام 1921 بشبين الكوم، بمحافظة المنوفية بمصر، وكان توأما لأخ توفي في نفس العام، مفكر وطبيب وكاتب وأديب مصري، توفي والده عام 1939 بعد سنوات من الشلل، درس الطب وتخرج عام 1953 ولكنه تفرغ للكتابة والبحث عام 1960، وتزوج عام 1961 وانتهى الزواج بالطلاق عام 1973، رزق بولدين أمل وأدهم، وتزوج ثانية عام 1983 وانتهى هذا الزواج أيضا بالطلاق عام 1987.
وقد ألف 89 كتاباً منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية والإجتماعية والسياسية، بالإضافة للحكايات والمسرحيات وقصص الرحلات، ويتميز أسلوبه بالجاذبية مع العمق والبساطة، وقد قدم الدكتور مصطفى محمود 400 حلقة من برنامجه التلفزيوني الشهير (العلم والإيمان) وأنشأ عام 1979 مسجده في القاهرة المعروف بـ "مسجد مصطفى محمود" ويتبع له ثلاثة مراكز� طبية� تهتم بعلاج ذوي الدخل المحدود، ويقصدها الكثير من أبناء مصر نظرا لسمعتها الطبية، وشكل� قوافل� للرحمة� من� ستة عشر طبيبًا� ويض� المركز� أربعة مراصد� فلكية� ، ومتحف� للجيولوجيا� يقوم عليه أساتذة متخصصون، ويضم� المتحف� مجموعة� من� الصخور� الجرانيتية،� والفراشات� المحنطة� بأشكالها� المتنوعة� وبع� الكائنات� البحرية�.
"المبروك " من كتاب (نقطة الغليان) لـ د.مصطفي محمود
افرغ الرجل كأس الخمر الرديئة في جوفه و شرع يبكي و يتمتم نادماَ .. تبت إليك يا رب .. لا أعود إلى شربها أبداأعاهدك و استغفرك .. و بعد لحظات كان يملأ كأسا أخرى ليلقيها في جوفه ليعود فيستفغر باكيا مغمغما .. سامحني يا رب .. هذه اخر مرة .. تبت إليك و رجعت إليك و أنبت إليك .. ثم ما تلبث الغفلة أن تسيطر عليه و يعاوده ضعفه فيغالبه فيغلبه فينكب على كأس أخرى .. ثم يعود فيقف تائبا باكيا بالباب . ذلك هو الشيخ مبروك .. و كانوا يسمونه " الشيخ" من باب السخرية بحاله.ستون سنة و لكن هيكله المضعضع يوحي بأنه جاوز المائة ..جاء إلى الدنيا لقيطا ملقى على الرصيف في لفة و قضى صباه في ملجأ للأيتام ثم في سجن للأحداث.لم يدع منكرا إلا قارفه و لا مخاضة أو حال إلا انغرس فيها.كان يخرج من سجن ليدخل سجنا و يخرج من تخشيبة ليلقى في تخشيبة و انتهى حاله إلى ان أصبح حارسا في قرافة .. ينام و يأكل و يشرب و يسكن مع الموتى .. يحرس القبور نهارا ثم يعود فينبشها ليلا ليبيع الجثث لطلبة الطب في مقابل جنيهات قليلة يسكر بها.
ذلك هو " الشيخ مبروك " صاحب ملف السوابق الحافل.و لكنه طراز خاص من المجرمين ..كان مجرما "غلبانا" دائم البكاء دائم الندم منكسر الوجه إلى الأرض يلازمه الشعور بأنه حشرة و بأنه لا يستحق شعاع الشمس الذي يطلعه الله عليه ولا نسمة الهواء التي يتنفسها و لا اللقمة الجافة التي يأكلها .و لم يكن يرتكب ذنبا إلا كانت وراءه ضرورة ملحة تدفعه .. و حياته كلها كانت محاولة مستمرة للاستقامة دون جدوي.فهو يغالب طبعه و طبعه يغلبه.و يغالب ضعفه و ضعفه يغلبه.ثم يبكي في النهاية و يشعر بالخزي و الهوان .ويحاول أن ينسي ذلك الهوان بالشرب فيزداد بالشرب هوانا .
يشعر دائما ان الله يراه .. و لا يدري من أين يأتيه ذلك الشعور .. و لا كيف يفعل ما يفعل أمام عين الله التي لا تنام.شعوره الدائم الذي لا يفارقه هو الاشمئزاز من نفسه.و هو شهور ملازم له كالتنفس لا خلاص منه .. و كأنه صرصورغارق في مستنقع من الصمف كلما حاول الخلاص ازداد غرقا .لا ينجيه من الموت يأسا الا ايمانه بأن ذنوبه مهما عظمت فان عفو الله اعظم.. و إن الله لا تنفعه طاعتنا و لا تضره ذنوبنا .. فهو غني بنفسه عن العالمين .. و هو الذي وسع كل شيء رحمة و علما .. و هو الوهاب الذي لا يحتاج لاحد.لا يكف عن البكاء.
ولا يكف عن الوقوف بباب الرحمة وإن كان يشعر بأن يديه ملطختان بالآثام.. يعرف الناس تاريخه ويسخرون منه و لكنهم يعطفون عليه .. و البعض يقول له .. ادع لنا يا شيخ مبروك فيقول لهم .. يدعو لكم الشيخ مبروك .. و لكن لا انا شيخ و لا انا مبروكو يبكي و يدي يده المرتجفة تحت جلبابه ليخرج الزجاجة فيشربها ممزوجة بدموعه ثم يمضي يحث الخطى لائذا بالجدران منكس الوجه إلى الارض ليختفي في ظلمة المقابر.. و هويستغفر و يطلب العفو.
