وكان صوت الريح والوحش، صوت الأرض والزمن القديم. كان أنين الغابات البكر، قاتل، من أجل نفسه ومن أجلنا جميعاً، غاب جسده، لكن روحه البرية تقمصت الجذور والصخر، وامتصتها أشعة الشمس.لقد تحداكم جميعاً أن تجرؤوا على الاقتراب من الوديان المتوحشة
هو كاتب و روائي سوري. وحظرت روايته وليمة لأعشاب البحر في عدة دول عربية، وحتى أدى إلى ردود فعل غاضبة متأخرة من علماء الدين من الأزهر.
من مؤلفاته ĶĶĶĶĶĶĶĶĶ - حكايا النورس المهاجر (قصص) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق أخرجت كفيلم عام 1972 ونال عدّة جوائز منها جائزة مهرجان لوكارنو، مهرجان كارلو فيفاري، مهرجان دمشق للسينما الجديدة. - الفد (رواية) الطبعة الأولى: 1968 وزارة الثقافة السورية-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثالثة: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الرابعة: 1991 دار الحصاد-دمشق. - الومض (قصص) الطبعة الأولى: 1970 اتحاد الكتاب العرب-دمشق. الطبعة الثانية: 1977 دار الحقائق-بيروت. الطبعة الثالثة: 1999 دار ورد-دمشق. - الزمن الموحش (رواية) الطبعة الأولى: 1973 دار العودة-بيروت. الطبعة الثانية: 1979 المؤسّسة العربية للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1991 دار أمواج-بيروت. - الفيضان (قصص) الطبعة الأولى: 1975 اتحاد الكتاب الفلسطينيين-بغداد. الطبعة الثانية: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثالثة: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا. - كبوتشي (سيرة حياة ونضال كبوتشي) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت. - الوعول (قصص) الطبعة الأولى: 1978 دار ابن رشد-بيروت. الطبعة الثانية: 1989 دار الحصاد-دمشق. - التموّجات (قصتان) الطبعة الأولى: 1982 المؤسّسة العربيّة للدراسات والنشر-بيروت. الطبعة الثانية: 1986 دار الحوار-اللاذقية-سوريا. - وليمة لأعشاب البحر نشيد الموت (رواية) الطبعة الأولى: 1984 قبرص-الناشر: حيدر حيدر. الطبعة الثانية: 1988 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثالثة والرابعة: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الخامسة والسادسة: 1997 دار ورد-دمشق. - مرايا النار فصل الختام (رواية) الطبعة الأولى: 1992 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعة الثالثة: 1998 دار ورد-دمشق. - أوراق المنفى شهادات عن أحوال زماننا (وثائق). الطبعة الأولى: 1993 دار أمواج-بيروت. يضمّ العديد من المقالات التي نشرها في مجلات أدبيّة مختلفة (1987-1974). - غسق الآلهة (قصص) الطبعة الأولى: 1995 دار أمواج-بيروت. الطبعة الثانية: 1995 دار بترا-دمشق. الطبعةالثالثة: 1996 دار ورد-دمشق. - شموس الغجر (رواية) الطبعة الأولى: 1997 دار ورد-دمشق. الطبعة الثانية: 1998 دار ورد-دمشق.
هل لنا بكأس من الزوفا ونحن نكتب هذا، لعلنا نبدع ونستخرج تشبيهات مثيرة وكلمات رائعة كما وجدنا ذلك في قصة الفد؟
وبخفة فهد قرأنا هذه القصة والتي كانت تتحدث عن قصة عادية تحدث في الكثير من البلدان ما بين ثائر للمطالبة بأبسط الحقوق، وما بين خائفين ومتوجلين لا يستطيعون إلا الوشاية عن ذلك الثائر مهما فعل وتحدث لهم. هنا رأينا كيف تنشر الأحداث والكلمات في هذه القصة الوعي. كلمات وتشبيهات حيدر حيدر تجبرك على ان لا تتخطاها بل تعيد قراءتها مرتين وثلاث لجمالها وتميزها.
انهى القصة ب(هذا الفلاح البائس المدلى على خشبة الموت قد تمرد ومات من أجل الحرية و الأرض) فنحن نقول اليوم بأن حيدر حيدر تخطى بكل خفة كالفد ورطاته بكل إبداع وكما قال هو في احد لقاءاته (ورطة الكتابة بعد الورطة الكبرى وهي الحياة)، ففاز بعد تمرده على الكلمات والجمل بتعابير وتشبيهات تفوق الجمال وأصبح فهد الكتابة بخفة اللغة وبساطتها. أعتقد بأن هذه القصة لن تمر مرور الكرام كما لم يمر ذلك الذي صلب في نهاية القصة (وكأنه حيدر حيدر، يعود بنا لذلك المسيح الذي صلب، ويقول في كل زمان سيكون هناك صليب) وكان درسًا لأن يكون الوعي بذرة تنمو في أرض صالحة للزراعة لا أرض لا تسقط فيها الأمطار كما كان في القصة، فأن هذه القصة ستكون هي البذرة التي من خلالها سنحصد الكثير من نتاج الكاتب حيدر حيدر.
انهيت الكتاب ومتأكدة بأني كتبت المراجعة والان ارى الصفحة خالية؟ هل كنت أحلم بالفد؟ وهل كنت اتغنى به وبشجاعته في أحلامي؟ ام ان شيئًا حدث مع برنامج الگودريد ولم تعجبه مراجعتي؟
ما تحدث عنه الكتاب هو ما يحدث لاي شخص يتقدم عن الجميع ويرد على الطغيان!! السجون ملئى بإناس قد قُفلت أبواب السجون عليهم فقط لانهم تحدثوا عما تجيش به نفوسهم او انتقدوا الطغيان! وما الفد الا شخصا واحدا من هؤلاء. وإلا لم نكن سنرى أدباً خاصًا بالسجون.
لماذا؟ هل يكره الانسان ان يُنتقد؟ ولما يعتبر الرأي انتقاد! بل ربما قيل لتصحيح وضع وارجاع الى الخط الذي حدى عنه الطاغي؟ عجبتني القصة في النهاية عن الملك الذي يتخفى ويذهب ليفرح مع عامة الناس ولكنه قُتل في الاخير؟ الواضح اننا كلنا نفضل ان يكون الملوك في ناحية ونحن في ناحية اخرى. ربما الوضع هو هكذا لا بد من الفصل؟ ربما الله اراد منا ان نكتب قصصا حزينة او نعيش في الظلم حتى نعيش كما بعيش الضعفاء . والزوجة!! وما ادراك عن هذه الزوجة. كيف عاشت وكيف استطاعت ان تذهب الى شاهين اينما كان؟ شجاعة ليس مثلها شجاعة
اقتباسات ولما انبثق الضوء وعمّ الارياف البعيدة، غامراً المدينة التي صحت، تجمع الناس في الساحة حول الجسد المصلوب في فراغ النهار الفضي، ورنو مليا الى الوجه الاسمر،المنكفأ وعينيه العسليتين المغمضتين
*هو معه السلطة المتخمة تقاتلك من أجله. و انت معك المقهورين الذين لا يقاتلون*
*في جميع البيوت كانت رائحة الطعام نتنه كجثث منشورة من ألف جيل ، و أحد لا يقول شيئا و في اعتياد زمني رسخ فوق قبور حياتهم المشوهة . كانوا يستنشقون روائح أيامهم المنخورة الايام المتوجة بالتوجس و الخوف و الجوع و الصلوات و الطمأنينه الكاذبة.*
غارات الجند المفاجئة لم تنقطع عن بيوت الفلاحين الفقراء، تطلب الفار، وإذ لا تجده تطلب الدجاج والسمن والحليب والتبن والمبيت.
