إن من غرائز الجبلة البشرية التي لا جدال فيها، تذكّر الحوادث الماضية، والتحدث بالوقائع الخالية، والوقوف على الرسوم العافية، والاعتناء بحفظ الغابر إلى الحد الذي جعل الناس ينقشون الأخبار على الأحجار، ويزبرون القصص على الجماد، فضلًا عن أن يكتبوها في الأوراق ويحفظوها ضمن الأجلاد، خشية عليها من الضياع بتقادم العهد، وذهابًا بها عن النسيان بتطاول الدهر، وذلك بما فطر لله عليه هذا النوع من حب الأشراف والاطلاع، والغرام بالرواية والسماع؛ وبأن الإنسان يجتهد أبدًا أن يحفظ الماضي، كما يجتهد أن يستدرك الآتي، فحياته عبارة عن وصل آخر بأول، وربط ماض مع مستقبل وكل أمة من الأمم تدرس تواريخ البشر أجمع، إلا أنها تجعل تاريخ سلفها هو العلم المقدم، والدرس المقدس، والبغية التي يجب أن تتوجه إليها خواطر ناشئتها، والغاية التي يتعين أن تستحث نحوها ركاب نابهتها
شكيب ارسلان (25 ديسمبر 1869 - 9 ديسمبر 1946)، كاتب وأديب ومفكر عربي لبناني إشتهر بلقب أمير البيان بسب كونه أديباً و شاعراً بالإضافة إلى كونه سياسياً. كان يجيد اللغة العربية والتركية والفرنسية والألمانية. التقى بالعديد من المفكرين والادباء خلال سفراته العديدة مثل جمال الدين الأفغاني واحمد شوقي. بعد عودته إلى لبنان، قام برحلاته المشهورة من لوزان بسويسرا إلى نابولي في إيطاليا إلى بور سعيد في مصر واجتاز قناة السويس والبحر الاحمر إلى جدة ثم مكة وسجل في هذه الرحلة كل ما راه وقابله. من أشهر كتبه الحلل السندسية[1]، "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم"، و"الارتسامات اللطاف"، و"تاريخ غزوات العرب"، و"عروة الاتحاد"، و"حاضر العالم الإسلامي" وغيرها. ولقد لقب بأمير البيان لغزارة كتاباته، ويعتبر واحداً من كبار المفكرين ودعاة الوحدة الإسلامية والوحدة والثقافة.
كان شكيب أرسلان ينوي أن يكون الكتاب من ١٠ أجزاء، يكون تقسيمها كالتالي: - الجزء الأول: وفيه أورد أقوال الجغرافيين العرب والأجانب عن الجزيرة الأيبيرية (الأندلس)، وتحدث في آخره عن طليطلة والمدن المحيطة بها (مجريط وغيرها). - الجزء الثاني: تحدث عن تاريخ مدن الشمال الإسباني ومشاهداته فيها. - الجزء الثالث: عن مدن شرق الأندلس وأهمها بلنسية، ومشاهداته في تلك المدن ولمحة عن تاريخها. - الجزء الرابع: عن جيان وقرطبة ونواحيها. - الجزء الخامس: إشبيلية وغرب الأندلس إلى البرتغال. - الجزء السادس: مملكة بني الأحمر (غرناطة وما تبعها). - الجزء السابع: تاريخ الأندلس من أول الفتح إلى آخر دولة بني أمية. - الجزء الثامن: من ظهور ملوك الطوائف إلى نهاية عهد الموحدين. - الجزء التاسع: من بداية قيام مملكة غرناطة إلى سقوطها. - الجزء العاشر: عن الموريسكيين (عرب ما بعد السقوط).
ولكن بحسب ما قرأت في أكثر من مصدر، فإن الأمير لم يتمكن من إتمام الكتاب قبل وفاته، وأن النسخ المطروحة من الكتاب تقتصر على أول جزئين، وبعضها أُلحقت بالثالث..
============
مراجعتي للجزء الأول: هذا الجزء من (الحلل السندسية) يتناول بشكل رئيسي جغرافيّة الأندلس.. بدأ شكيب أرسلان هذا الكتاب بمقدمة أدبية تقطر روعة وجمالاً، بيّن فيها سبب ولع الناس بقراءة التاريخ وتدارسه، ووضح أهمية ذلك، وكيف أنه يجب على شباب كل أمة أن يعنوا بدراسة تاريخهم والاستفادة من دروسه والاتعاظ بأحداثه. ثم تطرق للحديث بشكل موجز عن أهمية التاريخ الأندلسي، والعبر التي من الممكن لدارسه أن يستفيد منها = أهمها الشقاق والفرقة. ووضح في آخرها الأسلوب الذي سينتهجه في أجزاء هذا الكتاب.. كل ذلك بلغة أدبية بديعة، وبيان مبين.. وكنت أود أن أورد بعض الاقتباسات من المقدمة ولكن يجب لمن أراد أن يستمتع بها أن يقرأها كاملة..