و اليوم كان على الشيخ مبروك ان يفتح حوش الحاج ابراهيم للمرة الخامسة ليلتقي الابن الخامس للحاج.. تلك القصة التي كانتت تتكرر كل عام .. كلما أنجب الحاج ابنا شق له لحدا.و كان قلب الشيخ مبروك ينفطر حزنا على ذلك الأب الواله الغارق في دموعه.قال الحاج و هو يبكي : ذلك هو ابني الخامس .. بنتي الوحيده أصابها شل الاطفال من شهور و أصبحت كسيحة تتحرك على كرسي بعجلات .. و بالأمس قال الطبيب .. إنه لا فائدة .. تآكلت جذور الأعصاب و لم يعد ينفع طب و لا دواء .. عن قريب نشق لها لحدا آخرا يا شيخ مبروك .. عن قريب آتي بها إليك محمولة .. يا رب رجمتك.و ألقى الرجل بنفسه على صدر الشيخ مبروك وراح يبكي و ينهنه كطفل يتيم.
قال الحاج في دموعه:ادع لها بالشفاء يا شيخ مبروك .. لعل الله يشفيها بدعوتك..قال الشيخ مبروك و الخزي يملأ نبراته :أنت اولى بالدعوة يا حاج .. أنت حجيت بيت الله .. و زرت النبي .. أما انا فحجي كان إلي السجون وزياراتى للملاجئ و الاحداث و حظى من تقوى الله هو ما تري .. فكيف أجروؤ ان أرفع وجهى إليه بدعاء.
فعاد الحاج يقول باكيا :بح صوتي بالدعاء و جاهدت نفسي صلاة و صوما فما استمعت السماء لدعائي .. ادع لها انت يا شيخ مبروك فالله رب قلوب .. بحق الله ادع لها ولاتخيب رجاء اب ملكوم.فرفع الشيخ مبروك يديه إلي السماء واجما خزيان وتوجه إلي الله بتظرات خجلى وتمتم بدعوى مخضلة بالدمع متهدجة بالانكسار:يا رب اشفها لا شاف سواك و عافها فلا معاف سواك ..و بكى الرجلان كما لم يبكيا منذ ولدا .
و في اليوم التالي شهدت القرافة الحاج ابراهيم يبحث عن الشيخ مبروك .. و يفتش عنه كالمجنون و هويقول لكل من يلقاه :أين الشيخ مبروك ؟ .. أين الشيخ مبروك دلوني على مكانه .. بنتي شفيت من الشلل .. قامت من كرسيها و مشت وحدها و قال الدكتور هي معجزة.أين الشيخ مبروك .. أين أجد الشيخ مبروك.
و لكن الشيخ مبروك كان قد مات و لقى ربه في فجر ذلك اليوم و دفن حيث لفظ أنفاسه و هو يتمتم باكيا كعادته كلما وضع خده لينام .رب اغفر لي فمن يغفر الذنوب إلا انت.رب ان ذنوبي و ان كثرت فانها لن تضرك و طاعاتي و ان كثرت فانها لن تنفعك فانت الغني عن العالمين.رب مهما عظمت ذنوبي فان عفوك أعظم ومهما كبرت آثامي فان احسانك اكبر.سبحانك وسعت كل شيء رحمة و علما .. فارحم ضعفي وعجزي وفاقتي و انت القائل:وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28) النساء
رب اقبلني من المنكسرين الخائفين المشفقين الوجلين ..يا رب انت الرب و انا العبد .. انت الوجود و انا العدم .. سبحانك لا املك من نفسي شيئا و لا املك لنفسي شيئا.رب اسلمت نفسي اليك .. و اسلمت ضعفي اليك .. و اسلمت حقيقتي اليك .. و اسلمت ارادتى اليك .. و اسلمت روحى اليك .. لا حول و لا قوة الا بكبك احيا و بك اموت و بك ابعث .. و بك انال المغفرة و بك ادخل الجنة.و طلع فجر ذلك اليوم مه آخر انفاس الشيخ مبروك يسلمها الي ربه.
و انتهت قصة رجل من الخطائين كان اقرب إلي الله من كثير من الطائعين من اهل الغرور بطاعتهم.رجل غفر الله له لانه عرف مقامه .. و كانت حياته كلها انحناء و انكسارا و دخولا من الباب الضيق.
واستولى عليه ذلك الاحساس الساحق باللامعنى..واللاجدوى..و اللاثمرة. ورأى كل شئ خاويا مجوفا. جميع اللحظات خاوية مجوفة. كل اللذات خاوية مجوفة. كل المكاسب لا شئ. الوجود عدم. هو عدم. وسحقه الشعور بالعدمية.. و المحو. وخيم عليه احساس بالظلمة..والجدب.. و العقم المطلق. وشعر بنفسه يهوى من حالق..يهوى..و يهوى. و لم يستطع ان يتحمل.
رأوا الدكتور اسكندر .. يلقى بنفسه من الدور السابع
فالحياة تصبح مستحيلة تماما اذا خلت من المعنى و أقفرت من الاحساس بالحق و الخلود و الايمان.