*هو الذي لم يسرق فقيرًا، ولا أهان فلاحًا، ولا سطا على القرى الآمنة، لماذا ظل وحيدًا؟*
*- البراري وحدها مرافئ الذين فقدوا أوطانهم. و لكن إلى متى ؟ و لماذا يخرج الإنسان من بيته و يرغم على ألا يعود إليه؟*
*حدث للحسين ما حدث. قُطع رأسه يا بني وظل للناس عاشوراء من بعده*
رواية عميقة تختلط بالدم و الدفاع عن الارض الوطن ، عن ما تبقى من الكرامة المهدورة ومن الإنسانية " آه ياصديقي كم من السنين ستمر قبل أن نصير بشراً " يقول شاهين .. ليست الإنسانية بيت يحميك وقوت جسد ، ليست الإنسانية خنوع وإذلال .. لماذا يهان الإنسان في العالم؟ يتساءل شاهين .. ابتدأت الرواية بنشيد يلخص الحكاية ، حكايات الأرض وتاريخ الدم والوجع والموت والوطن ذو الراية الممزقة .. الأرض ليست سوى قبر ضيق ، هاجر هاجر ...كنورس البحار الذي لا وطن له ، وكزنجي متوحش ولا تنخدع بالطمأنينة ، ففي مخادعها يكمن الموت .. لقد توهم الفلاحون بحياة هانئة ، نسوا نضالهم ضد المستعمر الذي إستبدل وجوده بمستبد لا يرحم ، ماذا يفعل الفلاح إن لم يسقط المطر؟ دعك من القسمة غير العادلة ، في عرف الإقطاعي ، لا معنى لإنقطاع المطر .. لا يوجد عدل ، ما معنى العدل؟ لا هو- المستبد - يعرفه ولاهم جربوه ، خرقة الإنسان والقانون .. ثار شاهين وإنتفط بعدما ضربوه ظلماً وعدونا ، ماذا لو لم يثر؟ لم كانت الراوية والراوي ولما فهمنا معنى الوطن ،فالأرض تحتاج إلى الدم .. هاجر من أرض لا تقبله و-في عينيه طيوف تمرد إنسان تخطى لحظة التاريخ و سكينة الزمن ، لأنه قال : لا. هبط عليه غضب الأرض وإرهاب الوطن وطلبته الطمأنينة .. ثار وقتل وإنتقم وحده متأبطا أفعاه - البندقية- إنتقل كوحش من براري إلى أخرى ، كإنسان بدائي صار ، عندما نؤذي أنسانيتنا ، نعود إلى نقطة البدء ،نحتمي بصديقتنا الأولى ، نعود إلى حضن الطبيعة المتوحشة، القاسية ، حيث ننظر إلى السماء والليل والشجر .. و-يطلبك القانون والناس .. هل البندقية ترد الإهانة ؟ هنا دخلت شخصية الشيخ الذي إعتبر شاهين مخطئاً إذ ما إنبغى له أن يرد بالعنف، بالعقل قال، الظالمون هم أيضاً أناس بسطاء والواجب دفعهم إلى الخطء .. لا أدري كيف كانت ستحل المسالة بالعقل مع أغبياء كما سماهم شاهين ، لا يفهمون غير لغة الدم ؟! أكان يجب أن يسامحهم أو يفهمهم خطأهم وهم غارقون في ظلم العباد ، كيف لا يعرف من يظلم أنه يظلم ؟ .. شخصية الشيخ أعجبتني ، كانت نهاية كما يستحق ، هذا اللقاء كان يجب أن أيكون قبل موته ، شخصيته صوفية، متسامحة ، هادئة ، كل الناس مخطئون و لكن هناك فرق بين الخطأ والظلم يا شيخ! قال له انك يا شاهين فدية الأرض ، في الحلم الذي رآه شاهين في منزل الشيخ ، كان هناك حوار جميل ،( حواره مع الشيخ كله جميل) ولكن هناك جزئية انتبهت لها أو خمنتها ، أن شاهين هو كالبطل المخلص الذي يسود بعده الرحمة والعدل وتمحى الخطايا ، يشبهه الكاتب الرسول عيسى الذي يعتبر عند المسيحين مخلصهم من الخطايا ولذلك فهو مات ، أما شاهين فيجب أن يدخل في التيه كما الملك العادل ، تيه في الدنيا والأخرة ، أيعقل هذا ؟! لا أدري . شخصية شفيقة ، شخصية بطولية ، هكذا هن النساء ، ما استسلمت كباقي الفلاحين بل ثارت وساندت زوجها ، في أصعب اللحظات كانت بجانبه تدافع عنه ويدافع عنها وعن الأرض .. قالت له بجرح : أخ لو في أخر الأرض مخبأ لطويتك تحت الضلع وأخدتك اليه .. ستبكي كثيراً يا شفيقة وسيبكي غيرها ، لا لأنهم ابطال يحبون الأبطال ، لكن لأنهم إشتاقووا إلى البكاء على الأبطال إو إلى الراوي الذي يحكي الحكاية حول الدم والحرية والأرض .. ويبقى السؤال أين تقع حدود مملكة شقاء الإنسان ؟ عن اللغة ، رأيتها لغة جيدة شاعرية ، مهذبة ، رمزية جميلة ، و هادئة .. أعجبتني لغته وسرده للأحداث .. بالنسبة للنهاية، لا يمكن أن تكون إلا نهاية كهذه ، في تاريخنا كله نهايات مشابهة ، ألم يذكر الحسين و ما لقيه عندما ثار ، هل ستكون نهاية شاهين مختلفة في أوضاع كهذه ، لا أظن ..
اسم الكتاب: الفد اسم المؤلف: حيدر حيدر عدد الصفحات: 104 صفحة
مراجعتي،، رواية رائعة يرويها لنا راوي مجهول عن شاب يدعى شاهين ، رفض أن يعطي الآغا حصته من محاصيل السنة و أن يتم الإستيلاء على أراضيه ليتم الإعلان عنه كرجل عاصي ومطارد وعلى القرية و ضواحيها الإبلاغ عنه والإمتناع عن ايوائه حتى لا يتم حرق منازلهم! يكافح شاهين فهد الجبال العاصي لتخليص زوجته وابنه علي من أسر الدرك ،، ومن هنا تبدأ رحلة الفد شاهين.
هذه المرة الأولى التي أقرأ لهذا الكاتب، احببت كتابه
اقتباسات،، 1- لماذا يُهان الإنسان في العالم؟! 2- البراري وحدها مرافئ الذين فقدو أوطانهم. ولكن إلى متى؟ ولماذا يخرج الإنسان من بيته ويُرغم على الا يعود إليه؟ 3- الحلم لا يأتي بإرادة الإنسانن. 4- جبال تنهض و ربى مخضرة كوجه البحر، مطر وسهول وشمس ، ولكن الأمان مفقود، كذلك العدل. وطن عامر بالخصب والبشر التعساء، لكنه مملوك للأغنياء الذين سرقوا النصر والأرض في عصر بائس، وما رفت جفونهم ندماً ، وخلفهم كان منفذو القانون من التعساء الحمقى والمرتشين، وعلى الذين ضحوا من أجل الحرية والعدل، من أجل الأرض التي يحرثونها منذ القدم. 5- قلبي عندك يا تايه ،، دبلو وراق الريحاني ،، الله يخون البيخونك ،، الخاين مالو آماني .. 6- لتعاسته ولد إنساناً 7- أين تقع حدود مملكة شقاء الإنسان؟ 8- ما فائدة الإنسان من كل التعب، من كل ا��صراخ، ومن كل الحزن؟ آنذاك يبدو العالم سهلاً ومقبولاً ومعمماً بالسلام: لا خوف، لا قتل،لا مطاردة.
