أحمد's Updates en-US Wed, 31 Jul 2024 12:44:50 -0700 60 أحمد's Updates 144 41 /images/layout/goodreads_logo_144.jpg Review6717915937 Wed, 31 Jul 2024 12:44:50 -0700 <![CDATA[أحمد added 'دوار العالم']]> /review/show/6717915937 دوار العالم by أحمد  الصادق أحمد gave 4 stars to دوار العالم (Paperback) by أحمد الصادق
ربما لو أردت أن أعرِّف يومًا معنى العبث، أو لو أتيحت لي الفرصة لأشرح للبعض ما أفهمه شخصيًا عن العبث لتحدثتُ بلغة الأدب من مدخل إحدى روايتين: الأولى هي "حفلة التفاهة" لميلان كونديرا، وثانيهما تلك النوڤيللا الهذيانية المربكة، والتي قصد من خلالها أحمد الصادق أن يمرح بحرية مع جدية تلك الحياة بفاصل عبثي لا يطمح لأي شيء، سوى أن يحفر في حائط الوجود، واضعًا عدسته المكبرة عند الثقب المنشود، لتجد فراغًا هائلًا، يتكتل على هيئة اللاشيء.

قصدت أن أصف الرواية بالـ "هذيانية" لأن عالمها كله يدور من خلال توجيه الراوي حديثه لوحيد بطل الرواية، المتخرج في قسم الفلسفة، والذي يمر عبر سرد طويل متشابك ومعقد على محطات في حياته، لا تعلم إن كانت تدور داخل عالم الراوي أم البطل أم كليهما. أو هي لم تحدث من الأساس!
ربما لأنني ابن بار لمدرسة الكتابة" الداخلية" التي يسحبك فيها الكاتب إلى مناطحات البطل الذهنية مع حياته، والتي تبتعد أحداثها أو تقترب من الواقعية بقدر ما يتيح لها القارئ أن تمر من خلاله، ويتصالح مع وجودها.
فقد يمر القارئ بلحظات إنكار لتصديق أن هناك من يرى أشخاصًا ليسوا موجودين في الحياة من الأساس، ولكنه سيصدق حتمًا أن بطل الرواية مريض بالذهان لا بد، وأنه يحتاج إلى عناية صحية ونفسية كي يعود إلى رشده.

أحد انتصارات الأدب أنه لا يأبه بذلك الخلاف من أساسه، بل يبتعد بالذهنية العلمية عن القصة، ثم يمسك بوعي القارئ واضعًا إياه داخل محفظة عقلية مغايرة، تحافظ على غرور القارئ بإيهامه بالثبات على مبادئه، لكنها تمكر له بخبث حتى يتخلى - راضيًا- عن جزء ولو بسيط من ذلك الغرور. ذلك هو حكمي على الأدب الجيد إن كان لي أن أحكم (يعني).

الرواية على جمالها مربكة، لأنها تقدم عالمًا روائيًا شديد التفرد، أنا أقدره عن نفسي، وأشعر بقربه مني، لأنني مشغول بالأسئلة التي يطرحها الكاتب على ثقلها: ماذا بعد الموت؟ ما شعور الموتى؟ هل يوجد شيء بعد الموت أصلًا؟ ما هو الهدف من الحياة؟ هل يصح القول أن الحياة حلم طويل؟ أم أنني نسيت أنني إلهه، وكل ذلك الصرح الحضاري والتاريخ العلمي والحروب والأمراض والأديان والبشر هي أشياء من صنع مخيلتي؟
في عالم الأدب، ما الذي يمنعني من قول أنني أتخيل كاتبًا يسمى أحمد الصادق، وقد كتب روايته، وأنني قرأتها بل وأراجعها الآن، ثم ليعلق على منشوري المعلقون ويتفاعل المتفاعلون المتخيَّلون؟

لا شيء يمنعني غالبًا، قد يعارضني أحد المعارضين المتخيلين، لأنني سمحت له بمعارضتي 😅

ذلك هو عالم الرواية من بدايتها وحتى نهايتها، ولولا معرفتي بمشوار كتابة أحمد لتلك الرواية، لقلت أنه كتبها على جلسة واحدة طويلة وشاقة. والحقيقة أنني أحسده على المغامرة في عوالمه الأدبية، فقلمه قادر على التنقل بين الأنواع الأدبية الأخرى بكل سلاسة. ومن قرأ "هيدرا" سيدرك معنى كلامي.

إذا ما هي حكاية دوار العالم (دون حرق)؟

يمر وحيد بأزمة وجودية هائلة بُعَيد مقتل صديقه المقرب خالد إبان أحداث الثورة. يجد وحيد نفسه بصحبة البارمان ماركو، ليستدرجه الآخر في مساءلات طويلة عن طبيعة حياته، وعن ماضيه، مستعرضًا معضلاته الحياتية، وإخفاقاته وقدراته الخارقة على التنبؤ، مشيرًا بذلك إلى تمتعه بخاصية هائلة تمنعه من إدراج نفسه كجزء أو كفرد من الوجود، لأن العالم كله يدور داخل مخيلته. هو الوجود بمعنى أصح.

واحد من أمتع مقاطع الرواية، هو الذي يحكي فيه الكاتب عن تجربة بطل الرواية لمخدر الفودو، شعرتُ أنني من يمر بتلك التجربة، أنني ذاك الشخص المغرور المتكبر الذي يعارض نصيحة صديقه بعدم التهور، وأنني ذاك الشخص الذي بدأ يصيح ويَلكُم ويبكي بعد مرور خمس دقائق فقط من التجربة.

وأن ذلك القفص الزجاجي الذي أحاط بي يرفض إطلاق سراحي رفضًا قاطعًا.

أظن أن هذه الرواية هي خطوة مهمة في مشوار الصادق الأدبي، وأنها ستصبح مرجعًا مهمًا لمن أراد أن ينتهج النسق العبثي في الكتابة،غير أنه عبث منظم وجميل ومربك.

شيء واحد لم أحبه في الرواية، وهو النصف الأول من الفصل الخاص بمناقشة بطل الرواية لرسالة الماچيستير، حتى بدأت المجادلات بينه وبين مناقشي رسالته. أظن أنها كانت مغامرة كبيرة جدًا من أحمد.

الرواية متوفرة على أبجد للتحميل. ]]>