حكايه الدكتور الاسكندر الملحد مصطفى محمود
الاسلام بأن يستوى عندك المنع و العطاء ,و أن ترى حكمة الله و رحمته فى منعه كما تراه فى عطائه, فلا تغتر بنعمة و لا تعترض على حرمان فعدل الله لا يتخلف, و هو عادل دائما فى جميع الأحوال و رحمته سابغة فى كل ما يجريه من مقادير فقل لا اله الا الله ثم ااستقم ..ذلك هو الاسلام. مصطفى محمود
نقطة الغليان نقطة بعدها يحدث تغير تام في حياة الشخص نقطة عندها وجب حسن الظن بالله وتسليم الأمر كله إلية
"فالإسلام هو إسلام الوجة قبل كل شئ وذلك لا يكون إلا بالقبول وعدم الإعتراض والاسترسال مع الله في مقاديرة وبأن يستوى عندك المنع والعطاء وأن ترى حكمة الله ورحمتة في منعه كما تراه في عطائة" "التوحيد أن تكون إرادة الله هي عين ماتهوى وفعلة عين ماتحب"
كتاب صغير بسيط جدا في شكله وكبير جداً في مضمونه ومحتواه.
مجموعة قصصية يدور محورها الرئيس حول الهداية والإيمان بالله العلي القدير و بأقداره و بما قسمه للإنسان.
صورت هذه القصص ما يشعر به الغنسان المعاصر من ضياع و عدمية و فقدان لمعنى الحياة و جوهرها، و قدمت أن الإنسان لا يكون سعيدا بغير هداية الله له إلى الطريق الصحيح؛ فلا سعادة بمال أو حب أو سلطة دون التوجه إلى الله تعالى و التقرب منه و إليه. أسلوب مصطفى محمود في هذه المجموعة لا يوازي أسلوبه و مقدرته اللغوية في الدراسات و في مجموعات أخرى مثل " عنبر 7 " و أظن أن السبب في ذلك يرجع إلى رغبة الكاتب في التركيز على مباديء الهداية و الإيمان فلا يريد للقاريء أن يحيد عن الفكرة الرئيسية.
بالرغم مما سبق فما زلت أستمتع جدا بكل ما كتبه مصطفى محمود لأنه إنسان رائع يحثك على التفكير دوما بالحياة وبالغاية من الوجود و تقبل الناس على تنوعهم و اختلافهم.
الكتاب عبارة عن عدة خيالية اراد الكاتب ان يوصل بها نقاط معينة لفكر القارئ .. كمعنى الاسلام الحقيقي الذي لا يكون بنطقة الشهاظة انما بتسليم القلب لارادة الله والرضا بالقضاء خيره والشر وعدم الشك في عدل الله ورحمته ، واراد ان يوصل ان ما كان معبوده المال فهو في جحيم دائم ً..الحب هو حب الروح والعقل والقلب اكثر منه حب الجسد الذي قد يفنى في اي لحظة.. ان العبادة ليست مكان لتقييم الايمان فقد يكون هناك عاص عارف بقدر الله وبقدر نفسه خير من الف عابد متملق مفاخر بعبادته.. ان الله قد يبعدك عن ما تحبه رحمة منه بك وقد لا يسمح لك بالوصول الى غايتك لان ذلك عين الرحمة وهو الخير الباطن في الشر... وغيرها من الافكار ،، كتاب ممتع بسيط سلش تنهيه في جلسة واحدة
و كأن الحياة وهما بعد كل نقطة غليان و اخري ، بعد كل مقال اشعر كان الحياة لاشيء ثم يأتي المقال الذي يليه ليصغر الصغير و يكبر الحي ااذى لا يموت بداخلي . رحمك الله يا صديقي �
"يا رب أنت الرب وأنا العبد .. أنت الوجود وأنا العدم .. سبحانك لا أملك من نفسي شيئاً ولا أملك لنفسي شيئاً .. بك أحيا وأموت وبك أبعث .. وبك أنال المغفرة .. وبك أدخل الجنة"
"والله ما ألقى الله باكياً, بل لألقاه راجياً رحمته. وهو الذي أنشأني من تراب الأرض ويعلم ضعفي وهو القائل: (خلق الإنسان ضعيفاً). والله ما أكف عن الأمل في رحمة الله أبدا.."
نقطة الغليان | مصطفى محمود أغلى شيء - وهل في الحياة أغلى من ذلك. ذلك الخطر الموشك.. واللذة الجامحة.. والانفعال الدائم. - ذلك الذي أدرك القلب وجوده وخاطبه مخاطبة الحاضر المشهود.. فقال.. يا رب.. رحمتك.. --- العزيز الذي لا ينال - نحن لا نحلم بما نجد، بل نحلم بالعزيز الذي لا ينال.. - ولم يبق لي في النهاية إلا ذلك الرجل الشبح الحلم العزيز الذي لا ينال ذلك الجمال الشفيف من وراء الغيب. --- تحولات الليل والنهار - كيف يحدث في لحظة أن يولد العقل من الجنون كما يولد النهار من الليل؟ --- الزهور البلاستيك - لابد من ثورة تغيير من حين لآخر مادمنا مش قادرين نغير الراجل نغير السرير.. --- الرصاصة - أنا لا أفهم ماذا تعني لحية يصنعها ويقصها مقص حلاق في دقيقة.. وماذا تضيف أو تعطي للإسلام. - أنت تقول لا إله إلا نحن ومن خالفنا كفر ومن خرج عنا تزندق ومن عارضنا عليه اللعنة. --- الحب والموت - نحن نصور لأنفسنا أوهاما وما الحق إلا الروح التي تسكن البدن والنفس التي تسكن القلب. - قالت: كيف تحبني بعد أن أموت.. كيف تحبني بلا جسد.. أصلاة في غير محراب.. أطواف بدون كعبة؟ قال: لقد هدموا أحجار الكعبة عدة مرات في التاريخ فهل انتهى الإيمان وهل انتهى الطواف.. - إننا لا نفقد حبنا لساكن الضريح إذا لم نقبل نحاس الضريح. لأن علاقتنا بروحه وقبلاتنا لروحه وليست للنحاس.