مجاهد أراد الحياة للأخرين الذين يعيشون القهر والغلبة والذل من قبل الآغا ولكن شاهين (الفد) الذي اعتقل وعذب لأنه رفض الرضوخ لجنود الآغا واعطائهم حصة الارض الذي يزرعها ولم تنتج في ذلك العام شيئا يذكر ولهذا خرج حاملا بندقيته يقاتل الدرك وحيدا واصبح يعيش في البراري والكهوف والجبال جائعا عطشانا مجروحا بعيدا عن أهله وولده منقطعا في الكهوف يتألم مما آل اليه حاله، غيره منعما ودافئا يعيش مع اهله وهو وحيدا مطاردا في الكهوف والجبال ولا معين يعينه وقد اتخذت القوات اجراءات ضد اهله وقريته حتى اختلت القرية من اهلها وهجرها سكانها .وهذا هو ديدن الظالمين العابثين بمقدرات الناس وارزاقهم وخيرات بلادهم. واذا تحدث احدهم قالوا انه خارج القانون. والمؤلم جدا رغم كل الحوادث والألم وكل البعد والقهر أن من يسلمه الى الدرك و يخبر عنه هو خاله وهذا أشد أنواع الظلم اذا اتى من القريب. تأريخ العروبة مؤلم .
ضياع الإنسانية وكرامة الإنسان! . رواية عن الدفاع عن الأرض بالدم وبالتضحيات، رواية عن الوطن، الوجع، والموت. حكاية عن الفلاحين الذين كانوا يتوقون لحياة هانئة بعد التحرير من الاستعمار، ليجدوا أنفسهم أمام استعمار مختلف ومن نوع آخر. حكاية تروي التمرد على العرف الإقطاعي الذي كان يُحمل الفلاحين مسؤولية عدم هطول المطر. . قصة ثائر تمرد على هذا العرف، ليعطي للثورة والوطن مفهوماً مختلفاً، تمردٌ للكرامة، للإنسانية وللعيش الهانئ. ومع هذا التمرد لابد من ثمن، والثمن هو الغربة، الوحدة، الوجع، والدم. . في غربة شاهين "الفد"، يعود للبداية، للطبيعة، محاولاً الاحتماء بوحشيتها، والعودة لإنسانيته، حيث الوحدة، والهرب من الناس والقانون. حيث المفاضلة بين حل هذه المشكلة بالعقل أم بالسلاح؟ . قصة تحكي كذلك عن بطولة المرأة، متمثلة في شفيقة التي لم تستسلم وكانت مثال للثورة ضد الظلم والمساندة للحق في وسط شقاء الفلاحين، جسدت فيها العذاب والاشتياق والغدر الملقى على كل من يقف مع الحق في وسط شقاء البشرية. . حيدر حيدر، قلم رائع، ندمت أنني لم أتعرف عليه إلا بعد رحيله. رواية قليلة الصفحات عميقة المعاني.
لم اعرف هذا المخضرم إلّا توّا، بعد أن شمر عن ساعديه جسده، وذوى في منارات الأرض التي لا تشتعل. كتاب عظيم، وكاتب أعظم، لا بد أن اقرأ له مرة أخرى وهو به حريّ وعليّ حق.
وفي هذه القصة وفي كل القصص. دائما ما يصلب المسيح..!
📌رواية الفد من 104 صفحة فقط للكاتب السوري (حيدر حيدر).
📌رواية جدا جميلة والتسلسل في احداثها الثورية ضد الأغا و الملاك مع الدرك من قبل بطل الرواية شاهين ابو علي . مقابل النضال والكفاح والتهجير من الوطن و من اجل لقمة العيش ( حليب و حنطة) تكون انت الخائن والارهابي ! وفي النهاية يسجن ويُعذب و يُقتل شر قتلة لانة تمرد ، ومات من أجل الحرية !
👩👩👧👦الشخصيا� : 🐆 الفد: شاهين ابو علي 🙎🏻♀️الزوج� شفيقة: 👦🏻الابن : علي 🧔🏽♂️الصدي� : ضرغام 🧟♂️الخائ� : الخال
📚اقتباسات من الرواية:
🖌1- وآن كان الثوار يُقتلون وتسبح دماؤهم فوق الصخور والدروب الوعرة،كان الوارثون الأوصياء يسجلون في دوائر الدولة ، الأراضي و العقارات ،ويقتسمون القرى في سرية تامه بينما جماهير المقاتلين الفقراء يتحولون الى أجراء ومرابعين وخدم لهؤلاء الذين استثمرو النصر وسرقوه في الغفلة. ص12
🖌2- البراري وحدها مرافئ الذين فقدو أوطانهم ، ولكن الى متى؟ ولماذا يخرج الانسان من بيته و يُرغم على ألا يعود إلية؟ص 34
🖌3-أختك تقول لن تزغرد إلا يوم تراك مشنوقاً في مصياف.! ص40
🖌4- هو الذي لم يسرق فقيراً ، ولا أهان فلاح، ولا سطا على القرى الآمنة لماذا ضل وحيداً ؟. ص61
🖌5- حياة الفرارية ممتعة وصعبة ،في البدء مثيرة وبعد حين تصبح قاسية وشاهين وحدة يستطيع أن يستمر مع الشقاء والبرد و الخوف . ص64
🖌6- وفي ذلك العصر الكئيب الرخو ،عصر الورثة و العبيد والفوضى ، إن لم يحمك قوي فأنت أحد ثلاثة: مقتول، أو خارج هارب من القتل ،أو حيوان موطوء.ص76
🎼أوف...أوف...أوف…�
يا بو علي يا شاهين يا الرابط بالوديان بيدك موزر معدل تحمي فيها المواني
رواية للأديب، القاص والروائي السوري حيدر حيدر الذي غيبه الموت مؤخرا (قبل أسبوعين، تحديدا في ٥ مايو ٢٠٢٣) مخلفا إرثا أدبيا قمينا ومواقف فارقة. الرواية القصيرة كانت جزءا من مجموعة قصصية أصدرها حيدر سنة ١٩٦٨ بعنوان "حكايا النورس المهاجر" قبل أن يقرر نشرها منفردة، لرمزيتها، في سنة ١٩٧٧ من لبنان (بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية) وقد إختار لها إسم "الفد" عنوانا.
يقدم حيدر عبر ملحمة شاهين (أبو علي) البطولية، تاريخ الريف السوري (ريف اللاذقية في الغرب السوري على وجه التحديد) بسردية الفلاحين (من الأقنان والمرابعين) المُضطَهَدين المستعبدين لا سردية الغزاة، المحتلين والأسياد، فبعد أن قاسوا اضطهاد الوالي العثماني وقاوموا بعده غطرسة وارهاب المحتل/المستعمر الفرنسي لما يزيد عن عقدين (وكان جلاء القوات الفرنسية عن سوريا في سنة ١٩٤٦) ورث الوطن بعدهم طغمة من الارستقراطيين الإقطاعيين والبرجوازيين الرأسماليين من المتعاونين مع المستعمر الفرنسي وصنيعته التي هي بقية إرثه وضمانه لاستدامة سلسال نهب موارد الشعوب النامية - كما يؤكد على ذلك المفكر المناهض للاستعمار والإمبريالية، فرانز فانون في كتابه "معذبوا الأرض"- ، الأمر الذي أبرزه المؤلف وشدد على توكيده في أكثر من موقع في روايته، منها للذكر لا الحصر : *"كانت المخافر التي ورثوها هي السلطة المباشرة التي تنفذ الأوامر، وتتحدث عن النظام والأمن والهدوء، وباسم هذه المفاهيم القائمة كانت تحمي الذين ورثوا الوطن بأراضيه ودوابه وشجره وبشره. وآن كان الثوار يُقتلون وتسيح دماؤهم فوق الصخور والدروب الوعرة، كان الوارثون الأوصياء يسجلون في دوائر الدولة الأراضي والعقارات ويقتسمون القرى في سرية تامة بينما جماهير المقاتلين الفقراء يتحولون إلى أجراء ومرابعين وخدم لهؤلاء الذين استثمروا النصر وسرقوه في الغفلة." ص١١ *"غير أن ذلك حدث في جميع العصور، ربما. وللعرب أكثر من غيرهم بعد رحيل الفاتحين أن يولد طفل ناقص، قاصر عن النمو، وربما من شهوات الذين كانوا ثم رحلوا يسمونه الوارث الشرعي، يزوجونه السلطة والوطن ليكون استمراراً للنسل الغازي على نحو مختلف." ص٨٣
ملحمة تستحضر المقولة المشهورة التي قيلت للحسين ابن علي (أو رويت بعده): "قلوبهم معك وسيوفهم عليك" في توصيف بليغ لمفاعيل كل من الخوف والجهل (والثاني ينتج ويضخم الأول)، وفكرة غياب العدالة، وتوظيف الدين (خطابه ووعاظه) من قبل الطغاة الحاكمين لاخضاع الجموع المضطهدة والمستبعدة وتأمين إستكانتهم رغم ما يتعرضون له من جور باشاعة الايمان بحتمية القدر وضرورة الاستسلام له (بحسب معتقد الجبرية) أو اشاعة الايمان بالخرافات والدجل كعلاج يستغل مزيج الخوف والأمل في اطالة معانة المظلومين وتشتيت انتباههم عن حلول أكثر راديكالية، أكثر عملية ونجاعة مما دونها، وهنا تكمن مشكلة كل الثوار الذين يتقد وعيهم ويتسع ادراكهم وارادتهم بشكل يسبق ادراك ووعي الجموع التي ارتضت (الى أن يشاء الله) حياة الذل والسكينة في انتظار نقطة اللاعودة، ثوار كجيفارا وغيره ممن حملوا السلاح ضد الطغاة للدفاع عن مجاميع الفلاحين الفقراء الذي لم تقوى ارادتهم على نصرته وخذلوه آخر الأمر، قبل أن يصبح بمقتله أيقونة لكل حركات التحرر ومقاومة الظلم والطغيان.