في الفصل الأول من الكتاب أورد لمحة عامة عن شبه الجزيرة الأيبيرية، فوضح طبيعتها الجغرافية، ثم وضح سبب تسميتها بـ(الجزيرة الأيبيرية) و (الأندلسية).. وتحدث بشكل موجز عن الذين كتبوا عن جغرافية الأندلس من الأوروبيين والعرب..
في الفصل الثاني قام بإيراد أقوال العرب عن جغرافية الأندلس، وأعترف أنه أصابني بعض الملل لما وجدت من التكرار في هذا الفصل.. وأشد ما لفتني في هذا الفصل هو وصف الشريف الإدريسي لقرطبة وجامعها وسائر معالمها..
في الفصل الثالث كتب تحت عنوان (نظرة إجمالية) عن فن العمران في الأندلس وأشكاله المختلفة باختلاف المدن والأديان..
في الفصل الرابع تحدث عن التقسيمات الجغرافية في الجزيرة الأندلسية، فتحدث عن الممالك الإسبانية الرئيسية، وكان هذا من أكثر فصول الكتاب فائدة، وخاصة عند حديثه عن طليطلة وتاريخها وثقافتها عبر العصور..
من الأمور المزعجة في هذه الطبعة (على حداثتها) أن الحواشي تقع في آخر الفصل وليس في أسفل الصفحة، مما يصعب تتبع الحواشي وفهم الكتاب وتعليقات المؤلف بشكل جيد..
============ مراجعتي للجزء الثاني: هذا الجزء من الحلل السندسية (الثاني)، هو من أدب الرحلة الخالص.. يذكر فيه شكيب أرسلان المدينة الإسبانية ويصف معالمها وأهم معلوماتها ومشاهداته ولقاءاته فيها، ثم يسرد الوقائع التاريخية التي ارتبطت بالمدينة، وإن كانت المدينة من المدن المهمة على زمن العرب أتبعها بفصل يتحدث عن من برز من العلماء في تلك المدينة. كما تضمن هذا الجزء بعض الوثائق التاريخية التي تؤرخ العلاقة بين مملكتي أراغون وغرناطة، وهي رسائل كان أرسلها أمير غرناطة إلى ملك أراغون و(برجلونة).. معظم المدن التي وردت في هذا الجزء هي من مدن الشمال الإسباني وأهمها سرقسطة وممالك أراغون ونبارة وليون، وكتلونية بمدنها..
============ مراجعتي للجزء الثالث: أكمل شكيب أرسلان حديثه عن مدن إسبانيا ولكنه انتقل لمدن الشرق في هذا الجزء (الثالث)، ومن أهم المدن التي تحدث عنها طرطوشة وبلنسية ومرسية وشاطبة.. وقد تحدث عن العلماء الذين نبغوا في كل مدينة من هذه المدن، كما أسهب في الحديث عن البلنسي ابن جبير ورحلته، ناقلاً منها بعض حديثه عن زيارة المشرق العربي ودمشق على وجه الخصوص.. وختم هذا الجزء بعدد من المراثي التي كتبت عن الأندلس قديماً وحديثاً، وأبرزها مرثية أبي البقاء الرندي النونية ومرثية ابن الآبار السينية.
من أجمل كتب الرحلات في بلاد الأندلس كتاب شكيب "الحلل السندسية في الآثار والأخبار الأندلسية" المطبوع سنة (1936م) وهو غير (الحلل السندسية في الأخبار التونسية لأبي عبد الله الأندلسي)، وكذلك غير (الحلل السندسية في شان وهران والجزيرة الأندلسية لمحمد ابي راس الناصري) وهو نتاج قرابة (6) سنوات قضاها الأديب شكيب في الأندلس يتنقل بين مدنها المدينة تلو الأخرى لم يوفيها كلها حيث أنه قال سيفعل ولم يفعل حتي توفى رحمه اللهو وأظنه حدث معه مثلما حدث مع تحقيق (تاريخ ابن خلدون) حيث تناول الجزء الأول والثاني وقال سيفعل ببقية التاريخ ولم يفعل.