لا أذكر كاتبآ يقيم زلازل تحت أوتاد المسلّمات المغروسة تحت جلدة الرأس مثل الدكتور مصطفى محمود ، ليعيد تثبيتها في مكانها الأصح ! كاتب يُحترم حرفُه و فكرُه و بصيرته ! و مرة جديدة يفاجئنا باسم غريب "نقطة الغليان" ليخلله بقصص من الحكمة و الحياكة و البراعة بمكان ، لم يأخذ الكتاب مني سوى ثلاث ساعات ، في قراءة السطور ... و ما بين السطور ! و ما أجمل أن يلتقي فكر القارئ مع فكر الكاتب و يتشاركا حب التأمل و الحكمة ! هكذا كان الكتاب وجبة خفيفة من الحكم مقدمة بأطباق مغرية تليق بمقدّمها و قارئها !
ولا يزال هذالعائد إلى الله يبذل كل ما في وسعه ليملأ القلوب الضعيفة بالحياة ! و يري النفس المغرورة حقيقتها تجريدآ و تجسيدآ و يطوف بنا في رحمة الله و علمه مستحقرآ ملذات الدنيا و زينتها ... داعيا إلى الله إلى الحب و الإيمان بعيدآ عن عالم الماديات الخادع ...
مجموعة قصصية للدكتور مصطفى محمود، بسيطة وخفيفة أنهيتها في سبعين دقيقة تقريبًا تناولت أفكارًا واضحة عن الإيمان والقدر والموت والطمع، عن أشخاصٍ يعيشون بيننا عرفناهم أم لم نعرف
مجموعة قصصية ، صوفية الهوى .. مباشرة في المعنى والهدف والحكمة .. تدور حول الإيمان بالله والرضا بقضاء الله وقدره. قصة "مخالي" رائعة وهي أكثر قصة أعجبتني في الكتاب.
الكتاب عبارة عن نفس الرسائل اللي مصطفي محمود بيحب يوصلها للقارئ في كتبه زي الهداية و الايمان بالله و القضاء و القدر و نفي ان السعادة بمال او سلطة انما هي بالقرب من الله بس المرة دي علي شكل قصص قصيرة مميزة كل قصة ليها هدف ما ينفعش انكر ان برغم الروحانيات اللي الكتاب امتلأ بيها بعض عباراته لم تعجبني زي وصف للمرأة و كلمات غير لائقة و النقيض ده بحس به كتير اوي في كتاب مصطفي محمود اللي المفروض هدفها الاول انها تقربك من ربنا :( من اجمل القصص " الرصاصة " حسيت بيها اوي خصوصا الفترة دي بسبب وجود كتير من الناس اللى شايفين نفسهم قضاة على البشر و انهم لهم الحق في الحكم على اسلامهم اعجبت اوي بشخصية" الشيخ مبروك" ^_^ و قصة "الرجل الذي عرف ربه" وقصة "ملاطفة "اللي حسيت فيها بمعني “إ� للشر دائماً وجها آخر خفيا هو عين الخير و قصة الخروج اثرت فيّ جدااا رائعة :)
معظم كتابات مصطفى محمود بتخوفني من نفسي دايما بيركز على فكرة ان في اوقات كتير حقيقتك بتكون مستخبية ورا قناع معين من التصرفات و الاختيارات و االانفعالات
الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية قصيرة لكن متحتواها الفلسفي و النفسي كبير جدًا كلها بلا استثناء شدتني
قصص قصيرة ذات عمق في المعنى وتحمل عدة أبعاد أحببت كل الحكايات في هذا الكتاب ماعدا القصة الأخيرة نهايتها مبهمة. حاولت أن أرتشف الكلمات قطرة قطرة على مهل لكن انتهيت منه على عجل . دكتور مصطفى محمود كنز مغمور ومن لم يقرأ له فهو لم يقرأ شيء بعد!!!!
كتاب رائع عبارة عن مجموعة قصصية تحمل فى طياتها الكثير والكثير من الافكار والمعاني اسلوب بسيط وساحر وممتع وشيق اتمنى لو كان الكتاب ألف صفحة اعجبتنى جميع القصص انصح الجميع بقراءته
مجموعة قصصية قصيرة رائعة و متميزة تحكي عن بعض آفات المجتمع وتعمل على معالجتها،حمل في مضمونها رسائل ذات طابع روحاني، قصصها مليئة بالحكم والمقولات الهادفة. إحتوت هذه المجموعة الروائية على 14 قصة قصيرة امتازت ببساطة الأسلوب، دقة التصوير، و عمق المعنى. رسائلها مستوحاة من واقع المجتمع العربي.