"واحتشد الفلاحون علي وبينهم كان علي .. وأبو ذر .. والأهوازي .. ولوممبا .. وجيفارا .. وماركس لا أتذكر فالثوار لهم وجه واحد في روحي" *من قصيد بكائية على صدر الوطن للشاعر مظفر النواب
كما أن حساسية حيدر لتفاصيل المجتمع الفلاحي وتضاريس المنطقة كانت فارقة في دمج القارئ بالأحداث وربطه بذاك المجتمع القروي الفلاحي، الزوفا، الكوفية، الدرك، بيوت الطين، أنواع المحاصيل، شكل الطرق، ..الخ، كما أن وعيه لطبيعة الصراع الطبقي بين طبقة الفلاحين المعدمة من أقنان ومرابعين وخلافه -البروليتاريا الفلاحية-وطبقة الآغاوات والباكوات والمتنفذين الذين مكنهم الاستعمار الفرنسي (أو الهيمنة العثمانية قبلها) من اعتلاء السلطة كانت جديرة بالملاحظة والاهتمام، ذلك الوعي اليساري الواثب في المخيلة وعلى أرض الواقع لا يمكن إلا وأن تتفاعل معه، دون إغفال الحوار الفلسفي (السرمدي في مداه) الذي دار بين شاهين والشيخ الحكيم في كوخ الأخير آخر الرواية، بين ثائر مدفوع برغبة عارمة في التغيير ورفع الظلم وبين شيخ إمتلك من الحكمة ما يجعله يدرك عبثية المشهد وأن القاتل والمقتول ه�� تروس لمنظومة أكبر تتحكم فيهم وإن العقل قد يقتضي التروي وقراءة المشهد من الخارج لادراك تلك العبثية التي دلل عليها -على غياب العدل مفهوما وتطبيقا- بقصة "الملك العادل" ص٩٢-٩٤ وطبيعة النهاية التي تعرض لها ذلك الملك وما استتبعها من ندم الجموع وتقديسه، وهنا يمكن استحضار عقدة الأب لدى فرويد القائلة بقتل (أو مشاركة بالقتل) الأبناء للأب بسبب عدم قدرتهم على احتمال اطاعته ومن ثم شعور الندم الغامر الذي يدفعهم لتقديسه كآلية للتطهر من الذنب.
أما الإسلوب فكان متنوعا، بليغا وواقعيا في مباشرته في ايصال الفكرة أو تقديم المشهد، فالمؤلف ابتدأ روايته بقصيدة جزلة و��عبرة عن الحكمة الشعبية وطبيعة الملحمة من جنس ما تكتب به الملاحم اليونانية الكلاسيكية أو تروى به الملاحم الشعبية الفلاحية، والأخيرة أوثق وأدق من حيث الشبه، ناهيك عن قصائد وزجل شعبي من التراث الفلاحي الشامي التي جائت في سياق الأحداث، كما وظف اللهجة الشعبية في حوارات بعض الشخصيات وان كانت في حدود دنيا.
التشبيهات البلاغية، رسم الصور بالكلمات رسما تستشعره كل الحواس عندما تستحضر الصورة/المشهد، الاسقاطات التي تجاوزت الحدود الزمانية والمكانية لنطاق أحداث الرواية لتصبح ملهمة لكل صراع طبقي وثورة ضد الظلم والاستغلال كلها أعلت من جودة النص كما أنه نوع في أسلوب السرد، مرة عبر الراوي المباشر (الثالث) الذي يكونه هو، وأخرى عبر (على لسان) راوي ممن حضروا الأحداث (أحد الفلاحين أو القرويين أو الفرارية) وثالثة عبر حوارات فلسفية بين شخوص الرواية ذاتهم (شاهين وشفيقة، شاهين والحكيم، وشاهين وصديقة الذي جرحه) التي حملت عدة دلالات وحكما شعبية، ونبوءة تبناها المؤلف وأوردها في عدة زوايا من زوايا روايته لتتحقق أخيرا، فالبطل الثائر يخونه قومه، إما بالامتناع عن مساندته خوفا وجهلا أو عبر التواطئ مع الطغاة لتسليمه لهم، وهنا اختار المؤلف أن يخون خال البطل إبن أخته، على أن الخائن يموت على يد البطل (بحسب ما تقتضيه العدالة الثورية)، ويصلب البطل، فيرى الناس بطلهم، فلاحا مثلهم، مصلوبا، معلقا، عاجزا، فرض عليه سكون الموت مسحة من سكينة. ذات اسلمت نفسها لقدرها المحتوم غير أنها بذرت في نفوس المضطهدين بذرة ما إن تكبر حتى ينفك قيد الخوف وتكون الثورة والتغيير، إلى أن يكرر التاريخ نفسه ما استمر انقسام الناس لسادة وعبيد، (كل ثورة يعقبها استبداد "ثورة مضادة" وكل استبداد يعقبه ثورة).
رائعة، أنصح بها.