الجـ 1 ــزء الأول الكتاب في مجملة تنازعه أصالة البحث التاريخي وتسامح أدب الرحلة وغلبت الثانية على الأولى بين صفحات الكتاب الذي يبدأ بكلام موجوز عن التاريخ وأهميته ثم أساب فتح المسلمون للأندلس، ثم مسميات شبه الجزيرة الأيبرية، والجانب الجيولوجي، وأول ساكنيها من الأقوام المختلفة، ثم يتناول كتابات ابن حوقل عن الأندلس، ويمر علي الصقالبة الذين سوف يبدأ ظهورهم الفعلي وانتشارهم في الفترة التي تحول الأندلس من إمارة لخلافة تنافس الخلافة العباسية في العراق والفاطمية في مصر، وبين طيات صفحات الكتاب يتناول المؤلف عادة عربية أزلية منذ عهد الملك (المعتمد بن عباد) والأمير (عبد الله بن بلقين)، والأميرة (عائشة الحرة) يبكي فردوس مفقود وبكاء على الأطلال من روح رجل تشرب القومية ومات وهو يبكيها هي الأخرى وهو يتمشى ويتحسر وطوال رحلته بوصف الأندلس لنا في أحسن وصف بعد أن يعرَّف بها ويهبنا الكثير من كتابات المؤرخين السابقين من رجالات الأندلس، وهو يصرح بأن قد عكف منذ عهد بتناول كتب السابقين في التاريخ الأندلسي وهذا ما جعله يتناولها تاريخيًا وجغرافيًا معتمدًا على المقري وابن الخطيب والأندلسي وابن حوقلو وياقوت الحموي والإدريسي والهمداني وغيرهم الكثير فيرصد شبه جزيرة إيبريا � الأندلس � ما قبل الإسلام ثم الدخول الإسلامي ويتبعه الوصف المعماري والحضارة الإسلامية / الأندلسية، ثم يتناول المدن الكبرى العريقة في التاريخ الأندلس تلك التي تشابه اليوم بعواصم المدن العربية والتي يندرج تحتها مدن صغرى وبيرة وكور وحصون.
يتناول كذلك دور الشريف الإدريسي في الحياة الأندلسية وكتاباته الجغرافيةو ويعتمد علي وصف الإدريسي في قرطبة، ثم بعد الإدريسي يخص المقري صاحب نفح الطيب بالحديث عنه وعن كتاباته عن الأندلس، ويتناول دور القوط في شبه جزيرة إيبريا. يسهب الحديث عن كل مدينة يأتي على ذكرها من الجزيرة الخضراء ومدينة طليطلة ثم الحديث عن صناعة السفن، ثم يحدثنا عن غرناطة وفقًا لكتبات لسان الدين الخطيب من كتاب "الإحاطة في أخبار غرناطة"، وكثيرًا ما كان يخرج عن صلب الموضوع التاريخي لوصفه لإحدى المدن ليحدثنا عن جانب معماري أو النصارى في إحدى المدن، أو عن الأسكوريال المكتبة الإسبانية التي تضم الإرث الأندلسي.
الجـ 2 ــزء الثاني يواصل شكيب مسيرة المدن وصفها من طليطلة من جديد، وعند كل مدينة يُبرز رجالات في الأدب والعم والتأليف والفقه وغيرهم من الأعلام الذين يزخر بهم كتاب علماء الأندلس لابن الفرضي والصلة لابن بشكوال وذيل كتاب الصلة لابن الأبار، ثم يتحول الحديث عن (دولة المرابطون"مشيخة المرابطية"). وعن الغزوات بين الطرفين وعن أحوال المجتمع الأندلسي الاجتماعية في حينهاو ويكاد يكون الجزء الثاني يتناول المدن الكبرى والمشاهير فيها في أغلب الكتاب، ويواصل شكيب تسلسله المكاني واصفًا بقية المدن على نفس ما تقدم منه في الجزء الأول بينما ينهي كتابه بالحديث عن غرناطة وملوكها والموريسكين وخروجهم من الأندلس ويذكر قصائد متناثرة بين كتاب التاريخ الأندلسي عن رثائيات الأندلس والسقوط.
الجـ 3 ــزء الثاني يواصل شكيب حديث عن بقية بلدان الأندلس، وعلي نفس النهج بالتعريف بالمدينة وتناول شخصياتها وأبرز الأحداث فيها مع ميل لتسطير الكثير من القصائد الشعرية التي تمثل تلك المرحلة، ويخبرنا في نهاية الكتاب أنه سيتوسع في الحديث عن غرناطة وملوكها. لكن الكتاب لم يتبعه جزد آخر.
فاصلة ،هذا الكتاب كتبه شكيب في (10) أجزاء وتطبع دول النشر منه (2 جزآن)، ودور نشر تطبع منه (3 أجزاء) وهي التي نشرت سنتي(1936م)، و (1939م)، وهنالك ثمة دار لبنانية - أعتقد - أتمت الأجزاء الـ(7 المتبقية) تتمة الـ(10) المتبقية.
كقارئ بقرأ للثقافه العامه محستش إني استفدت نهائي من الكتاب يمكن الكتاب مخصص للمتخصصين لكن بالنسبالي كان كلام كتير جداً مش قادره اركز فيه ولا أفهمه من كتر الحشو