إقتباسات: 📌"لا يوجد شيء مستحيل لمن يملك الثمن .." 📌"إن كل الذين عبروا من هنا إلى المشانق قالوا إنهم أحبوا الموت، البعض أحب الخشب والحديد، والبعض أحب السلطة، والبعض أحب امرأة، والبعض أحب نفسه .. ولا شيء من هذ الحب كان يروى عطشا.. كلهم كانوا كمن يشرب من ماء مالح كلما ازداد شربا ازداد ظمأ.." 📌"لقد هدموا أحجار الكعبة عدة مرات في التاريخ فهل انتهى الإيمان وهل انتهى الطواف.. إنما الطواف حول البقعة وليس حول الحجر.. إنما الطواف حول نقطة في التصور حول مركز الإهتمام.. وكما يطوف القمر حول الأرض وكما تطوف الأرض حول الشمس وكما يطوف الأصغر حول الأكبر كذلك تطوف كل المخلوقات حول الله الأكبر من كل شيء.. وكلنا طوافون حول المشيئة الإلهية أردنا أم أبينا.. وما الكعبة إلا الرمز.. وأنا لا أطوف حول حجارة.. ولو تهدمت لما تغير في نظري شيء.. وسأظل أطوف حتى مشيئة ربي إلى الأبد." 📌"الحياة لا تتوقف من أجل أحد.." 📌"ذلك الخطر الموشك.. واللذة الجامحة.. والانفعال الدائم. - ذلك الذي أدرك القلب وجوده وخاطبه مخاطبة الحاضر المشهود.. فقال.. يا رب.. رحمتك.." 📌" كيف يحدث في لحظة أن يولد العقل من الجنون كما يولد النهار من الليل؟ "
#مراجعة *نقطة الغليان* للكاتب: الدكتور مصطفى محمود التقييم: 9,9/10
كتاب نقطة الغليان ، مجموعة قصصية وعظية هادفة تحكي عن بعض آفات المجتمع وتعمل على معالجتها وبإيصال رسائل ضمنية ، ولا تخلو القصص من الحكم والمقولات التي يجب أن تخلد فعلاً. رسائل مستقاة من واقع المجتمع المصري خصوصا والعربي عموما ويعمل الدكتور مصطفى محمود الذي هو طبيب متخصص ، وناتجة من خبء الحياة في مصر وما عاشه وعاصره الدكتور الراحل خلال عمره ، ونتيجة صراعات فكرية أرست به إلى يقين بالله ورغبة بالإصلاح مما أنعكس جلياً في كتبه ومنهم هذا الكتاب. كثر في الكتاب ذكر المشاكل التي عانى منها المجتمع العام العربي ولاسيما المصري وخصوصا في فترة السبعينات وهو العقد الذي كتب الكتاب في نهايته ، حيث كانت مصر علمانية لحد ما في عهدي الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات مما كان جلياً من مشاكل كالخمور والعلاقات غير الشرعية والالحاد والمشاكل الزوجية حيث تناولها الدكتور وحاول على علاجها بشكل مباشر وغير مباشر من خلال تقبيحها وتوضيح الطرق الصحيحة ، ومما يجعلني قلق قليلاً من ملائمته لجميع الفئات السنية ، وميله للراشدين أكثر. لغة الكتاب كانت جداً جميلة ، وأسلوب الكاتب رائع ، والأفكار وطريقة الطرح عالمية ، مما جعلني أفكر في ضرورة ترجمة هذا العمل إلى لغات عديدة ، ويبدو أنها ستكون بداية في الخوض في كتب الدكتور مصطفى محمود. ختاماً وعطفاً على ما سبق أقيم الكتاب ب 9,9 من 10 ، وأنصح الجميع بقراءته.
*إقتباسات* "إن كل الذين عبروا من هنا إلى المشانق قالوا إنهم أحبوا الموت، البعض أحب الخشب والحديد، والبعض أحب السلطة، والبعض أحب امرأة، والبعض أحب نفسه .. ولا شيء من هذ الحب كان يروى عطشا.. كلهم كانوا كمن يشرب من ماء مالح كلما ازداد شربا ازداد ظمأ.." ص21 "كيف يحدث في لحظة أن يولد العقل من الجنون كما يولد النهار من الليل؟ وهل يحتاج مثل ذلك الميلاد أن يدفع الإنسان ذلك الثمن الباهظ من زهرة العمر؟" ص33 "هذا شأن العالم دائما من خمسة آلاف سنة كانت الراقصة تكسب أكثر من الكاتب و الطبال يكسب أكثر من الخباز والنجار والحداد.. ولو أنك دعوت أينشتين اليوم لندوة علمية.. ثم دعوت امرأة عارية لحديث صحفي، لترك الجمهور أينششتين وعلمه ولتجمعوا حول المرأة العارية بالألوف.. وهذا ليس ذنبنا.. وإنما سببه أن أكثر الناس من البهم ومن أهل الهوى ومن عبيد الشهوات وهم لذلك يشجعون التافه من الأمور وينصرفون عن الجاد." ص44 "لقد هدموا أحجار الكعبة عدة مرات في التاريخ فهل انتهى الإيمان وهل انتهى الطواف.. إنما الطواف حول البقعة وليس حول الحجر.. إنما الطواف حول نقطة في التصور حول مركز الإهتمام.. وكما يطوف القمر حول الأرض وكما تطوف الأرض حول الشمس وكما يطوف الأصغر حول الأكبر كذلك تطوف كل المخلوقات حول الله الأكبر من كل شيء.. وكلنا طوافون حول المشيئة الإلهية أردنا أم أبينا.. وما الكعبة إلا الرمز.. وأنا لا أطوف حول حجارة.. ولو تهدمت لما تغير في نظري شيء.. وسأظل أطوف حتى مشيئة ربي إلى الأبد." "أصدقك.. ربما كان هذا هو الفرق بين المرأة والرجل.. فالرجل يستطيع أن يحب في تجريد والمرأة لا تستطيع أن تحب إلا تجسيدا.. لأنها هي ذاتها رحم الحياة التي تلد الأجساد.. المرأة جسم الدنيا والرجل عقلها.. ولهذا استطاع مجنون ليلى أن يهيم في ليلى ويضيع حياته في حبها دون أن يمسها.. ولم تستطع هي.. بل تزوجت وأنجبت مثل كل جنسها من بنات البشر" ص60