إقتباسات:
"واكتشف مجراتك الخاصة وبعدها اسقط كنيزك في أعماق أرضك البكر وهناك امكث. دعهم يأخذون الدفء والمعاطف، جسدك والطمأنينة وفي الليل تحوّل حلماً، رؤيا، صوتاً، صدى، ثورة واسكن في الريح." ص٦-٧
"ذئب أنت تطلبه الأرض، والطمأنينة وهياج القبائل فإئه الرقصة أخيراً واسقط في حفرتك الضيقة، ولا تتأوه ولادتك وتاريخ الدم وموتك وطن رايته ممزقة." ص٧
"كانت فرنسا قد رحلت. فرح كبير غطى المدن والقرى التي قاتلت الغزاة سنوات طويلة وفوق المباني الرسمية والمدارس ومراكز الشرطة خفق علم الوطن بنجومه الحمر التي صبغها الثوار بدمائهم." ص٩
"وبين هذه الهضاب وفي السفوح الخضر، انتثرت قرى الفلاحين الذين قاتلوا الغزاة بقسوة لا مثيل لها. وإذ انتهت الحرب، لم يجنوا غير مخافر الشرطة الوطنية. وبقي الجوع وصلواتهم السرية للمطر ، وطرقاتهم التي تشقها أقدام دوابهم واستثمر زعماؤهم النصر." ص١٠
"كانت المخافر التي ورثوها هي السلطة المباشرة التي تنفذ الأوامر، وتتحدث عن النظام والأمن والهدوء، وباسم هذه المفاهيم القائمة كانت تحمي الذين ورثوا الوطن بأراضيه ودوابه وشجره وبشره. وآن كان الثوار يُقتلون وتسيح دماؤهم فوق الصخور والدروب الوعرة، كان الوارثون الأوصياء يسجلون في دوائر الدولة الأراضي والعقارات ويقتسمون القرى في سرية تامة بينما جماهير المقاتلين الفقراء يتحولون إلى أجراء ومرابعين وخدم لهؤلاء الذين استثمروا النصر وسرقوه في الغفلة." ص١١
"كان أبو علي مرابعاً يحرث الأرض ويعشبها ويبذرها ويحصدها، وفي نهاية الموسم يقدم ثلاثة أرباع المحصول للآغا ويبقي لعائلته ولبذار الأرض الربع الباقي. ولم يحدث شيء جديد بعد الثورة الفلاحون الفقراء الجهلة والأرض والتعب ومرارة الأيام في ضفة، والملاك والقيمون المشرفون والراحة والسيطرة والدرك في الضفة الثانية. آلاف البيوت المسقوفة بالطين والحطب. المزابل والمرض وبعض الحيوانات كلها تنمو فوق أرض خصبة تفيض بالينابيع والخضرة، ورجال محنيّو الظهور هدّهم السغب وفقدان الأمل تائهون في ذلك العالم الأخضر القاسي، يمضون أيامهم بين الأرض والبيت، معتقدين خطاً بأنهم يحيون كالبشر. القناعة كنز لا يفنى. ويسبحون بحمد الله والشيوخ ولمزاراتهم يرفعون التمتمات السرية وروائح البخور هكذا هبط الدهر عليهم فاستكانوا." ١٣-١٤
"في جميع البيوت كانت رائحة الطعام نتنة كجثث منشورة من ألف جيل، وأحد لا يقول شيئاً. وفي اعتياد زمني رسخ فوق قبور حياتهم المشوهة كانوا يستنشقون روائح أيامهم المنخورة. الأيام المتوجة بالتوجس والخوف والجوع والصلوات والطمأنينة الكاذبة." ص١٥
"الدهر السكوني الذي هبط فوق ذلك النمل الدائب المنهك تاريخاً طويلاً من العزلة والإرهاب، ربما قبل أن تطأ أول تحجر قدم تركية تلك الأرض." ص١٧
"وقت الظهيرة جاء الحارس والآغا والدرك، واعتقل شاهين وفي مخفر الشرطة ضُرب ذلك الفلاح الأعزل بالأيدي وكعوب البنادق والسياط وأحذية الجند. وإلى جدار المخفر أوثق وصلبت يداه، ثم ضُرب أيضاً حتى بلله الدم. لم تكن شرطة فرنسا ولا درك بني عثمان هي التي ضربت شاهين بأحذيتها هذه المرة على صدره وظهره ومعدته بوحشية ولؤم ومع ذلك لم تسقط من عيني ذلك الفلاح المسكين دمعة واحدة." ١٩
"ليلاً سمع صوت الرصاص يدوي لأول مرة بعد انتهاء الثورة عبر الوديان التي ظُن بأنها صمتت. وفي المساء نفسه سحبت الشرطة قتيلين أرداهما الرجل الهارب المطارد. داخل البيوت الفقيرة التعبى سرى النبأ كشرارة هلعة. وعاش الفلاحون أطول ليلة بعد الحرب، وإذ تجمعوا في الليل قالوا: ما هذه المحنة؟ كان ذلك بداية غمّة. وميضاً لتاريخ فج وغامض حركه فلاح وحيد مهان." ص٢١
"ولأنه قال : لا . هبط عليه غضب الأرض وإرهاب الوطن." ص٢٢
"ولكن ماذا لو صرخت الفلاحين بصوت كالرعد: لا؟ جموع كان شاهين يعترض زمنه وهو يخطو أولى الخطوات في مسيرة الانعتاق والتخطي، لكن.... في الليلة التي تلت صوت الرصاص والقتل، لم تنم سيغاتا." ص٢٢
"نشيد ريف هزم الغزاة وقهرهم، والآن عاد إلى ما كان عليه. ما تبدل هو وجه الغريب الذي لم يأت هذه المرة من وراء البحار لكن شاهين وحده الذي وقع في مصيدة الغزاة الجدد. لماذا حدث ذلك؟" ص٢٥
"البراري وحدها مرافئ الذين فقدوا أوطانهم. ولكن إلى متى؟ ولماذا يخرج الإنسان من بيته ويُرغم على ألا يعود إليه؟." ص٣٣
"وانهمر رصاص مجنون راح يبهق من كل أطراف القرية. وعن تلك الليلة الغريبة روى الشهود أن رجلاً بمفرده قاوم سرية من الشرطة، طوقته ولم تستطع قتله أو أسره. قالوا إنه كان يهدف على بهق الرصاص والتماعاته، وما كانوا قد أخذوا أماكنهم عندما بدأ يصطادهم عن ظهور جيادهم، ويرمي أشباحهم تحت ضوء النجوم، فكانت حشرجات احتضارهم تندغم مع صهيل الخيل والهلع المفاجئ، داوية في ليل جهم يردد صداها الفاجع الصخور والوديان العميقة." ص٣٤
"كانت معركة مروّعة، شاعت في القرى، وتناقلتها بيوت الفقراء في الأمسيات والأصائل صار شاهين بعدها أسطورة كسرت أول حلقة في سلسلة الخوف المزمن من السلطة والإقطاع وجميع الورثة غير الشرعيين للوطن المنهوب. وفي أعقاب المعركة أحبه الجياع والذين في نفوسهم يكمن برق التمرد، وخافه الملاك نهاب الأرض، والذين سحبوا قتلاهم في ذلك المساء المثير." ص٣٥
"ولأنه خرج وفي نفسه ما في نفوسهم، أحبوه. وفي الوقت الذي كان يفعل فيه شيئاً أساسياً وخاطئاً، كانوا على الحياد. قلوبهم معه، وفي سرهم يدعون له بالنجاة. وفي الغمرة في اللحظة التي توهّج فيها صارخاً بلا وعي جماعي بهم: أن انهضوا، كانوا غباراً وسائمة، يدارون صوت وعيهم الغافي تحت رماد دهور الخوف، وأزمنة الاضطهاد السحيقة والجهالة العمياء." ص٣٦
"وتتمة لرعب ثلاثمئة عام، جاء الوارثون يصلون الحلقة بالفرس والرومان والتتار، ثم بالسلاطين العثمانيين وجثث دروب اليمن وصحراء سيناء، وموتى مجاعة سفر برلك، ولما تنته." ص٣٧
"وأنت غمامة سوداء في سماء صحوها خائن." ص٤٠