أغلى شيء :: من اللاشيء قد يولد الشيء .. للحظة قد تتحول حياة الفرد منا من خط مستقيم إلى تدبدبات غير منتظمة .. تغير مسار المستقبل، وترسم حيثيات القدر العزيز الذي لا ينال :: " ومن الحب ما قتل " .. صدقا، أقولها دون إقتناع تام .. لم أثق يوما في الحب .. ولا في درجاته .. قد يكون الخطأ مني لأني لم أجربه أم منه لأنه لم يدق بابي بصراحته .. لكن، وفي كلتا الحالتين .. لم يكن الحب يوما - في نظري - سببا لمثل هكذا جنون، وهكذا نتيجة .. الرجل الذي عرف ربه :: ما أروعها من كلمات ! وما أجملها من حروف ! .. صدقت يا سيدي .. فمن عرف ربه .. عرفه حياته ؛ وما أنقاها من حياة ! تحولات الليل والنهار :: دائما ما يأتي الندم مع نزول كلمة النهاية .. لكن أحيانا، قد يكون نهاية البداية فقط .. مبشرا بجزء أفضل، وحبكة أعمق - في الحياة .. الزهور البلاستيك :: البداية جيدة .. النهاية كذلك .. لكن " أنا تهت ف النص " هه كل شيء أصبح مزيف .. حتى الجمال أصبح ،� Made in China الرصاصة :: رحمك الله يا دكتور على هذه الكلمات وهذا الحوار .. نسخة تنبأت بها عن المستقبل وها نحن نعايشها في الحاضر .. غير أن أمثال هؤلاء ممن نملك .. لا يفتح حوار، ولا يطلق كلمات .. فقط " رصاصة " حكاية الدكتور اسكندر :: " لقد أدان الرجل نفسه بنفسه وكتب بيده الحكم النهائي على نظريته. " الحب والموت :: إنه الحب على حافة الموت .. إنه حب كتب له الموت قبل الولادة .. حب يحتضر مع كل نفس يتنفسه الإثنان .. وكل صرخة حب صامتة روتها أعينهما .. لينسج لوحة دمجت بين ألوان الحب الحمراء، سواد الموت، والأبيض النقي المحلق بأجنحة السمو المبروك :: " وانتهت قصة رجل من الخطائين ... كان أقرب إلى الله من كثير من الطائعين " ملاطفة الحمد لله .. نحمدك يا الله للطفك بنا ورحمتك التي غمرتنا وتغمرنا من كل جانب .. حكمتك وسعت كل شيء، وترفعت عن كل فرد .. وحدك يا الله تعلم الأقدار، وما تخفي الأبصار .. " أ الخير وجه آخر للشر ؟ أم أن لا وجود للشر من الأساس ؟ " شكرا لقد أديت وظيفتك :: هناك الكثير من الناس - وأخص بالذكر الرجال - من يرى أن دور المرأة يختصر في كونها " أداة انجاب وتكاثر " ظننت أن الكاتب سيتحدث عن هذه النقطة .. لكن يتضح أن راويه أنهى وظيفته قبل حتى أن يفكر .. فشكرا له .. لقد أدى وظيفته ! ذرة يورانيوم :: فقط ؟ كانت النهاية انفجار الذرة .. لكنها كانت البداية بالنسبة لي سؤال دوى صداه بعد الانفجار، مع رائحة الدخان المتصاعد ومخلفات ما حدث .. وددت لو عرفت عما إذا كان الأمر جريمة تستحق العقاب؟ عزاء يستحق الرثاء؟ أم ولادة جديدة تستحق الاحتفال؟ الخروج :: لقد تأخر كثيرا ليفهم .. واستعجل كثيرا ليقرر .. أبعاد زمنية، تتحكم بها بضع ثوان أو دقائق .. لتثبت قاعدة أن الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك .. وبطلنا لم يفهم أن عليه أن يقطعه .. وقرر أن عليه أن يُقْطَع ! مخالى :: هه ، يا لها من ثلاثة براميل من النبيذ .. تأثيرها يعمل عن بعد ! مسكين أنت يا مخالى ..
يتميَّز أسلوب د.مصطفى محمود القصصي، بلغةٍ رشيقة، سهلة العبارة، موجزة السَّرد، قصيرة الوصف، مكثَّفة، بعيدة عن الحشو والإغراق في التفاصيل، وخالية من غرائب المفردات العربية، يستعمل بعض المفردات المحكيَّة (المحليَّة). ومجموعة القصص في: كتاب "نقطة الغليان" عددها 14 قصة، لا تتجاوز القصة الواحدة 11 صحيفة -وهي أطول القصص- وغالبًا تقع القصص في 6 صفحات، وإن بدا أنَّها لا ترتبط مع بعضها البعض، إلَّا أنَّها من الهيِّنِ أن تنتظمُ في عِقدٍ واحد، فالقارئ لكتابات المؤلف يستطيع أن يستشف المغازي من كلِّ قصة، فالقصص كلها تحكي "الحكمة" الّتي تفوت الإنسان بينما هو يلهث في سباقٍ محمومٍ إلى الدنيا، ويُمكن أن نرى بوضوح أن (الله) و(الإنسان) هما القضيتان الّلتان يدور حولهما فكر د.مصطفى محمود.