"وهو لا يعمل وأنت تضرب في أصل الأرض. ومنذ مئات السنين بل آلافها، وأنت قنّ. عبد الذين ورثوا بلا حق تعيش في بيت من طين وروث مع الحيوانات ويعيش في قصوره بين جواريه وخدمه وأنت تضرب من الفجر حتى المغيب، يسخ عرقك وتضمر عظامك، وقبل الأوان يفنى عمرك المسخر. يشرب عرقك ويلتهم قمحك، ويسرج خيله المطهمة من جلود أيامك، ونحو المدن الناعمة يمضي، وأنت على قدميك المشققتين إلى أرضك تمضي تحرث وتبذر قمحاً وشعيراً وتبغاً، ويحرث هو في خمارات المدن وملاهيها، ويبذر في أرحام المومسات أطفالا لقطاء، يجنون الجوع والتشرد وكراهية العالم تطلب حماية السماء فتتخلى عنك، ويطلب حماية الدرك فيستجيبون. وإذ لا تغل أرضك موسماً لرفاهه وحفلاته وشراء الضمائر يستبيح دمك. تصير قاتلاً يطلبك الموت، وتطاردك السلطة التي يختبئ خلفها هو معه السلطة المتخمة تقاتلك من أجله. وأنت معك المقهورون الذين لا يقاتلون. كذلك تبدو الآن مخذولاً مولوداً على سطح الأرض قبل مخاض الزمان مثل طفل سفاح تحلم بالطنين أن يصير دوياً يخرق سمع الأرض، تحلم أن ينفذ إلى جحيمك الواحد أكثر من رجل واحد، لتصبح الأرض والأسرة والبيت ملكاً لمن ينبغي أن يكون الملك له." ص٤٠-٤١
"تحول أرقاً يسرق النوم. طائراً بجناحين لا يؤثر فيهما الخفق، ولا ينالهما الرصاص. أيما وقت يسري، وإلى أي مكان حاملاً العزاء والفرح الصامت إلى قلوب المقهورين الذين سقطت قيمة حياتهم ومعنى وجودهم تحت جزم الجند وغطرسة السلطة الحاكمة." ص٤٥
"صار السهاد فراش دولة الدرك العتية التي خلفتها تركة الغزاة لحماية الأوطان. وشعر الفلاحون أن معجزة تحدث. بعضهم تحركت نخوته فدعا الله أن يحميه. وآخرون استنكروا هذا البلاء. وظل الكل ضائعا بين الدهشة والنخوة." ص٤٥
"غباء. سقط فوق الأرض، وقبل أن يغوص في باطنها التقطته مسامير حداء جندي غافل، فارتمى داخل اللحم والعظم ثم استوطن النفس وتحول إلى قسوة عمياء." ص٤٦-٤٧
"وطن عامر بالخصب والبشر التعساء. لكنه مملوك للأغنياء الذين سرقوا النصر والأرض في عصر بائس، وما رفت جفونهم ندماً، وخلفهم كان منفذو القانون من التعساء الحمقى والمرتشين. وعلى الذين ضحوا من أجل الحرية والعدل من أجل الأرض التي يحرثونها منذ القدم، كان محرّماً." ص٤٧
"في الليالي يغير كالبرق على المخافر، وفي يده بندقية وسكين، يضرب الدرك فينزع أحشاءهم، ويأخذ خرطوشهم ومعاطفهم ثم يسوق أبقار الآغا من مزارعه ويعطيها للفلاحين. يأتي للأطفال بالثياب الجميلة والألعاب واللحم الشهي والحلوى ويقول لهم: هذا رزق آبائكم الذي سرقوه." ص٥١
"نفوس راسخة رسوخ الجبال فوقها ناخت دهور من الاستكانة والرضى الكاذب منذ قرون لا يعرف بدوها ومتى تنتهي، وهي تصلي لله وتسجد تزرع الأرض التي لا تملكها وتمضغ خبز الشعير والذرة والتين اليابس وما تدرّه الضروع ماضغة معها شقاءها الدهري ويأسها.
"ومن أجل معزاة تجتاز تخوم الأرض، تسفك الدم، وفي الليالي تنخلع قلوبها من وقع حوافر الجند الذين يتوهمون ��نهم ورثة الله وظله على الأرض. توشوش في العشيات بعد رحلة الضنى : خبزنا كفاف يومنا . ربنا رزقتنا أكثر مما نستحق الشكر لك والنعمة لك يا أرحم الراحمين. وإذ يستمر البرق خارقاً هذه القناعة. يسألون: ما هذه البلوى؟! فترد الدهور القديمة: إذا ابتليتم بالمعاصي فاستتروا. واستتروا." ص٦٠
"هاجمنا بيوت الآغاء، وأحرقناها بعد أن أخرجنا النساء والأطفال. ما سطونا على قرية ولا قتلنا دجاجة لفلاح. وما مررنا على ربع من القرى إلا وأطعمونا، وزودونا بالتبغ والطعام، ودلونا على الطرق المؤدية." ص٦٣
"تقدم شاهين حتى حاذاه، دعوه يقطع رأسي إنه أجدر من الدرك آه يا صديق�� كم من السنين والدهور ستمر قبل أن نصير بشراً!" ص٦٧
"بين هذه المجرات الظاهرية والباطنية، كان يبدو ميزان العدل مائلاً حيناً، وضائعاً أحياناً، في غمار المهزلة الإنسانية التي يحكمها الأقوى." ص٧٠
"كان الحق إذن للذي بيده الملك، ويعرف كيف يأخذ بقوة جموع الغوغاء الغفل، الجموع الخارجة من ظلام الغزاة دائخة متعبة، إلى ضباب لا يرى خلاله إلا الذين أضاءت لهم فرنسا طريق السطوة وامتلاك حرية الشعب وتعبه. هؤلاء الفرسان الذين فاوضوا على موائد لامعة مستديرة نظيفة، وقبضوا فيما بعد ثمن الدم الذي سفك من أجل الثورة، جغرافية الوطن وتاريخه الجديد." ص٧٠
"الجرح والحق، المنجل والعدل، الليل والنهار، البندقية والأرض. كتاب المجرّة وكتاب الغضب، أين تبدأ وأين تنتهي ومن يحدد تخومها الوهمية المتشابكة؟" ص٧١
"في فضاء النوم واليقظة حضرت شفيقة ناحت - خذنا من هذه الأرض الملعونة. وقال الجريح: الأرض دائرة لها حدود. وسألته: ألا توجد أرض فيها أمان؟ وقال الجريح: الجند يطؤون الأرض في كل مكان. ثم سألته: أليس للإنسان راحة؟ وقال: في زمان الطغاة لا." ص٧١
"وللمطر يصلون في العتم خوف الكوارث أو يراهم أحد أو يسمعهم بعد أن يغيب أعداؤهم يرمون في ظهورهم اللعنات ويتمنون على الله أن يرميهم بشواظ من نار جهنم يوم القيامة ويخدرون أنفسهم بأن الجنة واليوم الآخر للمؤمنين الصابرين والدنيا الملعونة الفانية للكافرين المشركين." ص٧٣
"وفي ذلك العصر الكئيب الرخو، عصر الورثة والعبيد والفوضى، إن لم يحمك قوي فأنت أحد ثلاثة مقتول، أو خارج هارب من القتل، أو حيوان موطوء." ص٧٥
"غير أن ذلك حدث في جميع العصور، ربما. وللعرب أكثر من غيرهم بعد رحيل الفاتحين أن يولد طفل ناقص، قاصر عن النمو، وربما من شهوات الذين كانوا ثم رحلوا يسمونه الوارث الشرعي، يزوجونه السلطة والوطن ليكون استمراراً للنسل الغازي على نحو مختلف." ص٨٣
"كان الشيخ ماضياً في الترنح وفرم شعيرات التبغ الشقراء وكأنه في حلقة ذكر. وسأل الشيخ: ولكن من يقرر العدل؟ صمت شاهين قليلاً. هل الله يقرر العدل والإنسان يقرر خرق العدل؟ لكن الإنسان ضائع فوق الأرض بين الله والقانون وهو الذي يخسر دائماً." ص٩١
"وتمتم الشيخ بهيبته الملائكية سيكون حزن وبكاء وحسرات هؤلاء يا بني قوم عاشوراء. يحزنون على الميت ويبكونه يضربون صدورهم ووجوههم حتى الإدماء وينتظرون الذي سينهض يوم القيامة ليزيح عنهم دهور الألم والإثم." ص٩٦
"وخلافاً لما كتب على صدره، لم يخطر ببال إلا القليلين أن هذا الفلاح البائس المدلّى على خشبة الموت، قد تمرد ومات من أجل الحرية والأرض." ص١٠٢
*البراري وحدها مرافئ الذين فقدو أوطانهم ، ولكن الى متى؟ ولماذا يخرج الانسان من بيته و يُرغم على ألا يعود إلية؟*
*في أيٍّ من هذه الأماكن الغامضة كان يكمن ألمٌ لا حدود له، يسع الأرض والسماء، ويسدّ جميع المنافذ في وجه الإنسان التائه والبشير، الإنسان الباحث عن وطنٍ صغيرٍ مطهّرٍ من الدم والبؤس وآثار أحذية الجنود.* .
*آه يا صديقي كم من السنين و الدهور ستمر قبل أن نصير بشرًا !*
*لكن لتعاسته كان إنسانًا*
*سقطت طمأنينته في جحيم العالم بعد أن سقط من رحم أمه فاعتكر نهره و دخل في التيه*
شاهين الفلاح الذي يثور على رجال الاغا الذي يطالبونه بدفع الغلة من قوته و قوت عائلته و تجبره الظروف على البقاء هاربا في البراري و يترك ابنه علي و زوجته شفيقة ....
رواية سياسية تحاكي الظلم في سوريا ايام الاقطاعين بعد رحيل الاحتلال و بدأ احتلال الاقطاعيين و استيلائهم على جهود الفلاحيين...
استوقفني هذا المقطع من بداية الكتاب، فطالما أحسست بأن أرض الله واسعة، واسعة جدًا باتساع السماء.. ولكن هنا نرى اتساع "ضيق" للأرض لمن يرفض الخضوع للظلم والقوانين البائسة..
رواية عميقة تختلط بالدم و الدفاع عن الارض الوطن ، عن ما تبقى من الكرامة المهدورة ومن الإنسانية " آه ياصديقي كم من السنين ستمر قبل أن نصير بشراً " يقول شاهين .. ليست الإنسانية بيت يحميك وقوت جسد ، ليست الإنسانية خنوع وإذلال .. لماذا يهان الإنسان في العالم؟ يتساءل شاهين .. ابتدأت الرواية بنشيد يلخص الحكاية ، حكايات الأرض وتاريخ الدم والوجع والموت والوطن ذو الراية الممزقة .. الأرض ليست سوى قبر ضيق ، هاجر هاجر ...كنورس البحار الذي لا وطن له ، وكزنجي متوحش ولا تنخدع بالطمأنينة ، ففي مخادعها يكمن الموت .. لقد توهم الفلاحون بحياة هانئة ، نسوا نضالهم ضد المستعمر الذي إستبدل وجوده بمستبد لا يرحم ، ماذا يفعل الفلاح إن لم يسقط المطر؟ دعك من القسمة غير العادلة ، في عرف الإقطاعي ، لا معنى لإنقطاع المطر .. لا يوجد عدل ، ما معنى العدل؟ لا هو- المستبد - يعرفه ولاهم جربوه ، خرقة الإنسان والقانون .. ثار شاهين وإنتفط بعدما ضربوه ظلماً وعدونا ، ماذا لو لم يثر؟ لم كانت الراوية والراوي ولما فهمنا معنى الوطن ،فالأرض تحتاج إلى الدم .. هاجر من أرض لا تقبله و-في عينيه طيوف تمرد إنسان تخطى لحظة التاريخ و سكينة الزمن ، لأنه قال : لا. هبط عليه غضب الأرض وإرهاب الوطن وطلبته الطمأنينة .. ثار وقتل وإنتقم وحده متأبطا أفعاه - البندقية- إنتقل كوحش من براري إلى أخرى ، كإنسان بدائي صار ، عندما نؤذي أنسانيتنا ، نعود إلى نقطة البدء ،نحتمي بصديقتنا الأولى ، نعود إلى حضن الطبيعة المتوحشة، القاسية ، حيث ننظر إلى السماء والليل والشجر .. و-يطلبك القانون والناس .. هل البندقية ترد الإهانة ؟ هنا دخلت شخصية الشيخ الذي إعتبر شاهين مخطئاً إذ ما إنبغى له أن يرد بالعنف، بالعقل قال، الظالمون هم أيضاً أناس بسطاء والواجب دفعهم إلى الخطء .. لا أدري كيف كانت ستحل المسالة بالعقل مع أغبياء كما سماهم شاهين ، لا يفهمون غير لغة الدم ؟! أكان يجب أن يسامحهم أو يفهمهم خطأهم وهم غارقون في ظلم العباد ، كيف لا يعرف من يظلم أنه يظلم ؟ .. شخصية الشيخ أعجبتني ، كانت نهاية كما يستحق ، هذا اللقاء كان يجب أن أيكون قبل موته ، شخصيته صوفية، متسامحة ، هادئة ، كل الناس مخطئون و لكن هناك فرق بين الخطأ والظلم يا شيخ! قال له انك يا شاهين فدية الأرض ، في الحلم الذي رآه شاهين في منزل الشيخ ، كان هناك حوار جميل ،( حواره مع الشيخ كله جميل) ولكن هناك جزئية انتبهت لها أو خمنتها ، أن شاهين هو كالبطل المخلص الذي يسود بعده الرحمة والعدل وتمحى الخطايا ، يشبهه الكاتب الرسول عيسى الذي يعتبر عند المسيحين مخلصهم من الخطايا ولذلك فهو مات ، أما شاهين فيجب أن يدخل في التيه كما الملك العادل ، تيه في الدنيا والأخرة ، أيعقل هذا ؟! لا أدري . شخصية شفيقة ، شخصية بطولية ، هكذا هن النساء ، ما استسلمت كباقي الفلاحين بل ثارت وساندت زوجها ، في أصعب اللحظات كانت بجانبه تدافع عنه ويدافع عنها وعن الأرض .. قالت له بجرح : أخ لو في أخر الأرض مخبأ لطويتك تحت الضلع وأخدتك اليه .. ستبكي كثيراً يا شفيقة وسيبكي غيرها ، لا لأنهم ابطال يحبون الأبطال ، لكن لأنهم إشتاقووا إلى البكاء على الأبطال إو إلى الراوي الذي يحكي الحكاية حول الدم والحرية والأرض .. ويبقى السؤال أين تقع حدود مملكة شقاء الإنسان ؟ عن اللغة ، رأيتها لغة جيدة شاعرية ، مهذبة ، رمزية جميلة ، و هادئة .. أعجبتني لغته وسرده للأحداث .. بالنسبة للنهاية، لا يمكن أن تكون إلا نهاية كهذه ، في تاريخنا كله نهايات مشابهة ، ألم يذكر الحسين و ما لقيه عندما ثار ، هل ستكون نهاية شاهين مختلفة في أوضاع كهذه ، لا أظن ..
وقال شاهين: لا أدري من يُهان ويُسلب هل يسكت؟ ورد الشيخ وهل البندقية تردّ الإهانة؟ - من يردها إذن؟ - العقل يا ولدي. عندما يصدم الخطأُ الخطأ يقع الشر. لكن الدرك هم شر هذه القرى
فجأة قال الشيخ : حدث للحسين ما حدث قطع رأسه يا بني وظل للناس عاشوراء من بعده. وخفق قلب كبير صلب ما روّعه الوحش ولا القانون بتوجس تمتم شاهين مأخوذاً ولكن لماذا يحدث ذلك ياسيدي المحترم؟ كان الشيخ يقطع كرة التبغ على خشبة قديمة. وإذ قطعها توقف قليلاً ورنا إلى شاهين: السكين يا ولدي هي السبب في نفس كل منا سكين أحد من هذه. ورفعها على مهل فالتمع حداها تحت بهق النار
بين إباء الامام الحسين عليه السلام ورفضه التخيير بين السلة والذلة وكما يقول: "إنّي لا أرى الموت إلاَّ سعادة، والحياة مع الظالمين إلاَّ بَرماً"، "موت في عز خير من حياة في ذل."
وبين ما جرى للشاب التونسي محمد البوعزيزي والذي فرضت نفسه أن يثور ويثأر لكرامته فلم يجد ما ينفس عن غضبه إلا إحراق نفسه ففجر الربيع العربي.
أما شاهين فـ ما كان بوده أن يحدث ما حدث غير أن ال��هانة كانت قاسية لا تحتمل. لو ارتضاها لفقد شيئاً من إنسانيته. قال له ذلك: الصخر الذي لا ينكسر إلا بالقوة والأرض التي لا تنبت زرعاً بلا مطر والريح التي تثور في ليالي سيغاتا والثور الحرون وهذا الطائر الذي لا يني يخفق بجناحيه ويقرع تحت سماء صحو وسماء غضبي. ودربته أكثر مقاومة المستعمرين لسنوات في الجبال.