وهنا سأكتب سطورًا قليلة عن كلِّ قصَّة كما عنَت لي، واضعًا عنوانًا فرعيًا لكل قصة: - أغلى شيء | السعي إلى الله قصة (عمرو إسماعيلوفتش)، بحَّار يتكسَّب من مهنته ويُلقي ما في جيبه على ملذاتِ الغانيات وسورةِ السُّكر، أفاقَ من سكرته على مشهدٍ فظيع، أدار رأسه وقلبَ كيانه، كان (عمرو) باحثًا عن معنى وجوده.. صدقَ مع الله فعاد خلقًا آخر. وهذان نصَّان من القصة أُبدي إعجابي بهما: ”ومرَّ� لفحة من الهواء الساخن على خده كأنها سيف محمي. ورأى شظية تقتلع رأس الفتاة أمامه وتترك حفرة ينبثق منها الدم.. ورأى نفسه يحتضن جثة�. ”ولكنَّه� استمرَّت بصوتٍ معدنيٍّ باردٍ ميِّتٍ؛ كأنها مُصَفَّحة تمرُّ فوقَ أضلاعِه�.
- العزيز الّذي لا يُنال | ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان لا يُمكن بناء علاقة زوجية ناجحه بالمالِ وحده، إنَّ الحب يستلزم رعايةً واهتمامًا دائمين باقيين ما بقيَت الحياة تنبِض، وهذهِ قصة رجل سلخ عمره يجري خلف المال والأعمال ولم يُكلِّف نفسه عناء السؤال: وهل هذهِ هي الحياة جديرة بأن تُعاش؟ بينما كانت المسافة بينه وبين زوجته تتسع وتتمدد وإن كانا تحتَ سقفٍ واحد. ”ول� أنها عرفت جمال وجه الله المستور من وراء الغيب لأدركت طريقها ولتغيرت القصة... ولكن.. (ولكن) هذهِ هي جريمتنا جميعًا�.
- الرجل الّذي عرف ربه | إنما يتقبل الله من المتقين أخذ الله على بني آدم العهد بأن يعبدوه لا يشركون بهِ شيئًا وهو عنهم غنيٌّ؛ لا يزيدُ في مُلكه شيء ولا ينقص أَشكروا أم كفروا، وأخبرنا أنَّه يتقبل من المتقين وأنه يحب المحسنين التوابين المتطهرين المتقين المتوكلين المقسطين، وأمرنا بأن نكون مع الصادقين، وكل هذهِ الخِلال الّتي يُحبها الله من عباده تتطلب الصِّدق. لذا قد يعكف العبد يدعو ربه ويصلِّي ويتصدق ثم لا يكون من هؤلاء لأنَّه ما صدق النيَّة وما أخلص العبادة، فإذا ما فتح الله عليه وأراد بهِ خيرًا جاءته النِّعم تترى ووجد برد اليقين.
- تحولات الليل والنهار | حياة في سبيل غضبة الإنسان بطبعهِ عجولٌ سريع الغضب، ولحيظة قد تكلِّف الإنسان حياته! وهذهِ (اللحيظة) تكون أشبه باللازمن، والحكيم من استطاع أن يتَّخذ قراراته عن فكرٍ ورويَّة، الّذي يُلجم غضبه ويكبح جماحه، فإنَّها حياةٌ واحدة ولا سبيل إلى عودةٍ للوراء. ”كي� يحدث في لحظة أن يولد العقل من الجنون كما يولد النهار من الليل؟ وهل يحتاج مثل ذلك الميلاد أن يدفع الإنسان ذلك الثمن الباهظ من زهرة العمر؟�.
- الزهور البلاستيك | الإباحية وموت الحضارات في العبارات الأخيرة الّتي اختتم بها قصته القصيرة، ربما كان في ذهن (د.مصطفى محمود) واقعة بركان فيزوف ومدينة بومبي - Pompeii: ”هؤلا� النسوة هُنَّ نهاية الإمبراطورية الرومانية�. تأتي الإباحية ومظاهر الفسوق لتكون المسمار الأخير الّذي يُدقُّ في نعش الحضارة.
- الرصاصة | إنما تقضي هذه الحياة الدنيا بدت هذه القصة الموجزة، كحوارٍ واقعي مكرور، مُجادلة دينية يوميَّة، وبرأيي هذه القصة أكثر القصص مباشرة أعني أن (د.مصطفى محمود) قد عبَّرَ عن رسالتهِ بأسلوب وعظي جليّ، وقد أنهاها بكلماتٍ جميلة: ”وسق� رجل وزاد عدد المجرمين واحدًا.. ولم ينصلح في العالم أي شيء بل زاد ضلالًا على ضلال�.
- حكاية الدكتور إسكندر | الكفر بالله كفران بالحياة يرى (الدكتور إسكندر) أن الإنسان هو مجموعة ردود أفعال وأنماط سلوكية، تراكمات ردود عصبية متداخلة معقدة مترابطة في ميول ورغبات ثابتة من الغرائز والمشاعر والعواطف، وعلاجه الصدمات والحقن والأقراص والمخدرات والمسكنات والتدخلات الجراحية، فالإنسان بالنِّسبة له مادَّة صِرفَة؛ ما من داعٍ لِافتراض خالقٍ ولا آخرة ولا بعثًا ولا نشورًا. عاش (الدكتور إسكندر) ومات وهو يكبِت تساؤلاته حول الله والماوراء، وهو يعلم في قرارة نفسه أنَّه يخدع نفسه وأنَّه ثمَّة عالم آخر يُفسِّر الإنسان، مبدأه ومنتهاه، لكنَّه استمرَّ في العدميَّة حتى آخر الشوط فاتنتهى بهِ المطاف إلى عبثية كارهة للحياة، وانتحر جسديًا بعدما انتحرَ عقليًا.
- الحب والموت | الرِّباط الأبدي وسموّ العلاقة الحب بين التجسيد والتجريد، بين المعنى ولبوس المعنى، ما الحب؟ كيف ينشأ؟ هل يموت؟ إنَّ الحديث عن الحب من أصعبِ الأحاديث وتحديده وتعريفه أمر في غاية التعقيد، تأتي هذه القصة لتروي لنا حكاية عاشقين اثنين أمام تصاريف الأقدار العلوية، هل يصمُد الحب، وهل يتَّخذ الحب أشكالًا لا نعرفها؟ ”قا� ودموعه على خديه: سوف أحبكِ أكثر. قالت: كيف تحبني بعد أن أموت.. كيف تحبني بلا جسد.. أصلاةٌ من غير محراب.. أطوافٌ بدون كعبة؟�. ”ث� تحول الحوار إلى كلامٍ مبتورٍ من طرفٍ واحد، هو يصرخ وهي لا تجيب.. ثم هو وحده يكلم ترابًا.. ثم علامة تعجب أمام الباب الّذي لا يعود منه أحد.. ثم سؤال.. ولا جواب�.
- المبروك | الاِنكسار في حضرة الله التديُّن الزائف والتديُّن الصادق، الذات الخيالية والذات الحقيقية، والمرءُ في رحلةٍ بين الزيف والحق لا تنتهي إلا بموته، إنَّ منزلة العبد عند الله سرٌ لا يطَّلِع عليه أحد، والحكم على النَّاس بأنهم صائرون إلى نعيم أو جحيم لخطيئةٌ كبيرة! وما في النِّيَّات لا يعلمه إلا ربُّ النِّيَّات.
- ملاطفة | عين العناية الإلهية قال الشاعر (أبو تمام): قدْ ينعمُ اللهُ بالبلوى وإنْ عظمتْ * ويَبْتَلي اللَّه بعضَ القَوْم بالنعَمِ من ألطافِ الله أن جعل في البلوى عافية وفي العسر يُسر وفي المرض صحة، فلطفهُ خفيّ ورحمته واسعة، لكنَّ الإنسان سرعان ما يضيقُ ذرعًا ويهلعُ ويضعف من بلاءٍ يحلُّ به وحكمة الله عنه غائبة، وجحوده نعمة الله أنساه أنَّ الله ابتلاهُ بالأمس ورفع عنه البلاء وزاده من أنعمه ما لا يُحصى ولا يُشتري بمال. ”وأ� الموت والشيخوخة والمرض هي ظلال لا بدَّ منها لكمال الصورة.. فما كانت الصحة لتُعرَف لولا المرض، بل إنَّ المرض يُعطي الإنسان فيما يُعطي المناعة والحصانة، كما أنَّهُ يعلِّمه الصبر والجَلَد... ولو أخلدَ الإنسان إلى اعتدالٍ دائمٍ؛ لَاسترخت خلايا جسده وهلكت من الخمول والتَّرَف... إنَّ للشرِّ دائمًا وجهًا آخرَ خفيًا هو عين الخير�. ”وكم� يقول الفيلسوف الحكيم (أبو حامد الغزالي): كلما ازداد القوس اعوجاجًا أعطى السهم توتُّرًا واندفاعًا أكثر ليُصيب هدفه. وذلك هو الكمال الّذي يخفى في باطن النَّقص�.
- شكرًا لقد أدَّيت وظيفتك | سُعَار الشهوة من طلب السعادة عبر سبيل اللّذة والإمتَّاع، غارقًا في أوحال الشهوة والطمع والمزيد المزيد، فقد طلب هلاكه من حيث أراد سعادته، ابن آدم نفسه لا تشبع وشيطانينه تترصده. لقد رأى بطل القصة مشهدَ موته في لحظةٍ تأمُّليَّة ولكن أنَّى له التناوش من مكانٍ بعيد!
- ذرَّة يورانيوم | الإنسان الطاغية عجيبٌ أمر الإنسان المتجبِّر، يُرعِدُ ويُزمجِرُ وينهى ويأمر، وكأنَّ الكون لُعبته والحياة مُلكه والنَّاس رهن إشارته، كل شيء يدور حوله هو المركز وهو الأصل والأساس، بكلمةٍ واحدة هو الإنسان الطاغية الّذي جعل من نفسه إلهًا آخر، فإذا حانت ساعتهم غلبهم عذاب الله في الوقتِ الّذي ظنّوا ألا غالبَ لهم، ولنا في الطغاةِ عبرة!
- الخروج | لا عزاء الحياة بلا أمل بموعود؛ موتٌ وعدم، حينها لا زمن ولا نمو ولا إنضاج يؤشِّرُ إلى الحياة ويدلُّ عليها، بوابة الموت تبدأ من السُّخط واليأس والسوداوية القاتمة، وفي الحديث النبوي، يقول سيدنا محمد -عليه الصلاة والسلام-: ”إ� عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإن اللهَ –ع� وجل- إذا أَحَبَّ قومًا ابتلاهم؛ فمن رَضِيَ فله الرِّضَى، ومن سَخِطَ فله السُّخْطُ�. وفي الحديث القدسي الجليل: ”أن� عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي...�.
- مخالي | لكل شيء تسعيرة كلنا يخلع على الحياة معنًى من نفسيته ومِزاجه، وهذا البائع الّذي يتعاطى مع كل شيءٍ في الحياة على أنَّه سوق بيع وشراء، لا يجد فيها إلا ما يُمكن حسابه بالرصيد المادي، وهكذا كان صاحبنا في قصة (مخالي) حتى أنَّ (د.مصطفى محمود) بذكائه وهو يصف هذا البائع اليوناني قَرَنَ بين تقاسيم جسمه وملامح وجهه والأغراض الّتي يبيعها في دُكَّانه، وكأنه شيئًا من هذهِ الأشياء الّتي باع نفسه لها.