يالهي، كل هذه السنين مضت و لم اقرأ من قبل لحيدر حيدر! كانت هذه الرواية هي التجربة الاولى لي، اُخِذتُ بها هذا الصباح، والآن فقط عدتُ إلى وعيي. قرأتها كالحلم، تلقّفتُها كالمدمن، عِشتُها كالمسحور و انا اتخيل احداثها من قصص و حكايات لجدي و جدتي عن أحوال ماضيهم في قرية من قرى الساحل. لم اشعر بأني أقرأها، بل تفرّجت عليها و تأملتها مثل لوحة مرسومة ببراعة، كيف لا و حيدر حيدر لا يكتب، بل يرسم الجمل رسماً بالكلمات و المعاني. رغم صعوبة لغته في بادء الامر، لكن حين اعدت على اسلوبه، ظهرت لي كلوحة واضحة استطيع ان اتنعم بجمالها، و استطيع أن اقرأ و اعيد القراءة دون توقف، أو أن اقرأ و استمر بالقراءة دون وعي إلى أن وصلت إلى النهاية. حينها ادركت بأني لم و لن اشبع لا منها و لا من اسلوب السهل الممتنع لحيدر حيدر الذي يفعل فعله كالمخدر، يحملك إلى عالم آخر من الجمال وما ان اعتد عليه حتى يعود بك الى الواقع لتطلب المزيد.
كيف لك ان تكون جيشًا من شخص واحد و حربك ضد عالمك اجمع ..
محزن ان اتعرف على كاتب بعد وفاته ، ومحزن اكثر ان لا يُعرف هذا الكتاب بصورة كبيرة .. في كتاب الفد يأخذنا حيدر حيدر في حرب شاهين الفلاح البسيط ضد الدرك و النظام وكيف يمكن ان يصبح الشخص بطل قومي ولكن للناس البسطاء.. رواية مثمرة و مؤلمة
تحول أرقا يسرق النوم . طائرا بجناحين لا يؤثر فيهما الخفق ولا ينالهما الرصاص . أيما وقت يسري وإلى أي مكان، حاملاً العزاء والفرح الصامت إلي قلوب المقهورين الذين سقطت قيمة حياتهم ومعني وجودهم
أسوأ ما أُطلق - على من اغتصبت الأرض أنفاسه فراح يبحث عن مأوى خارج حدود مألوفه - لقب الفراري ! ____ هو الفد - شاهين سيغاتا - من غمرة الأسى -اللاذقية - سوريتنا ____ ليس بالإمكان تجاوز بداعة اللغة . ____
وأنت غمامةٌ سوداء في سماء صحوها خائن وأنت قنّ . عبد الذين ورثوا بلا حق ....
وإذ لا تغلّ أرضك موسماً لرفاهه وحفلاته وشراء الضمائر ، يستبيح دمك. تصير قاتلاً، يطلبك الموت، وتطاردك السلطة التي يختبئ خلفها . هو معه السلطة المتخمة تقاتلك من أجله . وأنت معك المقهورون الذين لا يقاتلون. كذلك تبدو الآن مخذولاً ، مولوداً على سطح الأرض قبل مخاض الزمان ، مثل طفل فلاح ، تحلم بالطنين يصير دوياً يخرق سمع الأرض. .....
جاء العالم قبل ميعاده؟ وكيف ينسلّ من طبيعة العالم بعد تقدم الوقت ؟ .....
غير أن ذلك حدث في جميع العصور ، ربما . وللعرب أكثر من غيرهم بعد رحيل الفاتحين : أن يولد طفل ناقص ، قاصر عن النمو ، وربما من شهوات الذين كانوا ثم رحلوا، يسمّونه الوراث الشرعي ، يزوّجونه السلطة والوطن ليكون استمرارً للنسل الغازي على نحو مختلف .....
ويغور فيه . لو أن حشرة وقعت يوما في رحم أمه واستراح . لماذا لا يتعطّل دماغ الإنسان ويصير بلا حس كالحجر؟ يموت اخضرار الذاكرة وينتهي ذلك الوعي من حالة رقوده النصفي إلى حالة من الرقود السديمي المطلق. .....
شاهين ألم تتعب ؟ ومن الذي لا يتعب. شاهين مت لترتاح. من هذا البطل الذي يتقدم ضاحكاً نحو الموت؟ شاهين أنت وحدك. هذا زمان الموت الفردي. شاهين لست ثائراً. ولكنهم ضربوني لإن القمح أمحل شاهين ولدت قبل أوانك.
الفد، قصة ثورة الفلاح شاهين (روبن هود السوري) ضد الاستعمار والإقطاع والمهانة.
وقال الزعماء الذين استلموا السلطة: لقد طردنا فرنسا! لكن في نفس الوقت انتشرت المجاعة في سيغاتا إحدى قرى اللاذقية الجبلية. شاهين قرر أن ينتقم لشرفه وعزة نفسه من الإهانة التي لحقت به ولم يكن سببًا فيها فقد كان فلاحًا وحيدًا ومهانًا، خانه الأهل والأصحاب الذين تحوّلوا إلى أجراء ومرابعين وخدم لهؤلاء الذين استثمروا النصر وسرقوه في الغفلة.
اقتباسات: "في جميع البيوت كانت رائحة الطعام نتنة كجثث منشورة من ألف جيل، ولا أحد يقول شيئًا. وفي اعتياد زمني رسخ فوق قبور حياتهم المشوّهة، كانوا يستنشقون روائح أيامهم المنخورة. الأيام المتوّجة بالتوجس والخوف والجوع والصلوات والطمأنينة الكاذبة."
"إذا لم تعطِ الأرض ما ذنب الفلّاح؟".. "لماذا يهان الإنسان في العالم؟"
"لحظة انفجار واعية، تموّرت داخل الشرنقة الصغيرة. انحصرت فأُخمدت، ومع الزمن بقيت شرارة أولى تحوّلت إلى ذكرى وحكايا وأسف عميق، ولأنها اندلعت قبل أوانها لم تحرق الغابات لتطهر الأرض والنفوس."
"صار شاهين بعدها أسطورة، كسرت أول حلقة في سلسلة الخوف المزمن من السلطة والإقطاع وجميع الورثة غير الشرعيين للوطن المنهوب."
"آه يا صديقي كم من السنين والدهور ستمر قبل أن نصير بشرًا!"
"وخلافًا لما كُتب على صدره، لم يخطر ببال إلا القليلين أن هذا الفلّاح البائس المدلّى على خشبة الموت، قد تمرّد ومات من أجل الحرية والأرض."
يمكن اختصار أحداث الرواية في صفحتين أو ثلاثة، والمشكلة أن اللغة التي يفترض أنها يجب أن تملأ الفراغات زادت الملل في الرواية لا زلت أذكر كيف قلبت صفحاتها لأصل إلى ما أريد ..
لكن، كأي رواية تتناول المسكوت عنه - بأي انحياز كان - فإنها ستلقى رواجا، والمسكوت عنه هو الطوائف المظلومة في نهاية الفترة العثمانية، بلغة مشحونة لأحد هؤلاء المظلومين ..
يمكن النظر لها كفيلم: The Pianist الذي تناول مذابح اليهود من النازية .. الذي يمكنك كذلك تجاوز الكثير من الدقائق لملله وعدم ترابطه ..
حيدر حيدر في 1968 يكتب عن تحول الأنظمة الوطنية ما بعد الإستقلال إلى صورة هزلية من أنظمة الإستعمار حيث يكدح صغار الفلاحين لسد جوعهم و يرتع الكبار في الأموال و الخمور و النساء لكن ليس هذا بيت القصيد الفد ابو علي الفلاح و الثائر من قرية سيغاتا لا يستطيع أن يتجاوز مرحلة المعارضة لا الشعب و لا رجال الدين وقفوا معه لقد فقد كل شيء و النهاية لا تتعدى حقيقة السطور المكتوبة لقد أصبح الشعب داجنا بما يكفي لم يعد بعد الاحتلال الا صدى الثورة